لا أعرف سببا يدفعنا في العالم العربي للإحتفاظ بـ «وزراء عدل» فمثل هؤلاء حجة ضد العدل ويكفينا وزراء داخلية لأن الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في العالم العربي هي التي بالعادة تسيطر على تلك المواقع التي تدخل إدارتها ضمن صلاحيات وزراء العدل .
يعني وزير العدل في غالبية الحكومات العربية رجل لا مبرر لوجوده اصلا فهو لا يستطيع حتى إدارة شؤون المؤسسات الأمنية التي تتبعه وحسب خبرتي الشخصية في الكثير من الأحيان لا يعرف وزراء العدل ما الذي يجري حولهم وفي حالات أضيق هم «شهود زور» وظيفتهم التسليم بما يقرره «عسس الليل» والتغطية على كل تلك الجرائم التي ترتكب بإسم التصدي للجرائم.
لذلك يبدو وضع وزراء العدل العرب محزنا للغاية ويثير الشفقة ولو كنت مكانهم لاستقلت او لنظمت مسيرة أطالب فيها بتسمية الأشياء بإسمها الحقيقي وإغلاق وزارات العدل.
وزارة العدل في بعض الحالات العربية أصبحت من «مكملات» الإيحاء بوجود إدارة وحتى نختصر على بعضنا الكثير من الأعصاب والجهد والوقت فلتلغى وزارات العدل وليطلق كل نظام عربي إسما لدولته على حقيقتها كأن نقول ..هذه جمهورية بوليسية وتلك إمارة مخابراتية وهكذا.
وزير العدل العربي وقياسا لما شاهدناه مؤخرا في لبنان مثلا هو أكثر الوزراء في الحكومات العربية تعبيرا عن «الدهشة» والاستغراب خصوصا عندما ينكشف امر الممارسات المقرفة التي تجري في مراكز الاعتقال والسجون العربية علما بانها في كل الحالات سجون ينبغي ان يفتش عليها وزير العدل المتفاجىء.
ملامح التنديد «المتأخر» التي ظهرت على وجه وزير العدل اللبناني سبق ان رأيتها شخصيا على وجه زميله في مصر وزميله في ليبيا وتونس والأردن والسودان وبالتأكيد ودوما في بغداد التي غادرت العدل منذ وطأتها أقدام الأمريكيين.
ما حصل ويحصل في سجن رومية اللبناني «يندى له الجبين».. هذا صحيح لكن الصحيح ايضا أنه حصل بالأمس وسيحصل غدا في الغالبية الساحقة من مراكز التوقيف والسجون العربية فحتى اللحظة لم يطور المواطن العربي لا فكرته عن نفسه كسجين ولا فكرته عن السجن والسجان.
مشهد حارس لبناني وهو يطالب إسلاميا معتقلا بتقبيل حذائه مخجل لي كعربي وبالتأكيد للأخوة اللبنانيين…لا يليق ما شاهدناه في سجن رومية في لبنان العريق الجميل المدهش منارة الحضارة وقلعة الصمود .
فقط وتحديدا فقط مثل ما شاهدناه في سجن رومية من ممارسات وحشية وقبل ذلك ما شاهدناه ولا يمكن وصفه في سجون الديكتاتور بشار الأسد هو وحده كفيل بإطالة عمر الإرهاب والتشدد لعدة عقود.
الاستفراد بإسم السلطة والقانون بسجين ضعيف مهما كان مجرما وتعذيبه على النحو القذر الذي رأيناه يعبر برأيي الشخصي عن أسفل قيم إنحطاط وإنهيار النفس البشرية والهوية الفرعية والقانون.
لولا الهويات الفرعية والاحتقانات الطائفية لما كانت سجون العرب كما هي الآن.. تقف عند تعذيب الآخر وليس إصلاحه او معاقبته أو تمثيل سلطة القانون.
شخصيا لا زلت أحتفظ بتلك الصور التي ستبقى حجة على ضمير الإنسانية لممارسات السجان الأمريكي الوحشية في سجن أبو غريب في بغداد.
ولا زلت أؤمن بأن ممارسات الأمريكيين في أبو غريب هي التي وضعت اللبنة الأولى في بنيان داعش والتشدد السني العراقي.. بالتالي الخجل البشري ينبغي ان يبدأ من عند الأمريكيين.
طبعا لا يمكن تجنيب لبنان الحبيب ويلات الجنون والتطرف بصنف تلك الممارسات التي رصدناها في سجن رومية فتلك على الأرجح «جرعات مهنية» منقوعة من التدريب هدفها الجوهري والعميق والنهائي صناعة وإنتاج متطرفين وانتحاريين واستشهاديين.
ولا أعفي نفسي وبلدي من ممارسات غير قانونية تهين الكرامة البشرية وتتحدث عنها بعض التقارير الدولية في مراكز التوقيف وهي بطبيعة الحال ممارسات لا تليق بنا كأردنيين ولا تليق حتى بالمؤسسة والدولة الأردنية.
عمليا لا يستطيع وزراء العدل العرب المساكين فعل اي شيء لأن التعذيب في السجون العربية خصوصا السجون الطائفية مبرمج ومقصود ومغرض ومتفق عليه لأن الهدف النهائي التمترس وراء الاحتقان الطائفي والرد على التشدد بمثله والعنف بشقيقه فسجين اليوم المعذب هو سجان الغد الذي سيتحول إلى جلاد .
رأينا ذلك في سوريا والعراق ولا يوجد للأسف الشديد ما يمنع رؤيته ورصده في لبنان الحبيب…لعبة الضحية والجلاد مغرقة الحساسية ولا يمكن التخلص من مطباتها واقتراحي في النهاية على وزراء العدل العرب ان يستريحوا ويريحوا .
٭ مدير مكتب «القدس العربي» في الاردن
بسام البدارين
وظيفة وزير العدل ببلادنا العربيه يا أستاذ بسام هي :
ادارة الأمور الادارية والمالية للقضاة والمدعين العامين فقط
أي لا دخل له بالعدل بأي حال من الأحوال
قبل 15 عاما تم استدعاء وزير العدل النرويجي لمسجد الرابطة بأوسلو
كنت أحد المستقبلين له وأقسم بالله أنه لا يوجد معه الا سائق سيارته !
وكان هناك من المدعوين الاسلاميين من العديد من الدول الاسلامية
كان النقاش حادا مع الوزير لتوفير أرض للمسجد بأوسلو
فسألني مقرئ قرآن سعودي عن وزير العدل لماذا بدون حماية
قلت له ان شرطة النرويج بأكملها تحت يديه فقال أهو وزير الداخلية
قلت له لا توجد بالنرويج وزارة داخلية وهو لا يحتاج لحماية ولا يريدها
ولا حول ولا قوة الا بالله