أقدم معارضي مدينة اللاذقية خرج منها عام 1966: تنقلت بين كل من تركيا والعراق ومصر والأردن وما زلت انتظر العودة إلى مدينتي

حجم الخط
1

ريف اللاذقية ـ «القدس العربي»: خرج عبدالقادر علي زريق (68 عاماً) من اللاذقية عام 1966 على خلفية انتمائه لحزب الوحدويين القوميين العرب بعد تفجيرات شملت مكاتب الحزب في اللاذقية، وعلى إثرها اعتقل مع 17 قياديا من الحزب كانوا من المسؤولين عن نشاطه في المدينة.
وتم توجيه العديد من التهم إليه منها تشكيل جميعة سرية، واغتيال بعض الشخصيات من حزب البعث الحاكم، والاتصال بالسفير المصري عبدالحميد غالب، وهو كان على علم مباشر بكل التفاصيل المتعلقة بنشاطات الحزب في تلك الفترة، عدا العسكرية منها حسب كلامه، وكانت مدة الاعتقال من عام 1964 إلى 1965 شهر حزيران/يونيو، وأمضى مع محمد خطيب والد معاذ الخطيب، إمام المسجد الاموي أشهر السجن الأخيرة قبل صدور الحكم، وبعدها صدر من الرئيس أمين الحافظ مرسوم بإعادة التحقيق مجدداً في كل القضايا السياسية، وعلى إثرها خرج بكفالة مالية قدرها 5000 ليرة سورية في ذلك التاريخ وتعادل ألفي دولار أمريكي في وقتنا الراهن.
بعد إعادة التحقيقات صدر الحكم النهائي بقضيته عام 1965 بالسجن المؤبد، ويقول في حديث خاص لـ «القدس العربي» معه: كان هناك اتصال هاتفي بيني وبين السيد محمد خطيب وقال لي: اطلع من البلد.
ويقول «كان بحوزتي جواز السفر، وفعلاً سافرت إلى مصر (القاهرة) بطريقة غير شرعية عبر بيروت، وكان إبراهيم قليلات، وصلاح سعد رئيس الحزب الناصري في لبنان ساعدوني في الخروج باتجاه مصر، ودفعوا لي ثمن تذكرة السفر إلى مصر، وهناك أقمت في فندق إيفرست في ميدان رمسيس في القاهرة، واتصلت بالمقدم حكمت حسن أحد أقربائي الذي كان متواجداً في مصر كونه من ضباط عبدالحميد السراج المنفيين، وتم لقاء بيني وبين عبدالحميد السراج نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة في عهد الوحدة، وفعلا حصلت على اللجوء السياسي عام 1966، بعد معاناة كبيرة، وسأروي بعض تفاصيلها».
ويضيف زريق: خلال لقائي مع السراج كنت حينها أحمل بيدي ملعقة وسكين، وكنت أتناول طعامي، وقال: أن اللجوء السياسي حاليا متوقف بسبب مشاكل مالية، وتركت الملعقة والسكين ولكنه طلب أن اكمل طعامي.
ويتابع قائلاً: «اجتمعت مع العميد عبدالله جسومة محافظ اللاذقية في عهد الوحدة بين سوريا ومصر من أجل تسهيل موضوع اللجوء، ومن ثم انتقلت إلى جاسم علوان قائد الثورة السورية عام 1964 ، وأبرزت له أوراق الحكم الصادر بحقي، ومن ثم وصلني بمدير مكتب جمال عبد الناصر، سامي شرف وطلبت منه المساعدة في الحصول على اللجوء السياسي، وتم تحويلي إلى اللواء حسن رأفت مسؤول اللاجئين السياسيين في مصر، وبعد إجراء التحقيقات معي صدر مرسوم من الرئيس جمال عبدالناصر منحت بموجبه حق اللجوء السياسي، ومكثت في مصر من الشهر الخامس 1966 إلى 1972 إلى حصول الوحدة بين مصر وسوريا وليبيا، وكان بوقتها رئيس الدولة في مصر أنور السادات».
وطلب من حافظ الأسد الذي كان يشغل منصب رئيس سوريا تسوية أوضاع اللاجئين السياسيين في مصر، والسلطات السورية وافقت وقامت بإرسال لجنة إلى مصر لتسوية الأوضاع وترأس الوفد المقدم محمد الخولي من المخابرات الجوية وهو من الطائفة العلوية، وعند القدوم تم تسوية أوضاع عدد كبير من اللاجئين عدا عبدالحميد السراج وجاسم علوان، وعدد آخر من اللاجئين وكان زريق حينها في لبنان في زيارة لأهله، على حد قوله.
ويضيف: «عند العودة استدعاني اللواء حسن رأفت مدير اللاجئين في مصر، وأخبرني أنه سوف تتم تسوية وضعي كي أعود إلى سوريا، وبعد فترة وجيزة لا تتعدى أربعة أشهر وردت أوراق القبول للاجئين ولم يكن اسمي واردا في لائحة الأسماء المقبولين، وتم إرسال طلب آخر بخصوصي ولم يرد من سلطات سوريا أي رد، والتقيت بالدكتور سامي الدروبي السفير السوري السابق في مصر، وطلبت منه المساعدة حتى أعود إلى سوريا، وبعدها انتقلت إلى مكتب العلاقات العامة في مصر الذي كان يشغله فريد لحام في القاهرة، وشرحت له ملفي وطلبت منه المساعدة بخصوص ملفي وحصلت منه على وعد بالمساعدة، وبعدها تغيرت المعاملة بسبب تغير السياسية الخارجية من عهد جمال عبد الناصر إلى عهد أنور السادات وطلبت عدة مرات لقاء اللواء حسن رأفت، وفي إحدى المرات دخلت إلى مكتبه دون إذن مسبق وحصلت مشادة كلامية بيننا».
ويكمل زريق حديثه قائلاً: «في عام 1975 طلبت إذنا لزيارة أهلي في لبنان، وكنت اتحرك بجواز سفر مصري (جواز سفر لاجئ) وصلت إلى لبنان وكان في المطار اثنان من الضباط بانتظاري، وتم استجوابي في قاعة المطار من مصطفى الحج مدير أمن المطار في بيروت، وتم سؤالي عن سبب الزيارة، وخلال التحقيق جاء القنصل المصري وطلب مني جواز السفر الذي كان بحوزتي ولكني رفضت تسليم الجواز، وسلمته إلى مدير الأمن اللبناني وشرحت له القضية وخوفي من أن يتم تسليمي إلى الأمن السوري لأنني مطلوب، وتدخلت في القضية وزارة الدفاع اللبنانية متمثلة بالعقيد أنطوان دحداح رئيس الشعبة الأمنية الأولى، وطلب القنصل المصري عبد الواحد مني تسليم جواز السفر مجدداً ولكني رفضت تسليم الجواز إلا بقرار خطي من السفير المصري يتعهد فيه السفير بمساعدتي للعودة إلى مصر كلاجئ، ثم عدت إلى مصر بعد محاولات عديدة لمنعي من العودة، وبقيت في مصر إلى عام 1975».
وقال: في الربع الأخير من العام ذاته تم سحبي إلى المطار قسرا ليتم ترحيلي إلى سوريا برفقة ضابط مخابرات مصري، وتم تسليمي إلى المخابرات السورية وتم ترحيلي إلى الشرطة العسكري ومن ثم محكمة الجنايات العسكرية وكان يرأسها فتوح الجندي، وبقيت أربع سنوات في السجن في سجن القلعة في دمشق، دون محاكمة وتم إطلاق سراحي في عام 1978 بعد تدخل السفير سامي الجندي في فرنسا، وبعدها خرجت إلى اللاذقية، وفي عام 1979 قتل يوسف صارم العلوي أحد أكبر مشايخ الطائفة العلوية في وقتها، تم قتله في الرمل الشمالي على أيدي مقاتلي «حزب الطليعة» الذي كان يرأسه عدنان عقلة، وبعدها حصل اقتتال بين السنة والعلويين في اللاذقية عام1979 في شهر كانون الثاني/يناير، وبدأت السلطات باعتقال كل السياسيين أصحاب السوابق، مما اضطرني للخروج إلى جبل الأكراد إلى قرية دوير الأكراد بالقرب من قمة النبي يونس، وحصل حينها تجمع لعدد كبير من الشبان المطلوبين للنظام.
ويضيف: أطلقت النار على عناصر النظام بالقرب من المنطقة مما تسبب بحضور المخابرات إلى المكان، وبعدها خرجت إلى تركية، وسلمت نفسي إلى الحكومة التركية في عام 1981 وكان قائد الحدود التركية في يايلداغ حينها حسين شاي مسؤول الحدود، وتم التحقيق معي، ومنحوني حق اللجوء السياسي، ولكني خرجت مرة أخرى باتجاه القاهرة، ورفضوا استقبالي، ومن ثم ذهبت إلى الأردن وقابلت وزير الداخلية وافق على منحي حق اللجوء السياسي، وقابلت المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن عام 1981 وكان حينها عدنان سعد الدين مراقباً عاماً، عرض عليّ المساعدة مقابل الانضمام للحزب، وبقيت أربعة أشهر بعد أن أمنوا لي سكنا ومصروفا يغطي احتياجاتي، وقابلت كل من قيادة «حزب التحرير» دون أن أعرف اسم القائد، ومن ثم قابلت عدنان عقلة في الأردن في جبل عمان، وعرض علي السكن بجواري ومن ثم زارني في منزلي في عمان في شهر شباط/فبراير من عام 1981، ومن أبرز من قابلتهم أبو خالد مهندس من «الإخوان المسلمين» وعدة اشخاص آخرين، وطلبوا مني مرة أخرى التوجه إلى تركيا؛ بسبب العلاقات التي كنت أتمتع بها مع القيادات في تركيا وكان أبرزها مع حسين شاي قائد الحدود ومدير الأمن نجاتي بيك.
وأكمل قائلاً: سافرت إلى أنطاكية التركية في الشهر الخامس من العام نفسه، وانتظرت شهرين لم يتصل بي أي أحد من الجماعة، وبعد ذلك قابلت ماجد حكيم وطلب مني السفر إلى العراق، و ذهبت إلى المكتب السوري المختص باستقبال المعارضين في بغداد وبقيت فيها 15 يوما، وأبرز القيادات التي قابلتها محمد المحمود، وكان هناك شخص يدعى متى طعمة أبو حنا من اللاذقية واتهمني بتفجيرات اللاذقية، وعدت إلى تركية مرة أخرى، وقابلت رئيس الاستخبارات ويدعى تكيم، ومدير شعبة الأمن رمزي بيك، وتمت كتابة عدة تقارير ضدي وعلى اثرها حكم علي بالإعدام في العراق بتهمة العلاقات مع المخابرات التركية، واتصلت بالمسؤولين العراقيين وأوضحت لهم أنه ليس هناك أي علاقات مع المخابرات لكن دون جدوى، وبقيت بعدها في تركيا سنتين، وعدت مرة أخرى إلى العراق، واعتقلت وتم تسليمي إلى المخابرات العراقية في عام 1983، وتعرضت للتعذيب والضرب بشكل كبير، وتم توجيه تهمة التخابر مع تركيا وفي النهاية وقعت على ورقة إعدامي وتم تحويلي إلى «محكمة الثورة» في بغداد من العام نفسه، ونسبت إليّ عقوبة الإعدام وفق القانون 58 الفقرة (أ) من القانون البعثي العراقي حينها، وتم تخفيف الحكم إلى الفقرة (ب) إلى الحكم المؤبد، وكنت برفقة أشخاص آخرين من اللاذقية وتم إعدامهم، وأنا بقيت في السجون 9/9/1983 إلى 22/10/2002 إلى حين صدور قرار بإطلاق السجناء السياسيين بأمر من كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة.
وفي ختام حديثه قال: «تم إطلاق كافة السجناء وخرجت إلى بغداد وقابلت رياض الشقفة المراقب العام للإخوان في تلك الفترة، تقدمت بطلب للجوء في الأمم المتحدة في بغداد وتم قبول ملفي وقبول اللجوء، كانت المشرفة على ملفي سوسن الصفار، وعرض حزب «الإخوان المسلمين» عليّ العودة إلى صفوفه مقابل الحصول على جواز سفر، لكنني رفضت وبقيت في بغداد إلى 2006 بعيد الحرب الأمريكية، ومن ثم انتقلت إلى الموصل بسبب أعمال التهجير الطائفي في بغداد.
توجهت إلى الموصل وبقيت فيها إلى 2013 وسكنت في حي شقق اليرموك، وبعدها توجهت إلى تركيا وتواصلت مرة أخرى مع رياض الشقفة وطلبت منه جواز سفر مرة أخرى، لكن لم يساعدني، وتواصلت مع الضابط العميد الطيار عامر البق المسؤول عن نقل الطائرات إلى إيران قبل حرب الخليج والبالغ عددها حينها 125 طائرة، وساعدني الضابط بالوصول إلى تركيا عن طريق مدينة اليعربية الحدودية، وخلال العبور إلى تركيا تعرضنا إلى إطلاق نار ضمن الأراضي السورية وتعرضت لرصاصتين في اليد والبطن بالقرب من دير الزور، وتم إجراء الإسعافات الأولية في الداخل السوري ودخلت إلى الرقة وتواصلت مع اللواء عدنان سلو الذي طلب مني التوجه إلى باب الهوى وبعدها دخلت إلى تركيا».

سليم العمر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول jameel ahmed:

    قرأت المقال الذي يحكي قصة تشرد المعارض السوري عبد القادر زريق,والقصة تبين كم عانى السيد زريق بسبب مبادئه وهي تصلح ان تكون قصة كل معارض في الدول العربيه والعالم الثالث لانها تبين ان الحكام لا يريدون الا الموالي لهم الذي يسبح بحمدهم ليل نهار ولا يريدون سماع اي كلمة اعتراض منه.
    تحية للسيد زريق يكفي انه ينام مرتاح الضمير لانه لم يبع مبادئه مقابل دولا رات,اعانه الله على نسيان كوابيس التشرد الذي واجهها في البلاد العربيه,تحية لروح القائد الرمز عبد الناصر الذي يبقى افضل ما انجبت الامه العربيه في القرن العشرين.

إشترك في قائمتنا البريدية