بيروت ـ «القدس العربي»: في وقت أضيف رقم جديد في سجل الجلسات الافتراضية لانتخاب رئيس للجمهورية لتنتهي الجلسة التي حملت الرقم خمسة وعشرين غير المكتملة النصاب إلى تأجيل آخر حتى الخامس عشر من تموز/يوليو المقبل، وفيما يستمر التخوف من تمدد التعطيل النيابي إلى العمل الحكومي، فإن الهيئات الاقتصادية بمشاركة الاتحاد العمالي العام بادرت إلى إطلاق صرخة هذا الأسبوع من وسط بيروت تحت عنوان «أوقفوا الانتحار» وسارع الرئيس سعد الحريري إلى ضم صوته ضد الانتحار.
وبعدما تفاءل كثيرون بموقف رئيس الحكومة تمام سلام في إفطار المقاصد الذي أكد «أن الحكومة ستجتمع وستصدر قرارات وأنه لن يفرّط في مسؤولياته أو يتخلّى عنها» موحياً بأنه رسم خطاً زمنياً لعدم السماح بالتعطيل الحكومي، إلا أن زوار السراي الحكومي لفتوا إلى أن سلام لم يفعل سوى دق جرس الإنذار. فهو لا ينوي الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بصورة يبدو فيها كسراً لاحتمالات التسوية. لكنه في الوقت ذاته قال لمكوّنات الحكومة: لا تحرجوني، وأنا احتملت التعطيل أسبوعاً وأسبوعين وثلاثة وأربعة. لكن إلى متى التعطيل فيما كل الملفات عالقة؟». وبحسب الزوار فإن الرئيس سلام يؤثر مرّة جديدة أن يربط بين جلسة مجلس الوزراء وعدم استعادة أي مشهد تعطيلي، حتى لو تأخرت الجلسة أسبوعاً أو أسبوعين بعد. ورفضت مصادر السراي الكبير الخوض في مواعيد بالنسبة لانعقاد جلسة مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن الرئيس سلام ما يزال يزين الأمور، وهو لن يعمد إلى أي خطوة إلا إذا كانت مثمرة وتعطي نتائج إيجابية، كما أنه يتعاطى مع الأمور بروية في ظل الأجواء المحتقنة في البلاد.
وكانت معلومات ذكرت أن رئيس الحكومة قد يوجّه الدعوة إلى جلستين لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل واحدة تُخصّص لبت التعيينات الأمنية ولاسيما تعيين قائد جديد للجيش وأخرى لجدول أعمال عادي. إلا أن رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون إعتبر أن هذه الجلسة ستكون «تمثيلية واحتيالية». وما لم يشرحه العماد عون فصّلته محطته التلفزيونية في نشرتها الاخبارية بقولها «السيناريو الاحتيالي متصور كالتالي: يدعو تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء بعد أسبوعين. النصاب مؤمن. يطرح رئيس الحكومة قضية تعيين قائد جديد للجيش. يسحب ( وزير الدفاع ) سمير مقبل اسماً أو أكثر من لائحة كتبت له بعد قمة تشاورية استثنائية بينه وبين أليس شبطيني. يظهر وزير «البارولي» بذلك حسن نيته. لكن المفاجأة تكون بأن أياً من الأسماء المقترحة لم ينل أكثرية ثلثي الأصوات، اللازمة دستورياً للتعيين. فيلتفت تمام سلام نحو جبران باسيل، ويقول له: ها قد لبّينا مطلبكم، وتعذر الأمر. فلننطلق الآن إلى جدول أعمالنا المقرر… غير أن موقف ميشال عون أمس أجهض المناورة. إذ اضاف إلى السيناريو التهريبة، فصلاً ملحقاً، يقول بالتالي: بعد خاتمة سلام، سيرد باسيل قائلاً: لكن موقفنا لم يتغير. لا جدول أعمال قبل إعادة البحث في التعيينات. وإذا أردتم فتح ملف صلاحيات الرئيس وفلسفة الميثاق وفبركات أفلام روميه وأفلامكم كافة، نحن جاهزون. لأن هناك قانوناً للدفاع نريد تطبيقه. وهناك قانون لقوى الأمن الداخلي نطلب احترامه. وهناك قانون للانتخابات، وآخر للجنسية، وثالث للامركزية، ورابع للمحاسبة العمومية، وخامس وسادس وعاشر، وكلها نريد التزامها واحترامها وتطبيقها وتجسيدها… هكذا فشل سيناريو التهريبة حتى الآن».
في ظل هذه التعقيدات السياسية التي تترك تداعياتها على الوضع الاقتصادي، تداعت الهيئات الاقتصادية ومعها الاتحاد العمالي العام إلى تنظيم تحرك ضد الانتحار في البيال. إلا أن البعض وتحديداً العماد عون سارع إلى الارتياب في خلفيات هذا التحرك في هذا التوقيت بالذات وإمكان توظيفه سياسياً لتحميل عون مسؤولية التعطيل والتردي الاقتصادي. وكان لافتاً تعليق منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد عبر «تويتر» حيث كتب «الهيئات الاقتصادية تدق جرس الانذار وتعتبر ان عرقلة انتخاب رئيس يساهم في نسف الاقتصاد …وعون يقول ان الاقتصاد متماسك».
وكان العماد عون وتكتله ردّوا على من يقول إن من يعرقل عمل مجلس الوزراء، ولا يقوم بانتخاب رئيس للجمهورية هو المسؤول عن شلل الإقتصاد، فأكدوا «أن لبنان مسروق وليس مكسوراً» وأشاروا إلى «أن الاساتذة يطالبون بحقوقهم منذ فترة طويلة ولكن من دون أيّ نتيجة، حيث أنّ سلسلة الرّتب والرواتب لم تُدفع بعد». وسألوا «ما السبب وراء هذه المماطلة في تنفيذ الحقوق؟. تشير الأرقام إلى أنّ الدولة اللبنانية غير «مكسورة»! تعود الأسباب إلى سوء في الإدارة، وسوء في إدارة الموارد.. وكلّ هذه الحقوق لا يحصل عليها الموظفّون.. ولم يحصل الجيش على حقوقه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعلّمين، وغيرها من القطاعات. أمّا الذين يعترضون على تدهور الوضع الإقتصادي فهم من لا يسدّدون الضرائب كما يجب!».
وخلص عون وتكتله إلى القول «قد يكون وضع المواطنين سيّئاً، ولكن وضع العائدات في الجمهورية اللبنانية يحوي على ما يجب أن يحويه. أما سوء الإدارة فيأتي بسبب من يعترضون، وبالطبع لا ننسى التواطؤ من قبل أصحاب المصالح وأقصد هنا الاتحاد العمالي العام والتجار والهيئات الاقتصادية، الذين يدعون من وقتٍ لآخر للتظاهر وإقفال الطرقات. ماذا يمثّل هؤلاء ليدعوا الناس للتظاهر؟! هم يمثّلون أنفسهم ويبغون الربح لأنفسهم. هم لا يبحثون أحوال الناس إلاّ عندما يريدون أن يحرّضوهم على أحد. ولكن هذا التحريض لن يمرّ في أيامنا نحن».
سعد الياس