إشادة بعدم وقوع عمليات إرهابية أثناء حكم الإخوان… وبوادر أزمة عنيفة بين الحكومة والصحافيين

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» سيطر الاهتمام بالعملية الإرهابية التي قام بها تنظيم «الدولة» يوم الأربعاء الماضي لاحتلال مدينة الشيخ زويد وتحويلها إلى مقر لـ«الدولة الإسلامية»، ومهاجمة خمسة عشر كمينا للجيش، على الصحف الصادرة أمس الاثنين 6 يوليو/تموز.
ومواصلة الجيش والشرطة هجماتهم على أماكن وجود أعضاء «داعش» وقتل المزيد منهم، حتى ارتفع الرقم إلى أكثر من مائتن وثلاثين. كما استمرت مظاهر الابتهاج بما حققه الجيش، وزيارة الرئيس السيسي للسويس، وتفقده قوات الجيش والشرطة في مواقعها وإبداء الشماتة في نشر صور جثث قتلى «داعش».
والملاحظ كثرة الآراء التي ترى أن أمريكا أولا، ثم إسرائيل بدرجة أقل منها، هما وراء تقديم الدعم لـ«داعش» لاحتلال سيناء وتفكيك الجيش، وهو ما سمعته ما لا يقل عن أربع مرات في اليومين الماضيين من أفراد منحازين للدولة، في أكثر من قناة من قنوات التلفزيون الحكومي .
وتدريجيا بدأت القضايا الداخلية تسحب قدرا من الاهتمام، بعد الاطمئنان على استقرار الأوضاع في سيناء، مثل عودة متزايدة لمتابعة المسلسلات والبرامج، ومشروع قانون مكافحة الإرهاب، والأزمة التي بدأت تطل برأسها بين الحكومة والصحافيين، واتهام النقابة للحكومة بأنها تكرر ما كان يفعله نظام مبارك من إصدار قوانين لتكميم حرية النشر، بدعوى مكافحة الإرهاب. وهددت بأنها لن تسكت على تمرير المواد التي تجيز الحبس واقتصار الحصول على المعلومات من الجهات الرسمية، بينما ركز رجال الأعمال والتجار كل اهتماماتهم على قيام البنك المركزي لثاني مرة بخفض سعر الجنيه أمام الدولار، ما سيرفع الأسعار، كما أكدوا بنسبة لا تقل عن عشرين في المئة. واتجاه الحكومة لتحصيل الضرائب والمستحقات المتأخرة عليهم، ورفع الدعم عن بيع الغاز والكهرباء لهم بشكل نهائي. كما واصلت الشرطة إلقاء القبض على عدد آخر من الخلايا الإرهابية التي كانت تجهز لعمليات جديدة. كما أن هناك اهتماما كبيرا بمباريات الدوري العام خاصة الزمالك والأهلي.
وإلى شيء من أشياء لدينا….

الإعلام يشيع القلق بأنباء غير صحيحة

ونبدأ بردود الأفعال الكثيرة والعنيفة، التي تطايرت خلالها الاتهامات حول التغطية الإعلامية الأولية للهجوم الإرهابي، وما أدت إليه من آثار معنوية أشار إليها الرئيس السيسي، في كلمته التي ألقاها في العريش على الضباط والجنود، عندما حدد الإعلام الخارجي والداخلي وما تسبب فيه من إشاعة القلق بسبب الأنباء غير الصحيحة التي روجها عما حدث. وكذلك أشار آخرون إلى الحالة العصبية للإعلاميين أيضا منذ اغتيال النائب العام، التي قال عنها يوم الأحد في «المصريون» الأسبوعية المستقلة زميلنا محمد عبد الرحمن: «استبق الإعلاميون كعادتهم التحقيقات الجنائية بشأن حادث اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، في تفجير استهدف موكبه في منطقة مصر الجديدة يوم الاثنين الماضي، متوجهين بأصابع الاتهام إلى جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي، القابع حاليا داخل السجن. وعلى الرغم من إعلان حسابات تابعة لتنظيم «ولاية سيناء» المعروف بارتباطه بـ«داعش» على مواقع التواصل الاجتماعي، عن تبني العملية، إلا أن الإعلاميين المعروفين بموالاتهم للنظام الحالي لم يلتفتوا إلى ذلك واتهموا الإخوان بالوقوف وراءها، مطالبين بقطع رقاب قيادات الجماعة داخل السجون، بدعوي ضلوعهم في إعطاء الأوامر بتنفيذ اغتيال النائب العام».

القوى الحزبية على الساحة هشة ومضطربة

ونتحول إلى «أخبار» اليوم نفسه وزميلنا وصديقنا الأديب جمال الغيطاني، الذي هاجم تغطية الإعلام الخاص بقوله عنه في عموده اليومي (عبور): « منذ اغتيال الشهيد هشام بركات وثمة فكرة هائمة مضمونها: لا بد من عمل شيء، لا بد من عمل ما، تأكد ذلك يوم الأربعاء مع الهجوم واسع النطاق الذي شنه الدواعش ضد قوات الجيش في الشيخ زويد، ومع الهجوم افتضح موقف المنابر الإعلامية الخاصة ذات الارتباطات المريبة، التي كان اداؤها ضارا إلى أقصى حد بالجيش والوطن، في سابقة لم تعرفها دولة مهددة تُشن عليها حروب هدفها الإسقاط والتدمير. تعمقت الفكرة، لابد من شيء، لابد من خطوة ما، للأسف جميع القوى الحزبية على الساحة، هشة ومضطربة وبعضها مجرد لافتات على مقار، يبدو أن ما شغلني كان يدور في أفئدة آخرين ممن يتوافر لهم الوعي بالحقبة والتكوين الوطني السليم».

نشر الأكاذيب والشائعات لتدمير مصر

أما زميلتنا الجميلة في «الأهرام» إيناس نور فقد أرادت إحراج الإعلام الأجنبي والرد عليه بقولها: «أشعر بدهشة مما تدعيه بعض وسائل الإعلام الغربية من أن السلطات المصرية تقمع الإعلام، على الرغم مما نواجهه من انفلات إعلامي في أحيان كثيرة، كما تصف تلك الوسائل الإرهابيين بأنهم جهاديون. من بين الوسائل التي تروج لهذا الزعم بعض كبريات الفضائيات والصحف مثل، «قناة فرنسا 24» و«الغارديان» و«الواشنطن بوست» وإعلام ألماني، ولا نسعى نحن لتصحيح المفاهيم المغلوطة. من يزعم أن مصر تقمع الإعلام عليه أن ينظر للكم الهائل من القنوات والبرامج والصحف التي تطالعنا يوميا، فهل يندرج ذلك تحت قمع الإعلام؟ أم أن المقصود إطلاق الحرية لنشر الأكاذيب والشائعات لتدميرنا فيرضى الغرب؟ حين تتعرض دولة غربية لعملية إرهابية محدودة أو أعمال شغب تعلن حالة التأهب القصوى وتفرض الطوارئ، كما حدث في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وفي إسرائيل، لا يصرح بنشر أي أخبار عن العمليات العسكرية التي تتم مثل حرب غزة او لبنان، إلا بإذن السلطات العسكرية فهل هذا قمع أم إعلاء لمصلحة البلاد؟».

فضائيات خاصة تواصل بث برامجها
بدلا من احترام دماء الشهداء

لكن زميلها هاني عسل عاد بها في العدد نفسه في يوم الأحد إلى الإعلام الخاص الداخلي موجها ما يلي من اتهامات: «لو كان عبد الله بن سلول بيننا هذه الأيام لما فعل أكثر مما فعلوه. «ابن سلول»، رأس النفاق في المدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أظهر الود للمسلمين، وعاداهم في الخفاء، في المعركة البطولية التي خاضها الجيش المصري ببسالة واحترافية ضد الإرهاب في شمال سيناء، رأينا أكثر من «ابن سلول» بيننا :مواقع إلكترونية تلهث لبث الأخبار والمعلومات الكاذبة عن المعركة، من مصادر غير رسمية، وإعلام أجنبي متواطئ مع الإرهاب، بهدف زيادة «الترافيك»! صحف خاصة – لا تستحق أسماءها – صدرت وعلى مواقعها وفي طبعاتها الأولى ليلة المعركة أخبار وعناوين انهزامية، من دون انتظار البيانات الرسمية، وكله تحت شعار «حرية الرأي وتداول المعلومات»! فضائيات خاصة تزعق وتولول على الشهداء، ثم تنحاز في الوقت نفسه لفلوس الإعلانات، وتواصل بث برامجها كالمعتاد، بدلا من احترام دماء الشهداء! وطابور عملاء وخونة وانهزاميون وضعاف نفوس وقلوب، وسذج أيضا، ظلوا على مدار يوم كامل «يشيرون» و«يغردون» من وراء «التكييف» للمطالبة بالشفافية والموضوعية، بل وبالحيادية، وبعضهم بدأ يتشفى ويتحدث عن القمع ويطالب بالحساب، وقت أن كانت المعركة لا تزال مستمرة، وكانوا قد فعلوا الشيء نفسه في جريمة اغتيال النائب العام، التي انتهزوها فرصة للطعن في الشرطة، واتهامها بالفشل والتراخي، رغم أن البهوات أنفسهم امتعضوا قبل ذلك من مواكب التأمين والحراسات والأسلاك الشائكة والشوارع المغلقة والأكمنة وقانون التظاهر، بحجة أنها تضييق! كل هؤلاء قاموا بدور ابن سلول، فكانوا خناجر في ظهرنا، ولكنهم انكشفوا مثله، وصاروا في نظرنا كمن خطط ومول وقتل وشمت، حتى وإن تمسحوا بالوطن» .

أخبار ومعلومات مغلوطة
بثت روح الهزيمة بين المصريين

وفي «وفد» الأحد كذلك قالت زميلتنا الجميلة نيفين ياسين: «لعبت بعض وسائل الإعلام دوراً مخزياً خلال مواجهات الجيش مع الإرهاب في سيناء، خلال الهجوم الأخير الذي راح ضحيته 17 من أبناء القوات المسلحة ضباطاً وجنوداً، وللأسف كان الإعلام معول هدم وليس بناء، وكان عاملاً مساعداً خطيراً للمخربين والكارهين لهذا البلد، عندما تسابق في استيفاء المعلومات والبيانات من وكالات أنباء لدول معادية ووكالات غربية، كانت تبث أخباراً خاطئة ومعلومات مغلوطة، قلبت الحقائق وبثت روح الهزيمة بين المصريين، في الوقت الذي كانت فيه قواتنا المسلحة تقود حرباً شرسة ضد الإرهاب، بل أنها وجهت له ضربات موجعة أفقدته صوابه، وللأسف تحول الإعلام المصري – إلا قليلاً – إلى بوق جاهل لنشر كل ما يريد الإرهاب نشره وبثه بصورة أسرع وأبشع مما تفعله كتائبهم وآلاتهم الإعلامية. الغريب أن معظم الوكالات الغربية والعربية تعتمد على مراسلين مصريين، وتستقي أخبارها منهم، ولما كان الوصول لأرض المعركة في سيناء أمراً صعباً، فقد اعتمد هؤلاء المراسلون على بعض المكالمات بينهم وبين أشخاص داخل سيناء، كانوا يرددون ما يقال لهم من الإرهابيين أو ذويهم، وينقلونه على أنه حقائق، خاصة أن الإرهابيين كانوا يرتدون زياً مشابهاً لزى الجيش الأمريكي، ما رسخ الاعتقاد لدى البعض أن الضحايا من الجيش المصري لجهلهم بالفرق بين الاثنين».

في حرب سيناءغابت الدولة وغاب الإعلام

وحكاية المراسلين التي أشارت إليها نيفين تناولها في اليوم ذاته في «التحرير» زميلنا ياسر ثابت بقوله: «في حرب 14 رمضان التي دارت رحاها بين قواتنا المسلحة وجماعات تكفيرية وإرهابية على أرض سيناء، غابت الدولة وغاب الإعلام، وتبادل الطرفان الاتهامات بالتقصير في توفير المعلومات، في حين راجت أخبار كاذبة ودعاية سلبية تشوه الحقائق الميدانية وتقلل من حجم المعركة ضد عناصر الإرهاب في سيناء، الآن هناك مسؤولية على الجميع، إذ تعين على كل مؤسسة إعلامية تدريب عدد من محرريها بالاشتراك مع القوات المسلحة على أسس وقواعد التغطية الميدانية من جبهات القتال لنقل الصورة كاملة وتوضيح الحقائق للجمهور بعيدا عن الأكاذيب والدعاية السلبية، التي خلفت بها مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة « المراسل الحربي ضرورة لا ترفا» نجح المراسلون الحربيون خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر/تشرين الأول في تقديم المادة العسكرية للقراء، سواء كانت أخبارا أو تحقيقات، وسواء كانت نقدا أو تحليلا للعمليات الحربية برا وبحرا، وساهموا في تنوير الرأي العام بمجريات الأحداث في ميادين العالم المختلفة».

العميد محمد سمير: العلاقة
بين القوات المسلحة والإعلام محترمة

هذا ما قاله ياسر، لكنه هنا يفترض وجود معارك مستمرة بين جيشين تفرض على الصحف ووكالات الأنباء إرسال مراسلين حربيين لمتابعتها، وهي حالة غير موجودة لأنه لا يمكن وجود مراسلين ينتظرون وقوع عملية إرهابية كل مدة وتحدث فجأة، أو وقوع هجوم من الجيش والشرطة على إرهابيين فجأة. وأخيرا إلى العميد محمد سمير المتحدث العسكري، الذي نشرت له «المصري اليوم» يوم الأحد حديثا أجراه مع زميلنا محمد البحراوي أنهي فيه الجدل بالقول: «ـ ما حدث نوع من حروب الجيل الرابع، هو يدير معركة على الأرض، من الطبيعي أن يصاحبها أداء إعلامي يكون معداً مسبقاً، ونحن تعاملنا بشكل طبيعي مثل الأحداث السابقة، ولكن الفارق هو توافر المعلومة الدقيقة، أنا كمتحدث باسم القوات المسلحة لابد أن تكون معلوماتي دقيقة ولا تحتمل اللبس، وهذا لم يكن متوفراً بشكل كبير خلال الأحداث السابقة، عندما تتوفر المعلومة نذيعها للرأي العام لعلاقة بين القوات المسلحة والإعلام محترمة، ونحن نحترم كل وسائل الإعلام الوطنية، ووقوع بعض الناس في أخطاء فردية لا يمثل مشكلة، فالكمال لله وحده، وهذه أخطاء غير متعمدة من وجهة نظرنا، والحمد لله معظم وسائل الإعلام استوعبت الدرس وصححت الأخطاء فور صدور البيانات الرسمية للقوات المسلحة، خاصة بعد نشر صور الإرهابيين الذين قتلتهم قوات الجيش في شمال سيناء، و«طول ما إحنا شغالين وارد تحصل أخطاء»، لكن المهم ألا تكون أخطاء متعمدة، ونحن متأكدون 100٪ أن ما وقع من أخطاء إعلامية خلال الفترة الأخيرة غير متعمد على الإطلاق، وفكرة العلاقات الإنسانية بين المصريين وبعضهم يجب ألا تقوم على التناحر، وأن يغضب كل منا من الآخر لمجرد وقوع أخطاء عارضة وغير متعمدة، لابد من إشاعة روح التسامح. وللعلم نحن قمنا بفلترة جميع الصور التي وردت إلينا من العمليات في سيناء، كانت ضمنها صور بشعة لجثث الإرهابيين بعد الضربات الجوية المكثفة التي نفذتها القوات المسلحة، ولم نستطع نشرها مراعاة لمشاعر المصريين، وأدعو وسائل الإعلام الوطنية إلى عدم تلقي أي معلومات من وسائل الإعلام الأجنبية، ويجب انتظار بيانات القوات المسلحة، لأنها تكون دقيقة للغاية، ونحن لا نقول غير الحقيقة، ونعلن الوقائع بدقة وصدق للرأي العام».

الخطر في نجاح الإرهاب في سحب
الدولة وأجهزتها إلى الميدان

ومثلما دارت معارك ومشاحنات بسبب التغطية الإعلامية فور وقوع العملية الإرهابية فقد اشتعلت المعارك بسبب ردود الأفعال على اغتيال النائب وعلى العملية الإرهابية في شمال سيناء وكيف حدثت بمثل هذه الطريقة، وكأنه لا توجد معلومات مبكرة عنها أو بعد تحرك عربات الإرهابيين والمبادرة بتدميرها قبل أن تصل إلى الكمائن وقسم شرطة الشيخ زويد وتهاجمها. ونبدأ من «المصريون» ورئيس مجلس إدارتها وتحريرها زميلنا جمال سلطان الذي أكد أن انتشار الإرهاب لم يحدث إلا بعد الإطاحة بالإخوان وقال: «مع كل حادثة إرهابية جديدة تنتفض الدولة وأجهزتها، وتنشط أصوات «الطيش» الإعلامي والمزايدات السياسية. أخطر ردات الفعل هذه تتمثل في نجاح الإرهاب في سحب الدولة وأجهزتها والمجتمع إلى الميدان الذي يحسنه الإرهاب جيدا، والمناخ الذي يتوهج فيه ويتمدد وتتسع قواعده، مناخ المزيد من القمع والإحباط والعنف الرسمي والعاطل في الباطل والتضييق على الحريات وإهدار كرامة البشر وإهدار منطق العدالة ذاتها، لا نمل من التذكير بأن البلاد منذ تفجر ثورة يناير/كانون الثاني وطوال عامين ونصف العام انزوى الإرهاب واندثر تقريبا، وتحول ملايين الشباب الإسلامي إلى تأسيس أحزاب سياسية والانشغال بالاستعداد للانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو استحقاقات دستورية، ولم نسمع عن عملية تفجير واحدة في مصر من شمالها لجنوبها، باستثناء حادثة واحدة شاذة في سيناء، كان الكل مشغولا بالسلام، وتعزيز الديمقراطية، وصناعة مستقبل أفضل، وكانت تلك الأيام هي الأسوأ على أفكار الإرهاب وخلاياه، رغم الهشاشة الأمنية وقتها ومظاهر الانفلات وسهولة ارتكاب أي عمل عنيف، حتى وقع ما وقع في 3 يوليو/تموز 2013 ، والصدام الدموي، وانسداد أي أفق سياسي، فبدأت مصر تدخل ـ عمليا ـ عصر الإرهاب».

إبراهيم عيسى: ليس مسموحا
تحول المنابر إلى مواعظ للتطرف وللقتل

ويبدو أن كلام سلطان لم يعجب زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير «المقال» وهو ما دفعه للقول في اليوم نفسه عن زيارة الرئيس للقوات في سيناء بالزي العسكري:
«مرحلة مهمة يبدؤها الرئيس بإدارة القائد الأعلى لكل أصول وفروع وخطوط الحرب التفصيلية. الريس هنا قائد أعلى في غرفة عمليات الحرب، وهي حرب أكدت دوما أنها لا تقل أهمية عن حرب ستة أكتوبر/تشرين الأول، حيث تحرير سيناء من الصهاينة، الآن نحن نحرر سيناء من من هم أسوأ من الصهاينة لأنهم يرتدون مسوح ديننا ويتكلمون بلغتنا وأبناء جلدتنا، فهم أعدى من الأعداء، فليس هناك أسوأ من الخونة حين يقاتلونك. على الأقل العدو ليس خائنا فهو عدوك الواضح المباشر، كأن الرئيس يقول لنا إننا سنشهد منه تركيزا في هذا الملف أعمق وأقوى، ولن تشغله التفاصيل الكثيرة التي يشغل نفسه بها في شؤون البنية الأساسية، أو أعمال الحكومة التنفيذية عن القضية الأهم، التي لا أهم منها، وهي الحرب على الإرهاب. لكن الحرب على الإرهاب ليست في سيناء فقط وليست على جبهتها فقط كما أنها بالتأكيد ليست عسكرية وأمنية فقط وليس مسموحا بقدرة الطابور الخامس ونفوذه في أجهزة الدولة حتى الآن، وليس طبيعيا الإبقاء على الأحزاب الدينية، رغم أن الدستور يحظرها والسماح بالبيئة الدينية الحاضنة للتكفيريين والجهاديين تحت عين وبصر وتواطؤ أجهزة الدولة، وليس معقولا أن تبقى مناهج التعليم العام والأزهري على هذا النحو السلفي المدمر، والناسف لمبادئ التسامح والمدنية والمؤجج للفتنة والطائفية وليس مسموحا بأن تتحول المنابر إلى مواعظ للتطرف وللقتل».

هشام المياني: ما حدث في سيناء
حرب بمعنى الكلمة

أيضا فإن زميله هشام المياني أشاد بارتداء الرئيس البدلة العسكرية وقال: «إعلان أن ما حدث في سيناء مؤخرا لم يكن مجرد عمليات إرهابية عادية، بل هي حرب بمعنى الكلمة. الرئيس يعلن للجنود في سيناء أنه واحد منهم ومعهم في قلب المعركة، ومصيره من مصيرهم وانتصار الجيش في هذه الحرب، وأنه يزور أرض المعركة كقائد منتصر يحيي قواته ويدفعهم لمواصلة الحرب ضد الإرهاب. الرئيس يرد على الحملات الهجومية الإعلامية التي تعرض لها الجيش والانتقاص من قدراته خلال الأحداث، ويعلن أنه واحد من هذا الجيش ويثق فيه وفي قدراته، ولكن أخيرا لا نريد فقط تحويل هذا الأمر إلى ما يشبه الزفة بلغنا بر الأمان، فالحرب لم تنته بعد والخطر قائم، ومن ثم يجب الاستعداد والتخطيط حتى لا نفاجأ بمثل هذه العمليات الإرهابية مرة أخري».

السيسي يرتدي الزي العسكري
مجددا رغم إنهاء خدمته العسكرية!

أما زميلهما محمد زكي الشيمي فقد أبدى اعتراضه على ارتداء الرئيس البدلة العسكرية بقوله: «هناك رسالة أخيرة حملت معنيين أحدهما إيجابي والآخر سلبي، وهي ارتداء الرئيس الزي العسكري، أثناء الزيارة، فرغم أن هناك جانبا إيجابيا تعمد الرئيس إرساله من هذا بإشعار الجنود بأنه واحد منهم، وفرد من أفراد القوات المسلحة، فإن هذه الرسالة لا تقرأ بهذا الشكل بالضرورة، فالرئيس أنهى خدمته في القوات المسلحة، وكما نعلم فالعسكري المتقاعد هو في النهاية مواطن مدني، وبالتالي فإن عودة ظهوره بالزي العسكري بعد خمسة عشر شهرا من التحول للزي المدني، قد تبدو رسالة سيئة للعالم مرة أخرى، لأنها تظهره مرة أخرى كحاكم عسكري. فالعالم لا يرى إلا الحكام العسكريين يرتدون زيا عسكريا، أما الحكام ذوو الخلفية العسكرية فيظهرون بزي مدني، وإذا تجاهلنا الصورة في الخارج فإن هناك سببا داخليا يجب أن يمنع الرئيس من ذلك وهو عدم الإيحاء بأنه يفعل ما يشاء، من دون مراعاة القواعد، على أي حال يمكن تلخيص ما جرى في شمال سيناء مؤخرا، بأن رد الجيش على هجمة الإرهابيين أقوى ورد الرئيس على هجمة الإعلام أشد».

الصمت قبل وأثناء وبعد
المعارك وإلا اتهمنا بالخيانة

ثم نتحول إلى «الشروق» وزميلنا الإعلامي حسام السكري وعموده «سكر مر» الذي قال فيه مهاجما عدم مناقشة عيوبنا كما يجب: «مناقشاتنا محكومة دوما بدواعي السرية، قبل المعارك وأثناءها. أما «بعد المعركة» فهو وقت لا يأتي أبدا، لأن المواجهة مع الإرهاب مستمرة. في النهاية يفرض علينا الداعون إلى «الاصطفاف الوطني» أن نصمت تماما قبل، وأثناء، وبعد المعارك، وإلا اتهمنا بالخيانة، وهو ما تفعل المجتمعات الأكثر ديمقراطية، عكسه تماما. متى إذن يمكننا أن نطرح الأسئلة ونتعاون في وضع الحلول بشفافية، من أجل المصلحة، ومن دون شيطنة السائل أو تخوينه؟ متى يمكننا أن نسأل ونحصل على إجابات، عن القصور الأمني خلف اغتيال النائب العام؟ عن كيفية ظهور وحركة عصابة من مئات المسلحين في عشرات العربات في عمق الأراضي المصرية، رغم المسح الجوي وأنظمة الإنذار والتقصي والتتبع المتطورة؟ عن كيفية هروب مئتين من المسلحين (وليس واحدا أو اثنين) بعد مواجهات استمرت لساعات مع واحد من أقوى وأكبر الجيوش في العالم؟ متى نناقش الأسئلة الأكبر: مناقشاتنا محكومة دوما بدواعي السرية، قبل المعارك وأثناءها».

هل نكذب على المواطنين ونقول أنهينا الإرهاب؟

وكما اندهش حسام من بعض الأوضاع فقد اندهش أيضا الكاتب والسياسي سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية في تحقيق نشرته مجلة «روز اليوسف» وأعده زميلنا سيد طنطاوي وقال فيه: «استعجب مما قاله مسؤول أمني كبير، قبل ما حدث، بأنه بعد قليل سنعلن عن نهاية الإرهاب من سيناء، فما رأيه الآن وهل يجب أن نكذب على المواطنين، ونقول صفينا الإرهاب، هذا مصطلح خاطئ، لابد أن نعي أن الإرهاب مشروع دولي كبير ترعاه مخابرات دولية ودول إقليمية، ولديها تمويلات. ولا ننسى أن هناك من القبائل من يساعدهم والأسلحة التي تأتي من شتى حدود مصر.
هناك ضعف في الحلقات الاستخباراتية، فكان لابد أن يكون لدى المخابرات علم بالعمليات قبل وقوعهــــا، والدليل أيضا على الضعف في الاستخبارات أن عملية اغتيال النائب العام هي نسخـــة طبـــق الأصل من محاول اغتيال اللــــواء محمد إبراهيم وزير الداخلـــية السابق، ولو كانت تمت دراسة محاولة الاغتيال التي تعرض لها وزير الداخلية السابق ما كنا نقع في مثلها مرة أخرى، يجب أن يكون لديها توقعات وتحليلات على قدر المستوى وهذا لا يقلل من دور القوات المسلحة وتضحياتها».

انتصار «داعش» خطر على أساسيات
وجودنا في هذا العصر

أما آخر زبائن هذه القضية اليوم فسيكون زميلنا في «التحرير» وائل عبد الفتاح وقوله في عموده اليومي «مفترق طرق»: هزيمة «داعش» في المواجهة الأخيرة لم يصنعها «التوحش» و«الانتقام» قدر الشجاعة والكفاءة، ولم تكن نتيجة فتاوى أو تبريكات من مؤسسات دينية، ولا دعم من أحزاب سلفية ولا جوقة تعتبر السيسي أمير المؤمنين، كما أنها لم تكن بفعل أجهزة «التصفية» و«الانتقام» وإعلامها الذي ينشر خطاب الكراهية. ببساطة الحرب ما زالت مستمرة ولا تتعجلوا الغنائم. «داعش» محصلة تاريخ طويل من العفن، الذي اعتبرنا فيه أن الرجوع إلى الماضي أغلى أمانينا وانتصارها ليس خطرا على السلطة، وإنما على أساسيات وجودنا في هذا العصر.
الإرهاب ليس لعبة ولا فكرة.. أو مجرد ظاهرة عابرة. الإرهاب كما رأيناه مع «داعش» هو ذروة الانتقام من حياتنا الحديثة. من أننا نعيش في عالم مخالف لما عاشه الناس في القرن الخامس الميلادي… ليس الإرهاب نسخة رديئة من «الإسلام»، ولا «عصابة أشرار» تريد أن تزعجنا قليلا أو تمارس سلطتها السفلية علينا. «داعش» هو الذروة لمسار طويل من تيارات هدفها «تدمير الطريق إلى أن نعيش زماننا.. أن لا تكون الحياة هى إعادة إنتاج (حياة الماضي) التي كانت آخر الكلام.
مسار ابتزاز الناس والدولة معا… الدولة استجابت للابتزاز أسرع من الناس… الناس كانوا يعيشون حياتهم والدولة كانت تستجيب بالابتزاز بالمنافسة على احتكار الماضي.. فيسمي السادات نفسه «الرئيس المؤمن»، ويستشهد كل حاكم بآيات من القرآن هي تقريبا التي تستخدمها تيارات الابتزاز، ونشر الكآبة العمومية.. الحاكم يستخدمها لقهر الناس والتنظيمات لتجنيدهم في «قطعان بائسة» تنفصم عن حياتها كلما استحكمت هازمة أو بدا فشل الدولة في نموذجها بعد التحرر الوطني». وهنا فإن الطاقة الإيجابية من إيقاف الجيش هجمات داعش، أكبر من فكرة «نصر حربي» كما تقول أجهزة البروباغندا الزاعقة».

المجاهرة بالإفطار خروج
على الذوق العام في بلاد المسلمين

وهكذا ذكرنا وائل بما كنا سننساه من بعض معارك إخواننا في التيار الإسلامي مثل مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر خفيف الظل الدكتور الشيخ علي جمعة، الذي قال يوم الثلاثاء الماضي في تحقيق في جريدة «الأخبار» أعده زميلنا ضياء أبو الصفا عن الذين يجاهرون، والعياذ بالله، بالإفطار في نهار رمضان، من دون خشية أو حياء، بالإضافة إلى ما ذكرته دار الإفتاء: «أوضح الدكتور علي جمعة أن من يجاهر بالفطر في رمضان قليل الحياء وعدم الحياء انحراف سلوكي وليس مرضا نفسيا.
إن الإفطار بين الناس في رمضان مجاهرة بالمعصية، وإن من يترك الصيام متعمدا وقع في إثم عظيم، وإن المجاهرة بالإفطار يخالف النظام العام. والمفطر لرمضان متعمدا يقضي أيام ما فاته وأمره لله، فقد يقبله أو لا يقبله. إن الرسول «صلى الله عليه وسلم» أخبرنا بأن الله يغفر للجميع إلا للمجاهرين، وأكدت أمانة الفتوى في دار الإفتاء أنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن يفطر في نهار شهر رمضان جهرا، لغير عذر أمام أعين الناس، والذي يفعل ذلك مستهتر وعابث بشعيرة عامة من شعائر المسلمين.
إن الوسيلة الأنجح لمحاربة من يجهر بإفطاره في شهر رمضان هي توجيه النصح له بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يتخذ ولي الأمر الضوابط ما يكفل منع المجاهرين بالإفطار في الشوارع والميادين وكل الأماكن العامة فهذه ليست حرية شخصية، بل هي نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام لأن المجاهرة بالفطر في نهار رمضان مجاهرة بالمعصية وهي حرام، فضــــلا عن أنها خروج على الذوق العام في بلاد المسلمين وانتهاك صريح لحرمة المجتمع وحقه في احترام مقدساته».

الشجاعة سببها التدين ولا تأتي من فراغ

أما زميلنا وصديقنا الإخواني وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد عبد القدوس فقال يوم السبت في «أخبار اليوم» عن انتصار العاشر من رمضان: «الإسلاميـون يزعمون أن الدين كان وراء النصر والملائكة قاتلوا إلى جانب المصريين.
أولا الحكاية في علم الغيب في تلك الملحمة الرائعة التي تمت بأيد مصرية مئة في المئة، ومصر كلها وليس الإسلاميين وحدهم هم الذين يقولون إن تمسك المقاتلين بتعاليم السماء كانت من أكبر أسباب النصر، وصيحة الله أكبر كانت تهز السموات والأرض أثناء العبور، العامل المعنوي والشجاعة ترجع إلى عامل التدين في النفوس، وليست من فراغ. التوكل على الله ركن أساسي في إسلامنا الجميل وقوامه أن يأخذ الإنسان في الأرض بكل أسباب النجاح ويتقن عمله تماما ثم يترك النتيجة على خالق السموات والأرض ليعطيه ثمار عمله، ولا يحدث ما يعكر صفو نجاحه وهذا ما جرى بالضبط في حرب العاشر من رمضان، فضلا عن تأكد المقاتلين أنهم إذا استشهدوا فإن الجنة في انتظارهم وهذا ما يعطيهم قوة معنوية هائلة».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية