رسالة انسانية غير سياسية

حجم الخط
0

إنني أحترام جدا إيلانه هيمرمان بصفتها مترجمة ممتازة وباحثة أدب ايضا وباعتبارها بالطبع نشيطة لا تكل من اجل حقوق الانسان في المناطق المحتلة. لكنها في رأيي في مقالتها في يوم الجمعة الاخير (‘نصائح ناس شبعى’ في صحيفة ‘هآرتس’، 18/4) اخطأت قصد رسالة الأدباء الى سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ عدة أشهر.
إن سامر العيساوي هو سجين حُكم عليه قبل سنين كثيرة بالسجن لنشاط تخريبي (ولست أعلم ألبتة أكان الحكم القاسي الذي فُرض عليه وعلى كثيرين آخرين عادلا أم لا). وأُفرج عنه في صفقة شليط مع مئات من السجناء الآخرين بشرط أن يلزموا اماكن سكنهم ولا ينتقلوا الى مكان آخر إلا باذن من السلطات العسكرية وبعلم منها.
على مر السنين غير القليلة التي طلبنا فيها الافراج عن جلعاد شليط مقابل إفراج كثيف عن أسرى أمنيين فلسطينيين اضطررنا الى ان نواجه حتى في داخل معسكر السلام زعم ان الافراج عن السجناء الامنيين سيغرق شوارع اسرائيل بدم العمليات التفجيرية. وكانت احدى السبل لاقناع الرأي العام في اسرائيل بتأييد الصفقة اثارة الطلب الاسرائيلي ان يكون المفرج عنهم تحت رقابة السلطات الامنية ومتابعتها وكانت هذه هي شروط الصفقة التي قبلها الطرفان.
وأخل سامر العيساوي (اخلالا طفيفا في الحقيقة) بهذا الشرط ولهذا وكي لا يكون فعله سابقة لمفرج عنهم آخرين حُكم عليه بالانتقال الى قطاع غزة. وتخطئ هيمرمان حينما تقول انه حُكم عليه ‘بالطرد من بلده ووطنه’، فغزة جزء من فلسطين وهي لذلك وطن مثل رام الله أو جنين.
وغزة خلافا للضفة الغربية تحت سيطرة الفلسطينيين الكاملة وحدودها مفتوحة لمصر ولما كانت سلطات حماس ما زالت تعلن نيتها المصممة ان تقضي على اسرائيل وتبدأ من آن لآخر اعمالا عدائية، فهم لا يستطيعون ان يتوقعوا ان يمنحهم موقفهم الحربي حصانة من الحصار الذي تفرضه اسرائيل على القطاع.
لكن غزة ما زالت جزءا من الوطن الفلسطيني. وحينما اقتُلع المستوطنون من غوش قطيف ايضا لم يُقتلعوا من وطنهم التاريخي كما زعموا آنذاك بل نُقلوا في الحاصل من جزء من الوطن الى جزء آخر.
رفض سامر العيساوي الانتقال الى غزة وحكم على نفسه بالاضراب عن الطعام. وإن اضرابه عن الطعام طويل وأليم ووصف في رسالة مفتوحة الى الاسرائيليين معاناته وغضبه الفظيع بازاء عدم الاكتراث المحيط به، ووصف موته القريب بكلمات لاذعة مزعزعة. وقد أثرت رسالته تأثيرا عميقا في قلبي وقلوب اصدقائي ولهذا توجهنا اليه متوسلين ان يكف عن اضرابه عن الطعام ويؤمن بالحياة ولا يتخلى عن أمل السلام. وكُتبت الرسالة بصفة توجه انساني لا عمل سياسي أو قانوني.
إن هيمرمان تعرف جيدا الموقف السياسي الحمائمي منذ سنين طويلة لجميع الموقعين على الرسالة وإن كان عندها زعم وهو صادق في الحقيقة أننا لسنا نشطاء بقدر كاف مثلها في مكافحة مظالم الاحتلال.

هآرتس 23/4/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية