لندن ـ «القدس العربي»: اتفاق الغرب الشامل مع إيران لا محال حاصل، تقدم أو تأخر! الوفود التجارية تتوالى على طهران من مختلف الدول وعلى رأسها الدول الأوروبية والولايات المتحدة، لضمان حصتها. والإدارة الأمريكية تراهن بشكل كبير على إنجاز «بصمة تاريخية» لها أبعاد وتداعيات مهمة وكبيرة جداً على الصعيدين الزمني القصير والمتوسط داخلياً وخارجياً، والتداعيات الخارجية لهذه البصمة بدأت تظهر بشكل دراماتيكي على إعادة ترتيب الأوراق السياسية وتغيير التحالفات ومجرى الأحداث في المنطقة العربية. وبدأت تلوح في الأفق كمية وكيفية تنعم إيران بالهبات السياسية والاقتصادية للاتفاق، وحصولها على الهبة الاقتصادية هو أمرٌ مضمونٌ إلى حدٍ بعيدٍ، لسبب وحيد لكنه متعدد الأبعاد، وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد تحويل «محور الشر» إلى «قوة إقليمية فاعلة ومؤثرة جديدة» تخدم مصالحها الجيو- استراتيجية في تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد وتفكيك العالم العربي، وإعادة ترتيب الأوراق بالشكل الذي يعزز الموقف الغربي مقابل روسيا.
وعلى الصعيد الداخلي إدارة أوباما والحزب الديمقراطي الأمريكي لها حاجة ماسّة بإنجاز الاتفاق الشامل الذي تفوق أبعاده موضوع النووي بكثير. وعلى أبواب بدء الحملة الانتخابية لتعيين الرئيس المقبل للبيت الأبيض، سجل إدارة أوباما مليء بـ «قلة إنجازات» وفشل مشاريع مهمة للسياسة الخارجية الأمريكية منها الأزمة المتواصلة في العراق وسوريا دون تحقيق الأهداف التي وضعتها واشنطن نفسها، بحيث يعطي الحزب الجمهوري المنافس تفوّقا ملحوظا على المرشح الديمقراطي نظراً للدعاية الانتخابية التي تعتبر الأكبر والأكثر حجماً عالمياً. وكشفت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ينوي زيارة طهران في عام 2016 ووضع بصمة تاريخية عبر إعادة العلاقات الدبلوماسية. وخلال لقاء تلفزيوني له، أكد رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، جون مكين، أن الإدارة الأمريكية بحاجة للاتفاق أكثر من إيران، وأن طهران تحاول الحصول على امتيازات أكثر خلال المفاوضات. وشدد على أن إدارة أوباما تبني آمالها على هذا الوهم الباطل بأن الاتفاق النووي سيحقق شراكة وتعاونا جديدا مع إيران.
وفي الأروقة الدبلوماسية، تستغل إيران العامل الزمني لصالحها بشكل جيد وفعال، وعبر إدارة اللعبة بين مماطلة الفريق المفاوض النووي القريب من «المعتدلين» والتمسك القوي «للمتشددين» بالخطوط الحمراء التي رسمها المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، تمكنت إيران من تحقيق إنجازات مهمة خلال الفترة الأخيرة من المفاوضات النووية مع دول مجموعة 5+1. وساعد الإيرانيين على ذلك تضارب المصالح والمنافسة الشديدة بين الدول المفاوضة، وعدم تبني موقف موحد حول القضايا الرئيسية العالقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنها الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني وأيضاً كيفية إلغاء العقوبات المفروضة على طهران، تسبب بتجاوز مطالب الجمهورية الإسلامية المتزايدة موضوع إلغاء العقوبات الاقتصادية وتقليص صلاحية مفتشي الوكالة الدولية حين إجراء عملية التفتيش للمراكز الإيرانية، وبدأت طهران تطالب برفع الحظر الدولية عليها بشأن الحصول على تكنولوجيا الصواريخ الباليستية واستيراد السلاح، وإغلاق ملفاتها مع مجلس الأمن للأمم بالكامل خلال فترة وجيزة. وبشكل عام تريد الجمهورية الإسلامية التعامل معها مثل باقي الدول، مقابل صفقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
ومن زاوية ثانية، إطالة فترة المفاوضات النووية والمناورات الهامشية للوفدين المفاوضين الأمريكي والإيراني يترك انطباعا، بأن الدول المفاوضة بذلت الوقت الكافي من أجل التوصل إلى صيغة ترضي الجميع، وأخذت بعين الاعتبار جميع المتطلبات، ووافقت على الحل المقبول وليس المطلوب إلزاماً. وهذا الأسلوب يضع ضغطاً كبيراً على المتشددين في الداخل الإيراني والأمريكي أولاً، ويضعف موقف الدول المعارضة لهذه الصفقة الاستراتيجية في المنطقة العربية بالدرجة الثانية. وفي واقع الأمر يصعب الأمر على مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين رفض الصفقة حتى لو أرادا أن يبتا شهرين لمناقشة الصفقة بدلاً من 30 يوماً. كما أكد نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية والقانونية، عباس عراقجي، أن موعد 9 تموز/يوليو الذي عينه الكونغرس الأمريكي، ليس موعداً مقدساً، وشدد على أن طهران غير معنية بهذا الموعد وأنها تريد اتفاقاً جيداً ولو طال الزمن.
وأثناء هذه الجهود الدبلوماسية والمناورات الهامشية لترتيب الأوراق عشية الصفقة الكبرى، أخذت زيارات الوفود التجارية من مختلف دول العالم وفي مقدمتها الوفود الأمريكية والأوروبية منحاً تصاعدياً. بعد زيارة وفد علمي كبير من الجامعات الأمريكية لإيران خلال الشهر الماضي والذي وصفت الزيارة وكالة إرنا الرسمية الإيرانية بأنها من جنس «الدبلوماسية العلمية» وستكون إنطلاقة جيدة لتطوير العلاقات بين طهران وواشنطن.
وفكرة فتح صفحة جديدة مع طهران كانت إحدى أهم أولويات السياسة الخارجية لباراك أوباما منذ ترشيحه لانتخابات الرئاسية الأمريكية، فقد أرسل في عام 2008 مبعوثه الشخصي، ويليام غرين ميللر الذي كان يعمل كأحد دبلوماسيي السفارة الأمريكية فى طهران بين سنوات 1959 إلى 1964، إلى إيران لإعلامهم نية فتح صفحة جديدة فى العلاقات بين واشنطن وطهران. ما أكده آية الله علي خامنئي خلال كلمته التي القاها في اجتماع كبار مسؤولي النظام الإيراني، حيث قال إن موضوع المباحثات مع الأمريكيين يعود إلى الحكومة السابقة (أي حكومة محمود أحمدي نجاد)، وإن واشنطن أبلغت طهران عبر الوسيط العماني أنها تريد الاعتراف بإيران كقوة نووية.
ولا يزال البعض يأمل أن تفشل المفاوضات الإيرانية الغربية، ويراهن الآخرون على حصول تغييرات إيجابية في السياسة التوسعية الإيرانية التي أصبح نشر الطائفية والفتن إحدى أهم ركائزها.
محمد المذحجي
ايران تنتظر تفجيرا نوويا تحت الأرض من الصناعة النووية الايرانية
وبعدها ستدخل الاتفاق كدولة نووية كباكستان والهند
ايران تماطل لوقت هذا التفجير
ولا حول ولا قوة الا بالله