غزة ـ «القدس العربي»: بتمويل قطري بدأت رسميا عملية إعمار المنازل التي دمرت كليا في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وعددها بالآلاف، بصب الأساسات الخرسانية لأول منزل مدمر في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، بانتظار أن تستمر العملية بوتيرة أكبر.
ومن حي الشجاعية أحد أكثر أحياء قطاع غزة دمارا في الحرب الأخيرة التي قضت على آلاف المنازل وسوتها بالأرض، أعلن وزير الأشغال العامة والإسكان الدكتور مفيد الحساينة أن الإعمار الفعلي لغزة انطلق ولن يتوقف.
وقال الحساينة الذي كان يشرف على وضع القواعد الخرسانية للمنزل، بعد وصول مواد البناء المخصصة من إسرائيل، إن الأيام القادمة ستشهد حركة كبيرة في عملية الإعمار.
والمنزل الذي حظي بوضع أول أساس خرساني بانتظار أن ترفع باقي جدرانه وأعمدته، ليصبح منزلا صالحا للإقامة، وبديلا عن ذلك الذي سوي بالأرض، تعود ملكيته لعائلة حرارة وهي عائلة فقدت الكثير من منازلها.
وفي غزة هناك أكثر من 12 ألف منزل دمرتها الطائرات الإسرائيلية بشكل كامل ، علاوة عن 100 ألف منزل تعرضت للضرر الجزئي، وهو أكبر كمية دمار تشهدها غزة منذ بداية الصراع.
وأما عملية الإعمار الجزئي فقد أنجزت غالبيتها، بصرف جهات دولية للمتضررين أموالا لشراء كميات محدودة دخلت برقابة دولية وشروط إسرائيلية إلى غزة. لكن عملية الإعمار الكلي التي وضعت خطة دولية لها بإشراف الأمم المتحدة تأخرت كثيرا حتى الان ما اثار حفيظة السكان الذين يعانون التشرد الداخلي، ودفعهم للنقمة على الأمم المتحدة، بتنظيم تظاهرات ضدها، رفضا لخطة الأعمار، خاصة وأن أموال الإعمار الخاصة التي تبرع بها العديد من الدول المانحة في مؤتمر القاهرة لم تصل بعد، سوى تعهدات دولة قطر المتبرع الأكبر، وكذلك تعهد كويتي ببناء العديد من المنازل المدمرة.
ومؤخرا جرى الحديث دون الكشف عن التفاصيل بإجراء تعديل على الخطة الدولية لإعمار غزة، وأهم ركائزها مراقبة مواد الإعمار، وهو ما دفع كلا من وزير الأشغال، ومدير عمليات «الأونروا» في غزة للإعلان عن قرب انطلاق العملية.
وقال روبرت تيرنر، مدير عمليات «الأونروا» في وقت سابق إن وتيرة إعادة الإعمار كانت بطيئة، معلنا عن مشاركته سكان قطاع غزة «حالة الإحباط»، لكنه أضاف أن هناك «تطورا جوهريا» ستشهده الأسابيع القليلة المقبلة في مجال الإعمار.
وبالعودة لتصريحات الوزير الحساينة فقد قال خلال الإشراف على بدء إعمار أول المنازل المدمرة «نعلن انطلاق مسيرة الإعمار الحقيقي لقطاع غزة». وأكد استمرار الحكومة في مواصلة عملها حتى إعادة إعمار جميع المنازل التي دمرها الاحتلال.
وأكد على أن الطواقم الهندسية والفنية والإدارية في وزارة الأشغال العامة والإسكان تعمل ليل نهار من أجل خدمة المتضررين وأصحاب المنازل المدمرة.
وفي نهاية كلمته قدم الشكر إلى المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الكويت ومصر والمملكة الأردنية الهاشمية وماليزيا والدول العربية والإسلامية كافة، لدعمها الشعب الفلسطيني ومشاريع الإعمار.
وخلال مؤتمر المانحين في القاهرة في تشرين الأول/ اكتوبر من عام 2014 تعهد المانحون بـ 5.4 مليار دولار، لكن لم يصل منها إلى غزة إلا القليل.
والمنزل الأول الذي شرع بإعادة بنائه الذي يعود لعائلة حرارة ويشهد عملية الإعمار، يأتي بتمويل من دولة قطر التي تقدمت بمنحة لإعادة بناء 1000 وحدة سكنية مدمرة تدميراً كلياً.
وكانت دولة قطر عبر اللجنة الخاصة لإعادة الإعمار، أعلنت في وقت سابق عن بدئها عملية إعمار العديد من المنازل المدمرة في غزة. وتشرف على مشاريع سابقة شارفت على الانتهاء في غزة، وتشمل شق طرق رئيسة وتعبيد طرق أخرى، وبناء مدينة سكنية.
وطلبت وزارة الأشغال في وقت سابق من أصحاب المنازل المدمرة كليا، تسليم خرائط البناء والتراخيص اللازمة، من أجل البدء في إعمارها.
وأرسلت كشوفات بأسماء الأسر المدمرة منازلها لإسرائيل عبر الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، لأخذ موافقة سلطات الاحتلال على كميات الأسمنت اللازمة لبناء هذه المنازل، حسب ترتيبات الإعمار.
وخلال الأيام الماضية ردت سلطات الاحتلال على العديد من الأسماء بالموافقة، ضمن الـ 1000 وحدة سكنية التي تبرعت بإعادة إعمارها دولة قطر.
وخطة الأعمار القائمة تشمل تسليم أصحاب المنازل دفعات مالية ليتمكنوا من شراء مواد البناء على دفعات، حتى إنجاز بناء المنزل المدمر بشكل كامل.
وهذا الأمر ينطبق على المنازل التي ستوكل مهمة إعمارها لكل من «الأونروا» ووكالة التنمية التابعة للأمم المتحدة، إذ سبق وأن قال الوزير الحساينة إن الأيام القادمة ستشهد انطلاق عملية إعادة إعمار المنازل المدمرة كلياً، وإنه جرى التوصل لاتفاق حول آلية إدخال مواد البناء بالتنسيق بين الوزارة، ووزارة الشؤون المدنية، والمؤسسات الدولية.
ومؤخرا تحدث العديد من الجهات ومنها إسرائيل عن قرب زيادة عدد الشاحنات التي تقل مواد بناء عبر المعبر التجاري الإسرائيلي، وذلك مع حلول الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية الأخيرة التي دامت 51 يوما، أدت إلى استشهاد نحو 2200 فلسطيني، وإصابة 11 ألفا آخرين، علاوة عن حجم التدمير الكبير الذي أصاب كل مناحي الحياة، وأدى إلى تكبد الاقتصاد خسائر مالية فادحة.
جاء ذلك بعد أن كانت حركة حماس أنذرت بانفجار وشيك في قطاع غزة بسبب تأخر الإعمار، وهو الأمر الذي حذر منه أيضا مسؤولون دوليون كثر.
ولم يبدد الإعلان عن بدء إعمار المنازل المدمرة كليا، ولا حتى وضع أول أساسات خرسانية مخاوف باقي السكان المشردين، فالغالبية تخشى أن يطول انتظار دورهم في الإعمار، خاصة أن أيا من الدول المتبرعة في مؤتمر القاهرة سوى قطر، لم تعلن عن بداية ضخ أموال الإعمار.
وفي ذكرى الحرب التي صادفت يوم السابع من تموز/ يوليو الجاري، ذكرت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، أن إسرائيل تستخدم «سياسة التنقيط» في إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، ورأت أنها تعد «تكريسا للحصار وإعاقة الإعمار».
وهذا الأمر دفع منظمة «أوكسفام» البريطامية التي نشطت في تقديم خدمات إغاثية لمتضرري الحرب، للإعلان بان البطء في عملية إعادة الأعمار، ستجعل العديد من الشباب اليوم في قطاع غزة آباء مسنين قبل الانتهاء منها، خاصة وأن تقديرات هذه المؤسسة الدولية تشير إلى إن عملية إعادة بناء المنازل التي يحتاجها قطاع غزة قد تستغرق 70 عاما، إذا سارت عملية إدخال مواد البناء على هذا النحو.
يذكر أن نحو نصف مليون من سكان غزة شردوا خلال الحرب.
ولجأ هؤلاء إلى «مراكز إيواء» تابعة للأمم المتحدة أخلي آخرها قبل أسابيع فقط. ويعيش سكان المنازل المدمرة كليا في هذه الأوقات في منازل مستأجرة، وسبق أن أقام كثير منهم في خيام نصبت على أنقاض الدمار.
أشرف الهور