يوجد تشابه مدهش بين معضلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في 2013، و التحدي الذي واجه رئيس مصر أنور السادات في 1973. يريد نتنياهو ان يمنع ايران من الحصول على السلاح الذري، وطمح السادات الى اعادة سيناء الى مصر. وفي الحالتين سعى الزعيمان الى انجاز استراتيجي برغم ضعف قوتهما الذي منع مقدما امكانية ‘الانتصار’. وكان الحل الذي وجداه متشابها وهو الخروج لحرب أهدافها محدودة لتحريك اجراءات دبلوماسية ترعاها القوى الكبرى. إن نتنياهو مثل السادات، الذي كرر التحذير من أنه سيخرج للحرب ووصفه أعداؤه أنه مُهرج، يتم تحدي نتنياهو بعبارات استخفاف بصدقه وشجاعته في صيغة ‘هددت ولم تنفذ’. قال رئيس ‘أمان’ في الماضي عاموس يادلين في الاسبوع الماضي إن ايران اجتازت ‘الخط الاحمر’ في تخصيب اليورانيوم، الذي وضعه نتنياهو في خطبته في الجمعية العمومية للامم المتحدة في ايلول، أو ستجتازه هذا الصيف. وقال يادلين ايضا إن اسرائيل تستطيع ان تهاجم ايران وحدها وان تواجه النتائج. إن اللواء الاحتياطي الذي كان ممن قصفوا المفاعل الذري العراقي في 1981 يقول في واقع الامر: ‘يا بيبي، أنت خرقة’. إن نتنياهو خلافا لمزاعم منتقديه ليس متحمسا للهجوم على ايران كي يدخل التاريخ بطلا فقط، لأنه على يقين من أن قنبلة ذرية ايرانية ستغير العالم وتهدد وجود اسرائيل، وأنه تقع عليه مسؤولية إبطال ‘المحرقة الثانية’ التي يُدبرها الايرانيون للشعب اليهودي. وهو يعرف ايضا التعليلات الثقيلة الوزن التي تعارض العملية: فالمنشآت الايرانية بعيدة ومحصنة، والادارة الامريكية تعارض هجوما اسرائيليا، وقادة جهاز الامن مترددون، والجبهة الداخلية الاسرائيلية ستُضرب بالصواريخ. لكن ذلك لا يُضعف يديه ويتابع نتنياهو تحذيراته المعلنة ويُحرق جسور فراره. إن خطواته تشبه خطوات السادات قبل حرب يوم الغفران، فهي انتظار صبور لاجراءات فارغة سياسية من الولايات المتحدة مفترضا أنها ستفشل؛ وتجنيد تأييد دولي وتوجه الى الامم المتحدة عن موافقة على ان الوضع الراهن (سيطرة اسرائيل على سيناء، واقتراب ايران من القدرة الذرية) غير مقبول. وفي الحالتين عارضت القوة العظمى حربا تُدبرها الدولة التي ترعاها، لكنها برغم تحفظها زودتها بسلاح متقدم ضروري من اجل العملية (صواريخ سكاد سوفييتية لمصر وطائرات تزويد بالوقود امريكية للجيش الاسرائيلي). استغل السادات لمصلحته ‘سلاح النفط’ لردع حكومات الغرب عن دعم اسرائيل ولاستخلاص تنازلات من الولايات المتحدة. ويستعمل نتنياهو على ايران الآن سلاح الطاقة لكن بصورة معكوسة: إن اسعار النفط منخفضة وامريكا تتحرر من تعلقها بالوقود من الشرق الاوسط. وفي هذه الحال تخسر ايران سلاح يوم القيامة عندها وهو جعل الاقتصادات المتقدمة في شلل. إنطبع في أذهان محللين امريكيين زارونا هنا في الاسبوع الماضي ان الظروف الاستراتيجية مريحة لا مثيل لها لهجوم اسرائيلي في وقت تغرق فيه ايران في الحرب الأهلية السورية ويناضل حزب الله عن مكانه في لبنان. على هذا النحو بالضبط استعد السادات لحرب يوم الغفران حينما كانت اسرائيل مشغولة حتى أعلى رأسها بالارهاب الفلسطيني. بل إن وضع العدو الداخلي متشابه: فايران تستعد لانتخابات الرئاسة كما كانت اسرائيل تستعد في 1973 لانتخابات الكنيست. ما زال من غير الممكن ان نعلم ولا يعلم حتى نتنياهو نفسه هل تكون له في لحظة الحسم شجاعة الأمر بالهجوم على ايران، وكان السادات ايضا ثرثارا ومترددا فقط الى ظهر يوم الغفران المصيري. من الواضح فقط ان الزعماء يفضون بدولهم وجيوشهم الى نقطة لا يكون فيها مفر من العمل واسرائيل أخذت تقترب الى هناك. ستتذكر اسرائيل في الاشهر التالية مرور اربعين سنة منذ كانت حرب يوم الغفران وتشغل نفسها بالندم الثابت على خطايا اضاعة الفرصة السياسية والتقصير الاستخباراتي والفشل في معارك الصد في سيناء. من المستحسن تخصيص وقت لتحليل اجراءات السادات وفهمها.