مقبرة عربية جماعية اسمها ‘البطالة’!

حجم الخط
0

تستعد الاوطان العربية على غير دول العالم اقترابها من العد العكسي للاحتفاليات باليوم العالمي للعمال او ما يطلق عليه في السابق باسم ‘العطلة الدولية للعمال’ في كل عام من الفاتح ايار (مايو) في جميع انحاء العالم بهذا اليوم الذي تتزامن وتتزايد في ظله مشاكل واضطرابات عمالية يشهدها العالم، خصوصا بالذكر الدويلات العربية. على سبيل الدمار الاخير لتسونامي الربيع العربي الذي الحقها خسائر مادية وبشرية ساهمت بذلك في هدم بنيان عالم ‘الشغل والتشغيل’ في هذه الاوطان او بما يسمى بالاخص مسألة التوظيف التي يقابلها في جانبها الاخر مرادفات شبح البطالة التي ارهقت كتف شبابنا الطموح في النيل من فرصة تمكنه من الحصول على عمل يمجد مكانته الاجتماعية، لكن في الاخير كانت للبطالة كلمتها في مسبباتها التالية:
1 – قلة المؤسسات والاليات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية العربية التي تستقطب اليد العاملة وتوفير فرص شغل، كما ان المؤسسات الاجنبية الحالية بحجمها وقوة رأس مالها لم تستطع امتصاص هذه البطالة المبجلة في غياب الرقابة الحكومية لهذه المؤسسات او حتى فرض عليها الزامية توظيف نسبة كبيرة اليد العاملة العربية بدلا من عمال اجانب كونها تستثمر في بلادننا على عكس مما لاحظناه عند بعض الشركات فنجد اغلب عمالها اجانب دون ان يكون لليد العاملة العربية حصة من ذلك، اضافة الى هذا يمكن القول ان المتسبب في هذا هو تكنوقراطية سوء التخطيط في طريقة التشغيل التي انطفأت بها حماسة اليد العاملة العربية موخرا في ادائها لعملها، بحيث تكاد تصبح غير مطلوبة تماما لدى الشركات المتعددة الجنسيات وفي جميع انحاء العالم على عكس ما نراه في جنوب شرق اسيا مثل الصين واليابان، التي اكتسحت وبشكل ملفت يدها العاملة المعروفة بنشاطها في العالم.
2 – الرشوة والوساطة الاجتماعية او ما يعرف عند العامة بـ’المعريفة’ التي تنتهجها بعض السياسات الادارية في طريقة توظيف الشباب البطال انطلاقا من مسابقات التوظيف التي في الغالب تكون نتائجها محل شكوك الكثرين بعد غياب شفافية الامتحانات التي اجريت فيها.
3 – الربا والذي يساعد على انتشار البطالة والتكاسل في العمل لانها تحصل الفائدة بدون جهد، كما تؤدي الى الطبقية الاجتماعية التي يصبح فيها امر التشغيل واقعا فقط على الطبقة المسيطرة على رأس المال الذي ستستعمله كما قلنا في السبب الثاني من اسباب البطالة وهو الرشوة من اجل الحصول على وظيفة شاغرة، في حين ان حظوظ الطبقة الفقيرة في الحصول على مناصب تبقى ضئيلة.
4 – مرض العظماء وحب البقاء وهستريا الاحتفاظ التي تصيب بعضهم في تلك المناصب ما يجعلهم يسيطرون عليها وكأنها من ملكياتهم الشخصية، بالرغم من دنو ووصول سن تقاعدهم فيها الى زمن طويل لا ندري ما الذي ينتظره منه، دون ان يتنحوا عن مناصبهم لتسليم المشعل الى من هم اجدر منهم من الفئات الشبابية النشيطة، خاصة والتي ربما من شأنها ان تقدم اكثر مما قدمه هؤلاء من اقتراحات وافكار جديدة تخرجنا من مستنقع هذه المشاكل التي ما زلنا نتخبط فيها دون ان يجد لها هؤلاء السابقون والباقون فيها لحدا، ورغم انف الجميع من حلها وان كانت هذه الاسباب المستفحلة للبطالة اصبحت مألوفة وبشكل عادي عندنا اليوم وعلى اختلافها من دولة عربية الى اخرى فان هذا كله ينصب في تأخير وايقاف عجلة ورزنامة النهوض بالتنمية الاقتصادية المستدامة الى مستويات ارقى مما هي عليها لان بكثير، فمهما اذن تعددت الاسباب فان النتيجة واحدة موحدة في شبح البطالة المستمر في جفاف حلق الكثير من شبابنا العربي اليوم، بعد ان اكل دهره واذاقه معيشة ضنكا في كل المدن وامل انتظار في الحصول على وظيفة تحفظ تواجده وتواجد عياله، فمنهم اليوم من انتحر ومنهم من انهزم نفسيا واضطرب بداخله ومنهم من بقي يكمل مشواره من دون يئس او قنوط من اجل اقتلاعها من هؤلاء الذين يتزعمونها، فكل هاته الولايات التي تلاحق شبابنا متمثلة في انعدام العدالة الاجتماعية واعطاء كل ذي حق حقه لان العدل هو اساس التقدم وقوة الامم فالقاعدة تقول ‘ان الله ينصر الدول العادلة وان كانت كافرة ويهزم الدول الضالمة وان كانت مؤمنة’.

حداد بلال
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية