مشكلة منى برنس هي مشكلة مصر

حجم الخط
3

ماهي مشكلة منى برنس؟ وماهي مشكلة مصر؟
مازالت الثورة المصرية تخطو خطواتها المترددة، خطوة نحو الأمام ثم أخرى نحو الخلف، تقدم خطوة وتسترجع أخرى، وهذا أمر طبيعي في بلد كبير ربما أغلب شرائحه لا تستخدم العقل المستنير بل تستخدم العقل النمطي الذي تحول إلى فكر مستريح، تختزنه النفس والذاكرة ويتم استرجاعه لتقييم فكرة تأتي من هنا أو تأتي من هناك.
هذا الفكر (المنمط- المسبق) الذي هو فكر كسول سكوني لا يتغير، هو من أخطر الأفكار على المجتمعات وعلى الأسرة وعلى الإنسان. سيولد الإنقسامات ويثور النعرات ويحط من قيمة الإنسان إلى مرتبة أدنى، مرتبة شبه الوعي، إلى مرتبة نحاول جاهدين التخلص منها إن عن طريق الثقافة أو عن طريق التفكر وتقليب الأمور بالتخلص من الأنا والذات التي تسحق الطبيعة الحرة التي خلقها الله في نفوسنا.
ما يحصل في مصر هو حرب ساخنة بين العقل المستنير وبين العقل المستدعى، العقل النمطي، وأفضل شاهد على هذه الحرب هي قضية استاذة الجامعة، الأديبة منى برنس التي اتهمتها مجموعة من طلبتها بالاستهزاء من الإسلام وازدرائه.
في موقع منى برنس على الفيس بوك هناك ملصق للقاء تلفزيوني معها، ومداخلات منها مع رئيس جامعة السويس د.ماهر مصباح ومع الطالبة غادة عبد الحي مواليد 1992 التي أثارت هذه القضية وطالبت بتنظيم وقفة احتجاجية لفصل الاستاذة من عملها وما سينتج عن هذه الوقفة ربما، في اسوأ الحالات، إهدار دمها.
من يتتبع ماجاء في المقابلة سيجد أن مصر في موقع لا تحسد عليه، إسلاميا وثقافيا وفكريا، إسلاميا يتضح ذلك من قول الطالبة غادة عبد الحي كلاما خرج عن حدود اللباقة والفكر والأدب الذي علمه لنا الإسلام، تقول كما يلي ‘مسلمة وأفتخر، كلمة بسيطة حاقولها، ديني تاج راسي، وتاج راس أي إنسان حتى لو كانت ديانتو غير الإسلام، الإسلام خط أحمر، خط أحمر، خط أحمر’ من هذه الخلفية وبهذه العقلية تأتي الطالبة الشابة لتقاضي د.برنس، عقلية تعيد فيها الإسلام إلى ظلمات لم يمر بها قط، كلام يذكرنا بما يقوله الغرب عن الإسلام من أنه دين إرهاب وقتل وليس دين تسامح.
نستمع أيضا إلى مداخلة رئيس جامعة السويس د. ماهر مصباح الذي يشرح فيها القضية شرحا يقول فيه: إن الطالبات بعد المحاضرة مروا بي مع عميد الكلية، وطلبت منهم إن هذه استاذتهم ويجب أن يحترموها حتى لو كان ‘اخطأت’ الحقيقة هم كانوا كاتبين الكلام وماضي عليه 41 طالبه من الطالبات اللي حضروا المحاضرة وتقريبا يؤكدوا كل الكلام اللي قالتو الطالبة غادة من تجاوزات للدكتورة منى ورغم ذلك قلت لهم دي استاذتكم، هناك قنوات شرعية للتحقيق معها ومحاسبتها ولكن لابد نحن أن نتعامل بمنتهى الأدب مع اساتذتنا حتى لو أخطأوا..’ هذا هو الجزء الأهم من رد رئيس الجامعة د.ماهر مصباح. ونجد من تناوله القضية بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب وتكراره لكلمة ‘احترام اساتذتكم حتى لو أخطأوا’ إنما يدل على وهن فكري وتعثر في تناول قضية مهمة وحساسة. كأن الطالبات اللواتي قدمن إليه مع العميد أهانوا استاذتهم ولم يحترموها بما قاموا به، لذا توجب عليه أن يكرر ويؤكد على ضرورة الإحترام، وكما نلمس من كلامه أنهم مروا عليه بعد المحاضرة وبقليل من التفكير سنجد أن جمعهم لتواقيع المناهضة لبرنس وقدومهم إلى رئيس الجامعة لم يتم بالتأكيد إلا بعد مضي وقت رتبوا فيه وصمموا على هذا الإجراء وليس بعيد المحاضرة مباشرة كما يوحي كلامه.
أما كلام منى برنس الذي أثار حفيظتهم فكان برأيي كلاما مشروعا مستنيرا لها الحق كل الحق في نشره ومناقشته مع الطلبة. الموضوع الذي سيهز الجامعة ويقلق الرأي العام وينتهي ربما بخروج استاذة من الجامعة أو ربما أيضا إلى إهدار دمها هو موضوع لا يقف عنده من يملك قدرا ضئيلا من العقل والتفكر، لم تقل ولم تشر إلا إلى حوادث الاغتصاب التي حدثت وتحدث في مصر ولم تتكلم هي عن ذلك بل قرأت وسألتهم أن يقرأوا ما تقوله الصحف العالمية الكبرى التي يقرأها ملايين الناس ولم تطرح سوى قضية الفتنة الطائفية التي حلولها هي في احترام الأديان واحترام الرأي الآخر.
في مداخلة الطالبة غادة قالت مشيرة إلى أن مواضيع السياسة والدين والجنس ‘التحرش الجنسي’ موضوعات ممنوعة لا نطرحها عشان ما يحصل خلاف بين حد، وماتحصل مشكلة ولهذا يجب عدم التكلم بها. وكانت تؤكد على القضايا المسموحة والقضايا الممنوعة في المحاضرات وتطلب من الاستاذة التقيد بها وأن تطرح عليهم ما تفكر به ويفكر به الطلبة وألا يتم تجاوز الخطوط الحمر. هل استمرار السكوت عن شيء ما وعدم ذكره تجنبا للمشاكل وتجنبا لخدش الحياء هما الطريقة الصحية لحل المشاكل وهل ما تقوله الطالبة هو الطريقة السليمة لتنمية القدرات العقلية؟ وهل هي المسؤولة عما يجب طرحه وعن كيفية طرحه في المحاضرات والدروس الجامعية؟
أرى أن العربة قد وضعت أمام الحصان، وجاء التأكيد على ذلك من قبل رئيس الجامعة الذي لن يتدخل إلا ليحيل الاستاذة الى الجهات الشرعية ويطلب من الطالبات احترام اساتذتهم. وبذلك تنقلب آية التعليم وتصبح في الزقاق وليست في الجامعة، من يقول ويرشد هو الطلبة ومن يستمع وينفذ هو الاستاذ.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    ما هو الخطأ في موقف المحاضرة – هي اشارت الى الصورة القاتمة التي يرى بها العالم التحرش النوجود في مصر اذا فهمت جيدا وهذا عين الصواب.نعم يجب التكلم في ذلك حتى بأخذ المصريون زمام المبادرة ويمحون هذا العار. انا تكلمت في حصتي حول هذا الموضوع حيث قامت طالبة بتهديدي اما ان اتوقف او انها تخرج من الحصة فخيرتها فخرجت . يجب عدم الاستسلام للهبل والجنون.

  2. يقول هاجر المصرية:

    انتم عرضتم كلام الطالبة غادة وعميد الجامعة ولم تعرضو كلام هذه الاستاذة الجامعية وما الذي جعل 41 طالبة وجعل غادة ان تهاجم وتدافع عن دينها بهذه الطريقة, اعتقد أن هناك ما يدعى لكل هذا فمنذ اقل من عام أهان استاذ في جامعة الأزهر كلية الهندسة الدين الإسلامي وخرج الطلاب لإقالته, أرجوا أن تنصفوا كل الاطراف وتعرضو كل الحقائق

  3. يقول Khalid:

    في الماضي أرهبوا المثقفين بقانون الحسبة الذي طال قممًا شامخة مثل نصر حامد أبو زيد وحملهم إلى المحاكم، واليوم أصبح هذا القانون في متناول أي شخص أصابه خلل نفسي أو اعاقة ذهنية ليتهم كل من ناقش قضايا الوطن كي يكمموا الأفواه. كيف يُسمح لطلاب أن ينالوا من أستاذة؟!! لعمري ما رأيت هذا في أي جامعة في بلد متحضر حيث درست ودرّست سنوات طوال.
    ذات مرة كنت في البرتغال في مؤتمر وأثير اسم منى برنس كمثقفة مصرية واعية. لم أكن أعرف عنها أي شيء، وعند العودة عرفت ما نالها من ظلم في جامعتها، والآن تتكرر المأساة على يد طالبة تدعي أنها تحمل سيف التخلف دفاعًا عن ديننا الأكثر سماحة وانفتاحًا من أصحاب هذه العقول المزدوجة التي تعيش في الكهوف.
    على أهل مصر أن يفيقوا قبل أن يفوتهم القطار ويسقطون إلى الأبد في كهف التخلف ليصبحوا هنود القرن الحادي والعشرين الحمر الجدد. مصر تستحق مناخًا أفضل من هذا الملوث الذي يتلاعب به المتمسحون في الدين.

إشترك في قائمتنا البريدية