المنصت إلى أحدث تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بصدد التصعيد الأخير في حجم ونوعية وجود روسيا العسكري في سوريا عموماً، وفي منطقة الساحل السوري خصوصاً؛ لن تفوته ملاحظة حسّ المقايضة الذي نهضت عليه تبريرات ذلك الوجود: إذا انضمت أستراليا، ثمّ بريطانيا، إلى دول التحالف التي تقصف «داعش» من الأجواء السورية، فلماذا تُلام موسكو إذا تواجدت على الأرض السورية، أقوى من ذي قبل، بهدف… محاربة الإرهاب؟ روسيا تقدّم أسلحة إلى العراق، أيضاً، فلماذا يُثار الضجيج حول سوريا وحدها؟ روسيا، على الأقلّ، ترسل «خبراء» عسكريين إلى سوريا لتدريب الجيش السوري ـ القوّة الأهمّ في مواجهة الإرهاب، حسب لافروف ـ على المعدّات العسكرية الجديدة؛ فماذا، في المقابل، تفعل أمريكا ودول أوروبا، وهم «شركاء» موسكو في الحرب ذاتها، ضدّ الإرهاب دائماً؟
قد تكون هذه حصيلة منصت مستجدّ، يقرأ تصريحات لافروف في المستوى الظاهر من مدلولاتها، حيث تكون المراوغة الدبلوماسية بمثابة الدليل اللغوي الوحيد لاستنباط المعنى؛ فيبدو التصريح متماسكاً، والمنطق خلفه سليماً. وأمّا إذا كان المنصت متدرّباً، في الحدود الدنيا، على حذلقات لافروف إجمالاً، وعلى فذلكاته بصدد الملفّ السوري تحديداً؛ فإنّ الحصيلة الوحيدة الجديرة بالاستنباط هي التالية: نحن نذكّر العالم ـ ويُفضّل أن يبدأ ذلك العالم من أوكرانيا، قبل أن يمرّ بسلسلة هموم موسكو حول أسعار النفط وسوق السلاح والاقتصاد المتعثر… ـ بأنّ موسكو تنوي البقاء كلاعب أساسي في الملفّ السوري، ليس حتى ربع الساعة الذي سيسبق سقوط نظام آل الأسد، بل خلال أية سيرورة متفق عليها (مع موسكو، بالضرورة) لتفكيك بنية النظام ومؤسساته الأمنية والعسكرية، وأية مرحلة انتقال سياسية لاحقة (ومن هنا عجيج لافروف الدائم، حول «التطبيق الحرفي» لتفاهمات جنيف ـ 1).
وليس التركيز على منطقة الساحل، دون سواها، إلا إشارة واضحة على أنّ حصّة موسكو المقبلة في «الكعكة» السورية، حين تنضج بالطبع، تُصاغ اليوم، وليس غداً، ضمن صفتَين متكاملتين: أنها متواضعة من جهة أولى (لأنها لا تطلب إلا التواجد في القاعدة البحرية القديمة إياها، وفي مطار حميميم)؛ وأنها واقعية، من جهة ثانية (لأنها تقرّ، في نهاية المطاف، بحتمية سقوط النظام). وأغلب الظنّ، بهذا المعنى، أنّ الاستخبارات الروسية اقتنعت، ثمّ أقنعت الكرملين، بأنّ الأسد ينوي أن تكون منطقة الساحل، وربما طرطوس بادىء ذي بدء، بمثابة ميادين تُخاض عليها آخر معارك النظام، وأشدّها دموية وعنفاً وشراسة؛ الأمر الذي يستوجب وجود كتيبة روسية واحدة على الأقلّ، وحاملات جنود مدرعة، وبرج مراقبة جوية نقّال، ومنشآت إيواء مسبقة الصنع…
فإذا جازت هذه القراءة، واتضحت معطيات أخرى لاحقة تؤكد أرجحيتها، فإنّ المنطق المقترن بها سوف يشير إلى أنّ التصعيد الأخير في الوجود العسكري الروسي لا يستهدف حماية النظام من السقوط (ليس بقرابة 50 جندياً روسياً، وحاملتَيْ دبابات، وأربع طائرات شحن…!)؛ بقدر ما يخطط لإدارة المصالح العسكرية الروسية بعد السقوط، ليس في طول سوريا وعرضها بالطبع، إذْ أضحى ذلك بعيد المنال عملياً، بل في بقعة واحدة محددة، ومحدودة، هي شريط طرطوس البحري، ومطار حميميم. وثمة منطق عسكري محض يسوّغ التركيز على هذا الجزء من منطقة الساحل السوري، فالقاعدة الروسية قديمة أوّلاً، وظلّت قيد التشغيل على الدوام؛ وقدراتها المستقبلية في تخديم المصالح الروسية، العسكرية والتجارية، لا يُستهان بها، فضلاً عن كونها قابلة للتطوير؛ كما أنها، حين تخسر موسكو حليفها الراهن، ورقة تفاوض جدّية مع الأطراف كافة: سوريا المستقبل، مثل مختلف الرعاة العرب للمعارضات السورية؛ وإيران، مثل تركيا؛ والولايات المتحدة، مثل إسرائيل…
هي، من جانب آخر، ورقة ثمينة لتعزيز حصة موسكو في رعاية التسوية الكبرى القادمة، أسوة بالتسويات الصغرى التي ستسبق أو ستلحق؛ على نحو لن ينحصر في الأدوار التي لعبتها روسيا حتى اليوم، سواء في مؤتمرَي جنيف، أو التفاوض الثنائي مع واشنطن، أو جلسات تحضير الأرواح التي عقدتها موسكو لأطراف المعارضة السورية، «الداخلية» منها أو «الخارجية». وفي ضوء خلاصة كهذه، فإنّ موسكو تعتمد اليوم ما يشبه «الخطة ب»، القائمة على إدارة اندحار النظام وليس انتشاله من الهاوية، لأنها بين أفضل مَنْ يجيدون قراءة هزائم القوات الموالية للأسد؛ ليس تلك الدراماتيكة، ذات القراءة اليسيرة (مثل سقوط معسكر القرميد، ومطار أبو الضهور مؤخراً)، فحسب؛ بل تلك المعقدة، التي يفقه عواقبها الخبراء الروس قبل سواهم (في الغوطة، وجوبر، ودرعا، وحلب…).
لكنّ نوايا موسكو الراهنة، وتصعيد الوجود العسكري ليس سوى ذروة استعراضية فيها، سبقتها استعراضات اجتماعات موسكو الكاريكاتورية مع عجائب أطراف المعارضة السورية؛ شيء مختلف، كلّ الاختلاف، في العمق الاستراتيجي قبل أية تكتيكات مؤقتة، عن ترجمة تلك النوايا على أرض الواقع. وفي هذا فإنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتنطع اليوم لوظيفة ذلك العطّار الذي خصّته الحكمة العتيقة بامتياز العجز عن إصلاح ما أفسد الدهر: لا هو بصدد خوض معارك عسكرية في الحصون التي يراها النظام خنادق قتال أخيرة، ولن يفلح جنوده ودباباته وناقلاته المدرعة في الحيلولة دون اشتعال النار في مآويهم مسبقة الصنع إياها. أفغانستان واحدة لم تكن كافية لكي تبلغ المؤسسة العسكرية والأمنية الروسية نقطة طموح قصوى في التدخل العسكري الخارجي؛ كما أنّ أوكرانيا، التي بدأت على هيئة اختبار للمغامرة الخارجية، انقلبت إلى سيف مسلط على رأس الكرملين، وأمثولة قياس محمّلة بالكثير من الدروس والعبر.
وقبل أشهر قليلة تباهى بوتين بأنّ بلاده أنفقت 20 مليار دولار لتنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية، وحقّ القول بأنّ انخراطه الشخصي في سوتشي لا سابق له في التاريخ إلا حماس أدولف هتلر للألعاب الصيفية في برلين 1936؛ حسب تعبير غاري كاسباروف، بطل الشطرنج العالمي الأسبق. لكنّ «الهدنة الأولمبية»، التي حلم بها في سوريا، استُبدلت بكابوس مريع ومباغت؛ ليس في دمشق وحلب وإدلب ودير الزور، بل في واحدة من أهمّ الباحات الخلفية للاتحاد الروسي، في «الميدان» الأوكراني دون سواه، وفي قلب العاصمة كييف، حين سقط العشرات في مواجهات دامية بين الشرطة والمعتصمين.
وحين يجزم بوتين بأنّ ملايين اللاجئين السوريين لا يهربون من نظام الأسد، بل من «داعش»؛ ثمّ ينوب عن الأسد في خداع العالم، فيعلن أنّ الأخير وافق على اقتسام السلطة؛ فإنه يتغافل تماماً عن جرائم النظام الوحشية في أربع رياح سوريا، واستخدام النيران الثقيلة كافة، المدفعية والصاروخية والجوية (الروسية، إياها!)، وصواريخ الـ»سكود» بعيدة المدى، والبراميل المتفجرة، والأسلحة الكيميائية… ضدّ شعب أعزل عملياً. وحين يطالب باحترام القانون الدولي، وعدم شنّ الحروب على الآخرين إلا دفاعاً عن النفس أو بتخويل من مجلس الأمن الدولي؛ فإنّ بوتين يتناسى تماماً الدور العسكري الروسي المباشر في حرب القوقاز وغزو جورجيا، صيف 2008 حين كان رئيساً للوزراء، بذريعة حماية المواطنين الروس، والتدخّل بالنيابة عنهم في أوستيا وأبخازيا.
هذه محض أمثلة على سلسلة مآزق لا يختزلها أيّ حسّ للمقايضة مع الولايات المتحدة أو الغرب، خاصة بصدد رهان اسمه بشار الأسد، لم يعد خاسراً وخائراً وآيلاً إلى سقوط فقط؛ بل تناهبته المطامع الخارجية، وتناهشته الذئاب ذاتها التي لجأ إليها لحمايته، فلم يبق لموسكو إلا الفتات من الكعكة.
.. وعطّار، هيهات له أن يصلح ما أفسد الدهر!
٭ كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
صبحي حديدي
بسم الله الرحمن الرحيم – أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) القمر
ستنتصر الثورة السورية المباركة رغما عن الجميع باذن الله
ولا حول ولا قوة الا بالله
ليست متماسكه, هشه أكثر مما تتصور
عجيب غريب اعلامنا العربي عندما ينتقدون بوتين يستندون الى يهود صهاينة معارضين لبوتين – لاعب الشطرنج غاري كاسباروف يهودي صهيوني اذربيجاني كان له تأثير في الحياة السياسية في عهد يلتسين – في فترة و لايته الاولى استئصلهم بوتين من الحياة السياسية – هؤلاء اليهود لا شعبية لهم في روسيا – و عندما كان بوتين يلاحقهم كان الاعلام العربي ينتقد بوتين – كاسباروف و نمتسوف و بيريزوفسكي و خاداركوفسكي و غوسينسكي هؤلاء جميعهم يهود صهاينة هؤلاء هم من كان يحكمون روسيا في عهد يلتسين و أوصلوا روسيا للحضيض و نهبوها – على سبيل المثال حاداركوفسكي سرق 8 مليار من اموال النفط – فقبض عليه بوتين 10 سنوات في السجن – و اعلامنا العربي يتعاطف مع خاداركوفسكي و ينتقد ديكتاتورية بوتين – و بعد مقتل نمتسوف قرب الكرملين تعاطف الاعلام العربي معه – و هو اليهودي الذي سخر من اهل غزة في الحرب الاخيرة وطالب بوتين بان يحذو حذو اسرائيل و يدمر القوقاز المسلم في روسيا – و تعاطف معه الاعلام العربي و بكى و هاجم( ديكتاتورية ) بوتين- هؤلاء الصهاينة يسمون انفسهم معارضين لا شعبية لهم في روسيا – يذهبون الى محطات المترو بالعشرات و يحملون اليافظات المعارضة و ينتظرون لحظة خروج الناس من محطات المترو الى اعمالهم و بيوتهم يرفعون اليافطات و يصورهم الاعلام الغربي هم و الناس على انها مظاهرات معارضة – في روسيا يوجد معارضة قوية لها 47% من نواب الدوما لا تمت للصهاينة بصلة و ابرزهم الحزب الشيوعي و الحزب اللبيرالي و حزب روسيا العادلة – اما المواليين للاسرائيل و امريكا لم يستطيعوا ان يحوزوا على نائب واحد في الدوما –
عزيزي ابن بطوطة،
أرجوك أن تكف عن الخلط الاعتسافي بين اليهود بوصفهم بشرًا وبين اليهود الصهاينة بوصفهم أفرادًا مشبَعين بإيديولوجيا فاشية. فهو خلطٌ لا يختلف، من حيث المبدأ، عن الخلط بين العرب بوصفهم بشرًا وبين العرب القومجية بوصفهم أفرادًا مشبَعين بالإيديولوجيا الفاشية ذاتها.
ألهذا السبب أنتَ لا تقدِّمُ اسمكَ المُستعارَ بوصفك «عربيًّا» قبل أن تكون «فلسطينيًّا»، يا هذا؟؟؟