الرباط ـ «القدس العربي»: يعدّ المسكيني الصغير من بين الكتاب المسرحيين المغاربة الذين أسسوا لتجربتهم المسرحية باجتهاد نظري. فقد ألف عدة نصوص من بينها: «رحلة السيد عيشور» و«حكاية بوجمعة الفروج» و«رحلة ابن دانيل» «باب أربعة» و»الجاحظ وتابعه الهيثم» و«الرحبة» و«الركب» وغيرها. وفي الوقت نفسه، انكبّ منذ عدة سنين على البحث ضمن تجربة أطلق عليها «المسرح الثالث»، وهو البحث الذي اقترن بالتجارب الأخرى التي أنجزها مسرحيون في الإطار نفسه، كعبدالقادر عبابو والحسين الشعبي وسعدالله عبد المجيد وبن يحيى العزاوي وحميد نجاح وآخرين.
يفسر المسكيني تجربته هذه بالقول: «المسرح الثالث في إطار تعامله مع ثالوث الزمان والمكان والتاريخ يحتكم إلى التجاذب بين هذه العناصر التي يستثمر من خلالها النص الأدبي لكي يصبح بالتالي عرضا مشاهدا. معنى هذا أن تعاملك مع التاريخ هو تعامل مع ذاكرة الحدث الدرامي الذي تنطلق منه فكرة النص، واستحضارك لفكرة النص يجب أن تتجادل مع واقع المكان بما فيه من متناقضات اقتصادية واجتماعية ونفسية وفكرية… أما بالنسبة للزمان، فهو زمان معياري للحدث المستحضر والمشخص في المكان الذي ينطلق من نقطة ما لا نهاية، أي لكي يلتقي بأكثر من مكان وطني وعربي وإنساني، وهذا التعامل ينتقل من تجادل الفكرة مع الفكرة الضد إلى الفكرة الجديدة، وهذا التعامل يتم على جميع المستويات: كتابة، تشخيصا، والإعداد المسرحي ككل.
على مستوى البحث النظري، ينشغل المسكيني بالبحث حول التراث والمسرح، في إطار تقنيات المتون العربية الموزعة بين الثقافة الشعبية والتراث الشعبي عامة والتراث المكتوب والمنقول عبر الكتب الأدبية والشعبية، لأن ذلك يُعتبر ـ باعتقاده ـ الأساس في تأسيس مسرح عربي متجذر وله أثره الوجداني في الذاكرة العربية.
وحيث إن جل الاتجاهات المسرحية المغربية تنعت بكونها مجرد تنظيرات على الورق فقط ولا تتحقق عمليا فوق الخشبة، سألنا المسكيني عما إذا كانت هذه الملاحظة تنطبق على «المسرح الثالث»، فأجاب: «بالنسبة للتجربة الدرامية للمسرح الثالث، هناك بعض التجارب التي حاولت، منها خلال بعض أدواتها، أن تؤسس ممارسة متميزة، نلاحظ هذا في أعمال عبد القادر عبابو وطرحه النظري المسمى «المسرح الجدلي»، وهناك تجربة سعدالله عبدالمجيد الذي يتعامل مع أدوات المسرح بشكل يجادل المسرح الثالث، من خلال تعامله الأدبي مع الفكرة والفكرة الضد والفكرة الجديدة، واختصار الفضاء المسرحي عبر التعامل مع فضاءات: النص، الركح، المكان، المتلقي».
ويضيف قوله: «أعتقد أنه في عرض مسرحية «رحلة السيد عيشور» أو مسرحية «الجاحظ وتابعه الهيثم» ما يثبت هذا التميز الفني المتعلق بدراما المسرح الثالث. إذ الملاحظ في الفرق بين عروض هذه التجربة وبين التجارب الأخرى، هو ظهور عملية الانتماء إلى الجدل بمفردات الواقع، حيث يتم تصعيد الصراع وإشراك المتلقي بمفردات هذا الجدل، بعيدا عن الإغراق اللغوي والانبهاري في الأشكال والاستلاب الذي يغرق المتلقي في التعاطف السلبي مع أي قضية معيشية. هذا هو الأساس في التعامل مع هذا الشكل إزاء الأشكال المسرحية الأخرى، التي تعتمد ـ في نظرنا ـ على الإبهار والإغراق في سلبيات الأشكال المسرحية الفرجوية، التي تغلّب الشكل ولعبة السينوغرافيا الحديثة، متأثرة بتقنيات مختلفة…».
وعن علاقة العرض المسرحي بمثل هذه التجارب ذات الأسس النظرية، يقول المسكيني: «أي تنظير تكون له طبيعة أكاديمية فأنت لا يمكن أن ترفع إليك متلقيا عاديا ويستهلك المادة المسرحية ومفردات اللعبة. المطلوب هو أن تكون روحه فنانة، وأن تكون جماليات التواصل المطروحة في مستوى فهمه. وعندما يكون العكس، فإن العرض يكون قد خرج بالفعل عن انتمائه إلى واقع المتلقي، وبالتالي خرج عن فضاء المتلقي المطروح في المسرح الثالث».
أما بخصوص عملية دعم الفرق المسرحية التي تنهجها وزارة الثقافة فيقول: «كل عمل مسرحي مدعوم لابد أن يؤسس موقعه سواء على مستوى الشكل، أو على مستوى المضمون، لأن الدعم يجعلك تجتاز بعض العراقيل المادية، وبالتالي يخلق لديك نوعا من الحماس للسيرورة بحثا عن أعمال أكثر ارتباطا بالبعد الجماهيري.
نحن، الآن، وصلنا إلى هذه المرحلة المهمة: مرحلة دعم التجربة المسرحية بجميع أشكالها لتساهم مساهمة فعالة، حتى لا تبقى بعض التجارب منزوية ومهمشة وغير قابلة للتوسع والانتشار. وبالرغم مما يمكن أن يقال عن هذا الدعم، وبالرغم من كل المطبّات، فنحن بحاجة أيضا إلى دعم إعلامي، بجانب هذا الدعم المادي.
والمفروض أن يتأكد هذا الجانب ـ في نظري ـ من خلال تعامل الوزارة المسؤولة الأخرى (الإعلام) ولاسيما جهاز التلفزيون، حتى يتمكن المسرح المغربي من تجاوز هذا المطب، لأن الجمهور المغربي يتأثر بنوع من المسرح، بحكم بعض الفرجات التي تستهتر بالمتلقي وتطرح مواضيع متجاوزة لا تخدم الذوق والموضوع والشكل، بقدر ما أن الغرض منها مادي بالأساس. إذن، فالدعم قفزة نوعية، وسيراكم مستقبلا تجارب مسرحية نستطيع من خلالها أن نستخلص مسرحا مغربيا صميميا قويا له مكانته بين التجارب المسرحية العربية والأجنبية…».
الطاهر الطويل
ربما 99% من المسرح المغربي ” فكاهي ” حرية الحركة محدودة, المواضيع معروفة ,ركيكة ومكررة, طابوهات وخطوط حمراء بلانهاية كل هذا خنق ما يسمى بالمسرح المغربي,ضف إليه الصراخ في أداء الأدوار, مسكين المسرح المغربي.