أنقره ـ «القدس العربي»: تبدو وجهة نظر تركيا الرسمية والخاصة بملف «تنظيم الدولة ـ داعش» قابلة للنقاش في كل الأحوال خصوصا مع تعاظم وترويج الإتهامات لتركيا برعاية وأحيانا تمويل «تنظيم الدولة» او التواطؤ معها دون ان تنتج العمليات العسكرية التي تشنها القوات التركية ضد تنظيمات «داعش» سواء في أطراف العراق او سوريا اي تصورات معاكسة.
قصة «التواطؤ التركي» مع «تنظيم الدولة» على كل لسان خصوصا في مصر والإمارات والإعلام السوري وفي الكثير من أوساط المعترضين على علاقات تركيا القوية بجماعة الأخوان المسلمين.
«القدس العربي» تحاورت مع مسؤولين اتراك في هذه النقطة تحديدا وفي أوقات متباعدة على أمل بلورة رد تركي رسمي يعلق على تلك الإتهامات التي يصفها دبلوماسي تركي بأنها «معلبة». يعرف الباحث الشاب أوتون أورهان من مركز دراسات الشرق الأوسط الذي يعتبر من مؤسسات العصف الذهني الأساسية المساندة للدولة التركية بأن الكثيرين في العالم العربي يميلون لتبني الرواية المغرضة التي تتحدث عن علاقة بين تركيا و»تنظيم الدولة»، ويعرف السفير التركي في العاصمة الأردنية عمان سيدات أونال بأن هذه النقطة تثار سجالا بين الحين والأخر رغم إفتقار مثل هذه الإتهامات للمصداقية والأدلة وبصورة تدفع تركيا الرسمية للترفع عن الخوض في التهويلات والسيناريوهات الفرضية.
عندما زار أورهان عمان للمشاركة في مؤتمر متعمق طرحت عليه في «الكواليس» وعلى الهامش نفس التساؤلات حول حقيقة موقف تركيا من ولادة ونفوذ وتوسع «دولة خلافة داعش» التي اثارت الكثير من الجدل في العالم.
أهم «تعليق تركي» على مثل هذه الإتهامات يستند إلى إنطلاق تركيا في تقييد مواقفها من مصالحها الأساسية والمباشرة قبل اي إعتبار آخر.
هنا تحديدا يبرز عنصران في سياق التحليل عندما يتعلق الأمر بملف العلاقة بين تركيا و»تنظيم الدولة».
الأول أن أنقرة وتحديدا وفي فترة حكم حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب آردوغان «مستهدفة» سياسيا من عدة أطراف وبالتالي يجوز القول بان تركيا «لا تريد التورط في حرب لا تخصها» وبدون غطاء دولي منهجي وإرادة سياسية دولية تدعم هذا الغطاء مما يعني تلقائيا بأن الذهن المؤسسي التركي يقرأ مسألة «تنظيم الدولة» على انها «ورطة مصطنعة» أصلا ولها غرض وظيفي وقد تشكل مستنقعا لا تريد المؤسسة التركية الغرق فيه بأي نحو.
سمعت «القدس العربي» هذا التقدير من كل الذين قابلتهم في أنقره، والعنصر الثاني رسوخ عقيدة داخل مؤسسة الأمن والسياسة التركية قوامها بأن «تنظيم الدولة» ورغم وجوده النشط في محيط الجوار التركي لا يشكل أكثر من «خطر أمني» ولم يرتق بعد لمستوى «الخطر الإستراتيجي» الذي يمثله الذراع العسكري لحزب العمال الكردستاني.
بالتالي يسأل المسئولون الأتراك من يشكك بروايتهم: عندما تواجه أي دولة نوعين من الخطر الاول «إستراتيجي» والثاني «أمني» فأين تركز؟.
على هذا الأساس يشرح أورهان: نقولها بوضوح «داعش» نحن في حالة صراع ومواجهة معها لكنها لا تشكل تهديدا إستراتيجيا لنا واولويتنا المطلقة المتوافق عليها وطنيا من كل الأطراف داخل تركيا هي مواجهة الخطر الإستراتيجي الذي يحيق بالشعب التركي وحضارته ومؤسساته ممثلا بإرهاب الـ»بي كا كا».
وهو خطر يعني أن تركيا ضد الإرهاب الذي يمارسه باسم الشعب الكردي حزب العمال الكردستاني إضافة لإن تركيا ليست ضد مواجهة «تنظيم الدولة» لكنها تريد ان يحصل ذلك في نطاق تحالف دولي منظم وواضح يتحمل مسئوليته الجميع تجنبا لأي «مزالق» إضافة لإن انقرة في الإتجاه المعاكس تماما لأي مشروع يمكن ان ينتهي بدعم دولة كردية تهدد إستقرار وحدة الأراضي التركية.
بالتالي عمليات «بي كا كا» أولا في ذهن المؤسسة التركية خصوصا وان «تنظيم الدولة» لم يظهر إلا في مرات نادرة جدا سعيه للمواجهة مع تركيا او لم يرتكب او يخطط لإرتكاب عمليات ضد تركيا أو في داخلها رغم وجود مئات الأتراك الجهاديين الذين يغريهم الخطاب «الداعشي».
وجهة نظر أنقرة العميقة كالتالي: لا يوجد حدود مباشرة مع اراضي «تنظيم الدولة» في العراق وتنظيم دولة الخلافة يقاتل حلفاء تركيا في سوريا سواء في الجيش الحر او في مجموعة «احرار الشام» فكيف تكون تركيا إلى جانب من يقاتل حلفائها وأصدقائها في سوريا؟
هنا عموما لا يخفي الأتراك الذين قابلتهم «القدس العربي» شعورهم بأن «تنظيم الدولة» كيان إجرامي إرهابي صنع ودعم ضمن اجندات قد يكون من بينها إبتزاز تركيا او توريطها، رغم ذلك لا تريد تركيا أو لم تكن تريد مقاتلة «تنظيم الدولة» إلا ضمن تفاهمات دولية ودون المساس بأولوية الإشتباك المتعلق بالخطر الإستراتيجي المتمثل في الإرهاب «الكردي» وليس الإرهاب «السني» لأن الأخير وفي القياسات الأمنية والسياسية التركية لا زال مشكلة أمنية فقط.
بسام البدارين
تنظيم الدولة الاسلامية داعش بحسب الاتراك يحارب حلفاء تركيا يعني الأكراد في سوريا الذين يحاربون داعش هم حلفاء الأتراك ؟ طبعا لا. لكن حرب داعش مع الاكراد هي حرب تركيا مع الاكراد وبما أن الاكراد سحقوا داعش فهذا يعني أن الاتراك سقطوا وانهزهموا شر هزيمة في الحرب مع أكراد سوريا.