ربما جاءت المباريات الدولية انقاذاً لعدد من رموز اللعبة حول العالم، بل فترة ملحة لاراحة الاعصاب لعدد كبير من متابعي كرة القدم، لتخف حدة التوتر بعد العديد من الأحداث المتسارعة في الأيام الاخيرة، التي ألهبت الشارع الرياضي.
أهم هذه الأحداث على الاطلاق، كانت التي هزت عرش الكرة العالمية، بايقاف رئيس الفيفا جوزيف بلاتر، الذي وقع في الفخ أخيراً، رغم ان المتابع عن كثب لتطور الأحداث في العامين الاخيرين كان يدرك ان ايقاف الثعلب السويسري كانت مسألة وقت، لأنه لا يعقل انه كلما أدين مسؤول في الفيفا، واتهم بالفساد، يقفز بلاتر الى صف المندهشين، ويتصرف مثلنا تماماً، وكأن الفساد ينضح في اناء جاره، او هيئة أخرى غير الاتحاد الدولي لكرة القدم. لكن بمرور الوقت كان كثيرون متأكدين من تورط الثعلب السويسري، لكنهم بحاجة الى دليل الادانة، وطبعاً كونه ثعلبياً، والمقصود انه ماكر في التعامل، كان من الصعب ربطه مباشرة بأي شبهة او فساد، أو الذي بات يتضح أكثر أنه أنشأ «عائلة الفيفا»، مثلما كان دائماً يردد، مثل الفيلم الكلاسيكي «الأب الروحي»، الذي تعني العائلة، هي عصابة المافيا، لكن عائلة بلاتر تخلو من الدم والأسلحة والمخدرات، لكنها مليئة بغسيل الاموال والمنافع المادية. وكنت دائماً أسأل نفسي، لماذا يعين رجلاً داخل عائلة الفيفا اذا كان ماضيه أسود؟ طبعاً يجب ان يكون نزيهاً والا لرفض تعيينه، لكن لماذا كثير منهم يخرجون بعد سنوات قليلة بفضائح، الا اذا كانت بيئة الفيفا نفسها فاسدة، وتقوم على المصالح الشخصية واستغلال المناصب، وهي أمور بكل تأكيد يعلمها بلاتر، بل يباركها، كونها تحميه، أو تحمي كرسيه، لان الجميع، وهنا أقصد جميع الفاسدين والمستفيدين، سيتمنون بقاءه، لأنه مصدر ثروات هائلة لهم. وطبعاً لا يظهر فساد أي منهم الا اذا حاول تحدي سلطة بلاتر، أو كسر له أمراً، والامثلة كثيرة، وأبرزها القطري محمد بن همام. وهذا نموذج يذكرني بنموذج الهرم الشهير، او المعروف باسم «بونزي سكيم»، بحيث يفيد مستو الاعلى منه وصولاً الى قمة الهرم من دون معرفة ماذا يجري فوقه.
المهم من مصيبة بلاتر، أن وجهاً آخر تورط معه، وكان من المفترض ان يخلفه على كرسي زعامة الفيفا، الفرنسي ميشيل بلاتيني، الذي بكل سذاجة اعتبر ان مبلغ مليوني فرنك سويسري الذي تقاضاه من بلاتر في 2011، يعود الى خدمات استشارية قام بها بين عامي 1999 و2002، لكن حين سئل عن انتظاره 9 سنوات لقبض المكفأة، أجاب بان الفيفا كان يعاني من تقشف في ذلك الوقت، وهذا جواب لا يمت برجل يتمتع بقدر من ذكائه، لانه بالرجوع الى الكشوفات المالية للفيفا في 2002، فان الفيفا اعلن عن ارباح بلغت 135 مليون دولار في ذلك العام… اذا ما هي سبب المكافأة؟
اقرب الاستنتاجات هي انها مكافأة من بلاتر لبلاتيني على عدم دخوله صراع رئاسة الفيفا في 2011، والتي حينها انتخب السويسري للمرة الرابعة، بعدما تخلص من منافسه الوحيد ابن همام بشطبه مدى الحياة من عالم اللعبة.
الآن لا بد من العرج سريعاً على أنجح مدرب كروي في العصر الحديث، والذي أطلق على نفسه لقب «سبيشال وان» قبل 11 عاماً، رغم انه اليوم يعترف صراحة بانه لا يعرف ماذا يحدث لفريقه تشلسي، الذي حقق أسوأ بداية منذ 37 عاماً، بل حقق فريقه أسوأ بداية في كل مسيرته التدريبية، فباتت نقطة سوداء كبيرة في سجله، اخرجت منه الوجه القبيح بسبب التوتر والغضب وعدم القدرة على استيعاب ماذا يحدث، خصوصاً ان كثيرين ربطوا بين هذا الاخفاق وبين عدم قدرته على التألق لاكثر من ثلاث سنوات مع فريق واحد، لانه لاعبيه ينهكون من أسلوبه ولا يعد في امكانهم العطاء أكثر، وهو طبعاً ما يرفضه «السبيشال وان».
طبعاً الضغوطات ستزيد على عاتق «السبيشال وان» بعد قدوم «النورمال وان»، او «الرجل العادي» وهو يورغن كلوب الذي عين مدرباً جديداً لليفربول، وكونه صاحب كاريزما رهيبة، فان مباريات الدوري الانكليزي ستصبح أكثر متعة واثارة، فالسبيشال بحاجة الى ايجاد اجابات من لاعبي تشلسي، والنورمال سيحاول اعادة الحياة الى لاعبي ليفربول بعد موسمين مخيبين دفع ثمنهما المدرب السابق برندان رودجرز.
خلدون الشيخ