غزة ـ «القدس العربي»: شهدت الحدود الشرقية لقطاع غزة أمس هدوءا نسبيا، بعد أيام من المواجهات الدامية التي أدت إلى استشهاد 11 شابا وطفلا، بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، في وقت خرجت فيه مسيرات شعبية وسط المدن والمخيمات، رفضا لسياسات الاحتلال في كافة مناطق الضفة الغربية، ودعما لاستمرار «انتفاضة القدس».
وبعد يوم الأحد الذي كان هادئا إلى حد ما، دون تسجيل سقوط شهداء، شهد يوم أمس هدوءا أكثر، وتركزت الفعاليات التضامنية مع مدينة القدس والضفة الغربية في وسط المدن والمخيمات. ونظمت القوى الفلسطينية مسيرة جماهيرية انطلقت نحو مقر الأمم المتحدة غرب مدينة غزة، بعد أن شاركت هذه المسيرة في الوقفة التضامنية مع الأسرى الفلسطينيين أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وحمل المشاركون في المسيرة علما فلسطينيا كبيرا، ورايات التنظيمات، ورفعت لافتات كبيرة كتب على إحداها «نعم لتطوير الهبة الجماهيرية نحو الاستقلال والحرية».
وتلا رفيق أبو ضلفة، أحد ممثلي الفصائل بيانا صحافيا خلال المسيرة وصف فيه الأعمال الإسرائيلية بـ»الإجرام»، وشدد على أنها «لن تنجح في ثني الشعب الفلسطيني في المضي بالفعاليات الشعبية ضد الحصار والتهويد والاستيطان، في سبيل نيل حريته».
وأكد أن «مواجهة الإجرام والعدوان» تتطلب وحدة وطنية سياسية وجغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة «في إطار المواجهة الشاملة مع الاحتلال». وأكد على المساعي الرامية لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، الذي يتعرض للقتل على أيدي الاحتلال والمستوطنين.
إلى ذلك قال أبو حسن القيادي في المقاومة الشعبية في تصريحات على هامش المسيرة إن كل الخيارات أمام تنظيمه بما فيها العسكرية ستكون مفتوحة. وأشار إلى أن الجناح العسكري ألوية الناصر صلاح الدين، اتخذ قرارا بفتح كل الخيارات، وأضاف «إذا كال العدو بالصاع، سنكيل بالصاعين»، وتابع «فلينتظر العدو وستكون هناك ردود منظمة وموجعة».
وكانت مواجهات دامية قد اندلعت في قطاع غزة منذ ظهر الجمعة الماضية، أدت هي وغارات إسرائيلية لاستشهاد 11 فلسطينيا بينهم أطفال، وإلى إصابة العشرات من الشبان والفتية الذين تظاهروا قرب الحدود، ورشقوا قوات الاحتلال بالحجارة، وقوبلوا برد إسرائيلي عنيف بالرصاص الحي.
وكان إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قد قال خلال أدائه واجب العزاء في الشهداء الذين سقطوا في قطاع غزة، إن «انتفاضة القدس ما زالت في بداياتها الأولى». وشدد على أنها «منطلقة بقوة من شبابها الذين امتلكوا زمام المبادرة في الضفة والداخل المحتل».
وأكد أن هذه الانتفاضة تعد «امتدادا لانتفاضة الأقصى»، وأضاف «انتفاضة القدس تقربنا نحو الأقصى والدولة والحرية الكاملة».
وأشار إلى أن غزة تمتلك روح الوفاء للأرض والشعب. وقال «بدماء أبنائها الذين يخرجون لساحة المواجهة المباشرة مع الاحتلال من نقاط الصفر، ورغم ظروفها القاسية فلن تتخلى غزة عن واجبها الوطني»، مؤكدا أنها بكل شبابها وأهلها ومقاتليها وفصائلها «ستظل وفية للشعب الفلسطيني».
وأكد هنية على أن «المقاومة والانتفاضة هي من توحد الفلسطينيين، وشباب فلسطين أمام خيار التحرير الذي يأتي عبر الوحدة والتعالي على الجراح نحو استعادة الحقوق». ودعا مختلف الفصائل إلى «التوحد في الميدان» وإعادة الاعتبار للعمل المقاوم المشترك.
وقبل ذلك كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تشن منذ ساعات الصباح الأولى غارات وهمية فوق أجواء قطاع غزة، نتج عنها سماع دوي انفجارات فوق البحر. وأدت هذه الانفجارات إلى بث حالة من الخوف والهلع الشديدين في صفوف السكان، خاصة وأن أصواتها تشابه أصوات القصف الجوي للأهداف الأرضية.
وفي اعتداء إسرائيلي جديد على القطاع، استهدفت بحرية الاحتلال مراكب الصيادين الفلسطينيين بنيرانها الرشاشة قبالة سواحل مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وقبالة سواحل منطقة السودانية، شمال مدينة غزة. ولم يسفر الهجوم عن وقوع إصابات أو أضرار في مراكب الصيادين، لكن الهجوم حال دون إكمال هؤلاء الصيادين عملهم اليومي كالمعتاد، خشية من تعرض حياتهم للخطر.
وسبق ذلك أن زعمت إسرائيل بأن نشطاء من قطاع غزة أطلقوا قذيفة صاروخية باتجاه أراضي المجلس الإقليمي «أشكول» في النقب الغربي. وذكر متحدث عسكري أن القذيفة سقطت في أرض خلاء، ولم تتسبب في وقوع إصابات أو أضرار. وأشار إلى أن قذيفة أخرى أطلقت قبل ذلك وأنها سقطت في منطقة داخل حدود القطاع.
ولم تفعل صفارات الإنذار، التي تنذر سكان البلدات الإسرائيلية المحيطة بغزة، بعد أن اتضح أن القذيفة ستسقط في منطقة مفتوحة.
وفي السياق فقد أدان مركز الإنسان للديمقراطية والحقوق عمليات القتل والاعتداء التي تقوم بها قوات الاحتلال. وأكد أنها تعتبر «دلالة واضحة على غطرسته وانتهاكاته لكل المحرمات بحق الفلسطينيين، واعتلائه فوق القانون والضرب به عرض الحائط». وأشار إلى إن إقدامها على قتل المدنيين بصورة متعمدة وممنهجة أسلوب متوقع منها لقتل الفلسطينيين، والتحجج بمحاولة قيامهم بالاعتداء على «العصابات الصهيونية». وأشار إلى أن هذه العصابات نفذت 217 اعتداء ضد الفلسطينيين ومقدساتهم منذ مطلع الشهر الجاري.
واتهم المركز قوات الاحتلال بانتهاج «القتل المتعمد» خارج إطار القانون الدولي والإنساني، بحجج واهية لخداع الرأي العام العربي والدولي. وأشار إلى نصوص القانون الدولي الذي كفل للأفراد الذين يخضعون للاحتلال «الدفاع عن أنفسهم وأرضهم لحين تحريرها» .
أشرف الهور