روسيا تريد إقامة «سوريا صغيرة» داخل مناطق العلويين وتنظيم «الدولة» هو الفائز الأكبر من الغارات الجوية

حجم الخط
1

لندن – «القدس العربي»: علقت مجلة «التايم» على قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التدخل في سوريا بأنه جاء في وقت كان فيه الكرملين يناقش ميزانية العام المقبل وقرار تخفيضها وتجميد الاستثمار الأجنبي من أجل نجاة الاقتصاد الروسي في ظل تراجع أسعار النفط العالمية واستمرار الحصار الغربي على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا وضم القرم. وقالت المجلة إن ذلك اليوم 30 إيلول/سبتمبر ربما كان يوما قاتما لبوتين لو لم يرسل رئيس هيئة أركان الجيش الروسي لإضافة موضوع آخر على الأجندة حيث طلب سيرغي إيفانوف من الكرملين بعد عقد جلسة مغلقة السماح بشن غارات على سوريا وعندها نسي الجميع الاقتصاد.
وتقول المجلة إن انحراف بوتين نحو سوريا ودخوله معمعمة الحرب الدموية هناك أضاف بعدا جديدا لمحاولات الغرب فهم تحولات الرئيس الروسي. ففي الظاهر يريد بوتين حماية حليفه الوحيد في الشرق الأوسط، بشار الأسد وتأمين القاعدة العسكرية الروسية الوحيدة في طرطوس المفتوحة على البحر المتوسط. وفي الباطن تقول المجلة إن علماء الكرملين في الغرب «كيرمنلوجي»حاولوا التقليل من أهمية الضغوط الداخلية التي لعبت دورا في قرار بوتين الدخول في عملية عسكرية معقدة، هي الأولى قبل حوالي 35 عاما وهو التدخل العسكري الكارثي في أفغانستان أثناء الحقبة السوفييتية.

فك العزلة

فبدلا من لعب دور المفسد للجهود الدولية من خلال حملته العسكرية كان بوتين يحاول فك العزلة الغربية التي شلت اقتصاده. وبحسب نظرة الكرملين فالإرهابيون يسيطرون في كل من سوريا والعراق على مناطق شاسعة منذ عام 2013 وهو ما دفع بملايين اللاجئين للهرب، ما أدى بقادة أوروبا للبحث عن سبل عاجلة لوقف موجات الهجرة. ورأى بوتين فرصة لعرض حل على القادة الأوروبيين. ففي خطابه أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة في 28 إيلول/سبتمبر وهو الأول له منذ عقد من الزمان اقترح تحالفا دوليا لمساعدة قوات النظام السوري هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» و»عندها فلن تكون هناك حاجة يا أصدقائي لإقامة المزيد من معسكرات اللاجئين».
وقدم في اليوم نفسه اقتراحه للرئيس الأمريكي المتردد باراك أوباما هو الأول لهما منذ أن أغضب الروس الغرب بضمهم لجزيرة القرم، وانتهى اللقاء من دون اتفاق على تشكيل تحالف دولي موسع في سوريا. فقد تمسك أوباما بموقفه الداعي لرحيل الأسد. وهنا انتهت مقامرة بوتين الأولى. وترى المجلة أن بوتين اعتقد أنه من خلال تشكيل تحالف عسكري في سوريا فستضطر الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن روسيا. وهو ما أدى لفشل «الخطة ألف» حسب ليونيد كلاشينكوف عضو مجلس الدوما الروسي. وترك الرفض الأمريكي بوتين لتحريك الخطة البديلة وهي «خطة باء» ومن خلالها بدأ بوتين عمليات القصف على سوريا. وركز الطيران الروسي في قصفه على الجماعات المؤيدة المعارضة لنظام الأسد. فحماية نظام الأخير كان الهدف الرئيسي للعملية. مع أن الروس يؤكدون أن لديهم خطة أوسع، فبحسب أندريه كليموف، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكرملين «نحن لسنا مهتمين بالمواطن الذي يدعى الأسد».
وقال إن واحدا من أهداف العملية هي إقناع الغرب أنه لا يستطيع هزيمة «تنظيم الدولة» من دون التعاون مع روسيا. وعلق كليموف قائلا أن العقوبات التي فرضها الغرب على بلاده تقف في طريق التعاون «وطالما لم يتراجعوا عنها فسيجدون –الغرب – صعوبة في تخفيف الإعصار الدولي للإرهاب». وترى المجلة أن روسيا راضية في الوقت الحالي عن استمرار العاصفة بالهبوب. ففي بداية الشهر الحالي حقق «تنظيم الدولة» أهم مكاسبه منذ سنوات في مدينة حلب. وعلى المدى القصير يهدف بوتين إضعاف وتدمير المعارضة السورية للأسد وتحويل المعركة على الأرض بين النظام و»تنظيم الدولة» حسب مايكل ماكفول، سفير أوباما السابق لدى موسكو. وحالة تحقق هذا الهدف فعندها «يكونوا قد جعلوا الأسد أخف الشرين وعلى جميع الدول والحالة هذه دعمه. وهي نتيجة لا ترغب الولايات المتحدة وشركاؤها بتحقيقها». ويطمح بوتين لتحقيق هذه النتيجة تاركا الغرب أمام خيار التعاون مع الروس والنظام في دمشق.

اندفاع وانتهازية

وتقول المجلة إن بوتين يحاول الحصول على تعاون مع الغرب بإصرار يدعو على الضيق. ففي لقاء له مع وزير دفاعه يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر طلب من قادته مواصلة الاتصال مع الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا لأنه «من دون مشاركتها» «لن نستطيع تنظيم هذا العمل بطريقة مناسبة». وتعلق المجلة على البيان الذي نشر على موقع الكرملين في الإنترنت أنها تفتقد المهارة في الصياغة التي عادت ما تنسب لبوتين ويبدو فيها رجلا من دون تفكير استراتيجي. وتعبر بالضرورة عن اندفاع انتهازي يحاول من خلال إخفاء فشله. ويرى غيلب بيليوفسكي، المستشار الكبير للكرملين من 2000 -2011 أن «نظامنا لا يخطط» و»يقف فوق الموجة ويبدأ بالتعديل». ولو كان محظوظا ومضت الموجة في الطريق الصحيح فإنه يجدف معها لوقت.
وجاءت هذه الموجة من خلال أزمة اللاجئين نحو أوروبا في هذا الصيف. ويعلق بيليوفسكي أن رد بوتين على موجة اللاجئين هو صورة عن رده على الانتفاضة الشعبية في أوكرانيا والتي فقد فيها حليفا مهما في كييف. وكان بوتين محظوظا عندما نشر قواته في القرم حيث ارتفعت أسهمه بين الرأي العام ووصلت شعبيته إلى 80%. ولكن المشاعر الوطنية التي رافقت الضم للجزيرة سرعان ما تلاشت أمام الواقع الاقتصادي المتردي. ومن هنا بدأ بوتين بالبحث عن استراتيجية جديدة ومخرج من أوكرانيا. ففي الشهر الماضي طلبت موسكو من المقاتلين الذين تدعمهم في شرق أوكرانيا وقف إطلاق النار. وفي اليوم نفسه الذي بدأت فيه الحملة على سوريا قالت إنهم وضعوا أسلحتهم حيث حولت موسكو التركيز وقللت الخسائر في أوكرانيا. ولكن بوتين الذي يعتمد على صورة الرجل القوي لم يكن يريد الظهور بمظهر الضعيف أمام الغرب وأنه انسحب بسبب العقوبات الإقتصادية. ولهذا قرر أن يظهر بمظهر الشريك للغرب. ومنحته سوريا هذه الفرصة، فتحالفه مع الأسد قدم للغرب ما يفتقده في حربه ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» أي جيش محترف يمكنه التعامل مع الحرب على الأرض ويرشد الطيران الأمريكي. وهو ما أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي قال إن العمل مع موسكو وحلفائها السوريين سيضمن تنسيق الغارات الأمريكية ضد «تنظيم الدولة».
وفي الوقت الذي يرى فيه خبراء أهمية التعاون مع روسيا إن أرادت الولايات المتحدة هزيمة الجهاديين إلا أن إدارة أوباما ترى أنه ليس مجد بسبب وحشية نظام الأسد. وهو ما دعا وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر إلى القول في 7 تشرين الأول/أكتوبر ان التعاون مع الروس لن يتعدى «النقاشات الفنية» أي تجنب الصدامات في الجو بين مقاتلات البلدين. ورغم الموقف الأمريكي المتحفظ، إلا أن موسكو لم تتخل عن دعوتها للتعاون لدرجة قرأت فيها «التايم» «تسولا» روسيا. ونقلت عن سيرغي أورجونكديز الدبلوماسي الروسي السابق في مكتب الأمم المتحدة في جنيف «أفهم أن الدول العظمى تنظر لبعضها البعض عبر منظور البندقية» داعيا للتعلم من الماضي وحشد الصفوف معا. وبدلا من التعاون تواجه واشنطن موسكو في حرب بالوكالة خطيرة توفر فيها أمريكا السلاح للجماعات المعتدل وموسكو السلاح للنظام. وهذه حرب لا يريدها أحد، ففي ذروة الحرب الباردة دعمت أمريكا والاتحاد السوفييتي الأطراف المتصارعة في كوريا وفيتنام وأفغانستان، مما زاد من اشتعال هذه الحروب. وفي سوريا فتصعيد دوامة العنف يخلق ظرفا خطيرا تواجه فيه أمريكا روسيا بعضهما البعض. وهو ما يدعو للتعاون بينهما بدلا من التصادم كما يقول قنسطنطين سيكوف الاستراتيجي السابق في هيئة الأركان الروسية. وأضاف قائلا «على الأمريكيين معرفة أنهم بحاجة إلينا. ويجب علينا التعاون على الأقل على المستوى الميداني لتجنب إرتكاب اخطاء». وهو ما دفع بعض الدول الاوروبية للعمل كوسطاء بين واشنطن وموسكو.

دعوات أوروبية

وأشار وزير الخارجية الألماني فرانك – ولتر شتاينمار إلى أهمية التعاون بين القوتين من أجل التوصل لحل سياسي وقال في 9 تشرين الأول/أكتوبر «لن نستطيع الإعلان عن عملية سياسية في وقت تختلف فيه القوتين العظميين». وتعتقد المجلة أن هذا الوضع يترك أوباما من دون خيارات جيدة، فقد قضى العامين الماضيين وهو يحاول عزل روسيا عن الغرب. فحتى توافق واشنطن على التعاون فستواصل روسيا ضرب الجماعات المعتدلة، وهو ما يعني استمرارا للفوضى والدم وقتل أية فرصة لإنهاء الحرب في سوريا.
ومع ذلك فقد ورط بوتين أمريكا في الحرب الأهلية وجرها إلى الميدان فمن اجل الحفاظ على الجماعات المعتدلة التي دعمتها قامت بدعمها بسلاح نوعي. وفي هذا السياق علق ميكا زينكو في مجلة «فورين بوليسي» على موقف إدارة باراك أوباما بالقول إن دوائر صناعة السياسة الخارجية في واشنطن لديها موقف حساس من دروس التاريخ وعادة ما لا تشير إليه القيادة الحالية في البيت الأبيض. وعندما تعرض عليها دروس التاريخ تقول «نعم، حسنا وماذا يجب علينا فعله الآن؟». ويقول إن باراك أوباما يواجه مشكلة أخرى حول ما يجب عمله الآن أو بتعبير جدعون رتشمان في صحيفة «فايننشال تايمز» «يواجه باراك أوباما ضغطا في الداخل والخارج من أجل إعادة صورة أمريكا القوية بالرد بطريقة أكثر حزما» فيما دعا مستشار الأمن القومي السابق في إدارة جيمي كارتر، زينيكو بريجنسكي أن أوباما يحتاج إلى «جرأة استراتيجية» على شكل تدمير القوة الجوية والبحرية الروسية في حالة لم يتوقف بوتين عن ضرب روسيا. ويعلق زينيكو أن البيت الأبيض والخارجية لم يراجعا الخيارات العسكرية (لأكثر من خمسة أعوام) فلا يبدو أن أوباما سيقوم بالمصادقة على عملية عسكرية في داخل العراق وسوريا.

مهمة زاحفة

ويرى الكاتب إنه قبل البحث في خيارات واشنطن يجب النظر أولا في الكيفية التي اوصلتها لهذا الحال. فما يقال عن «ضبط» واشنطن نفسها و»أنها لم تفعل شيئا» يتجاوز الزحف التدريجي للمهمة الأمريكية من خلال شحن الأسلحة وتوسيع مدى المهمة الجارية. ويقول «عندما تستمع للنقاش حول ما يجب عمله في سوريا يجب أن تأخذ بعين الإاعتبار تاريخ 18 شهرا الماضية. ويقدم زينكو ما يراه العملية الأمريكية الزاحفة في سوريا بدءا من 16 حزيران/يونيو 2014 حيث أعلن عن نشر 275 مستشارا عسكريا لتقديم الدعم والحماية للمسؤولين والمنشآت الأمريكية في العراق».
وفي 30 حزيران/يونيو 2014 أعلن الناطق باسم البنتاغون الأدميرال جون كيربي عن نشر فريقين من القوات الخاصة في العراق «لتقييم التماسك واستعدادية القوات العراقية. وتبع ذلك نشر أربع فرق أخرى كل واحدة مكونة من 50 جنديا للعمل في غرفة عمليات بغداد. في 7 آب/أغسطس 2014 أعلن أوباما «أمريكا جاءت للمساعدة» من خلال غارات جوية محدودة وتأمين الحماية للمدنيين في جبل سنجار. وتم توزيع 114.000 وجبة غذائية و35.000 غالون من الماء. وفي 13 آب/أغسطس 2014 أعلن عن إرسال 130 مستشارا عسكريا إلى العراق. مما زاد العدد إلى 1.000 جندي. وفي 18 آب/أغسطس سيطرت القوات الكردية بدعم من الولايات المتحدة على سد الموصل. وأعلن أوباما في 10 إيلول/سبتمبر عن ملامح استراتيجيته لمواجهة «تنظيم الدولة» والتي تقضي بإضعافه وتدميره. وبعد ذلك بخمسة أيام وسعت واشنطن عملياتها الجوية لتشمل سوريا. وقرر الكونغرس في 18 إيلول/سبتمبر مواصلة العملية وأذن لوزارة الخارجية تقدم الدعم والتدريب والسلاح والإمدادات المناسبة للجماعات المعارضة التي تم التحقق من ملفاتها. ومرر ميزانية 500 مليون دولار لتحقيق برنامج التدريب. في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 قرر أوباما نشر 1.500 مستشارا لتدريب القوات العراقية بما فيها قوات البيشمركه.
وتبع ذلك إعلان تشاك هيغل وزير الدفاع السابق إرسال 1.300 قوات إضافية وذلك في 19 كانون الأول/ديسمبر 2014. وأعلن البيت الأبيض في 11 شباط/فبراير 2015 عن استخدام القوة العسسكرية ضد «تنظيم الدولة» وسمح بمرونة محدودة مثل القيام بعمليات إنقاذ تتعلق بعناصر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أو استخدام القوات الخاصة في عمليات ضد قادة تنظيم الدولة. في 12 تموز/يوليو دخلت أولى القوات التي دربتها الولايات المتحدة (54 مقاتلا) إلى سوريا وتبعتها مجموعة أخرى في 20 إيلول/سبتمبر 2015 وسلم معظم المقاتلين أسلحتهم إلى مقاتلي «جبهة النصرة». وأعلنت الولايات المتحدة في 23 تموز/يوليو عن انضمام تركيا للتحالف وفتح الأخيرة قواعدها الجوية للطائرات.
في 16 إيلول/سبتمبر 2015 قالت مساعدة وزير الدفاع كريستين ورماث أن أوباما لم يعد بحاجة لقرار الكونغرس ويمكنه ممارسة صلاحياته من خلال البند الثاني كقائد أعلى للقوات المسلحة، من أجل شن هجمات حالة تعرض قوات المعارضة المدربة أمريكيا لهجمات من طيران الأسد. وتبع هذا في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2015 وقف برنامج تدريب المعارضة. ومن ثم قررت واشنطن في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2015 إنزال 50 طنا من الذخيرة وقذائف أم-15 وبنادق إكي-47 للمقاتلين من على متن مقاتلة (سي-17) لمقاتلين عرب في شمال شرقي سوريا. ويعلق زينكو أن ما بدأ في 8 آب/أغسطس 2014 بـ 25 غارة جوية وتوزيع مواد غذائية مياه تطور إلى 600 قنبلة أسقطت في أسبوع وأكثر من 100 شحنة من الأسلحة. ويعتقد أن هذا التحول يعكس واقع عملية زاحفة والتي رافقت كل عمليات التدخل الأمريكي. ويشير الكاتب أن العملية الزاحفة نتجت بسبب الحسابات على الأرض وتصرفات اللاعبين الخارجيين. فبسبب تدخل روسيا إلى جانب الأسد فإن الولايات المتحدة ودول الخليج تقوم سرا وعلانية بدعم الجماعات المعارضة للأسد و»تنظيم الدولة».
ويرى الكاتب أن العملية الزاحفة حدثت لأن أوباما لا يزال يحاول تحقيق أهداف لا يمكن تحقيقها إما بمفرده أو بالتعاون مع قوات عراقية وسورية. ولم ينشر القوات العسكرية الضرورية التي يمكنها تدمير قوات الأسد ومقاتلي «تنظيم الدولة». وبناء على ما سبق من المعطيات يتساءل الكاتب ماذا يجب على أوباما عمله؟ مذكرا بمقترح السناتور جورج إكين عام 1966 «إعلان النصر والخروج من فيتنام». فأحسن طريق للولايات المتحدة اليوم هو «اعتراف بالواقع والدخول في الحرب». وهذا يعني الاعتراف أن لا حل سياسيا للأزمة السورية من دون تعاون القوتين العظميين. ويختم زينكو بالقول «عندما تصل الحروب إلى مداها الدموي من السهل نسيان فكرة أن كل الحروب تنتهي. وستنتهي الحرب الأهلية السورية. ولكن على القوى الخارجية التي تؤكد استمرارها الاعتراف بواقع انسداد الأفق الكارثي. ولهذا رفضت التفكير جديا وبشكل نشيط التوسط في وقف إطلاق النار وحل دبلوماسي. ويجب أن يكون هذا هو هدف أوباما الشخصي كما كان تعامل مع الاتفاق النووي الإيراني. وإلا فسيترك البيت الأبيض بعد 15 شهرا وتنظيم الدولة لا يزال في السلطة، فيما دمرت حياة جيل من السوريين».

تقسيم سوريا

ويرى الباحث حسين إبيش من «معهد دول الخليج العربي» في واشنطن أن بوتين يريد خلق «سوريا صغيرة» ويحفظ ما تبقى من الدولة. وقال مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أن بوتين يشعر وبدهاء ان هناك فرصة يجب انتهازها من أجل إعادة دور روسيا في الشرق الأوسط الذي فقدته في سبعينات القرن الماضي. ويسعى التدخل الروسي لتحقيق تقسيم فعلي للنزاع السوري. ويرى إبيش أن القوة العسكرية الروسية تهدف إلى تأمين الجزء الغربي من سوريا وهو ما تبقى من الدولة السورية والذي لا يزال تحت سيطرة النظام وتقع فيه القواعد العسكرية الروسية في طرطوس واللاذقية. فيما ترغب إيران وحليفها «حزب الله» تأمين الجزء الجنوبي من شمال سوريا والذي يمتد الحدود اللبنانية ويمر بجبال القلمون حتى دمشق.
ومن هناك إلى المدن الساحلية ومعاقل العلويين الذين ينتمي إليهم الأسد. وبناء عليه فما يريد الأسد وحلفاؤه عمله هو إنقاذ ما يمكن أن يطلق عليها «سوريا الصغيرة» فهذا هدف يمكن تحقيقه. مما يعني ترك الأجزاء الأخرى من البلد في يد الوطنيين والمقاتلين الإسلاميين والمناطق الكردية في الشمال وما يطلق عليها «الخلافة الإسلامية» في شمال وشرق سوريا. وعليه فالفائز الأكبر من التدخل الروسي هو «تنظيم الدولة» رغم دعاية الكرملين. وقال إبيش إن هدف موسكو الواضح هو تطبيق النموذج اللبناني أثناء الحرب الأهلية وعزل المناطق السورية وتقسيمها بين الفصائل المسلحة المتنازعة. ويرى الكاتب أن الإجابة التي تريد موسكو إيصالها لواشنطن التي لا تعرف كيفية نهاية الحرب مفادها أن «الحرب السورية لن تنتهي إلا بموجب الشروط الروسية حتى لو لم يعد الأسد مهما للكرملين».

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن بطوطة - فلسطيني:

    ثلاث نقاط سوف يركز عليها الإعلام المناهض للحضور الروسي في سوريا وهي : 1- المبالغة في خسائر الجيش الروسي في سوريا، بهدف تحريض الشعب الروسي ضد بوتين… علماً أن هناك تأييد شعبي روسي شامل لسياسة بوتين في محاربة الإرهاب في سوريا. 2 – ضحايا المدنيين السوريين في أرياف سوريا… علماً أنه لم يعد هناك وجود للمدنيين في مناطق سيطرة داعش وأخواتها، 9 ملايين سوري هربوا إلى الخارج و الداخل. 3- محاولة الإيحاء أن هناك تحالف بين روسيا و اسرائيل… علماً أن روسيا زودت حزب الله بأحدث الأسلحة وأهمها صواريخ س 22 القادرة على إسقاط الطائرات الإسرائيلية، ولذلك سيسعى الإعلام المناهض لروسيا إلى التركيز على الاتفاق الروسي الاسرائيلي لتجنب الصدام بين طائراتهم………………..اتفاقات تجنب الصدام تتم بين الخصوم و الأعداء و ليس بين الاصدقاء و الحلفاء، لتحريض الشعوب العربية ضد روسيا… علماً أن روسيا لن تقبل بأن يقوم الطيران الاسرائيلي بقصف الجبش السوري أو مقاتلي حزب الله في سوريا، لأن من شأن ذلك أن يجبر روسيا على إرسال قوات برية وهذا ما تحاول أن تتجنبه روسيا.

إشترك في قائمتنا البريدية