تقرير: اسرائيل تستخدم غواصاتها النووية لردع ايران ومصروتدهورالاقتصاد يقلص قدرة مرسي على تعزيز القوات المسلحة

حجم الخط
0

الناصرة ـ ‘القدس العربي’ ـ من زهير أندراوس: أقدمت إسرائيل على عدد خطوات كبيرة ومتسارعة لتعزيز قدرات سلاح بحريتها، وبشكل يشي ليس فقط بنوايا إسرائيل تجاه محيطها، بل يكشف أيضاً حجم استعداداتها لمواجهة تبعات التحولات في بيئتها الإقليمية.
فقد بلغ عدد الغواصات الإستراتيجية التي بحوزة سلاح البحرية الإسرائيلي من طراز (دولفين) الألمانية، الأكثر تطوراً في العالم خمسة، في حين إنه يجري حالياً بناء الغواصة السادسة، وجميع هذه الغواصات قادرة على حمل رؤوس نووية.
لقد تحولت إسرائيل إلى قوة عسكرية كبيرة عالمية على صعيد قدراتها في مجال سلاح البحرية، فلا يوجد في العالم كيان سياسي عدد سكانه 8 ملايين نسمة ويملك ستة غواصات إستراتيجية.
وبحسب دراسة أعدها الباحث الفلسطيني، د. صالح النعامي، فلا خلاف في إسرائيل على إن تعزيز القدرات في المجال البحري يأتي لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسة، أولاً: منح إسرائيل ميزة توجيه ضربة نووية ثانية في حال تعرضت لهجوم نووي كرد على هجوم قامت به ضد طرف ما، حيث إن وجود الغواصات المزودة بالرؤوس النووية في عرض البحر يمكن من إبقاء هامش المناورة العملياتي على الصعيد النووي مفتوح وواسع، حيث إن هذه الغواصات بإمكانها أن تتمركز في مياه قريبة من الدولة العدو بمجرد أن ينشب الصراع العسكري معها.
ولا خلاف على إن استخدام الغواصات يقلص الحاجة إلى استخدام سلاح الطيران في عمليات القصف، حيث إن وصول الطائرات إلى أجواء الدولة الهدف يتطلب التحليق في أجواء دول قد لا تسمح بذلك، علاوة على أن هناك احتمال أن تكون قدرة إسرائيل على استخدام الطائرات الحربية بعد تعرضها لهجوم نووي محدودة.
في الوقت ذاته، فإن القدرة على استخدام الصواريخ بعيدة المدى القادرة على حمل رؤوس نووية انطلاقاً من قواعد إطلاق داخل إسرائيل ستكون محدودة أيضاً، على اعتبار إن هناك أساساً للاعتقاد إن قواعد إطلاق الصواريخ ستتضرر كثيراً في حال تعرضت إسرائيل لضربة نووية رداً على هجوم قامت به.
ثانياً: تنطلق إسرائيل من افتراض مفاده إن الثورات العربية تحمل في طياتها مخاطر جمة على تجارتها الخارجية، مع العلم إن 90 بالمئة من التجارة الخارجية لإسرائيل تمر عبر البحار. وتفترض الدولة العبرية إن الممرات المائية التي تمر عبرها السفن الإسرائيلية أصبحت بالغة الخطورة في أعقاب الربيع العربي، حيث تعاظمت فرص استهداف السفن خلال عبور هذه الممرات.
وتؤكد دوائر التقدير الإستراتيجي في إسرائيل إن أهم أربع ممرات بحرية في العالم تقع في أيدي جهات عربية وإسلامية، وهي: قناة السويس، مضيق باب المندب، مضيف هرمز، مضيق البوسفور.
وتفترض إن ما تسميه بالجماعات الجهادية أو منظمات تابعة لدول معادية يمكن أن تجعل من هذه الممرات هدفاً لدى مرور السفن الإسرائيلية فيها. ثالثاً: تأمين حقول الغاز التي اكتشفت قبالة السواحل الإسرائيلية، حيث إن هناك افتراض لدى صناع القرار في تل أبيب بأن جهات معادية يمكن أن تقوم بمهاجمة هذه الحقول، مما يتسبب في خسارة إسرائيل مقدرات اقتصادية هائلة جداً. من هنا، فإن جزء كبير من الجهد الحربي على الصعيد البحري يخصص حالياً لتأمين هذه الحقول.
قدرة الغواصات على العمل بشكل سري وخفي يعزز قوة الردع لدى إسرائيل، سيما في مواجهة أعداء بعيدين من ناحية جغرافية، خصوصاً إيران، حيث إن الغواصات بإمكانها أن تعمل على مسافات بعيدة جداً عن حدود إسرائيل، وتعمل تحت المياه على مدى أسابيع وبإمكانها جمع معلومات استخبارية، علاوة على إمكانية قيامها بنقل قوات من مكان إلى آخر في ظل سرية تامة، بالإضافة إلى أن الغواصات بإمكانها الإسهام الحرب الإلكترونية بحرية كبيرة. ومما لا شك فيه إن الغواصات تمنح إسرائيل ميزة شن ضربة نووية ثانية في حال تمت مهاجمة إسرائيل بصواريخ تحمل رؤوس نووية.
ويقرون في قيادة سلاح البحرية الإسرائيلي أن غواصات دولفين لا تمثل مجرد مركبات عادية في سلاح البحرية، بل هي أداة مهمة في تعاظم القدرات العسكرية بمستوى إستراتيجي. وكشف موقع (WALLA) الإخباري الإسرائيلي أن نتنياهو يحرص بشكل شخصي على الحصول على معلومات بشأن العمليات السرية التي تقوم بها الغواصات.
وينطلقون في إسرائيل من افتراض مفاده إن دول العدو تعي إن الغواصات الإستراتيجية تتواجد في مكان أسفل الماء، مما يجعلها تحرص على عدم كسر التوازن القائم. وفي إسرائيل لا يقصدون إيران فقط عند تعزيز قدراتهم العسكرية البحرية، بل مصر أيضاً.
وكما ينقل المعلق العسكري عمير رابابورت عن مصادر في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي قولها إنه على الرغم من معاهدة السلام مع مصر، إلا إنه من الأهمية بمكان أن تدرك مصر إنها متخلفة كثيراً وراء إسرائيل في مجال القدرات البحرية، ويدركنون في إسرائيل إلى إن تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر سيقلص من قدرة الرئيس مرسي للتفرغ لتعزيز القدرات في المجال العسكري وتحديداً في المجال البحري.
لقد حاز سلاح البحرية على أقل قدر من الموازنة العسكرية مقارنة بأذرع الجيش الإسرائيلي الأخرى على مدى عقود، حيث كانت موارد الجيش توجه لتعزيز القدرات الجوية. لكن خلال العقد الأخير حدث تحول واضح وجلي تمثل في تعاظم الاستثمار في تعزيز القدرات العسكرية البحرية، وقد وصلت ذروتها في أعقاب تفجر الربيع العربي.
وقد كان هناك دور مركزي لرئيس مجلس الأمن القومي السابق عوزي أراد في إقناع نتنياهو بتكثيف الاستثمار في مجال تعزيز القوة البحرية.
ومما ساعد إسرائيل على تحقيق هذا الهدف كان قرار المستشارة الألمانية إنجيلا ميركيل إعفاء تل أبيب من ثلث قيمة الغواصات، مع العلم أن سعر الغواصة الواحدة يبلغ 340 مليون دولار. وقد كان هناك دور كبير أيضاً لوزير الأمن الإسرائيلي السابق إيهود باراك، الذي اعتبر إن تعاظم المخاطر البعيدة جغرافياً يحتم على إسرائيل الاستثمار في مجال القوة البحرية.
ويقولون في إسرائيل إن التحول الذي طرأ على أهمية سلاح البحرية لدى صناع القرار في تل أبيب يشبه إلى حد كبير التحول الذي طرأ في أمريكا حتى ستينيات القرن الماضي، حيث كانت أمريكا تركز حتى تلك الحقبة على قدرات سلاح الجو، وهو ما غير حرص وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الوقت روبرت ماكنيمار على تغييره، بعدما اكتشف أهمية الاستثمار في مجال القدرات البحرية من أجل تعزيز قوة الردع الأمريكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية