الرباط ـ «القدس العربي»: قررت محكمة مغربية من الدرجة الثانية متخصصة في ملفات الإرهاب تأجيل الاستماع لمعتقل سابق في سجن غوانتانامو الأمريكي أفرج عنه وسلم للمغرب منتصف أيلول/سبتمبر الماضي.
وأجلت محكمة الاستئناف بسلا جلسة الاستماع للمعتقل يونس الشقوري إلى غاية 4 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل بناء على طلب هيئة الدفاع من أجل ترجمة رسالة وزارة العدل الأمريكية التي صدرت أول أمس الأربعاء رسميا وإرفاقها بمذكرة لقاضي التحقيق.
وقال خليل الإدريسي، محامي الشقوري ان وزارة العدل الأمريكية أقرت في الرسالة التي طلب ترجمتها أن الولايات المتحدة «لم تعد تعتمد» على «جميع الأدلة التي تعتبر السيد الشقوري عضوا من المجموعة المعروفة باسم «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» وأضاف ان هذا التنازل، الذي قدم خلال جلسة قضائية في الولايات المتحدة أحضرها يونس بمساعدة المنظمة الحقوقية ريبريف، يؤكد أن الأدلة التي اعتمد عليها لاتهام الشقوري غير موثوقة.
وقال بيان منظمة ريبريف فإن وزارة العدل الأمريكية أصدرت تلك الرسالة كتلخيص جزئي لموقف الحكومة الأمريكية تجاه الدعوى القضائية بأمريكا، وهي الوثيقة الوحيدة من قضية الشقوري التي وافقت وزارة العدل الأمريكية على نشرها لكي تستخدم من قبل دفاع الشقوري في المغرب، وهو دفاع ضد الاتهامات الزائفة ذاتها التي أسقطت.
وجاء إقرار الولايات المتحدة الأمريكية بإسقاط التهم التي سبق أن وجهتها للمغربي يونس الشقوري بعد قضائه 14 سنة في معتقل غوانتانامو الذي حجزت به الولايات المتحدة المعتقلين المشتبهة بانتمائهم لتنظيم «القاعدة» وقاتلوا في أفغانستان تحت قيادة أسامة بن لادن.
وقالت منظمة «ريبريف» التي تعنى بالدفاع عن حقوق المعتقلين في هذا السجن الأمريكي ان الوثيقة إقرار من وزارة العدل الأمريكية «ولأسباب متعددة، سحب جميع الأدلة المعتمدة لدى مثول الشقوري أمام القضاء، والمتعلقة بانتمائه إلى الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة، بحيث لم تتخذ الوزارة أي موقف بخصوص انتمائه إلى هذا التنظيم».
واعتقل الشقوري في المغرب وأودع السجن بعدما رحلته السلطات الأمريكية إلى بلاده، منهية بذلك فترة من الاعتقال، بدأت عام 2001 بتهمة تأسيس الجماعة المذكورة والمشاركة في عمليات ضد القوات الأمريكية.
وأفاد بيان «ريبريف» أن السلطات الأمريكية سمحت بالإفراج عن الشقوري عام 2010، وأطلقت سراحه في 16 ايلول/ سبتمبر 2015، وأن إطلاق سراحه كان مصحوبا بضمانات دبلوماسية بين المغرب والولايات المتحدة تؤكد عدم وجود أي أساس لتوجيه اتهامات ضد الشقوري وتتعهد بعدم محاكمته مجددا أو اعتقاله أكثر من 72 ساعة، غير أن العكس هو ما حصل.
وأضاف البيان أن رسالة وزارة العدل الأمريكية تؤكد عدم وثوقية الأدلة التي اعتُمد عليها لاتهام الشقوري، خاصة أن هذا الأخير سبق له أن شرح خلال الجلسات القضائية أن الأدلة المعتمد عليها استخلصت عن طريق تعذيبه وتعذيب سجناء آخرين وقصص مختلقة.
وتعد الوثيقة الصادرة عن وزارة العدل الأمريكية هي الوثيقة الرسمية الوحيدة التي أصدرتها الولايات المتحدة لاعتمادها أثناء محاكمته في المغرب، وهي الوثيقة التي قال محامو المنظمة الحاضرون حاليا في المغرب إنهم سيقدمونها إلى القضاء والمسؤولين المغاربة قصد إطلاق سراح الشقوري.
وقالت كوري كرايدر من منظمة «ريبريف» محامية الشقوري «الحكومة الأمريكية تكره الإقرار بخطئها في اعتقال الشقوري لمدة 14 عاما من دون أي محاكمة. المأساة الآن أن يونس يواجه الاتهامات ذاتها التي ثبت عدم صحتها. لم تفعل الولايات المتحدة ما هو كافٍ لتحفظ وعدها للشقوري أو تضمن حفاظ المغرب على وعدها».
وكان القضاء المغربي قد أمر بإيداع الشقوري في السجن للاشتباه في «تورطه في أفعال إرهابية» بعدما وجهت له النيابة العامة تهمة المس بأمن الدولة.
وقدمت كوري للمغرب رفقة فريق من المحامين لمؤازرة الشقوري حقوقيا وقضائيا، وقالت أن الحكومة الأمريكية «أقرت علنا اليوم بأن الاعتبارات السابقة في إدانة وسجن الشقوري كانت خاطئة»، فيما أوردت أن المعتقل المغربي يواجه الاتهامات ذاتها في المغرب، «والتي ثبت عدم صحتها».
وترى كوري أن الولايات المتحدة لم تفعل ما هو كافٍ «لتحفظ وعدها للشقوري، أو تضمن حفاظ المغرب على وعدها»، مطالبة واشنطن والرباط بالتحرك العاجل من أجل إطلاق سراح الشقوري، «قبل فوات الأوان»، فيما أكدت أن رسالة وزارة العدل الأمريكية تعد «الوثيقة الوحيدة التي وافقت الحكومة على نشرها لكي تستخدم من قبل دفاع الشقوري في المغرب».
محمود معروف