تونس ـ «القدس العربي»: تتواصل ردود فعل التونسيين حول طريقة إقالة وزير العدل محمد صالح بن عيسى، ففي وقت أيد فيه الحزب الحاكم موقف رئيس الحكومة، انتقد عدد من السياسيين والنشطاء التفريط بشخصية حقوقية هامة لمجرد أنها لا تمتلك سندا حزبيا، فيما اعتبر البعض أن القرار يسيء لهيبة الدولة.
وكان رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد قرر إعفاء وزير العدل محمد صالح بن عيسى من مهامه، بعد رفضه حضور جلسة المصادقة على قانون المجلس الأعلى للقضاء.
وقال بن عيسى إن إنه لم يكن مستعدا للتصويت على نص القانون الذي تم تغييره بشكل حذري ليتعارض مع المشروع الذي اقترحته الحكومة، مضيفا «تم تمرير المشروع إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين التي كشفت أن العديد من الفصول مخالفة لأحكام الدستور، وقدمت مأخذا أساسيا تمثل في أن المشروع أدى إلى إفراغ المشروع الحكومي من مضمونه ومن توازناته الكبرى، وقد تم تسليمه للجنة التشريع العام لتعديله لكنها تجاهلت هذا المأخذ».
وأكد في تصريح إذاعي أن رئيس الحكومة اعتبر أن المشروع أضحى يتماشى مع مشروع قانون الحكومة ويستجيب لأهدافه، من دون استشارة بن عيسى، مضيفا «لقد تعرضت للتعسف لأن رئيس الحكومة أراد إجباري على المشاركة في جلسة للمصادقة على نص لم يلب ولم يستجب لمآخذ الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين».
القيادي في حزب «نداء تونس» رؤوف الخماسي عبر عن ارتياحه لقرار الإقالة، مجددا مساندة حزبه للحكومة وثقته في قرارات رئيسها «في اتجاه الدفع نحو ترسيخ التوافق و تكريس هيبة الدولة».
واعتبر الناطق السابق باسم الرئاسة التونسية عدنان منصر أن طريقة إقالة بن عيسى «لا أخلاقية وفيها الكثير من قلة الاحترام للدولة».
وأضاف «بن عيسى رجل على رأس وزارة السيادة وعند عدم احترام بعض الإجراءات في عملية الإقالة والاستغناء عن الخدمات، نظهر أننا لسنا دولة ولسنا دولة راقية ولا نملك رئيس حكومة يتمتع بالرقي، رغم أنه من المفترض رجل دولة».
وفيما انتقد بعض النشطاء «التفريط بشخصية حقوقية من وزن بن عيسى» لمجرد أنها مستقلة ولا تملك سندا حزبيا، تساءل آخرون «هل كان الصيد سيقدم على عزل وزير آخر من حزب سياسي، قبل استدعائه والنقاش معه وكشف أسباب إقالته، كما تقتضي الأصول».
مصادر إعلامية نسبت تصريحات للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي علق فيها على قرار الإقالة بقوله «الوزير الذي لا يملك الشجاعة للدفاع عن مشروع تقدمت به حكومته مكانه خارج الحكومة».
الباحثة ألفة يوسف علقت على التصريحات المنسوبة لقائد السبسي بقولها «بالضبط، مثلما أن الحزب الذي لا يملك الشجاعة ليدافع عن المبادئ التي من أجلها انتخبه الناس، مكانه خارج التاريخ»، في إشارة إلى حزب «نداء تونس».
فيما اعتبر الأمين العام لحزب «المسار الديمقراطي» سمير الطيب أن إقالة بن عيسى «خسارة للحكومة وتونس»، مشيدا بـ»مواقفه المبدئية وتأويله للدستور الذي يأتي في اتجاه قانوني سليم».
يذكر أن محمد صالح بن عيسى شغل سابقا عدة مناصب أكاديمية، من بينها عميد كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية ورئيس الجمعية التونسية للعلوم الإدارية وعضو في المجلس العلمي للأكاديمية الدولية للقانون الدستوري.
حسن سلمان