في الاسبوع الماضي قُتل صديقي أفيتار بوروفسكي في مفترق تفوح في السامرة. وقد انقض القاتل عليه بطعن بالسكين ورصاص من مسدس اختطفه منه. كان أفيتار انسانا باحثا عن السلام ودمث الخُلق ولطيفا حرص على جعل كل من يلقونه يبتسمون. وكان هذا ايضا مصدر رزقه. لكن كما في كل واقعة يُقتل فيها يهودي خارج مجال الخط الاخضر، عادت هذه المرة ايضا ظاهرة يجب ان تقلق من ليس في الطرف الأيمن من الخريطة السياسية ايضا: فالى جانب المشاركة في الحداد كان هناك من اهتموا بتوجيه إصبع اتهام الى أفيتار لأنه اختار ان يجعل مركز حياته في ‘مكان خطير’ كما عرّفه المدعون وبذلك وضع روحه في كفه. ربما حان الوقت لنُبين هذا الامر. لم يختر أفيتار أن يسكن مكانا خطيرا. إن سلسلة جبال الهملايا هي مكان خطير. والغابات في امريكا الجنوبية هي مكان خطير اذا لم تعرف أين يجوز وأين لا يجوز التنزه فيها. والجرف الهاري خطير اذا لم تكن حذرا في الأساس. ويمكن الاستمرار في هذا بلا نهاية. إن منطقة يهودا والسامرة ليست خطيرة، فالمكان في حد ذاته لا يُعرض أحدا للخطر بيد أن عددا من الناس الذين يسكنون هذا المكان هم الخطيرون. حينما نُعرف مكانا بأنه خطير ينبع التعريف من وجود شروط طبيعية معينة فيه حيوانات ضارة، وفيروسات وغيرها تجعل المكان كذلك وفيه احتمال عال للاضرار بالبشر الذين يريدون المكوث فيه. إن النظر الى منطقة يهودا والسامرة باعتبارها ‘منطقة خطيرة’ أصبح آليا جدا. فالمنطقة ليست خطيرة إلا اذا وُجد لا سمح الله من يرى السكان العرب الذين يسكنونها حيوانات مفترسة أو فيروسات أو وحوشا بربرية. لكن العرب ليسوا حيوانات وليسوا وباءً ولا يمكن أن نراهم متوحشين لا ثقافة لهم. ولما كنت أحرص على النظر الى سكان يهودا والسامرة العرب أنهم بشر مع منظومة قيم وتقدير وعقل فلست أقبل الجزم بأن الحديث عن منطقة خطيرة. إنها ليست كذلك حقا. فالمنطقة على ما يرام فالارض خصبة والمنطقة تلالية لكنها غير صخرية ولا توجد حيوانات ضارة ولا فيروسات أو أوبئة. وحالة الجو مريحة. والماء نظيف والمكان رائع. وبهذا المعنى فان منطقة السامرة لا تختلف عن منطقة الشارون. بيد أن كثيرين جدا من السكان العرب الذين يسكنونها يدعون الى القتل على أساس عنصري. قد تبدو هذه الامور مُسفّة. وقد يبدو ذلك مثل التمسك بفروق صغيرة جدا في المصطلح. لكن الكلمات تكشف لنا عن التصور العام الصلب جدا الذي يقوم من ورائها. يجب ان نحدد عوامل الخطر الحقيقية وهي: التربية العربية الاسلامية في ارض اسرائيل والسامرة التي تحرض على اليهود؛ وسلطة المنظمات الارهابية فتح أو حماس أو الجهاد الاسلامي التي تحث على قتل أبرياء وتدعو الى العنصرية؛ وكثير من السكان العرب أنفسهم الذين يُمكّنون للكراهية والتحريض والقسوة أن تتغلغل إليهم وتدخل بيوتهم ونفوس أبنائهم وثقافتهم. ولهذا ومنذ الآن حينما سيُقتل يهودي يسكن وراء الخط الاخضر لا تقولوا من فضلكم: ‘لماذا اختار السكن في مكان خطير بهذا القدر؟’ بل اسألوا أنفسكم بكامل الصدق: ‘لماذا نُمكّن ناسا خطيرين بهذا القدر من ان يتجولوا أحرارا في ارضنا؟’، وإن سؤالا كهذا يجب ان يفضي الى حل أنجع لأنه يبدأ بمواجهة المشكلة الحقيقة لا مشكلة مختلقة ليس لها أي مستمسك في الواقع بل رغبة في صرف النقاش الى خطوط سياسية فقط.