باريس ـ «القدس العربي»: أكدت عائلة الزعيم المغربي الراحل المهدي بن بركة ان ما تتطلع اليه، بعد 50 عاما من اختطافه واغتياله، هو معرفة حقيقة اختفائه ومصير جثمانه.
وقالت العائلة في تصريح للبشير، الابن الاكبر لبن بركة حول رسالة العاهل المغربي الملك محمد السادس وجهها لندوة نظمت بالرباط يوم الجمعة الماضي احياء لذكرى الاختطاف، ان تلك الرسالة لم تتضمن «تعليمات ضرورية» من شأنها أن تكشف عن حقيقة اختفاء بن بركة منذ 50 سنة.
ودعا الملك محمد السادس في رسالته إلى المشاركين في اللقاء حول «مكانة الشهيد المهدي بن بركة في التاريخ المعاصر» إلى استخلاص الدروس والعبر من قضية المهدي بن بركة، وجعلها في صالح الوطن، لتساعد على البناء وليس على الهدم.
وقال: «يجب استخلاص الدروس والعبر من قضية ابن بركة، وجعلها في صالح الوطن، لتساعدنا على البناء وليس على الهدم وكيفما كان الحال فبن بركة قد دخل التاريخ. ليس هناك تاريخ سيء أو تاريخ جيد، وإنما هناك التاريخ كما هو: ذاكرة شعب بأكمله. إلا أنه يجب ألا ننسى أن أعداء المغرب قد قاموا باستغلال القضية للإساءة لصورة بلادنا».
وأكد العاهل المغربي أن «الدول تبنى على تاريخها، بإيجابياته وسلبياته، وشعب بلا تاريخ هو شعب بلا هوية، ولن يكون له مستقبل وأن الملكية بالأمس كما اليوم، متشبثة بالتلاحم مع مكونات الأمة، شريطة الالتزام بالثوابت والمقدسات التي ضحى من أجل الدفاع عنها العديد من المغاربة الأحرار، ومن بينهم المهدي بن بركة.»
وتتفق مختلف الروايات حول اختطاف واغتيال المهدي بن بركة، مؤسس اليسار المغربي الحديث، على ان الجريمة ارتكبت بالتعاون بين المخابرات المغربية والموساد الإسرائيلي والمخابرات المركزية الامريكية ومخبرين فرنسيين. الا انه لم يتفق حتى الان حول مصير جثمان بن بركة بعد اغتياله.
وقال إنه نهوضا بالأمانة الملقاة على عاتقه، بصفته أمير المؤمنين وملك البلاد، فإنه لن يدخر أي جهد من أجل صيانة الاختيار الديمقراطي للبلاد، وحماية حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، أفرادا وجماعات.
وأوضح أن التاريخ ليس مجرد تسجيل للأحداث، كما وقعت في زمن معين، وإنما هو أيضا طريقة تدوين هذه الأحداث، والتفسير الذي يعطيه لها كل واحد حسب منظوره، انطلاقا من موقعه. غير أن الأهم، هو «العمل على تملك جميع المغاربة لتاريخهم بنجاحاته وإخفاقاته من أجل العيش في حاضر آمن ومستقر، والتوجه لبناء مستقبل أفضل، بكل ثقة وتفاؤل وأمل».
وقال الملك محمد السادس عن المهدي بن بركة: «إننا نستحضر معكم، قبل كل شيء، أنه كان رجل سلم، كما كان قريبا من العائلة الملكية» وأنه رغم أن الذكرى الخمسين لاختفاء بن بركة «تأتي في وقت ما تزال فيه العديد من التساؤلات مطروحة بدون إجابات، فقد حرصنا على مشاركتكم هذا الحدث، بدون عقدة أو مركب نقص من هذه القضية، تقديرا لمكانته لدينا ولدى المغاربة».
وذكر بأن مرحلة ما بعد الاستقلال كانت مشحونة بشتى التقلبات والصراعات حول ما كان ينبغي أن يكون عليه مسار المغرب المستقل. وقال «إننا لسنا هنا لإصدار الأحكام على المواقف التي تبناها هذا الطرف أو ذاك، ولكن الأكيد أن القاسم المشترك بين جميع المغاربة، في تلك المرحلة التاريخية، كان هو السعي لخدمة مصالح البلاد، والنهوض بتنميتها وتقدمها، والدفاع عن قضاياها، كل من منطلق قناعاته وتوجهاته».
وقالت عائلة بن بركة إن الرسالة لم تتضمن تعليمات للكشف عن الحقيقة. واوضحت: «لقد لاحظنا أن الرسالة الملكية لا تشير إلى وجود أي تعليمات ضرورية موجهة إلى السلطات القضائية والأمنية المغربية للتعاون بصفة كاملة مع قاضي التحقيق الفرنسي الذي كل هدفه هو كشف الحقيقة في اختفاء واغتيال المهدي بن بركة».
واكدت العائلة التي كانت حاضرة، إلى جانب عشرات من الناشطين ورفاق المهدي بن بركة من مغاربة وعرب وفرنسيين، يوم الخميس الماضي امام مقهى ليب بشارع سان جيرمان في العاصمة الفرنسية حيث اختطف بن بركة يوم 29 تشرين الاول / اكتوبر 1965 «ان كل ما تتطلع إليه أسرته هو معرفة حقيقة اختفاء والدهم ومكان رفاته.»
ونوهت الرسالة بما أشار إليه الملك محمد السادس من اعتراف بالدور الذي أداه بن بركة في تاريخ المغرب والمكانة التي يحتلها في الذاكرة الجماعية للمغاربة.
وخلفت الرسالة الملكية التي بعثها محمد السادس للمشاركين في اللقاء حول «مكانة الشهيد المهدي بن بركة في التاريخ المعاصر»، وتلاها الزعيم الاتحادي السابق عبد الرحمان اليوسفي، رئيس الحكومة المغربية 1998-2002، ردود فعل إيجابية، في صفوف المشاركين.
وأكد الدكتور فتح الله ولعلو، احد رفاق المهدي وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والذي يعتبر بن بركة مؤسسه وزعيمه الروحي، أن «رسالة الملك محمد السادس لها بعد تاريخي أساسي، وتبرز أهمية شخصية المهدي بن بركة، وتدعو بالأساس لتوظيف غيابه من أجل دعم التطور الديمقراطي و الحداثي في بلادنا».
وعن إمكانية طي ملف بن بركة الذي تم اغتياله في فرنسا يوم 29 أكتوبر / تشرين الأول 1965، بعد الرسالة «التاريخية» الملك، قال فتح الله ولعلو: «علينا أن نوظف رسالة الملك محمد السادس من أجل معرفة الحقيقة كاملة».
ودعا عبد الرحمن اليوسفي، في اللقاء الذي نظمه، مساء الجمعة بالمكتبة الوطنية بالرباط، إلى الكشف عن الحقيقة كاملة وراء اختفائه. وقال: «أتوجه من صميم القلب للكشف عما تعرفه الدولة من حقائق حول هذا الملف، من أجل معرفة الحقيقة في حد ذاتها، ووضع حد لجنازة تستمر منذ خمسين سنة من دون أن يكون للعائلة قبر يضم رفاته وتضع اسما عليه، وكذا لكي تعود الحياة إلى طبيعتها وتطوى هذا الصفحة».
وأضاف اليوسفي: «الكشف عن حقيقة اختطاف بن بركة لم تقتصر فقط على الدولة المغربية، بل شملت أيضا جميع الدول الأخرى المرتبطة بهذا الملف».
وقال خالد الجامعي، الإعلامي والقيادي السابق في حزب الاستقلال، إن الرسالة التي وجهها الملك بمناسبة الذكرى الخمسين للمهدي بن بركة، حملت الكثير من الدلائل والتلميحات في ما يتعلق بالقضية.
ونقل موقع فبراير عن الجامعي قوله: «لم يكن أحد ينتظر أن يتدخل الملك ويوجه رسالة في هذا الموضوع، وتحمل لغتها الكثير من الدلالات والتلميحات».
واضاف: «إنها بادرة جيدة ولا ينبغي أن تكون نهاية المطاف، بالقدر الذي ينبغي أن تكون بداية تحرك الدولة لفتح تحقيق في الموضوع، والكشف عن الحقيقة الكاملة التي مر عليها 50 عاما. يجب ألا تكون هذه الرسالة وسيلة لطي الملف نهائيا».
محمود معروف
لماذا اللف والدوران
اعطاء أمر ملكي بفتح تحقيق شامل وشفاف عما جرى هو الحل
والسؤال هو :
أليس من حق أبناء بن بركة والشعب المغربي معرفة الحقيقة ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله