السيسي يبرر لـ«بي بي سي» قوانينه الأمنية… والسعودية والإمارات تتآمران ضد مصر في معركة «سد النهضة»

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: المتابع للصحف المصرية في الأيام الأخيرة يتأكد أن غضب الرئيس على من انتقدوه لم يذهب سدى، فقد حرص عدد من أنصاره على إبداء الندم على ما اقترفوه من توجيه النقد لبعض سياساته.
وبين عشية وضحاها مارس إعلاميو الفضائيات، في المقام الأول، ومن خلفهم بعض كتاب الصحف، سياسة جلد الذات، وأقاموا في ما بينهم حائط مبكى على اقترافهم خطيئة كبرى بنقد الرئيس. غير أنه وللأمانة بقي عدد من الكتاب عند موقفهم، رافضين أن تتحول حناجرهم إلى أبواق للنظام، الذي يسعى بما أوتي من قوة، لأن يعيد عقارب الساعة للوراء، وهو ما اعتبره المحايدون ضرباً من ضروب المستحيل، مطالبين الرئيس بسعة الصدر وتقبل النقد، طالما كان بناءً، ويهدف إلى مصلحة الوطن، ولا يسعى للتآمر عليه. وأمس تحولت الصحف المصرية لمنصات صواريخ ضد الولايات المتحدة وبريطانيا، على إثر قيام كلتيهما بترويج معلومات مفادها أن سقوط الطائرة الروسية مؤخراً تم بفعل عمل إرهابي، وهو ما لم يستبعده أوباما، فضلاً عن قرار المملكة المتحدة ترحيل رعاياها في شرم الشيخ، وهو الأمر الذي أغضب الحكومة، وكذلك الإعلام المصري، بسبب تداعيات تلك الإجراءات على تردي صناعة السياحة، التي كانت أحد أهم مصادر دخل العملات الأجنبية، والتي تعاني ركوداً امتد منذ مطلع فجر ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، حتى الآن.
وقد اشتعلت المعارك ضد الإدارة الأمريكية وبريطانيا، فيما أثنى عدد من الكتاب على الموقف الروسي الرافض لمقاطعة رحلات الطيران للمدن المصرية، وتواتر الهجوم على البرلمان المقبل من قبل بعض المتشائمين بمولد حياة برلمانية لا تعبر عن الثورة التي خاضها المصريون من أجل دحر الديكتاتور المستبد مبارك وإلى التفاصيل:

«وسعت منك يا سيسي»

استنكرت حركة «6 إبريل» تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، الخاصة بأن الجيش لم يتدخل في السياسة منذ 1952. وقالت الحركة إن «تصريحات السيسي بمثابة كوميديا، لا تستطيع أن تمر مرور الكرام، وأضافت «محدش عارف يعديها وسعت منك دي». وأضافت الحركة ساخرة عبر صفحتها على موقع «فيسبوك»: «دا حتى المطبلاتية بتوعك طول الوقت بيحاولوا يقنعونا أن مصر لازملها رئيس – وكل المناصب تقريبا في الحقيقة- عسكري»، مضيفة: «أنت مش قاعد قدام شوية عساكر من اللي بيسقفولك لكل ما تقول». وكان السيسي قد قال خلال حواره مع فضائية «BBC» عربي (أمس)، إن الجيش المصري هو أحد أسباب استقرار الأوضاع ومنع سقوط الدولة المصرية، مشيرا إلى أن الجيش لم يتدخل في السياسة منذ 52».

«فضيلة الشيخ جون كيري»

أما في «المصريون» فكتب لنا محمد حلمي في عموده «صباحك عسل» عن «فضيلة الشيخ جون!» قائلا: «علينا أن نعترف أن هناك إعلاميين «إيدك منهم والقبر».. لا يتسع المقام لذكر نماذج.. لكن أحيلكم إلى أخطاء تصل إلى حد الجنايات المهنية وقعت في الأيام القليلة الماضية.. للإنصاف أقول إن كان بعضها قد فلت على سبيل السهو، وهو ما لا يجوز في الإعلام، لما قد يترتب عليه من آثار تلبسنا في الحائط، بيد أن بعض الأخطاء أرى أن سببها غياب الوعي وضحالة الثقافة.. للتوضيح انتهز فرصة إعادة نشر صورة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري للترويج لفكرة أن العم سام ليس في حالة عداء مع الدين الإسلامي والمسلمين.. الصورة لجون كيري وزير الخارجية الأمريكي جالساً القرفصاء داخل صحن مسجد في الصومال وأمامه مجموعة من الصبية، وبدا وكأنه واعظ يلقي عليهم درساً دينياً.. هب أن صحافياً نصف لِبَّة شاهد الصورة..؟ وبعد أيام كان كيري في زيارة للمملكة العربية السعودية.. ثم طُلِب من الصحافي المذكور كتابة تعليق على صورة كيري عند وصوله مطار الرياض في المملكة العربية السعودية، هل تدري ماذا يكتب؟ أنا اقول لك.. سيكتب: وصل السيد جون كيري وزير الخارجية الأمريكي إلى الأراضي السعودية.. ومصر قيادة وشعباً تتمنى له حجاً مبروراً».

كاميرون ينفي مسؤولية بلاده عن التطرف

وإلى زيارة الرئيس للمملكة المتحدة، حيث حضر رئيس تحرير «أخبار اليوم» ياسر رزق المؤتمر الصحافي للرئيس السيسي ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون، الذي سأله رزق في المؤتمر الصحافي: «هناك الكثير في الشرق الأوسط يعتبر أن بريطانيا مسؤولة عن خلق تنظيم «داعش»، مرة بسبب تدخلها العسكري في العراق وليبيا، الذي مهد الطريق لتمدد ميليشيات هذا التنظيم، ومرة بسبب احتضانها دعاة التطرف والإرهابيين؟ وسأله: ألا تعتقد أن بريطانيا في حاجة لمراجعة موقفها من التنظيمات المتطرفة والإرهابية من دون استثناء، بما فيها جماعة الإخوان التي تُعد أم كل تنظيمات الإرهاب باسم الإسلام؟ إجابة كاميرون حملت نفياً لمسؤولية بلاده عن التطرف بسبب تدخلها في العراق وليبيا قائلاً: إن أكبر حدث إرهابي وهو تفجير برجي نيويورك جرى قبل ذلك بمعرفة تنظيم «القاعدة». وقال كاميرون إن الاسلام وهو دين السلام، تحاول أقلية أن تسمم قيمه السمحة وتبرر القتل والتخريب، وهو ما يفعله «داعش» والتنظيمات الإرهابية في الدول الأخرى. أما عن الإخوان.. فقال كاميرون بوضوح: إنه طبقاً للمراجعة التي تمت للإخوان، والتي سيتم نشرها قبل نهاية العام، ستجدون بريطانيا تتخذ إجراء أكثر قوة ضد التطرف عموماً، حتى ضد الذين لا يمارسون العنف، وانما يحرضون عليه ويحاولون جذب الآخرين لممارسته».

الرئيس عليه أن يتخلص ممن ورطوه في المستنقع

ومن تجليات رحلة لندن تساءل محمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي لـ«المصريون»: «لا أدري كيف لم ينتبه الفريق المعاون للسيسي، إلى أن مواجهة الأخير – في كل مرة يزور فيها دولة ديمقراطية – بالأسئلة ذاتها حول القمع والقوانين التي يمارس باسمها، تعني أن الغرب – لم يقتنع ولن يقتنع بمثل هذه المبررات.. ولذا فهو ما انفك يعيد طرحها على السيسي في كل مرة. وفي حين كان الرئيس يبرر لمحرر «بي بي سي»، قوانينه الأمنية باعتبارها لا غنى عنها لمواجهة الإرهاب، كانت جلسة في الكونغرس تحقق في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، حضرها مسؤولون أمريكيون وممثلون لمنظمات حقوقية دولية وناشطون وباحثون في مراكز بحثية معروفة.. حيث فجّر شادي حميد الباحث في معهد بروكنغز، مفاجأة كبيرة، حين قال: «البعض يرى في الإدارة الأمريكية أن مصر صارت أكثر استقرارًا، ولكنني أرى أن مصر صارت أكثر هشاشة، فقبل تولي النظام الحالي كانت العمليات الإرهابية نحو 78 عملية.. وبعد توليه ارتفع عدد العمليات إلى 1200 عملية، وهذا رقم كبير جدًا.. والتنظيمات الإرهابية مثل «داعش» وجدت لنفسها بيئة داخل المجتمع المصري بسبب القمع». ولنتأمل فارق العمليات الإرهابية من 78 عملية قبل 3 يوليو/تموز لترتفع بشكل جنوني لتبلغ 1200 عملية إرهابية في العامين التاليين لـ3 يوليو 2013، والأرقام بالقطع لا تكذب. ويتساءل الكاتب، لا أدري ما إذا كان لدى الرئيس جهاز معلوماتي، متخصص في إحصاء العمليات الإرهابية.. لنتأملها وتقييمها وإجراء مراجعة عاجلة بناء على نتائجها. ولكن يبدو لي أنه مع سيادة منطق «الفهلوة».. فإن الكل يتحرك بارتجالية، مستندة إلى منطق العجرفة والاستعلاء على الواقع والمتغيرات المفصلية العميقة في المجتمع، التي فاجأت الرئيس، ولم يكن على علم كافٍ بها قبل توليه المسؤولية، وحسبته حاضنته الأمنية والعسكرية بأنها نزهة.. وكلها أيام و«نلم» العيال بتوع 25 يناير/كانون الثاني، ونضعهم في السجن ثم يستتب لنا الأمر بعدها. في تقديري أن الرئيس في أزمة حقيقية.. وكان ذلك واضحًا في خطابه الأخير المثير للجدل، إذ يمكن وصفه بخطاب أزمة.. وعليه أن يتوقع يقينًا أنه لن يستطيع إسكات المعارضة طوال بقائه في السلطة.. وإذا كان حريصًا على مستقبله السياسي، فعليه أن يبدأ بالتخلص من كل الذين ورطوه في هذا المستنقع».

المطر وصل للزنازين

ونتجه نحو إحدى شهادات أهالي المسجونين من الإخوان، حيث كشفت والدة خالد عسكر، خريج كلية العلوم جامعة المنصورة، المحكوم عليه بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميًا «قتل الحارس» معاناة نجلها وآخرين في سجن برج العرب، بسبب الأمطار الغزيرة التي تساقطت خلال اليومين الماضيين في عدة محافظات مصرية، منها البحيرة والإسكندرية. وقالت والدة عسكر»: «لقد زرت خالد ابني بالأمس في سجن برج العرب، حيث عنابر الإعدام ممتلئة عليهم بالمياه، والمياه تدخل عليهم من الأسلاك التي هي عبارة عن شباك ومن أسفل، حيث أنها عنابر تحت سطح الأرض. وتساءلت، كيف يكون لشخص أن يعيش حياته واقفا وسط بركة من الماء وكل أغراضه وملابسه وطعامه تغطيها المياه، وهل يستطيع أحد أن يظل واقفا ليلة واحدة داخل بركة مياه، فهم يعيشون هكذا، كل أغراضهم أصبحت غير صالحة لا يوجد ما يفترشون به الأرض من أغطية، وإن وجدت فهي غرقى في الماء، الزنزانة خالية تماما من الكهرباء ودورة المياه. وتابعت، لا يُدخل لهم شيء إلا أثناء الزيارة، التي هي مرة واحدة في الشهر، وتدخل الأشياء بعد أن تقطع بالمطواة قطعا صغيرة ، حتى الشراب (الجوارب) يشق بالمطواة، وعندها لا تعد تصلح إلا أن تُلقى في صناديق قمامة السجن أمام عنبر الإعدام . وواصلت كلامها، «خرج لي خالد ابني للزيارة وقدماه زرقاوان من المياه وثيابه مبلله ويرتعش من البرد». واختتمت، إنما اشكو بثي وحزني إلى الله». كان المستشار أسامة عبد الظاهر قد أحال أوراق عسكر وعشرة مواطنين آخرين في التاسع من يوليو/تموز الماضي، في القضية المعروفة إعلامياً بـ«قتل الحارس» المُقيدة برقم 781 لسنة 2014 كلي جنوب المنصورة، 26 لسنة 2014 جنايات أمن الدولة العليا، بعد اتهامهم بعدة تهم أبرزها، قتل رقيب في مديرية أمن الدقهلية، الانضمام إلى جماعة محظورة».

الإعلاميون سيشكون الرئيس للشعب أيضاً

ونتحول للجدل الذي خلفه الرئيس حينما هاجم عددا من الإعلاميين، حيث استنكر ذلك أشرف البربري في «الشروق»: «إذا كان الرئيس سيشكونا إلى الشعب، فنحن أيضا نشكوه إلى الشعب. تجاهل الرئيس الأصوات والآراء المختلفة مع خياراته على قلة هذه الأصوات، رغم إخلاص أصحابها. وسنشكو إلى الشعب السياسات الاقتصادية التي يتبناها نظام الحكم الحالي، الذي يدفع البلاد نحو هاوية الإفلاس. فالأرقام الرسمية تقول إن إجمالي الدين العام المحلي زاد خلال السنة الأولى من حكم الرئيس السيسي بنحو 300 مليار جنيه ليبلغ 2.116 تريليون جنيه، رغم تخفيض دعم الطاقة وزيادة الرسوم الحكومية في كثير من القطاعات، بدءا من رسوم المدن الجامعية وانتهاء برسوم مدارس الحكومة وأسعار الكهرباء والمياه، كما فقد الجنيه نحو 12٪ من قيمته أمام الدولار منذ بداية حكم الرئيس، وإيرادات قناة السويس التي أنفقنا على توسيعها المليارات تتراجع، على خلفية تباطؤ حركة التجارة العالمية، ومشروعات مؤتمر شرم الشيخ التي ملأنا الدنيا حوله ضجيجا، تبخرت إلا من بعض المشروعات التي تنفذها شركات أجنبية بنظام المقاول، أي تحصل من الحكومة على المال مقابل تنفيذ المشروعات، كما هو الحال بالنسبة لمحطات الكهرباء التي تنفذها شركة سيمنز، وبالتالي لا يمكن اعتبارها استثمارات أجنبية جاءت إلى البلاد.
يضيف البربري: إذا كان الرئيس سيشكونا إلى الشعب، فنحن أيضا نشكو إلى الشعب إصرارا غير بريء على وأد الحياة السياسية في مصر بعد 30 يونيو/حزيران من خلال قوانين انتخابات رفضتها أغلب الأحزاب والقوى السياسية، وأدت إلى انتخابات بلا ناخبين، في حين نرى انتخابات «الأتراك الأعداء» وقد جذبت أكثر من 85٪ من الناخبين. ونشكو إلى الشعب صمتا رسميا على التسجيلات والتسريبات التي استهدفت تشويه كل الأصوات المعارضة، حتى أصبحنا أمام مشهد سياسي عبثي تتنافس فيه الأحزاب على التقرب من الرئيس، إذا كان الرئيس سيشكو الإعلام إلى الشعب، فنحن أيضا سنشكو إلى الشعب الجهود الدؤوبة الرسمية وغير الرسمية التي تستهدف محاصرة الإعلام وإدخاله الحظيرة الحكومية».

السيسي في مرمى نيران ماسبيرو

شهد متابعو التلفزيون المصرى أول هجوم مباشر وشرس على الرئيس عبدالفتاح السيسي تزعمته المذيعة عزة الحناوي، التي داومت على الدفاع عن النظام في ما سبق، قبل أن تنقلب عليه على الهواء مباشرة. وبحسب «الشعب» قالت في برنامجها «القاهرة مع الناس» المذاع على قناة القاهرة «الثالثة»مهاجمة السيسي، بسبب فساد المجالس المحلية قائلة: «سيادتك… فين خطتك فين رؤيتك؟»، مطالبة إياه بقانون لمحاسبة المسؤولين. وأشارت الحناوي إلى أن الخطة القومية لمكافحة الفساد التي وضعها رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب لا تطبق على الإطلاق، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفساد. وتساءلت عن سبب عدم محاسبة كل من يقوم بإهانة وإذلال الشعب المصري، بداية من رئيس الجمهورية لأصغر مدير إدارة، قائلة: «طول ما هو مفيش محاسبة هتفضل سيادتك تتكلم وتوعد ومش هتلاقي نتيجة.. الناس زهقت ومش هتنزل انتخابات تاني». ووجهت الحناوي حديثها للسيسي قائلة «الإجابة عند سيادتك». وكان ضيف الحلقة هو الكاتب الصحافي عبد المنعم فوزي مدير تحرير جريدة «الجمهورية» الذي بدت عليه ملامح التوتر الشديد.

على وشك التنحي

ونبقى مع المعارك الصحافية، حيث يؤكد المستشار عماد أبوهاشم أنباء وتكهنات تُرجِّح إقدام الرئيس على التنحي خلال الأيام المقبلة، هذه الأنباء وتلك التكهنات تستند إلى أسبابٍ وحقائق يدعمها الواقع، بعدما تكشف للرأي العام تدني شعبيته بإحجام المصريين ـ على نحوٍ غير مسبوقٍ ـ عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بما لم يعد يدع مجالًا للشك أن المصريين أفصحوا عن رفضهم له، بعد أن تأكد فشله على كافة الأصعدة والمستويات، حتى أصبح استمراره يشكل خطرًا مُحَدقًا يتهدد بنيان الدولة العميقة، وينذر باجتياحٍ شعبىٍّ غاضبٍ.. يضيف عماد في «الشعب»: «من المؤكد أن توقيت وكيفية إجبار السيسي على التنحي أمرٌ قد تم تداوله وبحثه ومناقشته من قبل القوى الإقليمية والدولية، التي تمسك بتلابيب الدولة العميقة في مصر، وتهيمن عليها وتسيطر على مفاتيحها، من أجل إخماد روح الثورة عن طريق محاولة خصخصة أهدافها وحصرها في الإطاحة بشخص السيسي فحسب، بهدف الحفاظ على الدولة العميقة واستباق أىِّ مواجهةٍ تصادميةٍ بين أجهزتها ومؤسساتها القمعية من ناحيةٍ، وبين الشعب من ناحيةٍ أخرى. ويشير أبوهاشم إلى أن إصرار الثوار في مصر ـ كمبدأ عامٍ ـ على رفض أيّ تفاوضٍ يكون السيسي طرفًا فيه أيًّا ما كانت حدود ومكاسب ذلك التفاوض، فضلًا عن تراجع الدول الداعمة له عن مؤازرته ـ كسابق عهدها ـ وتخليها عن دعمه على الصعيدين السياسىي والاقتصادي اعتراضًا على سياساته، بالإضافة إلى نجاح الحزب الحاكم في تركيا (الداعم الأول للثورة المصرية) في الحصول على الأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة. كل تلك الأمور فرضت على القوى الإقليمية والدولية صاحبة النفوذ الحقيقي على الأراضي المصرية التراجع عن سياساتها القديمة، ولا سبيل أمامها في ذلك إلا إجبار السيسي على التنحي».

جهلة الإعلام لا يعرفون السياسة

أما محمد الدسوقي في «اليوم السابع» فقال: «مطبلاتية الإعلام ومنافقو السياسة وهواة المزايدة، يأخذوننا بجهلهم من «نقرة» إلى «دحديرة»، يزرعون هم أفكارا غير مدروسة بذرتها الجهل والكره، لتحصد من خلفهم الدولة ألما ووجعا ووقتا مهدرا، يتقدمون الصفوف بحثا عن الشهرة بإيحاء كاذب عن قربهم من السلطة والحديث باسمهم، ويصرخون في الجماهير مزايدين بفجرهم في الخصومة مع الإخوان، طمعا في شهرة شعبية، وبطولات وهمية، حتى رسموا في ذهن الشعب صورة تقول بأن الدولة ستلقي بالإخوان في البحر وستحذفهم من جدول الحياة.. وتلك مشكلة. الجهلاء فى الإعلام والسياسة خلقوا ذلك الإحساس في نفوس الناس، لأن جهلهم فشل في إسعافهم لإدراك أن مصر تعيش لعبة سياسية، والسياسة تقتضي من رئيس الجمهورية، وأي مسؤول في الدولة أن يتحدث بلغتها ولغة السياسة ليس في قاموسها أي حديث، خاصة حينما يكون مع المجتمع الدولي كلام عن دفن الإخوان وحذفهم من سجلات الوطن، حتى لو كانوا أعتى الخصوم وأشدهم، كما أن السياسية ستقتضي في يوم ما ربما يكون بعد شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين، بأن تكون هناك لعبة تفاوضية بين الإخوان والدولة، الواقع يقول ذلك، والتاريخ يمتلئ بالكثير من القصص عن الجيوش التي كانت مدافعها تطلق النيران على طول خط المواجهة، بينما أهل السياسة على الموائد يبحثون عن حلول، ولا يوجد في أي من ذلك معنى دال على المصالحة، فما في القلب يبقى في القلب، ولكنه حال السياسة يا عزيزى تدفعك غصبا ورغبة في تحقيق المصلحة العامة للجلوس مع الخصوم، حتى لو كانت آخر رغباتك في الدنيا أن تصاب بالعمى ولا تراه. من هذا الإطار يمكنك أن تفهم الضجة التي صنعتها تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي في حواره مع هيئة الإذاعة البريطانية، حول أن الإخوان جزء من الشعب المصري… هؤلاء «المطبلاتية»، حينما استمعوا لتصريحات الرئيس عن الإخوان، أساءوا تفسيرها وأخطأوا في تقديرها مثلما فعل من قبل حينما تكلم عن الدستور. تصريحات السيسي التي أكد فيها، أن الإخوان جزء من الشعب المصري ومصيرهم السياسي بيد الشعب المصري كررها مرات كثيرة من قبل، ولكنهم لا يقرأون وإن قرأوا أو سمعوا لا يفهمون، وهذا النوع من التصريحات السياسي متوقع أن يصدر من رئيس الجمهورية وهو يخاطب العالم الخارجي، وفعلها الرئيس من قبل وكرر التصريحات نفسها بصيغة مختلفة، أثناء لقائه مع ميركل في زيارته الأخيرة لألمانيا…».

متآمرون ضد مصر

ونبقى مع الهجوم ضد الإعلاميين وها هو حجاج الحسيني في «الأهرام» يتولى الأمر: «إذا كان من حقنا أن نكشف الفساد في كافة أجهزة ومؤسسات الدولة.. فمن حق الناس علينا أن تعرف فساد «الإعلام» ومن هم أصحاب المصالح الذين ينفقون الملايين في إطلاق القنوات الفضائية والصحف الخاصة. السؤال الذي يفرض نفسه.. لماذا يتسابق رجال الأعمال في امتلاك الصحف والفضائيات؟ والاستعانة بـ«كتيبة» من الإعلاميين يدفعون لهم ملايين الجنيهات؟ ويتساءل حجاج:هل يدافع رجال الأعمال عن مصالح البسطاء في قنواتهم وصحفهم؟ أم أن هذه الأسلحة الإعلامية موجهة فقط لحماية شركاتهم ومصالحهم وإعلان الحرب على الدولة في حالة الاقتراب منهم، ومطالبتهم بدفع الضرائب؟ الظاهرة خطيرة وتهدد المصالح العليا للدولة، خاصة أن هناك رجال أعمال على رأس أحزاب سياسية من أصحاب الصحف الخاصة والفضائيات، والأخطر من ذلك أن رجل أعمال يدير حزباً من وراء الستار، أنفق الملايين لدعم مرشحيه في انتخابات البرلمان ويعطي مرتبات شهرية للنائب الفائز وينفق على مقرات النواب يسعى لتشكيل تكتل برلماني للحفاظ على مصالحه». القراءة في أسماء القوائم والأحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات البرلمانية تؤكد أنهم يموتون في حب مصر، ومن أجل مصر وأبناء مصر، فلماذا لا تبادر قائمة «في حب مصر» التي فازت بـ60 مقعداً حتى الآن وباقي الأحزاب السياسية والنواب المستقلين الذين أنفقوا ملايين الجنيهات في حملة الدعاية الانتخابية بالتبرع بجميع مكافآت النواب لصندوق «تحيا مصر»، أم أن الأحزاب والنواب معا يريدون تعويض ما أنفقوه من أموال للوصول إلى البرلمان؟
ويؤكد الحسيني أن المشهد الإعلامي يحتاج إلى إعادة هيكلة بعد حالة الانفلات التي تشهدها الساحة، الأمر الذي يحتاج إلى ضرورة خروج قانون تنظيم الصحافة والإعلام، خاصة بعد انتهاء عمل المجلس الأعلى للصحافة».

نار ستحرق الوطن

ومع القضية نفسها نبقى إذ يحذر فاروق جويدة في «الأهرام» من خطر البعض في نشر الفتنة: «لا ينكر محنة الإعلام المصري إلا مكابر، فلاشك أن الشارع المصري يدرك حجم المأساة التي تصل كل ليلة إلى كل بيت، بل أنها امتدت إلى مناطق أخرى في العالم العربي، حيث ترى من يسألك بصراحة ووضوح ماذا جرى للإعلام المصري؟ وهل هذه هي مصر التي نشاهدها على الشاشة؟ يتابع الكاتب : من هنا جاءت غضبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو يتحدث إلى الشعب في الندوة التثقيفية التي أقامتها القوات المسلحة في مسرح الجلاء، ورغم أن الحديث كان عتابا للإعلام إلا أنه لم يخل من الغضب، ويرى جويدة أن مؤسسات الدولة تتحمل المسؤولية عن حالة الانفلات التي يعيشها الإعلام المصري الآن، وكان ينبغي أن تصل هذه الرسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكن لا أحد يشرح، ولا أحد يقول ومن حق الرئيس أن يعاتب وأن يغضب، ولكن هذا كله لن يصل بنا إلى شيء أمام حالة التردد والتراخي التي نعاني منها. ويعترف فاروق بأننا أمام ثلاثية لابد أن نتوقف عندها وهي التي تحكم الآن المشهد الإعلامي.. نحن أمام سلطة بلا قرار حاسم في ما يخص الساحة الإعلامية.. وأمام رأسمال أهوج ومغامر بلا فكر.. وأمام إعلام منقسم على نفسه حتى أصبح مشاعا وفقد هويته أمام جبروت رأس المال والعبث السياسي وغياب الرؤى. الغريب أن السلطة بكل مؤسساتها هي الحاضر الغائب في المشهد الإعلامي، ولا بد أن نعترف بأن الإعلام المصري لم يشهد يوما فترة من فترات الحرية الحقيقية بل ظل حائرا ما بين الحرية واللاحرية زمنا طويلا».

روح العصر تنحاز إلى «التعددية»

ونقترب من موطن الداء أكثر على يد محمود خليل في «الوطن»: «ليس دفاعاً عن الإعلام، بل هو دفاعٌ عن الموضوعية في النظر إلى المشكلة التي ظهرت بين الرئيس والإعلام، أجد أن الرئاسة مطالبة باستيعاب جملة أمور، أولها: أن «الإعلام الأحادي» جزء من تاريخ التجربة، وليس جزءاً من حاضرها، فمسألة الدفاع المطلق عن السلطة السياسية وعدم التعرض لها بالنقد أمر لا يتفق مع المزاج المصري الذي خاض ثورتين في يناير/كانون الثاني، ويونيو/حزيران، بالإضافة إلى عدم توافقه مع روح العصر الذي نعيشه، فروح العصر تنحاز إلى «التعددية» وليس إلى «الأحادية». في الستينيات كان التلفزيون بقناتين والبوتاجاز بعينين والجرائد اليومية ثلاثاً، أما اليوم فلا حصر، مئات القنوات الفضائية وعشرات الجرائد اليومية والأسبوعية».

سد النهضة.. خطر لا ينسى

في تصريح خطير لصحيفة «العلم» الإثيوبية، عبّر المتحدث باسم الحكومة بريخيت سمؤون، عن شكره للدول الداعمة لسد النهضة، وعلى رأسها- حسبما قال- إسرائيل، والولايات المتحدة، ودولة الإمارات، والمملكة العربية السعودية. ومن جانبه يرى عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» أنه من المهم التوقف أمام هذا التصريح، الذي يكشف حقيقة مهمة، وهي المتعلقة بالدعم السعودي والإماراتي لعملية الإنشاء، وهما الدولتان الأكثر استثماراً في مشاريع إثيوبية، ولذا فقد كُنا نُعول عليهما في بداية الأمر للوساطة مع إثيوبيا، لوقف الإضرار بحصة مصر في مياه النيل، وليس العكس مما يمكن أن تكشف عنه الأيام المقبلة في هذا الصدد».

المطلوب من الحكومة

وإلى الحكومة الجديدة التي تتضاعف الأعباء عليها حيث يطالبها علي هاشم في «فيتو»: «أن تضاعف جهودها، وأن تفتح عينيها على حركة الشارع وما يتفاعل تحت السطح، وأن تأخذ بالجدية نتائج الدراسات الاجتماعية وتحذيراتها، التي تربط الجريمة بزيادة معدلات الفقر والبطالة والعنف والبلطجة والعشوائية والزحام والتكدس السكاني، وما تجره تلك الظواهر السلبية من مخاطر تهدد المجتمع كله. لم يعد التعتيم والتسويف والتهرب من المسؤولية يجدي في عصر لا يخفى فيه شيء، ويتناقل الناس المعلومات وحتى الشائعات بسرعة مذهلة عبر الفضاء الإلكتروني؛ ومن ثم لم يعد مقنعًا إلا الإنجاز والشفافية، خصوصًا في ملفات الصحة والتعليم والاستثمار والسياحة والتشغيل، وتقديم ردود شافية مقنعة، على أسئلة ملتبسة زادتها غموضًا وقلقًا مواقف قيادات حزبية وسياسية مسؤولة. يضيف هاشم ما نحتاجه الآن بشدة هو إعادة النظر في مسألة العدالة الاجتماعية، لإحراز النجاح وزيادة الإنتاج والتصدير وجلب العملة الصعبة، وكبح جماح الأسعار وتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور على الجميع. ويرى الكاتب أن المعالجات الجزئية للأزمات لا تنفع، وعلينا جمع عقلاء مصر في الداخل والخارج لوضع روشتة إنقاذ للاقتصاد والتعليم والصحة والبطالة.. العلم وحده قادر على انتشالنا.. المصارحة مطلوبة ولا عودة للروح إلا بإشراك الشعب في المسؤوليات.. وتبقى أولويات عاجلة مثل فتح المصانع المغلقة والتوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والدفع باتجاه برنامج تصنيعي ضخم للنهوض بمصر، ووضعها في مكانها ومكانتها اللائقين. وبحسب الكاتب مطلوب إقناع الناس بأنه لا عودة للوراء، وأن الإرادة السياسية متوفرة وصادقة.. بقي أن تدرك الحكومة أولوياتها وأن نصبر عليها بشرط أن تكون جادة وفاعلة وحريصة على مصارحة الرأي العام بما عليها أن تفعله».

تهاني تتبرأ من تشبيه السيسي بالنبي يوسف

ومن معارك الأمس الصحافية تلك التي قادها حمدي رزق، ضد الإخوان تأييداً للمستشارة تهاني الجبالي نائبة رئيس المحكمة الدستورية السابقة، مؤكدًا أنها نموذج ومثال لو ترشحت بمفردها في أي دائرة في مصر لخرج الرجال قبل النساء يحملونها إلى البرلمان، وتابع في «المصري اليوم»: «نفت المستشارة تهاني الجبالي كونها شبّهت الرئيس السيسي بالنبي يوسف عليه السلام، وقالت: «لم يحدث»، صحيح تعرضت لقصة النبي يوسف عليه السلام في معرض هداية الأشرار، لكن الأشرار نسبوا لها هذا اللغو البغيض دينياً، تعريضاً بها، وتلسيناً عليها لغرض انتخابي زائل، هذا من صنيع الإخوان! لا تخفي تهانى دعمها للرئيس، في ظهره، ولا تتخفى من اعتقادها الراسخ أن هذا الرجل يستحق كل دعم لوقفته الشجاعة في مواجهة الإخوان، وتوقن أن مصر لا تملك رفاهية خسارة هذا الرجل، أو رفاهية فشله، وتفشيله هذا عين وعبادة الإخوان، والأمريكان، ومن لف لفهم. «تهاني» تعرف ذلك جيداً، وأكثر، طالعت جيدا كتاب «لعبة الأمم» ومخططات الاختراق، تهاني تقول في الرئيس ما تعتقده حقاً، «الرئيس أمانة في أعناقنا»، ولا تأبه لحقد حاقد مأجور، وتدافع عن الرئيس الذي هو ابن مصر وجيشها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، أتحاسبون تهاني على وطنيتها؟.. متى كان لخونة الأوطان أن يحاسبوا الوطنيين، وينساق وراءهم المرجفون؟. «تهاني الجبالي» التي أعرفها نموذجاً ومثالاً أكبر من هذه العنعنات التي يمسكونها عليها كذنب، حتى الوطنية صارت ذنباً، «تهاني الجبالي» سيدة من مصر، لو ترشحت بمفردها في أي دائرة في مصر لخرج الرجال قبل النساء يحملونها إلى البرلمان، ولكن اختارت طريق القوائم وهذا طريق محفوف بالمخاطر الانتخابية، القوائم لا تحتفي عادة بجواهر التاج، تهاني «رقم وطنى» ليست في حاجة للتمسح في ثياب الرئيس».

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ناجح الفليحان:

    و كأن الإمارات و السعودية تقولان للسيسي عبر سد النهضة:

    ما فيش مية يا السيسي :)

إشترك في قائمتنا البريدية