الوضع الإنساني يهيمن على المشهد اليمني ومعارك «الكر والفر» تسود الجبهات

حجم الخط
0

تعز ـ «القدس العربي»: هيمن الوضع الإنساني المأساوي على كل المعارك والمواجهات المسلحة في العديد من الجبهات بين ميليشيا الحوثي وصالح وبين قوات المقاومة بشقيها الشعبي والعسكري، التي لا تبرح وضعها بين (الكر) و(الفر) منذ شهور دون تحقيق مكاسب فعلية على الأرض.
وعلمت (القدس العربي) من مصدر عسكري فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية أن «الوضع العسكري محبط لدى المقاومة كما هو لدى ميلشيا الحوثي وصالح، حيث لم يستطع أي منهم تحقيق مكاسب عسكرية نوعية ترجح كفة الميزان لصالح أي منهما في أغلب الجبهات سواء في مناطق الشمال أو في مناطق الوسط أو جنوب الشمال».
وأوضح أن «الوضع العسكري الراهن في مرحلة المنتصف، أي منتصف الطريق، بين كل الأطراف المتحاربة في أغلب الجبهات وإن حقق البعض تقدما محدودا لكن سرعان ما يضيع بسبب إطالة أمد الحرب وتدهور الوضع الانساني بشكل مخيف، خاصة في مدينة تعز والمناطق التي تدور فيها معارك ومواجهات بشكل مستمر».
وأكد أن المشكلة في عدم الحسم لصالح أي من الطرفين راجع ليس إلى عدم قدرة أي منهما على الحسم ولكن لأن «المخرج عايز كده»، على حد تعبيره، حيث إن «الأطراف الإقليمية والدولية التي تقف وراء دعم أطراف الصراع بشكل أو غير مباشر تبدي رغبتها في استنزاف كل الأطراف التي لديها القدرة على حمل السلاح والمواجهة المسلحة وإخراجها من هذه المعركة منهكة ومنتهية عسكريا وربما سياسيا».
وفي حين ظل اليمنيون منذ شهور ينتظرون الفرج وساعات الحسم في العديد من الجبهات في أغلب المحافظات اليمنية، لم يتحقق أي من ذلك لأسباب غير معروفة رغم الوعود المتكررة باقتراب ساعة الحسم، وأرجعها محللون وقادة عسكريون إلى (الاستغراق في التخطيط العسكري) لمعركة حسم شاملة وكاملة بشكل متزامن في كل من محافظات تعز والحديدة والجوف والبيضاء ومحاصرة العاصمة صنعاء من كل الجوانب، ومزامنة ذلك بشراء ولاءات القيادات القبلية في القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء لصالح القيادة الشرعية برئاسة عبدربه منصور هادي.
ورغم بعض المبررات المنطقية للقوات العسكرية الخارجية الداعمة للقوى المحلية، إلا أن الشارع اليمني والسكان المحليون يشعرون بحالة إحباط كبيرة بسبب التباطؤ في التقدم العسكري والجمود في أغلب الجبهات، ما يدفعهم في الكثير من الأحيان إلى إرجاع أسباب ذلك إما إلى عدم جدية الأطراف الخارجية الداعمة للقوى العسكرية الميدانية وإما لوجود خلل في القيادة اليمنية المقيمة في المنفى التي ربما لا تشعر بحجم المعاناة الانسانية التي يتعرض لها السكان المحليون في كل المدن والمحافظات اليمنية.
وتتباين مستويات وحجم المعانات الانسانية بين المدن والمحافظات اليمنية، سواء التي تتعرض للقصف العسكري المستمر من قبل ميليشيا الحوثي وصالح أو التي تقع تحت سيطرة الميليشيا الحوثية وصالح وتتعرض للقصف الجوي من قبل قوات التحالف، مع فارق أن الأولى تتعرض للقصف بالقذائف الصاروخية والمدفعيات الثقيلة بشكل عشوائي وهستيري من قبل الميليشيا الحوثية وفي مقدمتها الأحياء السكنية والمؤسسات الخدمية والمستشفيات، في حين أن الأخرى تستهدف المواقع والأهداف العسكرية ويتضرر جراء ذلك السكان المقيمون بالقرب من المواقع العسكرية.
وقال محلل سياسي لـ(القدس العربي) انهم كانوا يتوقعون أن لا تستمر هذه الحرب الطاحنة في اليمن لأكثر من شهر غير أنها اليوم تتجاوز اليوم شهرها السابع دون تحرير المدن الرئيسية التي كانت الشرارة لتحرير المحافظات اليمنية من الهيمنة الحوثية و»نخشى أن تطول كثيرا، لتحول اليمن إلى سوريا أخرى، يطول الحرب فيها وتصبح نموذجا آخر من الدول العربية التي تنهار وتنحدر نحو الحرب الأهلية».
ومع أن الكثير من اليمنيين متفائلون بقرب الفرج واقتراب ساعة الصفر للحسم العسكري كما حصل في محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها التي تم تحريرها من قبضة الحوثيين والاحتمالات الواردة في اقتراب موعد معركة الحسم لتحرير تعز وربما محافظات الوسط المرتبطة بها كمحافظات الحديدة وإب بالاضافة إلى محافظات الجوف والبيضاء، غير أن إطالة أمد الحرب أثقلت كاهل اليمنيين ودفعت بأغلبهم إلى حافة الفقر إثر فقدانهم لمصادر دخلهم وانعدام المواد الأساسية من الأسواق وغلاء أسعارها، اثر مصادرة الميليشيا الحوثية وقوات المخلوع صالح لكافة المعونات الانسانية الخارجية ومحاصرة المدن التي انتفضت ضدها اقتصاديا ومعيشيا وتحويل السوق اليمنية إلى سوق سوداء مفتوحة، عبر طبقة جديدة من التجار المحسوبين على الحوثيين الذين يعملون لصالح القيادات الحوثيية والذين حققوا ثراء فاحشا خلال فترة وجيزة.
وقال الكاتب الصحافي عبدالحفيظ الحطامي «ان هناك شعبا يتعرض للقتل والوحشية والتنكيل من مليشيات الحوثي والمخلوع صالح والكارثة المحدقة ان هذه المليشيات تفخخ هذا الشعب اليمني بالاحقاد والثارات المقيته وتجتر كل آثام الماضي واحتراباته وصراعاته الآثمة، فيما الامور تبدوا مضحكة في المشهد العام، لكن التفاصيل تختزل مشهدا داميا ودمويا لا يحس به إلا المكدودون بالقتل والخراب والمعاناة اليومية في المعيشة والحياة العامة والامن والاستقرار».
وقتل 24 عنصرا من المتمردين الحوثيين وحلفائهم الخميس في جنوب اليمن، في غارات جوية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية وكمينين للقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، بحسب مصادر عسكرية.
وقال العميد علي مقبل صالح، وهو قائد معسكر في جنوب اليمن وموال للرئيس هادي، ان مقاتلات التحالف استهدفت ناقلتي جند للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح شمال مدينة دمت، ثاني كبرى محافظة الضالع، ما ادى إلى مقتل 13 من المسلحين واصابة عدد آخر.
وأوضح المصدر ان المدرعتين كانتا تنقلان امدادات إلى الحوثيين الذين سيطروا والقوات الموالية لصالح، على مدينة دمت في محافظة الضالع نهاية الاسبوع الماضي.
وفي المحافظة نفسها، قتل 11 من المتمردين الحوثيين وحلفائهم في كمينين لعناصر من «المقاومة الشعبية» التي تقاتل إلى جانب القوات الموالية لهادي، بحسب ما افاد مصدر عسكري فضل عدم كشف اسمه.
وكانت القوات الموالية لهادي استعادت في تموز/يوليو، بدعم من التحالف، مدينة عدن الساحلية التي كانت اجزاء منها بيد الحوثيين وقوات صالح، اضافة إلى اربع محافظات جنوبية هي لحج والضالع وأبين وشبوة.
من جانبه، ‎قال الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إن «الحوثيين غير جادين في إحلال السلام، في الوقت الذي تبدي فيه الحكومة نواياها الجادة نحو السلام، تلبية لدعوات المجتمع الدولي، والأمم المتحدة.
وأشارت وكالة سبأ الرسمية، أن الرئيس اليمني التقى بمقر إقامته المؤقت بالرياض، السفير الأمريكي لدى اليمن، ماثيو تولر، أمس الخميس، وأن هادي أشار إلى «قيام الحوثيين بتوسيع رقعة الحرب، وفتح جبهات جديدة، بهدف زعزعة الأمن، إضافة إلى قيامهم بمهاجمة المدنيين».
كما التقى الرئيس هادي أمس في الرياض، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أوضح خلاله أن الدولة قادرة على وضع حد لما وصفها بـ»الممارسات الهمجية للحوثيين»، بوسائل وأشكال مختلفة، وأن المليشيا الانقلابية (في اشارة للحوثيين وقوات الرئيس المخلوع صالح) وحدها تتحمل تبعات ذلك.
ووفقًا لوكالة سبأ، فقد بحث هادي مع المبعوث الأممي المستجدات على الساحة اليمنية وآفاق السلام المتاحة والمرتكزة على قرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة القرار رقم 2216 للعام 2015.
وأضافت الوكالة، أن «هادي وضع المبعوث الأممي أمام المعاناة التي يتجرعها اليمنيون جراء عمليات مصادرة مقدرات الدولة ومعاقبة المحافظات التي لا تخضع لسيطرتهم بوقف كافة مستحقاتها المالية المعتمدة من خزينة الدولة وتحويلها لصالحهم (الحوثيين).
وقالت الوكالة، إن «المبعوث الأممي أشاد بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها السلطة الشرعية في إطار مساعيها وجديتها في إحلال السلام المرتكز على قرارات الشرعية الدولية وآخرها القرار رقم 2216، وأثنى على جهودها من خلال معطيات حسن النوايا والشروع في تحديد أعضاء فريق المشاورات».

خالد الحمادي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية