للقاء المغطى اعلاميا أمس الذي عقدته رئيسة العمل النائبة شيلي يحيموفيتش مع رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن بعدان يمكن تناولهما. الاول هو المضمون الحقيقي، الهدف الذي كان للزعيمين من هذا اللقاء. الثاني هو محاولة فهم يحيموفيتش في السياق السياسي الداخلي. ليحيموفيتش كما هو معروف مصلح في رفع مستوى الاهتمام في المجال السياسي، ولكنها على ما يبدو مع الاهداف السياسية الاستراتيجية لابو مازن. وفضلا عن كل التحليلات، فان ابو مازن لا يريد أن يلتقي يحيموفيتش لاغراض التعارف فقط. فهدفه هو ان يمس بوسائل مختلفة بالساحة السياسية لاسرائيل. ولغرض هذه التخريبات لديه مدفع ضخم في الساحة الاسرائيلية يساعده هنا وهناك. ولكن هذا المدفع يصدأ وهو يبحث عن أدوات جديدة. منذ البداية اعتبر الفلسطينيون يحيموفيتش، ولا سيما مساعدوهم، كخطأ يجب اصلاحه. وقد برز هذا على مدى فترة طويلة في الطريق الى الانتخابات. فقد اتهمت بانها تحب المستوطنين والاصوليين، بل وتتعاطى حتى مع نتنياهو باحترام. ولكن فضلا عن ذلك، لم تكن مستعدة لان تكون أداة لمناكفة حكومة اسرائيل في المجال السياسي. على ما يبدو وضمن امور اخرى كي تكسب الاصوات من اليمين. يحتمل أن يكون ابو مازن يريد الان من يحيموفيتش والعمل أن يتبنيا بشكل واضح خطة السلام، كما تسمى هذه خطة الجامعة العربية. ثمة هنا ظاهرة مشوقة أجدني واثقا من ان احدا ليس له تفسير لها: كيف حصل أن رغم المقالات المنمقة والمقنعة لـ ايال مجيد وجدعون ليفي، فان الاسرائيليين، وحتى اليساريين منهم، ليس فقط لا يتحمسون لمبادرة الجامعة العربية بل ولا يعقبون عليها. يبدو أن يحيموفيتش واحدة من اسرائيليين كثيرين في هذا الموضوع. فهي مع التسوية السلمية، ولكن حتى بعد لقاء أمس لم نسمع انها تسير على الخط مع ميرتس في موضوع الجامعة العربية. كما أن ليحيموفيتش اهتماما واضحا في تمييز نفسها عن الاحزاب على يسار العمل، واضافة الى ذلك ـ يبدو انه مثلما في الموضوع الاقتصادي، لها أيضا عدة مبادىء. قبل كل شيء هي مع صيغة كلينتون ومع الوصول الى تسوية بالمفاوضات المباشرة. اما قبول خطة الجامعة العربية مسبقا، كشرط لنيل شرف الجلوس مع ابو مازن، فهذا ليس أمرا جديا. هذا ضعيف للغاية، بحيث أنه يبدو أن خلافا لتوقعات بعض مؤيدي الفلسطينيين في المجتمع الاسرائيلي، لا تعتزم يحيموفيتش التعاون مع التلاعب الدعائي ضد حكومة اسرائيل، حتى وانت كانت تعارض سياستها في كل المجالات. ولكن ليحميوفيتش مشكلة مع مؤيديها، الذين كانوا يتوقعون بالذات في هذه الايام حامية الوطيس بشأن الميزانية لصوت معارض عالٍ وواضح. وهم لا يقبلون هذا من يحيموفيتش. غريب بعض الشيء أن بالذات حين تكون الجبهة الاقتصادية مشتعلة، تركض يحيموفيتش الى الساحة الثانية، الناعسة، للمسيرة السياسية. التفسير بالتأكيد هو أن ابو مازن يوجد هذه الايام في الهواء أكثر مما يوجد على الارض. بحيث أنه اذا كان يوجد في يوم ما في رام الله، فيبدو أن يحيموفيتش ملزمة بان تراعيه.