اطلاق الجاسوس بولارد.. هدية اوباما الكبرى لإسرائيل

حجم الخط
8

استقبلت إسرائيل امس بفرح بالغ انباء اطلاق سراح جاسوسها الأشهر والأهم في الولايات المتحدة جوناثان بولارد بعد ثلاثة عقود قضاها في سجنه في ولاية كارولينا الشمالية.
وقال مجرم الحرب بنيامين نتنياهو:» الشعب الإسرائيلي يرحب بالإفراج عن جوناثان بولارد.. لقد تمنيت هذا اليوم بعد أن طرحت قضيته على الرؤساء الأمريكيين خلال سنوات عديدة». 
وكان القضاء الأمريكي قد حكم على المحلل السابق في البحرية الأمريكية، وهو من مواليد تكساس وحصل على الجنسية الإسرائيلية عام 1995، بالسجن المؤبد عام 1987 بعد إدانته عام 1984 بتسريب آلاف الوثائق المصنفة «سرية للغاية» إلى إسرائيل في شأن أنشطة تجسس الولايات المتحدة على دول عربية خصوصا، بالاضافة الى معلومات يمكن ان تعرض الأمن القومي الأمريكي ذاته لخطر شديد، وهو ما حصل فعلا. اذ ان تلك الفترة كانت تشهد ذروة الحرب الباردة، وبالفعل تمكن الاتحاد السوفييتي من الاستفادة من بعض تلك الأسرار عن طريق اسرائيل.
ومنذ صدور الحكم على بولارد بذلت اسرائيل عبر حكوماتها المتتالية جهودا مضنية للضغط على اربعة رؤساء أمريكيين للافراج عنه، الا ان ذلك كان يلقى معارضة شرسة من المجتمع المخابراتي الذي مازال يشعر حتى اليوم بألم وغضب شديدين مما فعله بولارد. وبالفعل هدد جورج تينيت الرئيس الاسبق للمخابرات المركزية الامريكية بتقديم استقالته اذا تم اطلاق سراحه استجابة للضغوط الاسرائيلية.
وتعترف اسرائيل بفضل بولارد «الهائل لكن الذي لا يمكن الحديث عنه»، وتشير تفاصيل قضيته الى انه كان ينقل مئات الوثائق المخابراتية السرية يوميا للغاية (الخام) مباشرة الى المخابرات الاسرائيلية، ودون ان يجد فرصة للاطلاع عليها.
ومن العمليات التي يعتقد ان معلومات بولارد لعبت دورا رئيسيا فيها اغتيال الزعيم الفلسطيني خليل الوزير (ابو جهاد) اثناء الهجوم الاسرائيلي على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس في العام 1988، وغيرها من اغتيالات لقيادات وكوادر فلسطينية.
وعلى الرغم من بعض القيود المفروضة على بولارد مثل منعه من استخدام الإنترنت ومغادرة الولايات المتحدة لمدة 5 سنوات، ما لم يسمح باراك أوباما له بذلك، الا انه يستطيع التخلص منها فورا بالتنازل عن الجنسية الامريكية، ما يسمح له بالمغادرة الى اسرائيل حيث ينتظره استقبال اسطوري.
انها الهدية الكبرى من اوباما لاسرائيل. هدية لم يقدر عليها رؤساء وصفتهم اسرائيل نفسها بانهم كانوا اكبر داعمين لها في التاريخ. ومن الواضح ان اطلاق بولارد لم يكن بعيدا عن اجواء الابتزاز والبلطجة التي استغلها المجرم نتنياهو للحصول على «الثمن الامريكي» في اعقاب الاتفاق النووي الايراني.
وبالنظر الى حجم الاختراق الامني الذي حققه بولارد اثناء عمله كمحلل استخباراتي في البحرية الامريكية، فان اطلاق سراحه اليوم ليبعث بالرسالة الخطأ في التوقيت الخطأ الى اكثر من جهة.
اولا: بالنسبة الى المجتمع المخابراتي الامريكي، ومفادها ان من يرتكب عملا اقل ما يوصف به هو «الخيانة العظمى» يمكن ان يجد نفسه حرا طليقا في النهاية، ناهيك عما سيلقى من تكريم ومكافآت سخية.
وهذه رسالة كارثية لاشك انها تمثل تهديدا للأمن القومي الامريكي. وتتعاظم خطورتها اذ تأتي في وقت يتصاعد فيه التوتر بين واشنطن وموسكو، فيما يشهد الشرق الاوسط عودة بوادر حرب باردة جديدة، ناهيك عن اتساع الخطر الارهابي.
ثانيا: بالنسبة الى حلفاء الولايات المتحدة، وخاصة العرب، وهم اكثر من تضرر من الأسرار التي سربها بولارد، فانه يوم آخر حزين، يتأكد فيه ان لواشنطن حليفا واحدا اسمه اسرائيل. ومن اجل ذلك الحليف لا تتردد في ان تضرب بتعهداتها واتفاقاتها وربما مصالحها عرض الحائط.
ومن المؤسف ان يتزامن اطلاق بولارد مع انباء بثتها الاذاعة الاسرائيلية عن مفاوضات سرية بين واشنطن وبعض الدول الخليجية تشمل خطوات تطبيعية مع اسرائيل. انها طعنة امريكية جديدة لاصدقائها العرب، يجب ان تقضي على ما تبقى لها من مصداقية، ان كان بقي لها منها شيء.
اما الرسالة الاهم التي يمكن استخلاصها من قضية بولارد، فان اسرائيل التي غدرت حتى بعرابها الذي لم يبخل عليها بشيء، لا يمكن ان تكون اكثر وفاء لبعض العرب الذين مازالوا يراهنون على وهم السلام معها.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hassan:

    خبر فيه متنفس للصهاينة في فلسطين ولكن من المؤكد أن نهايته سوف تكون على يد صهيوني يحاكي الفلسطينيين .

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    انها طعنة امريكية جديدة لاصدقائها العرب، يجب ان تقضي على ما تبقى لها من مصداقية، ان كان بقي لها منها شيء.
    – انتهى الاقتباس –

    لم تتعامل أمريكا مع العرب كأصدقاء بل تعاملت معهم كأعداء

    فهل نسي العرب حرب سنة 1973
    فحينها قصف الطيران الأمريكي الجيش المصري
    وقد قال السادات حينها أنه لا قدرة لمصر على حرب أمريكا !

    والسؤال هو : ماذا قدم الأمريكان للقضية الفلسطينية ؟ لا شيئ

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ناجح الفليحان:

    إطلاق سراحه يعني تطليق ما تبقى من العدالة الأمريكية :)

    و حتى تتم مراسم تحقيق العدالة طبقا لفهمهم لها على الأمريكان تعويضه و تعويض أبنائه و أحفاده بملايين الدولارات سنويا لكونهم قد ظلموه ظلما شديدا و لكونهم بمعادين للسامية :)

  4. يقول نمر ياسين حريري ــ فرنسا .:

    المضحك المبكي ان الرئيس الامريكي الذي تجرأ على ارادة المخابرات الامريكية في اصرارها على ابقاء بولارد خلف القضبان هو الذي تناديه اسرائيل ب اوباما حسين .بالاضافة الى ان السود يعتبرونه رمز كرامتهم وانه اذا كان هناك عنصرية بيضاء ضد السود فخلفها اليهود المتدينون وتيارهم في المحافظين الجدد .

  5. يقول عائدة ــ لبنان:

    الإفراج عن الجاسوس بولارد ليست الهدية الوحيدة من أوباما إلى إسرائيل ، بل إن الإبقاء على نظام الأسد ” الممانع ” بهدف استمرار الدور الذي ظل يقوم به طوال أكثر من 45 عاما كحارس للحديقة الخلفية لإسرائيل ، هو أكبر هدية ، خصوصا أن نتنياهو خلال زيارته الأخيرة لأميركا كان قد جدد طلبه الإبقاء على بشار الأسد أطول فترة ممكنة ، لأن إسرائيل وأميركا تخشى ممن سيحكم سوريا بعد الأسد الذي لا يمكن أن يأتي أحد مثله حيث منع إطلاق أية خرطوشة من حدوده تجاه إسرائيل .

  6. يقول [email protected]:

    بولاد حكم عليه مؤأبد والمؤأبد ٣٠ عام وهو قضاها بالتمام والكمال الشق ألثاني من ألحكم عدم خروجه من أمريكا. وهاذا ما طالبه نتنياهو من اوباما ورفضأوباما ألتدخل في ألقضاء.. يعني بولاد خرج من سجن ليدخل آخر. بقية حياته..

  7. يقول عربي:

    الصهاينة لا صديق لهم
    حتى الامريكان الذين دفعوا كل ما يملكون للصهاينة لم يسلموا من التجسس اليهودي عليهم
    وقعوا معاهدات مع الأردن ومصر ويتجسسوا عليهم وعلى غيرهم
    اما هدية أوباما
    فكل أمريكا هي هدية للصهاينة
    المليارات
    الفيتو
    الاعلام
    السياسة
    الأسلحة جميعها
    المعلومات
    كل شي يهون من اجل عيون صهيون
    المشكلة فينا نحن العرب
    سياسيونا ودبلوماسيتنا لا يفعلون شيئا
    ويخسروا ابسط المعارك
    ولم يكن لهم أي تأثير إيجابي على السياسات الامريكية في الوطن العربي
    لو هناك مجال لتقييم الأداء لهؤلاء لحصلوا على علامة 20/100 على فشلهم الذريع في إدارة ملفات هامة سياسية ودبلوماسية وغيرها
    تخيلوا مثلا لو ان يوم الأربعاء القادم وفي تمام العاشرة صباحا يتم استدعاء 60 سفير امريكي لمقابلة وزراء الخارجية العرب والمسلمين، وجميع هؤلاء يخضعون لمسائلة عن سياسات أمريكا في العالم ماذا تكون النتيجة؟؟
    تخيلوا فقط
    لا نريد حربا ولا أسلحة
    فقط تحريك نشط لدبلوماسية مقاتلة شريفة نقية طاهرة وطنية مخلصة
    فقط مجرد خيال

  8. يقول ملاحظ غيور:

    يا ناس يا عالم يا إخوان يا أخوات، هل يحتاج الإنسان لأكثر من نصف عقل حتى يفهم أن من كان مهزوما من داخله وفي الوقت نفسه جبان وغبي أيضا، لا يؤمل منه أي عمل عسكري اتجاه الصهاينة. فلا تتهموهم بالخيانة.
    إنّ الصهاينة محظوظون منذ أقاموا كيانهم الغاصب في منطقتنا حيث لم يواجهوا أحدا كصلاح الدين أو قائدا مثل مانديلا أو مهاتير محمد أو أردوغان.
    للأسف لم يخرج حسن نصرالله في سوريا أو مصر أو الأردن.

إشترك في قائمتنا البريدية