كتبت في ما مضى مقالات عديدة عن مارين لوبين وخطر الإعلام الفرنسي المروج لصورتها منذ الإنتخابات المحلية في العام السابق. اليوم وفي نهاية عام 2015 تحدث مارين لوبين وماريون لوبين الضجة الإعلامية ذاتها لتسرق الأضواء من نادين مورانو وساركوزي وأولاند.
واقعيا ولمن يتابع الأمور والإنحدار السياسي والإعلامي في فرنسا خلال السنوات الأخيرة لن يكتشف «مفاجأة» في أن تخطف عائلة لوبين الأضواء في الإنتخابات المحلية الأخيرة.
لم يتغير شيء، وأتذكر محللين إعلاميين وصحافيين حذروا مسبقا من خطر زحف اليمين المتطرف في أوروبا وخاصة خلال الأزمة المالية الحالية. ما تغير قد يكون الإستسلام التام لحقيقة فوزها بالإنتخابات من دون أن تكون هناك ثورة غضب تعم أرجاء فرنسا ويقوم بها الشعب «المخدر» نسبيا كما حدث خلال فوز الأب لوبين في الجولة الأولى في الإنتخابات أمام الرئيس السابق جاك شيراك.
الفرنسيون وقتها ثاروا غضبا وصوتوا كرها عنهم لشيراك لكي يمنعوا لوبين الأب من الوصول إلى الرئاسة. ما تغير هو تلك الصورة المزينة لـ«شيطان» لوبين وتصويرها على هيئة حل أخير ووحيد أمام الأزمة السياسية التي تمر بها فرنسا حاليا.
أحداث كثيرة جعلت من لوبين «صيادة ماهرة» تصطاد نجاحها في المياه العكرة الحالية.
أحداث باريس/«شارلي إيبدو» وتراجع الحريات!
ما حدث في فرنسا في بداية العام وآخره من هجمات إنتحارية جعلت الأمور تزداد سوءا في خلق حالة من الذعر والخوف لدى الفرنسيين، تحدث الإعلام ولم يكل حين ربط فكرة «تراجع الحريات» وخطر تهديد «العلمانية» وعدم إحترام «مبادئ الجمهورية» من مصدر خارجي، وداخلي يتمثل في فئة معينة «مسلمين» و«سكان ضواحي» لا تريد التكيف مع قيم يتكيف معها الآخرون. أكد الإعلام طوال السنوات الأخيرة على فكرة «العدو» الذي وجب على الفرنسيين الحذر منه ومهاجمته وإن كان ذلك بذهاب «القطيع» إلى مراكز الإنتخابات والتصويت «للخطر الفاشي» الأعظم طمعا في الحفاظ على القيم «الفرنسية» و«الإنتماء» عن طريق الإنغلاق على الذات ورفض الآخر وزيادة تهميشه. في المقابل إنجر بعض الفرنسيين للتحالف مع الشيطان بعيون مغمضة كورقة أخيرة تمكنهم من الحياة بأمان كما يظنون. ما تغير هو القبول بصمت بدلا من الثورات المناهضة التي كانت تعم أرجاء فرنسا لرفض الفاشية والعنصرية.
الأزمة السياسية سهلت الأمور للوبين
الأكاذيب والوعود غير المنجزة والتعامل مع الشعب كمواطنين ساذجين من قبل حزب اليمين وحزب اليسار، ولجوء كل منهما إلى إقتباس بعض ما ورد في برنامج لوبين الإنتخابي كقرار سحب الجنسية وإغلاق الحدود في حكومة اليسار الإشتراكي، وتزايد «الإسلاموفوبيا» وكره الأجنبي والتصريح بأن فرنسا دولة «العرق الأبيض» من قبل حزب اليمين «الجماهيري» أدى إلى التأكيد بأن هناك من برنامج لوبين الفاشي والعنصري والساذج والمبسط ما يمكن حل مشاكل فرنسا «الوهمية» فلم يتحدث أي حزب عن البطالة والديون الفرنسية ونسبة الفقر ولا كيفية التعامل مع ما حدث مؤخرا في باريس!
قررت الأحزاب السياسية التصويت لسياسة كاذبة ومفتعلة تسلط الضوء على «عدو» متخيل خارجي و«إسلامي» داخلي مستمدين من لوبين عنصريتها!
في كل فترة إنتخابات وكما أشرت في مقالاتي السابقة يستغل الإعلام والسياسيون «المهمشين» و«الضعفاء» كورقة تلهي الفرنسيين عن مشاكل وأزمة السياسيين الحقيقية!
لوبين تريد منع المساعدات لمؤسسات التضأمن مع اللاجئين
أكدت لوبين بأنها ستمنع و«ستقطع» المساعدات المادية عن كل مؤسسة أو جمعية تساند وتتضأمن مع المهاجرين واللاجئين في كاليه أو في أي منطقة يتم فيها إنتخاب حزبها المتطرف.
تستخدم كل ما في إستطاعتها لتساهم في كسب المزيد من الأضواء والأصوات خلال الإنتخابات. ما لا تعترف به هو أن هذه المؤسسات والجمعيات هي في الحقيقة ليست ممولة من قبل أي جهة رسمية أو حكومية أو إقليمية بل هي من أموال الشعب المتضأمن مع قضية اللاجئين وتبرعاتهم وهذا ما تصرح به هذه الجمعيات.
فرنسا «التفاؤل» كأمل أخير
في فرنسا يوجد أناس «إنسانيون» لم تمنعهم الأزمة المالية ولا السياسية من التضأمن مع مآسي غيرهم من الناس بغض النظر عن تصريحات السياسيين الأخيرة وتهديداتهم بالتضييق على أي فرنسي يتضأمن مع من تصفهم الحكومة بالـ«غير قانونين»، فمثلا هناك متظاهرون، سواء عن طريق مد المهاجرين بالمأكل والملبس والحماية في أيام البرد القارس هذه! وهناك من الفرنسيين من يرفضون قرارات الحكومة في سحب الجنسية وإغلاق الحدود.
ويوجد فرنسيون إختاروا الأمل في الإبقاء على فرنسا كرمز لدولة حقوق إنسان بعيدا عن تصريحات الحكومة والترويج الإعلامي الخبيث لها. هناك أيضا من قرروا الخروج إلى الشوارع والتظاهر تضأمنا مع من قتلوا في أحداث باريس، رغما عن قرار الحكومة بمنع المظاهرات. هناك من الفرنسيين أيضا من يعلمون تماما بأن المشكلة تكمن في الإعلام والسياسة ولا تكمن في كون «فاطمة» ترتدي الحجاب.
الإعلام البديل والحذر
في الوقت الذي يردد فيه إعلام الببغاوات «إحذروا» لوبين ويروجون لإنتصارها بطريقة مخزية كحل «طبيعي» و«منطقي» لما يحدث في فرنسا، هناك إعلام حر ومستقل يذكر الفرنسيين بمبادئ جمهوريتهم وإنسانيتهم. هذا الإعلام الحر وللأسف لا تمده وزيرة الثقافة في الحكومة اليسارية بأي مساعدة مالية بل هو أيضا نتاج تبرعات وإشتراكات فرنسيين مستقلين يريدون معرفة الخبر المهني والتحليل الإعلامي المهني من دون تزييف وتلوث. أذكر هنا موقع «ميديا بارت»، الذي يبث فيديو لموسيقى وشعر يعزفها ويرددها فرنسيون من ثقافات مختلفة إختاروا اللغة الفرنسية كلغة أم يغنون بها ويلقون بها شعرهم. يذكر الموقع بهؤلاء الذين يغنون فرنسا بإختلافهم وتقاربهم في الإنسانية.
ما وجب على الإعلام فعله هو تصوير المتضأمنين مع اللاجئين السوريين والعراقيين والسودانيين والأحاديث الإنسانية التي تدور بين بشر لا يتحدثون اللغة نفسها ولا يمتلكون الثقافة نفسها ولا لون البشرة بدلا من الحديث المتوالي عبر فيديوهات بشعة تتحدث عن فرنسيين لا يرون في المهاجر إلا «سارقا» يريد «سرقة خبزهم اليومي وعملهم»!
كما أشرت سابقا للإعلام دور كبير في فوز لوبين في الإنتخابات مستغلا وواعيا تماما للأزمة السياسية الحالية. فبدلا من الحديث عن الأمل يتحدث عن الخطر. وبدلا من الحديث عن أبناء الجمهورية المتشابهين، رغم تعدد ثقافاتهم يتحدث عن «مساجد» و«حجاب» يقف عقبة في طريق تحقيق خططه في أن يعم الأمان والسلام للجميع.
كحل أخير قبل أن يصل الشيطان لوبين للحكم، هذا ما أستبعده حقيقة لأملي الكبير في الفرنسيين وثوراتهم على مر التاريخ، فما يجب علينا فعله هو أن نغلق شاشات التلفاز ونقاطع محطات تلفزيونية تروج للعنف والكره والتشاؤم كمحطة «بي.إف.إم» و«إي.تيلي». حياة الناس ليست لعبة سياسية، فما يروجون له قد تكون له عواقب تضيق على الحريات وتبيح العنصرية والفاشية في بلد ديمقراطي وحر!
كاتبة فلسطينية تقيم في باريس
أسمى العطاونة
إنه إنهيار الفرانكفونية العالمية
فهناك عشرات البلدان من يقرأ ويكتب ويتكلم بالفرنسية سينقلبوا على هذا المستعمر القديم الجديد الذي ينظر إليهم نظرة دونية
أعتقد أن اليمين المتمثل بساركوزي سيتحالف مع اليمين المتطرف المتمثل بلوبين
ولا حول ولا قوة الا بالله
دور الإعلام أكيد , هنا أيضا تنفق المليارات على الإعلام لصالح بعض الأنظمة و “مشاريعها” و لصالح إيديولوجيات معينة تقوم على تخويف الناس و على تكريس شعور الضحية داخلهم و خلق علاقة قطيعية بينهم و بين “الآخر” و بين “ممثليهم أو سياسييهم” الخ , لكن هناك أيضا حاجة جماهيرية تشبعها لوبين و أمثالها , تماما كحالنا نحن و داعش … و إذا كان علمانيونا انتهوا إلى تبرير هجمات و أفعال داعش فإن نظرائهم هناك , “المدافعين” عن حقوق الإنسان و الحريات يجدون ما يكفي من مبررات و أسباب للصمت أو لتبرير لوثة لوبين التي أصابت عدواها الكثيرين هناك حرصا أو انطلاقا من موقف قطيعي بحت , من منطق ما أنا إلا من غزية , حتى لو كان هذا سيعني انتحارا جماعيا أو هستيريا ملاحقة ساحرات جديدة أو محاكم تفتيش جديدة , وحده الله أو الظروف ستحدد نهايتها , أما “نحن” و “هم” فسنسير إليها بالملايين مغمضي العيون , أيا تكن
الا في الجزائر السيد الكروي داود فان الفرنكوفونية تسير بسرعة البرق وخاصة في عهد الرئيس الحالي انظر الى خطابات الرئيس ووزرائه كلها بلغة موليير الادارات والوثائق كلها مفرنسة
حياك الله عزيزي هيثم وحيا الله الجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله