غزة – «القدس العربي» أعلن بو شاك، المدير الجديد لعمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أن هناك بوادر أمل للبدء بإنشاء مشروع «الفيل الأبيض الكبير» في قطاع غزة، وقال في الوقت ذاته إن منظمته لا تستطيع إدارة معبر رفح البري حال طلب منها، وأكد أنهم يحققون في «شبهات فساد»، وقعت خلال توزيع المنازل على المحتاجين من سكان غزة في «الحي الإماراتي».
وفي لقاء هو الأول مع الصحافيين بعد تسلمه منصبه قبل أشهر، تطرق بو شاك للعديد من المواضيع، وأهمها ملف إعمار غزة، والعديد من الملفات التي تهم سكان القطاع المحاصرين، خاصة مع اقتراب عام 2020، الذي أعلنت «الأونروا» أنه بالوصول لهذا العام، ستصبح غزة منطقة غير قابلة للسكن. وفي رده على سؤال لـ «القدس العربي» حول الدول التي تأخرت في تقديم أموال الأعمار لغزة، وعن السبب الذي أدى إلى تأخير إعمار منازل اللاجئين المدمرة كليا، على عكس غير اللاجئين، قال إن هناك 70 ألف عائلة استفادت من الأموال التي قدمتها وكالته، لترميم منازلها المدمرة جزئيا وأنهم ركزوا في الوقت ذاته على إعمار وترميم العديد من المدارس المدمرة.
وقال « للأسف فقط لدينا بيت واحد أنهي بناؤه من تلك التي دمرت كليا»، مضيفا «وهناك من خمس إلى عشر بيوت اقترب موعد تسليمها، إضافة إلى 150 عائلة تستعد لتسلم الدفعات الأولى للبناء». وأكد وصول دعم لـ»الأونروا»من السعودية وأمريكا وألمانيا، لكنه شدد على ضرورة أن يكون هناك ترتيب لعمليات الإعمار، قبل الذهاب مجددا للمانحين.
وتحدث بو شاك عن عمليات إعمار تتم في قطاع غزة، بدون إشراف وكالته، مشيرا إلى بناء دولة قطر لـ 1000 منزل دمر كليا. وذكر أن لديهم الآن تمويلا لإعادة بناء 2000 منزل من البيوت المدمرة كليا من المجموع الكلي.
وقال إن هناك لجنة برئاسته، يشترك فيه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وكذلك الحكومة الفلسطينية، تهدف للتنسيق بشأن إعمار وإنعاش قطاع غزة.
وأشار بو شاك حين سئل عن إشاعات حول «شبهات فساد» خلال توزيع منازل الحي الإماراتي في مدينة خان يونس جنوب غزة، بتوزيع أكثر من 50 وحدة سكنية على غير مستحقيها، قال إنه لم تصلهم حتى اللحظة أي شكوى رسمية، وإنهم «يقومون بالتحقيق بشكاوى سوء استخدام السلطة والموارد».
وتحدث المدير العام لعمليات «الأونروا» عن خطة عمل المنظمة خلال العام المقبل، فقال إنهم يركزون على الاستمرار في تقديم خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، وإعادة الإعمار، وأنهم سيتوجهون للمانحين من أجل زيادة الدعم المقدم.
وأثنى بو شاك كثيرا على سكان قطاع غزة، وقال إنه تفاجأ من عزيمة السكان رغم الدمار والألم والحصار الذي يعيشونه، وإن ما شاهده في غزة كان عكس ما قرأه قبل القدوم وتسلم منصبه الجديد. وأضاف أنه بعد مشاركته في عدة فعاليات أقيمت في غزة أذهل مما شاهده، مشيرا إلى أن ذلك «لا يعكس في الإعلام العالمي».
وتطرق بو شاك إلى ملف معبر رفح، وما جرى تداوله مؤخرا حول وجود طروحات بإسناد مهمة تشغيله إلى جهة دولية، كـ «الأونروا» أو الصليب الأحمر، فقال إنه لم يطلب منه تسلم إدارة المعبر من أي جهة كانت. وأضاف «ليس لدينا الخبرة في ذلك، والأونروا ليست منظمة لإدارة الحدود».
ورأى أن قضية الخلاف حول معبر رفح ليست «قضية فنية»، مشيرا إلى أنها سياسية، وأنه يمكن حلها عندما يصل المختلفون إلى حل فيما بينهم، وعندها حسب ما قال «يكون هناك حل تقني لإنهاء الأزمة».
وبسبب استمرار إغلاق السلطات المصرية، معبر رفح وطلبها إسناد تشغيله للحكومة الفلسطينية، خرج العديد من المقترحات لإيكال مسؤولية التشغيل لطرف ثالث، غير أن الأمر هذا لم يرد في مبادرة الفصائل لحل الأزمة التي ستقدم للمختلفين.
وأنهى بو شاك حديثه حول ما يشهده قطاع غزة من تطورات، بالكشف عن وجود «مؤشرات إيجابية» لتنفيذ مشروع «الفيل الأبيض الكبير» ويقصد فيه محطة تحلية المياه المركزية الكبيرة في قطاع غزة، لكي يصبح القطاع صالحا للسكن.
وكان تقرير تحت عنوان «غزة 2020» أفاد بأن القطاع لن يكون صالحا للسكن والعيش بسبب ملوحة المياه التي تهدد حياة السكان.
وهنا أضاف، أن هذا التقرير ساهم في لفت انتباه المانحين لمشكلة القطاع، وقال إن هناك «قبولا من الجميع» لفكرة تنفيذ المشروع، مشيرا إلى أن النقاش حول تنفيذه سيكون ربما في منطقة بعيدة أو حدودية،. وقال إن تنفيذ المشروع سيساهم في تنمية قطاع غزة.
وأوضح التقرير أن قطاع غزة يعاني منذ ثماني سنوات من حصار اقتصادي وتحطيم لبنيته التحتية المنهكة أصلا، لم تترك مجالا لإعادة الإعمار أو الإنعاش الاقتصادي، وسرّعت من وتيرة تراجع التنمية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهي عملية أفضت ليس إلى إعاقة التنمية فحسب، بل إلى عكس مسارها.
وسلط التقرير الضوء على الأزمات الخطيرة في غزة فيما يتعلق بالمياه والكهرباء، فضلا عن تدمير البنية التحتية الحيوية أثناء العمليات العسكرية التي جرت في الحرب الأخيرة صيف 2014.
وأوضح أن سكان غزة البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة يعتمدون على مستجمعات المياه الجوفية الساحلية كمصدر رئيسي للمياه العذبة، لكن 95٪ من هذه المياه غير صالح للشرب.
وبين أن الخسائر المباشرة للعمليات العسكرية الثلاث التي نُفِّذت بين عامي 2008 و2014 تبلغ تقريبا ثلاثة أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي السنوي لغزة، مشيرا إلى أن إجمالي التكلفة قد يكون أعلى بكثير إذا ما أخذت في الحسبان الخسائر الاقتصادية غير المباشرة وأضيفت خسارة المداخيل التي كانت ستعود على غزة في المستقبل لو لم تُدمَّر قدراتها الإنتاجية.
وأكد التقرير أن هناك 500 ألف شخص في غزة مشردون نتيجة آخر عملية عسكرية شنتها إسرائيل.
أشرف الهور