دبلوماسي مصري لـ«القدس العربي»: «التحالف الإسلامي» غامض ومحاولة ربطه بزيادة الاستثمارات السعودية في مصر غير موفقة

حجم الخط
2

القاهرة ـ «القدس العربي»:بدا الترحيب الرسمي المصري «فاتراً» بالإعلان السعودي عن تشكيل «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب» وهو ما ظهر في مسارعة القاهرة إلى التشديد على أهمية إنجاز مشروع «القوة العربية المشتركة» الذي أقرته القمة العربية في شرم الشيخ في شهر آذار – مارس الماضي، ولكنه تعثر لاحقاً، وكذلك تأكيدها ان التحالف الجديد لن يكون بديلاً عن القوة العربية.
من جهته قال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الاسبق، لـ«القدس العربي»، «ان هذا التحالف غير مفهوم حتى الآن، لأنه ليس هناك تحالف يتواجد ويهبط بالباراشوت فجأة، خاصة وان معظم الدول التي ذكر اسمها في هذا التحالف علمت بانضمامها له من خلال بيان الخارجية السعودية فقط».
وأوضح « بالنسبة لمصر لا يمكن ان تخوض شيئا لا تعمله، لأن التحالفات في السياسة والقانون الدولي لها نظام سواء كان التحالف سياسيا او عسكريا، فلا بد من وجود مفاوضات يتم من خلالها معرفة المستهدف من هذا التحالف واهداف التحالف، ونجد ان هناك دولاً تم ذكر اسمها بجانب مصر مثل قطر وتركيا وهذه الدول تتبادل الاتهامات فيما بينها، فكيف لها ان تجلس على مائدة حوار واحدة وتتحالف سوياً».
وأضاف «وفي ظل هذا التحالف لا نعلم ما سيكون مصير القوة العربية المشتركة وهو اقتراح مصري، فهناك علامات استفهام كثيرة حول المغزى من هذا التحالف، ثم محاولة ولو كانت بالمصادفة ربط هذا برفع الاستثمارات السعودية في مصر فهو ربط غير موفق وغير سليم، لانه لا يمكن مقايضة الدم بأي مال او بترول، فمحاولة التلميح والتجريح بذلك في غير وقته وغير مقبول، فمن المعروف ان الاستثمارات السعودية في مثل تحقق ارباح طائلة شأنها شأن الاستثمارات الأخرى».
واكد «ان هذا التحالف لا يعد تحالفا عسكريا مثل حلف الاطلنطي، لانه لم يتم بناؤه على مفاوضات واتفاقيات وبعد حرب عالمية، وان هذه التوليفة من الدول وما يصاحبها من تطبيل ومحاولة لتسخين المنطقة فمن الممكن ان يكون مقدمات لما حذرنا منه منذ سنوات بأن المنطقة يتم التخطيط لها كي تسقط في حروب مذهبية تشبه حروب القرون الاولى في الاسلام والحروب الدينية في اوروبا والتي استمرت لعشرات السنين».
من جانبه، قال الدكتور سعيد صادق، استاذ علم الاجتماع السياسي لـ«القدس العربي»، «ان التحالف العسكري الاسلامي اساسه اعلامي وعلاقات عامة لتحسين صورة السعودية، خاصة بعد الاحداث الإرهابية في كاليفورنيا وبريطانيا وفرنسا، قيل ان هذا الفكر هو فكر وهابي سعودي بالتالي تريد السعودية الدفاع عن نفسها، خاصة ان مقر هذا التحالف هو الرياض».
واضاف «ان هذا التحالف يعد تحالفاً مخابراتياً وليس عسكرياً بإرسال جيوش، ولكن حروب الارهاب معروف انها مخابراتية، والتعاون موجود بالفعل بين الدول ولا يحتاج الى تحالف، ولكن مصر تم استغلالها كإسم فقط في هذا التحالف، وبالتالي فإن مصر لن تتعاون بالفعل مع قطر وتركيا ولكن سيكون تعاوناً ثنائياً فقط بين كل دولتين داخل التحالف بينهم بالفعل تعاون في قضايا».
واوضح « ان محاربة الارهاب لن تكون بالجيش وبالتالي فإن مصر لن تقوم بإرسال أي قوات لمحاربة الارهاب في سوريا ولكنها مجرد عمليات خاصة فقط ليس اكثر، ولكنها لن تكون حروب نظامية، فنحن نعتبره تحالفا مخابراتيا فقط، وهذا التحالف ألغى القوة العربية المشتركة وأنهاها».
وكان المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، في تصريحات له، قال إن مصر تدعم أي جهد يستهدف مكافحة الإرهاب والقضاء عليه أينما كان، سواء على الصعيد الإسلامي أو العربي، مضيفًا: «سندعمه ونكون جزءًا منه»، وأضاف «هناك اختلاف تام بين تشكيل القوة العربية المشتركة والتحالف العسكري الإسلامي الجديد، الذي يستهدف محاربة الإرهاب فقط» وأشار إلى أن القوة العربية المشتركة، تهدف للتعامل مع الأزمات التي تواجــه الأمن الـقــومي العربي بكافة أشكاله، وعلى النطاق العربي فقط وليس الدولي.
وجاء إعلان المملكة العربية السعودية عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادتها وبمشاركة 34 دولة عربية وإسلامية وتأسيس مركز عمليات مشتركة في مدينة الرياض، لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود، ليثير الجدل والتباين في الآراء بين المؤيدين والمعارضين لتشكيل هذا التحالف، خاصة وأن تشكيل التحالف تم في نحو 72 ساعة فقط ومن دون مباحثات مكثفة أو اجتماع مشترك لقادة أركان تلك الدول، كما ضم دولا بينها خلافات قوية كمصر وتركيا وقطر، في حين استثنى دولا عربية فيها تواجد شيعي ملموس، بينها سوريا والعراق.
ويشار إلى أن الدول المشاركة في هذا التحالف إلى جانب السعودية هي: مصر، الأردن، الإمارات، باكستان، البحرين، بنغلاديش، بنين، تركيا، تشاد، توغو، تونس، جيبوتي، السنغال، السودان، سيراليون، الصومال، الغابون، غينيا، فلسطين، جزر القمر، قطر، ساحل العاج، الكويت، لبنان، ليبيا، المالديف، مالي، ماليزيا، المغرب، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، اليمن.
وأشاد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بإعلان تشكيل تحالف إسلامي عسكري عالمي يضم 34 دولة من أجل مواجهة الإرهاب الذي استفحل خطره في بلاد العالم جميعًا، مما يستوجب اصطفاف الدول جميعًا لمواجهته ومحاربته والقضاء عليه.
وفي هذا السياق، رحب اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، بالتحالف الإسلامي العسكري، وأكد أنه أول تحالف إسلامي في العالم يوجه ضد الإرهاب، وهويته الإسلامية كفيلة بإخراس الألسنة في الغرب وأمريكا التي تروج إلى أن الإسلام والمسلمين سبب وجود الإرهاب، بالإضافة إلى أن كافة التحالفات السابقة له مثل (عاصفة الحزم) كانت موجهة لمهمة معينة في بلد بعينه (اليمن).
وقال اللواء نصر سالم، الخبير العسكري، في تصريحات له، إن التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب ليس بديلاً عن القوة العربية المشتركة. وأضاف أن مهمة القوة العربية المشتركة مواجهة التهديدات في الوطن العربي، أما التحالف الإسلامي العسكري فهدفه التصدي للإرهاب في أي دولة إسلامية. وأشار إلى أن الإرهاب ينتمي للمذهب السني ولذلك التحالف الإسلامي العسكري يتكون من دول سنية فقط لمحاربته حتى لا يظن البعض أن الحرب بين السنة والشيعة.
وقال عبد المحسن سلامة، الكاتب الصحافي، في تصريحات له، ان التحالف الاسلامي لمكافحة الإرهاب هو خطوة مهمة على الصعيد العربي والعالمي نظراً لتفشي الارهاب وبخاصة تنظيم داعش الذي يتطلب إيجاد حل جذري له. مشيراً الى ان هذا التحالف يؤكد للعالم أجمع على ان الإرهاب لا دين له. وأوضح ان التحالف الإسلامي سيجعل هناك تعاوناً عسكرياً يمهد الى تشكيل قوة عربية موحدة تعمل على مكافحة الإرهاب ومحاصرته وحماية الامن القومي العربي، مشيراً الى ان دور القوى العربية الموحدة هو حماية أي دولة عربية يتم الاعتداء عليها وبخاصة أن هناك أزمة في سوريا وليبيا وغيرها.
وعلى الجانب الاخر، قالت المستشارة تهاني الجبالي، نائبة رئيس المحكمة الدستورية السابقة، في تصريحات لها، إنه يتعين على مصر عدم المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لمواجهة الإرهاب الذي شكلته السعودية، مستنكرة: «الدول اللي بتدعم الإرهاب هي اللي هتحاربه؟، أين المصداقية في مثل هذه التكوينات؟»، وأضافت أن ممولي «داعش» وداعميهم معروفون، مؤكدة أن التحالف المزمع تشكيله يفتح المجال أمام تحالف سني، وآخر شيعي، بما يخدم مصالح الصهاينة ويفتح المجال لساحة حرب في المنطقة. وتابعت: «فكرة ربط الإرهاب بالإسلام لعبة استغلتها القوى المعادية ضد العالم العربي على مدار أربعة عقود مضت».
وانتقد الإعلامي سيد علي، تشكيل التحالف الإسلامي العسكري بقيادة السعودية، مشيرًا إلى أن تشكيل تحالف تحت مسمى الدين غير صحيح في هذا الوقت. وأضاف «دي مصيبة لما يخرج إعلان رسمي بأن هذا التحالف الإسلامي عبارة عن قوات عسكرية سنية»، وتابع «يبقى منزعلش لما يطلع بابا الفاتيكان يطالب بتكوين قوات عسكرية مسيحية، وبرده منزعلش من إسرائيل لأنها قوات عسكرية يهودية، ولها الحق في ذلك، ما دمنا نتعامل بهذا الشكل».
وفي هذا السياق، اعتبر نبيل فؤاد، الخبير الإستراتيجي، إن تشكيل هذا التحالف الإسلامي، يأتي في إطار ما ذكره الرئيس الأمريكي باراك أوباما من قبل، حول ضرورة تشكيل قوة عربية مشتركة، تحارب على الأرض، بينما هم يوجهون ضرباتهم للإرهاب، من السماء، ولما فشل هذا المقترح، تم تكوين هذا التحالف الإسلامي. وأوضح أن عوامل عدم نجاح هذا التحالف العسكري الإسلامي، أكثر من عوامل نجاحه، مشيرًا إلى أنه إذا كان تشكيل تحالف القوة العربية المشتركة لم ينجح، بسبب اختلاف الدول حول بعض الأمور، فكيف للتحالف الجديد الذي يضم أكثر من 30 دولة أن تتفق على رأي واحد.
وأكد يسري العزباوي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، في تصريحات له، على أن إنشاء تحالف عسكري إسلامي، فكرة فاشلة، حيث أن الدول العربية التي تمتلك عوامل مشتركة تجمعها، مثل اللغة والدين والعادات والثقافات، كللت محاولتها بتكوين قوة عربية مشتركة بعدم النجاح.
وانتقد حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، صدور إعلان للتحالف الإسلامي من الرياض وليس من القاهرة. وأوضح في تدوينة عبر «فيسبوك»: «مصر بتكبر بيهم! وصدر الإعلان من السعودية كما نرى لا من القاهرة، التي لم يصدر عنها شيء وكأنها تغني مع عبد الحليم حافظ «ماشي .. ماشي .. ماشي ولا بيدي»!، وتابع: «مع كل طلعة شمس، يثبت من يحكمون أول دولة عرفها التاريخ الإنساني إن بلدهم بتكبر بيهم … وإن مصر هي أم الدنيا وحتبقى قد الدنيا … وبكره تشوفوا يا مصريين».

منار عبد الفتاح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول خالد السعودية:

    أولا وصف الإرهاب بأنه سني هذا تجني غريب الإرهاب في كل الديانات والطوائف وبعدين من يقول ليه التحالف أعلن من الرياض ولم يعلن من القاهرة يعني لو أعلن من القاهرة أصبح شي جميل ورائع ومن غيرها لا متي المصريين يخففون من هذه النضره الفرعونية السيئة والمقيته نحن العظماء والآخرين لاشيء اصحوا هذه النظرة هي الي جابتكم ورا كل دولة لها مكانتها ومميزاتها

  2. يقول dodi:

    اللباس الاسلامي، البنوك الاسلاميه، التحالف الاسلامي، كرة القدم الاسلاميه؛؛؛؟؟؟؟؟

إشترك في قائمتنا البريدية