مدريد ـ «القدس العربي»: غيرت الانتخابات التشريعية في إسبانيا التي جرت الأحد 20 ديسمبر/كانون الاول الجاري المشهد السياسي في هذا البلد الأوروبي، وأصبح مفتوحاً على مختلف الاحتمالات ومنها الاحتمال القوي بحكومة يسارية بين الحزب الاشتراكي وحزب بوديموس.
وفي هذه الانتخابات التشريعية التي تجاوزت فيها المشاركة 73%، حصل الحزب الشعبي على 123 مقعدا بـ 28. 71%، ويليه الحزب الاشتراكي بـ 90 مقعدا و22% ثم حزب بوديموس بـ 69 مقعدا بـ 20. 61% وفي المركز الرابع حزب سيوددانوس ب 40 مقعدا وهو ما يعادل قرابة 14%.
وحصل اليسار الجمهوري الكتلاني على 9 مقاعد و8 مقاعد لحزب الديمقراطية والحرية الذي يمثل اليمين المحافظ الكلاسيكي في كتالونيا. وحصل الحزب القومي الباسكي على ستة مقاعد وحزب بيلدو على مقعدين واليسار الموحد على مقعدين.
وحملت معها هذه الانتخابات نهاية القطبية السياسية في إسبانيا بسبب تراجع الحزب الشعبي رغم فوزه، حيث فقد قرابة أربعة ملايين من الأصوات مقارنة مع انتخابات 2011 وتراجع الحزب الاشتراكي بينما ظهر حزبا بوديموس واسيودادانوس كقوتين سياسيتين صاعدتين.
ومن العوامل التي جعلت الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي لا يتراجعان أكثر هو استمرارهما في مناطق الأرياف والمدن الصغيرة حيث الحركات الشبابية الاحتجاجية ضعيفة عكس حضورهما في المدن الكبرى. ولهذا، فحزب بوديموس جاء القوة الأولى في برشلونة والثانية في مدريد، فهو يتمتع بحضور قوي في المدن ويعتبر ضعيفاً في الأرياف.
ونهاية القطبية الحزبية تجعل اسبانيا أمام مشهد سياسي جديد مختلف عن الأربعين سنة الأخيرة، حيث كان الحزب الاشتراكي يتوفر على أغلبية مريحة واليمين كذلك في التناوب على السلطة.
وعمليا، يتكون اليمين في البرلمان الجديد من الحزب الشعبي وحزب اسيودادنوس وحزب الديمقراطية والحرية الكتالاني والحزب القومي الباسكي.
ومن الصعب تصويت حزب الديمقراطية والحرية على حكومة اليمين بسبب الاختلاف القوي حول استقلال كتالونيا لأنه يطالب باستقلال هذا الاقليم عن باقي اسبانيا. وبالتالي، رغم إعلان رئيس الحكومة المؤقتة ماريانو راخوي عزمه تشكيل الحكومة المقبلة، ستكون مهمته صعبة إن لم تكن مستحيلة.
وفي المقابل، لمح زعيم الحزب الاشتراكي بيدرو سانتيش أمس الاثنين إلى نيته تشكيل حكومة يسارية إذا توفرت الشروط.
ويطالب زعيم بوديموس، بابلو إغلسياس بحكومة يسارية تجسد التغيير الذي يطالب به الإسبان.
وبهذا يمكن لليسار الإسباني إعادة سيناريو البرتغال الشهر الماضي، حيث فاز اليمين لكنه لم يتوفر على الأغلبية المطلقة، فشكل ائتلاف اليسار الحكومة.
وتفيد جريدة ريبوبليكا الرقمية باحتمال تشكيل ائتلاف بين الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي على شاكلة التحالف بين اليمين واليسار في المانيا.
وعمليا، هناك ضغوطات من رجال الأعمال باستبعاد بوديموس من أي حكومة، وهو الموقف نفسه، وفق بعض وسائل الاعلام، الذي تتبناه في صمت بعض المؤسسات الأخرى مثل المؤسسة العسكرية والملكية. وفي حالة تعثر تشكيل حكومة، لا يستبعد المراقبون إعادة الانتخابات التشريعية، لتشهد اسبانيا لأول مرة إعادة انتخابات تشريعية.
حسين مجدوبي