المغرب: سيطرة «العدالة والتنمية» على المشهد السياسي

حجم الخط
4

الرباط ـ «القدس العربي»:تقترب سنة 2015 المغربية من نهايتها حاملة معها الكثير من التطورات التي تعيشها البلاد على ايقاع التحولات التي عرفتها منذ 2011 وما أفرزه «الربيع المغربي» من دستور جديد، ابرز سماته ضبط العلاقات بين السلطات والمزيد من الضمانات فيما يتعلق بالحريات وحقوق الانسان.
واذا كانت هذه التحولات بدأت بانتخابات تشريعية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 اعطت المرتبة الاولى لحزب العدالة والتنمية ذات المرجعية الاسلامية، فإن سنة 2015 اكدت هذه المرتبة بالانتخابات الجماعية التي اجريت في 4 ايلول/ سبتمبر الماضي، حيث احتل الحزب المرتبة الاولى بالمدن الرئيسية، ليكون اول حزب بتاريخ الانتخابات البلدية والجماعية المغربية، منذ الاستقلال، يحقق هذا الفوز بهذه المدن الذي يحمل في طياته فوزا سياسيا، رغم انه لم يحصل على المرتبة الاولى بعدد الدوائر.
وفوز «العدالة والتنمية» السياسي بالانتخابات الجماعية، كشف عن فشل خصومه في الحملات التي شنوها عليه بعد ارتداد «الربيع العربي» وما جرى تحديدا بمصر والانقلاب على جماعة الاخوان المسلمين، وما تعرض له المغرب الرسمي، من اطراف عربية مناهضة للتيارات ذات التوجهات الاسلامية، لانهاء تجربته التي ربما كانت ستقوده الى تراجع في ميدان ترسيخ مؤسساته المنتخبة ودورها.
واذا كانت جميع الاطراف المشاركة باستحقاق ايلول/ سبتمبر قد اقرت بنزاهة صناديق الاقتراع، فان بعضها شكك فيما يتعلق بما سبقها اثناء الحملة من استعمال المال لشراء الاصوات والذي لا زالت الهيئات القضائية تبحث فيها.
الا ان اهم ما سجل في هذه الانتخابات هو ما تبعها من عملية تشكيل المكاتب، البلدية او الجهوية، والتحالفات الهجينة التي سجلت لابعاد حزب العدالة والتنمية من قيادة الجهات التي فاز بها وهي العملية التي هددت التحالف الحكومي، الهش اصلًا ولم ينقذه الا حرص رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران، زعيم حزب العدالة والتنمية، على الوصول بولايته وقيادة حزبه للحكومة الى نهايتها القانونية/ خريف 2016.
ويسجل لحكومة بن كيران اوراش الاصلاح التي فتحتها في عدة ميادين، خاصة ميدان القضاء والحريات والاعلام والدعم الاجتماعي للفئات الهشة، وطريقة عرضها وتقديمها للرأي العام لتكون خلاصة اراء الاطراف لا رأي طرف واحد. وكانت مسودة مشروع القانون الجنائي، اسمى القوانين بعد الدستور، حيث عرضت وزارة العدل والحريات المسودة على صفحتها على الانترنت ودعت الجميع لمناقشتها ونظمت العديد من الندوات واللقاءات وحتى الان لم تصل الى البرلمان لمناقشتها والمصادقة عليها بانتظار الحسم في عدد من القضايا والملفات، ابرزها احكام الاعدام، والعلاقات الجنسية خارج فراش الزوجية، والمثلية الجنسية والالتزام بالشريعة الاسلامية.
وفي ميدان الصحافة لا زال مشروع القانون المنظم للمهنة محل مداولات بين الوزارة والهيئات النقابية المعنية، بسبب حقوق الصحافيين والعقوبات السالبة للحرية.
وتواصل خلال 2015 الاحتكاك بين السلطات المغربية ومنظمات وهيئات حقوق الانسان، ورغم ما يعرفه هذا الميدان من توسع هامشه وترسيخ مجموعة من القيم، ان كان في حرية التجمع والتعبير او مناهضة ومعاقبة التعذيب، الا ان سلسلة من الانتهاكات ارتكبت، تقول السلطات انها معزولة، شكلت مواد دسمة للمنظمات لتوجيه الاتهامات باستمرار بالانتهاكات كنهج للسلطة.
وفي ميدان مكافحة الارهاب، سجل المغرب سلسلة نقاط ايجابية من خلال اعتماده استرتيجية الضربات الاستباقية لناشطين في تنظيمات تمارس العنف والارهاب او مرشحين لممارسة هذا الارهاب، الذي حمل سنة 2015 اسم تنظيم الدولة الاسلامية بالعراق والشام (داعش).
واعلنت السلطات طوال السنة الماضية عن تفكيكها العديد من خلايا هذا التنظيم بعدد من المدن المغربية، وبدأت مؤخرا بربط هذه الخلايا بعمليات المتاجرة بالمخدرات.
واستهدفت الضربات الاستباقية ناشطين كانوا يقومون بتجنيد شبان مغاربة للالتحاق بداعش بسوريا او العراق حيث تقول السلطات ان عدد الملتحقين تجاوز ال1200 مغربي بعضهم يتولى مناصب رفيعة بهياكل داعش.
وابرز المغرب دور اجهزته الامنية في مكافحة تنظيم داعش خارجيا، خاصة اوروبا، التي ابرز مسؤولوها دور المخابرات المغربية في تفكيك عدد من خلايا هذا التنظيم وايضا دورها في ملاحقة مخططي ومنفذي الهجمات الارهابية التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وشكل التعاون المخابراتي المغربي الفرنسي، منذ الهجمات التي استهدفت اسبوعية شارل ايبدو الفرنسية في شهر كانون الثاني/ يناير 2015، مدخلاً لطي اخطر ازمة هددت العلاقات الفرنسية المغربية منذ اختطاف واغتيال الزعيم المغربي المهدي بن بركة مؤسس اليسار المغربي الحديث بالعاصمة الفرنسية باريس في 1965.
حرصت باريس، بعد هجمات شارل ايبدو على ابداء نوع من الاعتذار عن قيام النيابة العامة الفرنسية في شباط/فبراير 2014 باستدعاء مدير المخابرات المغربية عبد اللطيف الحموشي للاستماع اليه في دعاوى قضائية مرفوعة من فرنسيين من اصل مغربي تقول بتعرضهم للتعذيب في مقرات المخابرات المغربية.
وشكل الاستدعاء في حينه احتجاجا مغربيا واسعا وادى الى تجميد التعاون القضائي والامني المغربي الفرنسي ولم تعد المياه الى مجاريها بتدفق اكبر الا بعد تعرض فرنسا للهجمات الارهابية.
وشارك المغرب بالحرب على اليمن التي يشنها تحالف عربي بقيادة العربية السعودية، منذ اذار/ مارس 2015 ورسميا تقتصر المشاركة المغربية بهذه الحرب على الهجمات الجوية وهي التي اسفرت في ايار/ مايو عن سقوط طائرة مغربية من نوع اف 16 ووفاة قائدها الطيار ياسين محيتي.
وتبقى قضية الصحراء الغربية والتنازع على سيادتها بين المغرب وجبهة البوليساريو ام القضايا المغربية منذ اكثر من 40 عاما، وعرفت هذه القضية خلال السنة تطورات بالغة الاهمية سجل فيها المغرب ايجابياً نجاحه في تجاوز محنة توسيع صلاحيات قوات الامم المتحدة المنتشرة بالصحراء (المينورسو) لتشمل مراقبة حقوق الانسان والتقرير بها لمجلس الامن، التي قدمت واشنطن مسودة قرار لمجلس الامن في نيسان/ ابريل 2015 متضمناً ذلك قبل ان تعيد النظر به، وتجاوز ازمته مع مبعوث الامم المتحدة للصحراء و(تجميد) مهامه، وسجل ايضا الزيارة التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس لمدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء، والاحتفال هناك بالذكرى ال40 للمسيرة الخضراء، فانه سجل سلبا في مواقف اوروبية من هذه القضية.
اذ بعد قرار البرلمان السويدي واعلان الحكومة السويدية نيتها الاعتراف «بالجمهورية الصحراوية» التي تشكلها جبهة البوليساريو من جانب واحد، جاء قرار محكمة العدل الاوروبية بالطعن باتفاقية التبادل الفلاحي والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الاوروبي كونها تشمل الصحراء الغربية وهي بالنسبة للمحكمة ليست مغربية، بل منطقة متنازع عليها، ثم تبع قرار المحكمة الاوروبية صوت البرلمان الأوروبي، على توصية تدعو الى توسيع صلاحية بعثة «المينورسو» في الصحراء لتشمل حقوق الإنسان.
وصوت البرلمان الأوروبي على هذا القرار بأغلبية بلغت 258 نائبا، مقابل معارضة 251، حيث دعا القرار إلى ضرورة احترام المغرب للحقوق الأساسية للمواطنين في الصحراء، خاصة حرية تأسيس الجمعيات وحرية الرأي والتعبير والتجمهر، بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين، والسماح للمراقبين الدوليين، سواء التابعين للبرلمان الأوروبي أو المستقلين، بزيارة الأقــاليم الصـــحراوية. وهي خطوة يخشى ان تكون مقدمة لقرار يتخذه مجلس الامن الدولي في نيسان/ ابريل المقبل.

had

محمود معروف

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد بلحرمة المغرب:

    انا اؤيد تاييدا قاطعا اولئك الدين يتحدثون عن استعمال المال لشراء الاصوات فهده الظاهرة لا زالت منتشرة وبكثرة ولا سيما في المناطق النائية ولا سبيل لاخفائها اما في ما يخص حزب العدالة والتنمية ففي اعتقادي المتواضع انه فشل فشلا دريعا في تحقيق فتوحات كبرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي بل كان نجاحه في توسيع قاعدة الغاضبين بسبب بعض القرارات والاجراءات المؤلمة التي اتخدها والتي تعتبر تناقضا فاضحا مع شعاراته الفضفاضة وتصريحاته المعسولة ووعوده التي لم تر النور لحد الساعة ابان الحملة الانتخابية التي سبقت انتخابات 2011 اما في ما يخص اوراش الاصلاح التي يعتبرها البعض مؤشرات ايجابية قامت بها حكومة عبد الاله بنكيران فلا تعدو كونها فقاعات هواء لا صلة لها بالواقع المعاش فنحن نريد الاصلاح والتغيير بالملموس والدي يضع حدا لمعاناتنا وليس بالكلام الفارغ والنصوص المكتوبة.

  2. يقول حسين المغربي:

    المشهد السياسي المغربي هو مشهد موبوء ولايمثل ارادة المواطن الحقيقية في شيء حيث ان حكومة الظل هي من تقود من غير مساءلة اونقد والانتخابات مجرد ديكور فقط وحكومة العدالة بين قوسين لا سلطة لها والاصلاحات كلها تمت على حساب الفئات المقهورة

  3. يقول أحمد أغريش المغرب:

    نحن المغاربة قساة في انتقاد حكومتنا ولكن يبقى المغرب ولله الحمد نقطة مضيئة في هذا العالم العربي الغارق في السواد.

  4. يقول المنسي:

    انا اعتقد جازما ان هذه الحكومة التي صدعوا راسنا بها هي اسوا حكومة عرفها المغرب منذ الاستقلال….حكومة جاءت ضد المواطن….قتلونا بشعارات النزاهة والشفافية ….

إشترك في قائمتنا البريدية