غزة ـ «القدس العربي»:كثيرة كانت الأحداث التي عصفت بقطاع غزة المحاصر والمناطق الفلسطينية، خلال العام 2015 الذي يستعد للرحيل، تاركا آثارا ورثها من أعوام ثمانية مضت عاش فيها السكان فترات عصيبة، يصعب الشفاء منها في الأعوام المقبلة، حتى لو قدمت لهم أفضل الحلول الاقتصادية والمعيشية بهدف إنعاشهم، بعد أن وصلت البطالة والفقر لأعلى المستويات.
بداية الأحداث الساخنة التي لم تنته بعد، كانت معايشة السكان المحاصرين الذين كانوا قد خرجوا لتوهم من حرب إسرائيلية شرسة «الشتاء الأول» في شهر كانون الثاني/يناير، فنكأ المنخفض الجوي «هدى» جروحهم، خاصة من كان منهم يقطن «الكرفانات» التي غمرتها المياه، أو في «مراكز الإيواء» في ظل تدن كبير لدرجات الحرارة، وهو ما دفعهم إلى التظاهر ورشق مقر الأمم المتحدة بالحجارة رفضا لتأخر عمليات إعادة الإعمار. ورغم الحصار المالي الذي فرضته إسرائيل على السلطة بسبب لجوء الأخيرة لطلب المزيد من عضويات مؤسسات الأمم المتحدة، فرح سكان غزة كثيرا بتوقيع الرئيس محمود عباس على طلب عضوية محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة قادة إسرائيل.
ورغم ذلك فقد استمر الخلاف بين حركتي فتح وحماس وتأجج الخلاف بينهما أكثر من مرة، حتى كاد يطيح بحكومة التوافق التي يصفها البعض بـ»الشكلية» بعد أن أجريت عليها تعديلات في تموز/يوليو، وكانون الاول/ديسمبر.
وقبل ارتفاع منسوب الخلاف، زار رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمد الله غزة للمرة الثانية منذ توليه مهامه، والتقى قادة حركة حماس، وبحث معهم سبل حل الخلافات العالقة، غير أن التوافقات لم تنجر، واتهمت فيما بعد الحكومة حركة حماس، بتقييد تحركات وزراء حكومة التوافق الذين زاروا غزة، والزيارة انتهت بالفشل.
وفي خضم الخلاف بين فتح وحركة حماس من جهة أخرى، شهدت علاقة الأخيرة تدهورا أكبر مع مصر، بإصدار محكمة مصرية حكما في نهاية شهر كانون الثاني/يناير، يعتبر فيه الجناح العسكري للحركة، ومن ثم الحركة بشكل عام «تنظيما إرهابيا» قبل أن يتم التراجع عن القرار الثاني وبقاء الأول، وهو ما أسس لمرحلة جديدة أساسها التعامل الخشن من قبل النظام المصري مع حماس، وهو ما دفع الحركة وقتها للإعلان أن مصر لم تعد تصلح وسيطا للمصالحة.
ومع تفاقم الخلاف بين حماس ومصر، كشفت الأولى شباط/فبراير الماضي، على لسان عضو مكتبها السياسي الدكتور محمود الزهار، عن بداية تحسن علاقاتها مع إيران، والتي انتكست بخروج الحركة من سوريا. وشهد اذار/مارس إدخال الدفعات الأولى من مواد البناء لإعمار المنازل المدمرة، وكشفت إسرائيل عن شبكة تجار يهود ساعدت حماس على ترميم أنفاق غزة وإيصال مواد كهربائية وكوابل اتصالات ممنوعة للحركة، وجاء ذلك في خضم تفاعل الغضب الشعبي ضد تأخر الأعمار، وتهديد حماس بانفجار الأوضاع الميدانية، لرفضها خطة الأعمار التي وضعها المبعوث الدولي روبرت سيري، مع تأخر وصول أموال المانحين المقدرة بـ 5.4 مليار دولار والتي أقرت في مؤتمر القاهرة. وفي شباط/فبراير الماضي، أعلنت إسرائيل عن قيام نشطاء حماس بإجراء تجارب صاروخية الأولى منذ انتهاء الحرب تجاه البحر، وشهد ذات الشهر الإعلان عن ترميم مواقع مقاتلي الحركة على الحدود، وقيام إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي بمراقبة الحدود الإسرائيلية من موقع عسكري متقدم.
وفي ايار/مايو الماضي تفاقم الخلاف على نحو كبير بين حركة حماس وأنصار السلفية الجهادية في غزة، التي اتهمت الأولى بشن حملات اعتقال كبيرة في صفوف عناصرها، وقيام الحركة بمغازلة السعودية، وطلب هنية وقادة آخرون من المملكة لعب دور الوسيط في المصالحة، وقد أفضى ذلك إلى زيارة قام بها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للرياض ولقاء الملك فيما بعد.
وفي ذلك الوقت شهد قطاع غزة زيارات مكثفة ومتتالية لدبلوماسيين غربيين، أهمها زيارة وزير الخارجية الألماني، الذي طرح معادلة التهدئة القائمة على «الأمن مقابل التنمية»، وجرى ذلك بعد الكشف عن حراك دولي للوصول إلى اتفاق تهدئة طويل الأمد، حيث شارك بشكل فاعل في التحركات بين إسرائيل وحماس بطريقة «غير مباشرة» مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، والمبعوث السابق للرباعية الدولية توتي بلير، غير أن الاتصالات وصلت في نهاية المطاف لطريق مسدود.
ومن جديد يعود الخلاف في حزيران/يونيو بين فتح وحماس، وينتهي الشهر بقرصنة إسرائيلية جديدة ضد «أسطول الحرية 3» تنتهي بمنع السفن من الوصول لغزة ومساعدة السكان المحاصرين.
وفي تموز/يوليو تقر إسرائيل بعد عام من انتهاء الحرب تقريبا، بوقوع أربعة من مواطنيها في قبضة حركة حماس، اثنان منهم خلال الحرب وهم جندي وضابط، وآخران أحدهما من أصل أثيوبي، وآخر بدوي يحمل جنسيتها، وصلا غزة بإرادتهم قبل اعتقالهم من الحركة، وهو الشهر الذي شهد إعلام «الأونروا» عن بدء المرحلة الأولى لبناء منازل الغزيين المدمرة كليا.
أما في شهر آب/أغسطس، فقد شهد مواجهة كروية بين أحد فرق الضفة الغربية وآخر من قطاع غزة تعدت السياج الإسرائيلي وتجاوزت الخلاف السياسي، لتحديد بطل فلسطين في كرة القدم، وقد شهد الشهر أيضا خروج لاجئ غزة ضد سياسة تقليصات «الأونروا» للخدمات، وقد شهد ذات الشهر بدء تنفيذ مصر خطة جديدة للقضاء على أنفاق تهريب البضائع أسفل حدودها مع غزة، عن طريق إغراق المنطقة الفاصلة بمياه البحر المالحة، ما أدى فيما بعد لانهيارات أرضية ويهدد مستقبلا التربة والمياه الجوفية، وكذلك اختطاف أربعة من أنصار حماس في سيناء، ولم يكشف عن مصيرهم حتى اللحظة.
وشهد شهر ايلول/سبتمبر تأجيل اجتماع المجلس الوطني الموسع لاختيار لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة، وهو أمر رحبت فيه حركتا حماس والجهاد الإسلامي، وانتهى بخطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة، وأعلن فيه أن الفلسطينيين لن يبقوا على تطبيق اتفاقات السلام، إن لم تطبقها إسرائيل. وبعد مرور أسبوع على شهر تشرين الاول/أكتوبر، يخرج شبان غزة في مواجهات على غرار تلك التي انطلقت قبل أيام في كل مدن الضفة الغربية، وتشهد المناطق الحدودية مواجهات عنيفة أدت لاستشهاد ستة شبان في غضون سعات قليلة، وهي مواجهات تتكرر كل جمعة، في ظل تأكيد حماس والفصائل الفلسطينية رفضها احتواء «الانتفاضة» والمطالبة بتطويرها، خاصة بعد أن أعلنت رفضها الاتفاق الإسرائيلي الأردني برعاية أمريكية حول الأقصى.
تصريحات
• نهاية اب/أغسطس أعلن الرئيس محمود عباس، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن «الجانب الفلسطيني لن يلتزم بالاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي طالما أن إسرائيل ترفض الالتزام بها» هذا ولم يطبق القرار الفلسطيني بوقف التعامل بالاتفاقيات مع إسرائيل حتى اللحظة.
• وفي تموز/يوليو قال إسماعيل هنية وبعد جملة من الاتصالات التي أجراها مسؤولون دوليون لعقد تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل «نحن أقرب إلى تحقيق أهدفنا في إنهاء الحصار والإعمار وكافة مجالات الحياة» ولم يطبق ذلك، بسبب فشل المباحثات حول الملف بسبب التعنت الإسرائيلي.
• برز مصطلح «سلموا المعبر» وجرى تداوله على مستوى الشارع والقيادات السياسية، وحمل دعوة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، إلى حركة حماس يدعوها لتسليم المعبر للسلطة، من أجل قيام مصر بفتحه من جديد، ولاقى المصطلح تفاعلا، حتى أن قادة حماس تعرضوا إليه بالانتقاد في مهرجان الحركة المركزي بذكرى الانطلاقة.
• ومن بين التصريحات التي برزت في 2015، إعلان وزارة الداخلية بغزة أن هذا العام كان الأسوأ على السكان بسبب استمرار إغلاق معبر رفح.
• وبرز كذلك تصريح عيسى قراقع رئيس هيئة الأسرى حين أعلن أن العام 2015 كان «الأكثر إجراما» للاحتلال.
أشهر المعتقلين
الشبان الأربعة الذين ينتمون لحركة حماس، واختطفوا من سيناء في طريقهم لمطار القاهرة ومنه إلى تركيا، وما زال مصيرهم مجهولا، وتحمل حماس مصر المسؤولية.
had
أشرف الهور