رام الله ـ «القدس العربي»:لم يكن العام 2015 مختلفاً عن الأعوام التي سبقته بالنسبة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني على حد سواء. فما زال الاحتلال جاثماً على الأرض الفلسطينية. ولم ينجح العالم بأكمله بالضغط على إسرائيل سواء لتحريك عملية السلام على أقل تقدير أو لرفع القليل من الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.
لكن العام 2015 بكل ما فيه من فشل سياسي فقد حمل اتجاهات فلسطينية جديدة للأعوام المقبلة. ففلسطين أصبحت عضواً رسمياً في المحكمة الجنائية الدولية. وهو ما يعني أن الفلسطينيين اتخذوا قراراً استراتيجياً بتدويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين. وكذلك الانضمام إلى كل مؤسسات المنظومة الدولية للتعامل مع فلسطين على أنها دولة تحت الاحتلال رغم أنهم لم يعلنوا ذلك صراحة.
وتلخصت الأحداث الرئيسية في فلسطين في هجوم غير مسبوق للإرهاب الإسرائيلي خاصة بعد جريمة خطف وإحراق الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير في العام 2014 في القدس المحتلة، ليصل إلى إحراق عائلة فلسطينية كاملة داخل منزلها في قرية دوما الفلسطينية القريبة من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية. الأمر الذي وضع الفلسطينيين أمام خيارات قليلة أحلاها مُر.
أما الحدث الثاني فكان انطلاق الهبة الشعبية الفلسطينية «أو هكذا اصطلح على تسميتها» ذلك أنها لم تتحول إلى انتفاضة عارمة ولم تكن عبارة عن مواجهات لأيام محدودة فقط. وإنما تواصلت وإن كانت تخبو حيناً وتضرب بقوة حيناً آخر. وفي الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الماضي انطلقت الهبة في معظم الأرض الفلسطينية المحتلة وتميزت بهبة «السكاكين والدهس والرصاص» وسقط فيها أكثر من 130 شهيداً فلسطينياً خلال أقل من تسعين يوماً بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين وآلاف المعتقلين. لكن اللافت في الهبة الشعبية هي أنها تمت من قبل الأطفال الفلسطينيين تحت سن الثامنة عشرة وهم من دفعوا الثمن الأكبر سواء في أرواحهم أو على صعيد الاعتقالات أو الاصابات.
وقد اشتهر الطفل أحمد مناصرة من القدس (13 عاماً) بعد تسريب مقطع لتحقيق أجهزة الأمن الإسرائيلية معه وهم يمارسون ضده أنواع الترهيب النفسي. فانفجر في وجههم وأخذ يصرخ بالقول «مش متذكر» وهو ما أصبح بعد ذلك «هاشتاغ» مميز تناقله الفلسطينيون للتعبير عن حالهم!
أما المقولة الثانية التي حازت على حيز كبير على الساحة الفلسطينية فكانت للحاج زياد أبو هليل من مدينة الخليل المحتلة جنوب الضفة الغربية حيث استخدم كلمة «بهمش» للتعبير عن رضاه عما يفعله الفلسطينيون ضد الاحتلال الإسرائيلي وجنوده بقذفهم بالحجارة أمام كافة أنواع الأسلحة الإسرائيلية في محاولة لردع الهبة الشعبية الفلسطينية.
وكلمة «بهمش» هي كلمة تستخدم في العامية الفلسطينية يراد القول بها «لا يهم» لكن الحاج هليل فسر أحرفها الأربعة على طريقته الخاصة. وأول الأحرف هو «الباء» ويعني بالروح بالدم نفديك يا فلسطين. أما الحرف الثاني «الهاء» فيعني الهزيمة والهوان والذل لبني صهيون. والحرف الثالث «الميم» ويعني مقاومين لا نرحل عن هذه الأرض. أما الحرف الرابع والأخير «الشين» فكان الشموخ والعزة للشهداء الفلسطينيين.
على الجانب السياسي لم يكن هذا العام مُبشراً فقد استمرت حالة تبادل الاتهامات بين الإسرائيليين والفلسطينيين عن سبب فشل مفاوضات السلام التي أدارها سابقاً ولمدة تسعة أشهر وزير الخارجية الأمريكية جون كيري. واستمر الحال كما هو حتى انفجار الهبة الشعبية الفلسطينية في بدايات تشرين الأول/أكتوبر. وهو ما دفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى الوصول سريعاً إلى العاصمة الأردنية عمان التقى فيها مع الملك الأردني والرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي إلا أن الزيارة كانت فاشلة.
وبعدها بأسابيع قليلة عاد كيري وزار إسرائيل وفلسطين لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يقدم له شيئاً بالمطلق في سبيل إنجاح محاولته. خاصة وأن كيري اتهم نتنياهو علانية بإفشال المفاوضات بين الطرفين سابقاً.
وأعقبت زيارتي كيري زيارة ثالثة للجنة الرباعية الدولية التي وصلت إسرائيل وفلسطين بعد رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية قدومهم أو تأجيله لمرتين على الأقل. فكانت الزيارة بروتوكولية لا تحمل جديداً بالنسبة للفلسطينيين.
وأعلن عدد من الساسة الفلسطينيين استراتيجية عمل جديدة للعام الجديد 2016 تتثمل في سلسلة محاولات لاستصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي عبر الشقيقة مصر التي ستنضم مع بداية العام الجديد إلى مجلس الأمن. بدءًا من الاستيطان إلى الإرهاب وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال.
رفع علم فلسطين في الامم المتحدة
شهد مقر الأمم المتحدة في 30 أيلول / سبتمبر مراسم رفع العلم الفلسطيني إلى جانب أعلام باقي الدول الـ193 الأعضاء في المنظمة الأممية.
وحضر مراسم رفع العلم الفلسطيني في نيويورك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورؤساء ومسؤولون من دول عربية وأخرى غربية وأفريقية وآسيوية.
وجرت مراسم رفع العلم الفلسطيني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أقرت في 10 سبتمبر/أيلول 2015 بتصويت أغلبية أعضائها رفع علم فلسطين في المقر الرئيسي للمنظمة في نيويورك، لتكون المرة الأولى التي تقر فيها الجمعية رفع علم دولة مراقبة لا تتمتع بعضوية كاملة في المنظمة.
وصوت لصالح مشروع القرار 119 دولة، فيما اعترضت ثماني دول بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، وتحفظت 45 دولة بينها بريطانيا.
had
فادي أبو سعدى