عمان ـ «القدس العربي»: ملاحظتان يمكن رصدهما ببساطة على التعليق الاردني الرسمي اليتيم المعني بتطورات الساعة الاخيرة في محافظة الانبار المجاورة. الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية الدكتور محمد المومني اعتبر ما تحقق في مدينة الرمادي من هزيمة لتنظيم «الدولة ـ داعش» الإرهابي «خطوة نوعية».
المومني قدر أن الإنجاز النوعي محصلة لجهد التحالف الدولي والقوات المسلحة العراقية في إشارة ضمنية تحرم حكومة بغداد من الاحتفاظ بالإنجاز خصوصاً وأنها تصر دوماً ولصالح إيران على إبعاد عمان عن مجريات الترتيبات الأمنية المتعلقة بملف الإرهاب داخل العراق وسوريا.
الأردن بهذا المعنى وباعتباره عضواً في التحالف الدولي يؤشر على ما تحقق في الرمادي بصفته جهداً لا يمكن عزله عن الإسناد المعلوماتي والجوي الذي قدمه التحالف للعملية العسكرية العراقية الاخيرة في الرمادي.
الجانب الأردني الرسمي بدوره راقب جيداً مسار الأحداث على الواجهة الشرقية حيث تعززت الحراسات العسكرية والأمنية احتياطاً لمسألتين: حروب أنصار «الدولة» إلى اتجاه الحدود الاردنية وهو ما لم يحصل وحركة نزوح محتملة بسبب مسار الاحداث. المومني قال لـ «القدس العربي» عدة مرات بان مصلحة بلاده تتطلب وجود رموز صلبة للدولتين العراقية والسورية على الجانب الآخر من الحدود مع المملكة الاردنية.
لذلك يرحب الاردن بتخليص أقرب مدينة لحدوده غرب العراق وهي الرمادي من تنظيم «الدولة» بالدرجة نفسها التي يرغب فيها بإبعاد داعش عن صحراء تدمر القريبة في سوريا.
ما يهتم به الاردن مرحلياً هو عودة الجيش العراقي لإدارة الواجب العسكري في الطرف الثاني من الحدود عبر العراق وعودة نظيره السوري لواجهة معبر نصيب في درعا وشمالها مما يسمح لاحقاً باستئناف فتح الحدود المغلقة أمام النشاط التجاري والبشري مع البلدين.
استراتيجياً يعلن الاردن وبكل اللغات استمرار حالة الاشتباك مع تنظيم «الدولة» والإرهاب في كل من العراق وسوريا. واستراتيجياً ايضا يتحدث الأردن بلغة لا تؤيدها ولا تفضلها حكومة بغداد برئاسة حيدر العبادي عندما يتعلق الأمر بشمول أهل محافظة الأنبار بالعملية السياسية والتحاق مدنهم وعشائرهم بالتنمية الاقتصادية وبالنتيجة وضع حد لأي من مظاهر الانتقام الطائفي ضد أهالي الأنبار أو لاحقاً الموصل حتى تختفي المبررات التي تموضعت بسببها مجموعة داعش وغيرها داخل أهالي السنة في العراق.
خلف الستارة والكواليس يتحدث الاردن مع الادارة الامريكية والتحالف الدولي حول كبح جماح ميليشيات الحشد الشيعي وضرورة الانتباه للأداء العسكري والاداري العراقي تحديداً في المناطق التي يتم تطهيرها أو تحريرها من وجود تنظيم «الدولة».
وحرصاً على عدم التصعيد مع حكومة العبادي والأطياف المستحكمة في بغداد لا تعلن عمان مخاوفها في السياق لكن حكومة بغداد المركزية تعترض بشراسة على أي جملة من النظام الرسمي العربي المجاور ضد الحشد الشيعي تحديداً وتعتبره الطرف الذي قدم مع الأكراد التضحية الأكبر في مواجهة مقاتلي تنظيم «الدولة».
يعني ذلك سياسياً وعملياً أن ما يحصل أو سيحصل في المناطق التي تطرد داعش منها لا زال يشكل نقطة خلاف مستترة مع دول أخرى في الإقليم وبينها وبين حكومة بغداد المركزية وليس سراً أن من بين هذه الدول الأردن والسعودية.
لغة الأردن المتصاعدة ضد تنظيم «الدولة» والمجموعات الجهادية دفعت أيضا باتجاه تصريح قوي ومتجدد لقائد الجيش والرجل القوي جداً في الاردن حاليا الجنرال مشعل الزبن تحدث فيه مجدداً عن التصدي وبقسوة لكل من تسول له نفسه المساس بأمن الأردن ومصر. حصل ذلك وسط حالة سياسية يستعين فيها الأردن بالنظام المصري تحت ستارة تعزيز العلاقات وتنسيق الخطوات الثنائية في محاربة الارهاب.
كلمات الجنرال الزبن برزت وهو برفقة نظيره المصري محمود حجازي خلال تدريب عسكري مشترك في محيط الحدود المائية على البحر الاحمر تضمنه تطبيقات على الاشتباك مع حالات إرهاب وتحصينات لمجموعات مسلحة بلغة عسكرية.
رسالة الجنرالين الزبن وحجازي سياسية أيضا وتهدف لغرفة عمليات مشتركة ضد أي محاولات يمكن ان يفكر بها مستقبلاً تنظيم «الدولة» تحت يافطة الانتقال من صحراء سيناء المجاورة لحدود العقبة جنوب الاردن.
بسام البدارين