اللواءات يمسكون البلد من الهيئات إلى المحافظات… و«البلطجية» تحولوا رقما مهما وفاعلا في المعادلة السياسية

حجم الخط
4

القاهرة ـ «القدس العربي»: غلبت أبرز أحداث العام الذي سينتهي اليوم الخميس على اهتمامات الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 30 ديسمبر/كانون الأول.
بينما لا يزال اهتمام الأغلبية كما هو بالموضوعات التي ترى أنها الأهم مثل، برامج ومسرحيات التلفزيون والقنوات الفضائية التي ستقدم بمناسبة العام الميلادي الجديد، وامتحانات نصف السنة ثم الإجازة، وأين سيتم قضاؤها؟ استغلالا للتخفيضات التي تعلن عنها شركات السياحة. ونفي الحكومة ما نشر عن نيتها رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وأزمة مجلس إدارة النادي الأهلي، وإعلان وزارة الصحة أنها ستطرح في الأيام المقبلة عقار «الدكلانزا» المنتج في مصر لعلاج «فيروس سي» الكبدي بسعر خمسة وسبعين جنيها للعبوة، بعد أن كان سعر المستورد للعبوة ألف وثلاثمئة وخمسة عشر جنيها. كما أن عقار «السوفالدي» المصري سيكون سعره ستمئة جنيه، بعد أن كان سعر المستورد ألفين ومئتي جنيه. ومن المعروف أن في مصر ما لا يقل عن ثلاثة عشر مليون مصاب بهذا المرض اللعين، والدولة تقدم علاجا مجانيا لملايين من غير القادرين.
كما اهتم كثيرون بأخبار قرب توزيع آلاف الشقق الجديدة على الشباب الذين سبق لهم أن حجزوها ودفعوا المقدم، وهي تباع بالتقسيط. واستمرت الأغلبية في عدم الاهتمام بما يقال وينشر عن مخططات إرهابية في رأس السنة الميلادية وعيد الميلاد المجيد في السابع من يناير/كانون الثاني، وفي ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير. وحدث اهتمام طفيف ببيان الأزهر الذي أكد فيه أن تنظيم «داعش» خارج عن ملة المسلمين، بسبب سبي النساء والاعتداء على أعراضهن. وجاء البيان بعد ثلاثة أيام من مقابلة الفتاة الإيزيدية نادية مراد لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. ولم يثر حكم محكمة جنح مستأنف بحبس إسلام بحيرى سنة بدلا من الحكم السابق بحبسه خمسة أعوام بتهمة ازدراء الأديان أي اهتمام جماهيري، بما يؤكد ظاهرة بدء المصريين الفصل بين الدين والسياسة.
ورغم اهتمام وسائل الإعلام بأخبار مجلس النواب الجديد، وتضارب الأنباء حول قبول أو رفض رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس الجمهورية السابق عدلي منصور منصب رئيس المجلس، الذي سيبدأ بعد بدء الجلسات بالتأكيد، بعد مقابلته للرئيس، فلم تعد تجتذب الاهتمام. كما لم يحدث اهتمام بقرار مجلس إدارة المنطقة الحرة الإعلامية بمنع ظهور الإعلامي وعضو مجلس النواب وصاحب قناة «الفراعين» خفيف الظل توفيق عكاشة من الظهور في أي قناة بما فيها قناته لمدة ثلاثة أشهر.
أما أكثر الأخبار تأثيرا على أوضاع البلاد، رغم عدم اهتمام الأغلبية بها فكان اجتماع الرئيس السيسي مع محافظ البنك المركزي طارق عامر والاطمئنان على احتياطي العملة الأجنبية، وهل أنه كاف للمدة المتعارف عليها دوليا؟ وهي من ثلاثة إلى ستة أشهر، وكذلك أخبار إحراز تقدم في محادثات سد النهضة مع السودان وإثيوبيا.
وإلى بعض مما عندنا..

مرتزقة يقدمون خدماتهم لمن يدفع الثمن

ونبدأ بالمعارك والردود التي تعددت موضوعاتها حسب موقف ورأي صاحبها، فمثلا رأينا زميلنا في «المساء» أيمن عبد الجواد يهتم يوم الاثنين بموضوع البلطجية وما حدث لهم من تحولات فقال: «عادي جداً أن تتعرض رئيسة قسم الأسنان في «مستشفى القاهرة الفاطمية» للضرب والسحل على أيدي مجموعة من البلطجية، لأنها رفضت دفع إتاوة نظير ركن سيارتها على الرصيف العمومي. الواقعة ليست غريبة أو فريدة وتتكرر يومياً بشكل أو بآخر في مختلف بقاع المحروسة، كلنا نتذكر كيف كانت الأوضاع في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، والدور المحوري الذي لعبه البلطجية بتكليف من كبار المسؤولين، أو بالأحرى زبانية الحزب الوطني الحاكم، لإرهاب الخصوم وتقفيل اللجان الانتخابية، حتى تخرج النتائج دائماً على هوى النظام وليس الناخبين. وجاء «الربيع العربي» لتتبدل قواعد اللعبة تماماً، فقد تحرر البلطجية من قبضة النظام وتحولوا إلى مرتزقة يقدمون خدماتهم لمن يدفع الثمن، بعد أن كانوا أداة في يد النظام. فمن السهل جداً استئجار مجموعة منهم لإفساد أي مناسبة أو فعالية سياسية، أو حتى كروية، وتصوير الأمر على أنه حراك سياسي أو ثوري لقد تحولوا إلى رقم مهم وفاعل في المعادلة السياسية. قضية البلطجية مثلها مثل مواجهة الفساد والمفسدين تحتاج إلى الإرادة والحسم، ولا تحتمل الحلول الوسط لأنها تتعلق بهيبة الدولة ورغبتها في الإصلاح «.

حرامي الإوز الأكثر مهارة

وهكذا ذكرني أيمن بالذي كان يا ما كان من عهد خالد الذكر في سالف العصر والأوان فقد وقعت حادثة قبل انطلاق مدفع الإفطار بعشر دقائق في عام 1968 بقيام مجموعة بلطجية بتقسيم نفسها إلى ثلاث مجموعات، الأولى عند مدخل شارع الفجالة بالقرب من ميدان رمسيس، أوقفت أتوبيس وقامت تحت تهديد السلاح الأبيض بالاستيلاء على ما في جيوب الركاب من نقود، وما في أيديهم من ساعات وحلي. والثانية في ميدان الظاهر وفعلت الشيء نفسه مع أحد الأتوبيسات. والثالثة كانت تنتظر على محطة ترام رقم 21 المقبل من العباسية إلى شبرا الخيمة، على بعد خطوات من قسم الأزبكية ومن محطة قطارات باب الحديد، وقام أفراد المجموعة بما قام به زملاؤهم، وتم إبلاغ خالد الذكر بالحادث وهو لا يزال يتناول طعام الإفطار، فغضب غضبا شديدا ولم ينظر للحادث على أنه سطو من عصابة، وإنما تحد للدولة واستهانة بها وبالقانون، ولم تمر سوى ثمان وأربعين ساعة إلا وكان في المعتقلات عشرون ألف حرامي سابق وتاجر مخدرات ومشتبه فيه، بمن فيهم لصوص في تخصصات لم تعد موجودة الآن، مثل سرقة الساعات أو أقلام الحبر، حيث كان ينتشر منها نوع يسمى الأبنوس وتخصص في سرقة المحافظ ولصوص الغسيل من على الحبال ولصوص الفراخ. أما أكثر التخصصات مهارة فكان حرامي الإوز لأنه معروف عنه المسارعة بالصياح عند إحساسه باقتراب أي شخص.

فلول العهد البائد يخرجون من جحورهم

ونقترب نحن من «وفد» يوم الاثنين نفسه لنكون مع المهندس حسين منصور عضو الهيئة العليا لحزب الوفد الذي ترك قضية البلطجية وأمسك بالنخبة قائلا عنها: «فشل النخب التقليدية وعدم قدرة القوى الشابة على إفراز نخبة جديدة لم يفتح الباب فقط لقوة الإعلام المدجن المرتجل، بل فتح شهية فلول العهد البائد في الخروج من جحورها، وبروز قيادات الصف الثالث والرابع الكاملة في مدارس الشمولية، والوجوه الشعبوية المدجنة في مفرخة الحزب الوطني، أن تطفو على السطح وتحشد قواها وتستغل حالة المقاطعة الشعبية في استخدام خبرتها التاريخية في كافة الممارسات السيئة، لتحرز أهدافاً وتحتل مواقع في البرلمان الجديد، وتخرج لنا نخبة بلا تاريخ ولا سوابق عمل عام، غير مكترثة بروح التغيير والنفور العام السائد. وأصبح الناس محاصرين «بعكاشة ومرتضى وسيف اليزل وأسامة هيكل وعلاء عبد المنعم ومارجريت عازر». الناس تنظر حولها ذاهلة من هول ما يلقى عليها وما آلت إليه الآمال الكبيرة والمستقبل المقبل لوطن يمتلكه ويتقاسمه الجميع».

الريح تقتلع «الهش»

ولو تركنا «الوفد» وتوجهنا إلى «المصري اليوم» سنجد زميلنا علاء الغطريفي لم يبتعد كثيرا عن هذه القضية، لأنه قال في اليوم نفسه، عاقدا مقارنة بين إحدى شخصيات رواية نجيب محفوظ «ميرا مار» وشخصية محمد بدران رئيس حزب «مستقبل وطن» الذي جاء ترتيبه الثاني في عدد المقاعد التي حصل عليها في مجلس النواب بعد «المصريين الأحرار» بالنسبة لترتيب الأحزاب، و«الوفد» الثالث. علاء قال وهو ينتقل من شخصية سرحان البحيري في رواية وفيلم «ميرامار» وبين محمد بدران قائلا: «ميرامار» لنجيب محفوظ وكمال الشيخ صورة من الماضي عن واقع يبدو أننا أسرى له، حتى لو مرت السنون «سرحان البحيري» الذي يلعب دوره يوسف شعبان في فيلم «ميرامار» شخصية لا تموت، فهي أبدية باقية تخدع الجميع دوماً، ترتدي ملابس جديدة وتحمل أسماء مختلفة دينُها الانتهازية وعقيدتُها الخداع. سرحان البحيري 1969: «أنا وكيل شركة الغزل وعضو مجلس الإدارة المنتخب وعضو الاتحاد الاشتراكي، وإذا حد اتصل بيّ من الاتحاد الاشتراكي يا ريت تبلغيني» (يقولها بصوت عال لصاحبة البنسيون اليونانية حتى يسمعها جميع النزلاء). سرحان البحيري 2015: باعتباري أصغر رئيس حزب في مصر والعالم، وقع الاختيار عليّ لأكون ممثلاً عن الشباب في حفل قناة السويس، ومرافقة الرئيس على يخت المحروسة، وهذا شرف عظيم لي وأفتخر به. أحمد أبو هشيمه ومنصور عامر وهاني أبو ريدة يموِّلون الحزب ولا يتدخلون على الإطلاق، وهذا شرطنا لأي رجل أعمال ينضم إلينا ويتبرع لأنشطتنا؛ ألا يتدخل في قرارات الحزب ولا يتحدث عنه في الجلسات العامة أو الخاصة. أحمد أبو هشيمه: «قرار الانسحاب متعجل القرارات السياسية يجب أن تؤخذ بتأنٍّ ويجب ألا تكون قرارات فجائية بلاش نتسرع ولازم نفكر، وشايف أن قرار خروج الحزب من الائتلاف سريع». بعدها بأيام الحزب يعود إلى ائتلاف دعم «سيف اليزل»! مصير «سرحان البحيري» الفشل أو الزوال كما حدث مع بطل «ميرامار» الذي انتهى به الحال جثة هامدة على رصيف شارع، بعد أن فشلت العملية التي شارك فيها لسرقة الشركة التي يعمل فيها، ويمثل عمالها في مجلس الإدارة. الحياة لا تستمر بلا جذور في الأرض فالريح تقتلع «الهش» حتى إن ظن أن هناك «مالاً» أو «ظهرا» يحميه ويحمله إلى دوائر النفوذ والبقاء».

الأمن يطيح باستقرار مصر

ولا زلنا في معارك الاثنين حيث لم يغادر زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير «المقال» هذه القضية فقال: «الأمن يطيح باستقرار مصر، في الوقت الذي يعتقد أنه يحافظ عليه، حين يلعب في انتخابات البرلمان، وحين يصمم على ائتلاف دعم أمن الدولة، وحين يضع اللواءات على أعناق البلد في كل المجالات من الهيئات إلى المحافظات، وحين يعطل انتخابات اتحاد الجامعات لعدم رضاه عن نتيجتها، وحين يطارد نوابا مستقلين ليجهض محاولات استقلالهم، وحين يضطهد حقوقيين وناشطين، وحين يجعل عقله من عقل عيال «الفيسبوك»، وحين يبرر انتهاكات حقوق الإنسان أو حين ينكرها، أو ينفيها، وحين يستخدم الإعلام في التشويه والتشويش، وحين يصنع أحزابا على عينه، وحين يعتمد سياسة تخويف الشعب من الفوضى، فإنما يعيد الرئيس السيسي نفسه إلى سياسة ما قبل خمسة وعشرين يناير/كانون الثاني. ما علاقة هذا بأن الاقتصاد ليس الحل؟ العلاقة أوضح من أن توضح، فالرئيس يعتقد أن المشكلة ليست في السياسة ولكنها في الاقتصاد، يتصور أن مجتمعا منضبطا ومطيعا ومنظما، من خلال أجهزة الدولة هو ما يساعده ويعينه على إنهاضه اقتصاديا، فلما ينهض اقتصاديا لن يجد وقتا للسياسة بل حيلاقي شغل ووظيفة، هذا مفهوم خطر للغاية الرئيس يعتقد شأن كل رؤساء مصر من سابقيه أن الفقر هو المشكلة، لكن الذي يجب أن يكون تحولا وتجددا في الرؤية يضمن نجاحنا هو أن يؤمن الرئيس المصري لأول مرة أن الجهل هو المشكلة. الجهل هو ما يجب أن نحاربه جهل التعليم وجهل الوعي وجهل الثقافة وجهل الدين وجهل السياسة».

تخبط في سياسات الاستثمار

لكن في اليوم التالي الثلاثاء أثار المفكر الاقتصادي زياد أحمد بهاء الدين في «الشروق» قضية أخرى قال عنها: «تصريحات المسؤولين حول تشجيع الاستثمار والمؤتمرات والرحلات، التي لا يكاد يخلو أسبوع منها، لا تكفي لإخفاء حقيقة أن ما يدفع مصر إلى مزيد من الاقتراض من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي ومن البلدان العربية الشقيقة، هو فشل سياسة الحكومة في جذب الاستثمار المحلي والأجنبي، ورغم أن حجم الدين العام الخارجي لا يزال آمنا، وفقا للمعايير الدولية، إذ لم يتجاوز بعد 20٪ من الدخل القومي (بينما وصل حجم الدين في اليونان هذا العام إلى اثني عشر ضعف هذه النسبة)، إلا أن الحالة الراهنة من التخبط في سياسات الاستثمار تبعث على القلق وتنذر بمزيد من الاقتراض مستقبلا، والتعثر في تحقيق التنمية الاقتصادية المرجوة.
أسباب كثيرة جعلت عام 2015 ينتهي على هذه الحال، بعد أن كانت بدايته مليئة بالوعود والتطلعات، على رأسها التمسك بقانون الاستثمار الصادر في شهر مارس/آذار من هذا العام الذي حذر المتخصصون من عواقبه، ولم يضف في النهاية سوى المزيد من التعقيد والبيروقراطية. هذا القانون أعاد مناخ الاستثمار سنوات إلى الوراء .

حق المواطن محفوظ
سواء كان متهما أو محكوما عليه!

وآخر معارك اليوم ستكون من نصيب ابن الدولة، وهو الاسم الذي توقع به «اليوم السابع» مقالها اليومي في الصفحة الخامسة، وكان يعلق على اجتماع وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، مع صديقنا محمد فائق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان فقال أمس الأربعاء: «الداخلية قالت إن على من يرفعون الحديث حول حالات الاختفاء القسري أن يقدموا أسماء وقوائم باعتبار أن من هم تحت التحقيق أو مقبوض عليهم أماكنهم ومواقفهم معروفة وواضحة تحت أيدي جهات التحقيق، سواء النيابة أو القضاء. موقف الدولة واضح في هذا السياق، حق المواطن محفوظ، سواء كان متهما أو محكوما عليه، وقد اتضح ذلك من حالات لمساجين مرضى تم علاجهم والمنظمات التي تدافع عن حقوق الإرهابيين وتعتبر الدواعش والقتلة والمجرمين معارضين وتنظم حملات للدفاع عنهم القصة واضحة».

نادية مراد: أطالب بوقفة إسلامية ضد «داعش»

وهكذا ما أن سمعت الفتاة الإيزيدية المسكينة نادية مراد، التي زارت مصر بدعوة من الرئيس السيسي، بعد أن قرأ عن رغبتها في الزيارة، حتى قالت يوم الثلاثاء عن «داعش» في حديث لها في جريدة «الأخبار» أجراه معها زميلنا محمد هنداوي: «أشكر الرئيس السيسي على استجابته لطلبي واستقبالي. كما أشكر الشعب المصري الذي وقف معي. وفي اللقاء حكيت للرئيس عن الإيزيدين وما ارتكبه تنظيم «داعش» الإرهابي ضد المسلمين وضد الأقلية الإيزيدية في العراق، من اغتصاب لنساء وتعذيبهن، وقتل للرجال والأطفال. وطلبت من الرئيس أن يساعدنا في تحرير البنات الإيزيديات من «داعش»، فهناك أكثر من ثلاثة آلاف وأربعمئة امرأة وطفل لا يزالون في قبضتهم، كما طلبت منه أن تكون هناك وقفة إسلامية تقوم بها مصر مع باقي الدول الإسلامية والعربية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. كما طالبت الرئيس بأن يدافع عن الدين الإسلامي، وكان جوابه بأنه ضد الإرهاب وكل الأفكار المتطرفة، وأكد أنه سيقف معي ومع قضيتي. كما أكد لي الرئيس السيسي بأن «داعش» لا تمت للإسلام بأي صلة، وأنا متأكدة من ذلك، ولكن لابد أن تكون هناك خطابات من علماء المسلمين. وشيخ الأزهر خلال لقائي معه طالبته بإصدار فتوى بأن الايزيدين ليسوا كفارا، وقتلهم حرام، وأن ما قام به تنظيم داعش الإرهابي ضد بناتهم وأطفالهم ورجالهم لا بد أن يتوقف ولا يستمر. كما طلبت منه أن يتحدث إلى العوائل في سوريا والعراق بمساعدة البنات القريبلت منهم. وأن «داعش» لا يمثل الإسلام والدين الإسلامي. لماذا لم أطلب لقاء الرئيس العراقي مثلما طلبت لقاء السيسي وملك السعودية. عشت عدة شهور في معسكرات العراق وكانت الدولة تعرف أنني عراقية ولكن عندما تخلصت من أيدي «داعش» لم يطلبونا أنا وباقي البنات اللاتي نجحن في الهرب مثلي، رغم أن أمريكا وبريطانيا وجنيف طلبتنا لنحكي لهم مأساتنا. وأنا كنت موجودة في دولتي ولم يطلبني أحد. الدولة العراقية لم تطلبنا للدفاع عنا فكيف أطلب من أهلي ذلك؟ لن أطلب. قبل أن أغادر القاهرة أؤكد أنني لن أنسى وقفة الرئيس السيسي ووقفة الشعب المصري إلى جانبي وجانب حقوق الشعب الإيزيدي».

للتدين مكانة خاصة في المجتمع المصري

وفي عدد «الأخبار» نفسه تناول زميلنا وصديقنا ورئيس تحرير مجلة «المصور» الأسبق الكاتب عبد القادر شهيب ما يتعرض له الرئيس السيسي من انتقادات البعض له بأنه يخلط السياسة بالدين، فقال دفاعا عنه ومفسرا مواقفه: «لا أشارك الذين يشعرون بالقلق والانزعاج لأن لدينا رئيسا للجمهورية شديد الإيمان بالله وعميق التدين، بل لعل ذلك على العكس يطمئننا على أنه سيكون حريصا على الالتزام بالقواعد الأخلاقية والمبادئ السامية، وهو يمارس مسؤوليات الحكم، لذلك لا أتقبل انتقادات البعض لما قاله الرئيس السيسي خلال كلمته في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حينما تلا آية من القرآن الكريم حول منح ونزع الملك، وقال إنه بالنسبة لنزع الله الملك ممن يشاء فهذا الكلام لا يتضمن ولو بشكل غير مباشر خلطا بين الدين والسياسة، أو استغلالا للدين في السياسة، على غرار ما فعلت جماعات التأسلم السياسي، كما قال بعض الناقدين فإن الرئيس السيسي قال في الوقت ذاته، إنه جاء إلى موقع رئيس الجمهورية بإرادة جموع الشعب، ورهن تركه هذا المنصب أيضا بإرادة جموع الشعب، وليس إرادة جماعة منه فأين هو هذا الخلط بين الدين والسياسة، أو أين هو استغلال الدين في السياسة؟ أعرف أن لدى البعض منا، وأنا واحد منهم ذكريات تاريخية مزعجة في استغلال الحاكم للدين في السياسة، فإن تجربتنا مع الرئيس الأسبق أنور السادات، الذي كان يوصف بالرئيس المؤمن ليست طيبة في هذا الصدد، لكن الأمر مختلف مع الرئيس السيسي، فهو رغم مجاهرته بأنه شديد الإيمان وعميق التدين، كما يظهر ذلك في أحاديثه وكلامه بشكل متكرر، إلا انه حريص على فصل السياسة عن الدين. التدين العميق للرئيس لا يدعو للقلق أو الانزعاج، بل لعله قد يكون أمرا مفيدا لمجتمع فيه التدين له مكانه خاصة».

العلاج الكريم للقادرين فقط

أما زميلنا غالي محمد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة «المصور» التي تصدر عنها كل أربعاء فطمأن الناس الغلابة بمناسبة العام الجديد بقوله:
«إذا كانت قضية الأسعار تشهد المزيد من الإجراءات فإنني أرى أن يكون عام 2016 هو عام محدودي الدخل، بمزيد من الانخفاض في الأسعار، ليس هذا فقط وإنما بالاهتمام بكل ما يحتاجه محدودو الدخل والفقراء، سواء كان ذلك في البطالة أو الصحة والعلاج أو السكن أو التعليم. وأتوقف عند مشكلة البطالة التي تحاصر أبناء محدودي الدخل والفقراء، فإذا كان مقررا تخصيص مساحات من مشروع المليون ونصف المليون فدان للشباب، فلتذهب أولا لأبناء محدودي الدخل والفقراء، الذين قتلهم الإحباط بسبب البطالة التي تطاردهم في صدورهم وأحلامهم. أتوقف عند المسكن الذي أصبح لا يقدر عليه محدودو الدخل والفقراء، فأيا كان موقع الوحدة السكنية فقد أصبح المتر فيها بالآلاف، بينما تقف وزارة الإسكان موقف المتفرج لا يعنيها سوى طرح الأراضي للأثرياء. أتوقف عند قضية العلاج الذي أصبح لا يقدر على تكاليفه محدودو الدخل والفقراء، وأصبح العلاج الكريم للقادرين فقط. أتوقف عند التعليم وأحوال المدارس التي أصبحت لا تسر عدوا ولا حبيبا، ومن ثم تدهور التعليم لمحدودي الدخل والفقراء وأتمنى أن يتوقف الرئيس السيسي عند هذه القضية في عام 2016 لأنه لا طريق إلى النهضة إلا من خلال إصلاح تعليم محدودي الدخل والفقراء. أتوقف في عام 2016 عند الأحياء الشعبية التي يسكنها محدودو الدخل والفقراء في وجه بحري، إنها العشوائيات التي أصبحت أوضاعها لا تليق بالحياة الآدمية، وأعتقد أن عام 2016 ينبغي أن ينال من الرئيس السيسي كل الاهتمام بمحدودي الدخل والفقراء، خاصة أن الرئيس السيسي يدرك جيدا مشاكل هؤلاء، ولا يخفى على الرئيس أن هؤلاء الذين نتكلم عنهم هم الشريحة الأكبر من ناخبيه، الذين أعطوه أصواتهم أملا في حاضر أفضل وغد كريم، لكن المشكلة في الحقيقة في جهاز الدولة الذي يعمل بإيقاع أبطأ بكثير من إيقاع الرئيس وتلك هي المشكلة».

موقف رجال الدين المتخاذل
من تجديد الخطاب الديني

وإلى الإسلاميين ومعاركهم، وبدأتها زميلتنا الجميلة في «الأخبار» مديحة عزب يوم الاثنين بقولها: «اعتدنا بمناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أن نسمع ونرى هذا التعهد للمرّة المئة، الذي قدمه علماء الدين للرئيس. هؤلاء الذين انحصر تجديدهم المزعوم للخطاب الديني في ترديد هذا الكلام في كل مناسبة، وذلك منذ أن طالبهم الرئيس السيسي قبل عام مضى بثورة دينية يتغير بها الخطاب الديني، وتصحح من خلالها التفاسير المغلوطة للقرآن الكريم، التي تزخر بها كتب التراث، ويتخذها الإرهابيون مرجعية دينية وشرعية لما يرتكبونه من ذبح وحرق وتدمير. ولعلنا مازلنا نذكر كم كان الرئيس متأثرا عندما قال لهم في الذكرى نفسها في العام الماضي بأنه سيحاججهم بسكوتهم وتقاعسهم عن نصرة دين الله أمام الله يوم القيامة، وبعد ما ظهر موقفهم المتخاذل إذ بالرئيس هذا العام لا ييأس، بل يكرر مطالبتهم بتغيير الخطاب الديني بعزم لا يلين. وليسمح لي سيادة الرئيس بأن أخاطبه متسائلة ألا يزال يحدوك الأمل في مثل هؤلاء الذين لا يفعلون شيئا سوى التشدق بأنهم في ظهرك، بينما هم أكثر الناس تقديسا للكتب البالية وما تحتويه من روايات كاذبة وتفاسير مغلوطة».

إسلام البحيري وازدراء الأديان

المهم أنه صدر في يوم الاثنين نفسه حكم محكمة الاستئناف بتخفيض الحكم بالسجن خمس سنوات إلى سنة واحدة على إسلام البحيري بتهمة ازدراء الأديان، وتم إيداعه السجن لقضاء العقوبة، وقد أخبرنا أمس الأربعاء زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم في «المصري اليوم» أنه كان يسير بجوار الأزهر، فشاهد اثنين من مشايخه أحدهما في غاية السعادة والثاني يحمل صحيفة فيها خبر الحكم بسجن إسلام بحيري ويتملكه الغضب من هذا الحكم».

قطيع الفكر التقليدي القديم

وننتقل إلى جريدة «المقال» وما كتبه زميلنا أحمد رمضان الديباوي في يوم الأربعاء نفسه في مقاله ومما جاء فيه: «إتفق واختلف كيفما شئت مع بحيري، فالاختلاف من سنن الحياة. لكنك ستجد ضميرك حتما يرفض كسر رقاب الناس لمجرد التصريح بآرائهم، خصوصا لو كانت بعد بحث وقراءة وتدقيق، كما هي الحال عند إسلام بحيري، فقد خاض عبر حلقات متتابعة من برنامجه على إحدى الفضائيات المصرية الخاصة، صراعا فكريا كبيرا مع الأزهر، بعدما حمل على المذاهب الفقهية التقليدية وفتاواها، التي يستند إليها تنظيم «داعش» الإرهابي، وكل التنظيمات المتطرفة الإسلاموية. وانتظر ردا علميا من رجال الأزهر فلم يستجيبوا له إلا لماما، وعلى استحياء، ثم أصدر الأزهر بيانا يكذب ادعاءاته، تلاه قرار بمنعه من الظهور الإعلاني وإحالته إلى المحاكمة ليتسلم محام مغمور الراية فيجرجر بحيري إلى ساحات المحاكم، واصفا إياه بأنه يفعل بالإسلام كما فعل المستشرقون والأعداء. كل ذلك في دولة يدعي رئيسها أن تجديد الفكر الديني، بل تطويره هو أهم ما يشغله حاليا، جنبا إلى جنب مع الاقتصاد والتنمية، ليأتي ذلك الحكم فيصفع كلام الرئيس وجهوده إن كانت موجودة من الأساس في حقل التغيير صفعة كبيرة قاضية، موجهة سهامها إلى صدر كل من يتجرأ فيفكر أو يبحث أو يخالف قطيع الفكر التقليدي القديم. لا يستقيم بحال أن تدعي الدولة محاربة الإرهاب وتجديد الفكر الديني وهي لا تلتفت إلى حزمة القوانين سيئة السمعة التي تطال كل مفكر أو مبدع أو باحث، إلا لو كانت الدولة بتعمل بروباغندا لنفسها وكأنها تغيير أو تجديد أو حتى تنبيه لما يشتمل عليه الفكر الديني من مشكلات وبؤس. ألا تتفقون معي حضراتكم أن مصر تفقد كل يوم أرضا من التنوير والتجديد وحلف الرئيس السيسي بأغلظ الأيمان أنه سيحاجج شيخ الأزهر أمام الله يوم القيامة».

مصر تسجن المفكرين بتهمة تهرول إلينا من عصور الظلام

أما زميله لؤي الخطيب فقال في العدد نفسه من «المقال»: «في كل مرة يتوجه الرئيس السيسي إلى أي محفل دولي يؤكد على أمرين، الأول أن مصر تتمتع بحرية التعبير ووصفها في إحدى المرات بغير المسبوقة. والأمر الثاني هو ضرورة تجديد الخطاب الديني. ولنتساءل الآن كيف يمكن أن يتحدث الرئيس عن كلا الأمرين في المستقبل، داخليا أو خارجيا بعد الحكم الصادر ضد إسلام بحيري؟ الفكرة لم ولن تكون شخص إسلام ولا حتى أفكاره، فهي محل نقاش بطبيعة الحال، ولكن التوصيف السليم لما حدث أن مصر تسجن المفكرين بتهمة تهرول إلينا من عصور الظلام، وهي ازدراء الأديان. واقعة تنسف فكرة حرية التعبير من أصلها، فضلا عن أنها تدمر أي حديث عن الحرب على الإرهاب، فالذي يفعله «داعش» أنه يذبح المخالف، بينما نحن نسجنه! المبدأ واحد ولكنه الفرق بين الدولة والعصابات. القضية لا تتعلق فقط بالتنوير وإنما أيضا بحرية التعبير، ومع التأكيد كذلك على احترام أحكام القضاء وذلك لا يعني عدم مناقشتها حيث يوجد قانون يقضي بذلك، هل هذا هو التجديد المنشود؟ هل حبس المفكرين ومحاكمة الأدباء ومرمطة الإعلاميين في المحاكم مظاهر تليق بدولة 30 يونيو/حزيران؟ ابن تيمية يليق بهم، محمد حسان يروق لهم»، الحويني يمثلهم، والسلفية تبهرهم، المفكرون يزعجونهم ثم يتحدثون عن التجديد».

إذبحوا طيور الظلام بأقلامكم وأصواتكم الحرة

وأما الثالث والأخير في عدد «المقال» نفسه فكان زميلنا أحمد سامر، الذي قال والغيظ قد قتله فعلا: «تغضون بصركم عن مئات الشباب الذي يشهر إلحاده كل ساعة، ويكفر بكل الأديان ثورة منه وغضبا وغليانا مما يراه يوميا ويسمعه باستنكار عن أمور تلتصق التصاقا مباشرا بالنموذج الديني السائد، فهل ستكفي سجوننا للزج بآلاف الشباب والفتيات؟ انتبهوا لانفجار آت لا ريب فيه، انفجار محمل بعقود بل وقرون من الجهل والتخلف والرجعية الدينية، أفرزتها عقول مغيبة واستبداد ديني غاشم ومحاكم تفتيش متلاحقة. إذا كنتم تتخيلون أنكم تستطيعون الآن في عصر العولمة السيطرة على المجال العام فأنتم في حالة من حالات البلاهة وانعدام الوعي. ألن تتساءلوا كم فتي ألحد بعد رؤية فيديو معاذ الكساسبة وهو يحرق قبل الاستشهاد بآية قرآنية وحكم فقهي لابن تيمية من قبل الدواعش؟ أم هل تعرفون كم فتاة تركت الدين بعد ما عرفت وسمعت عن كوارث استباحة الأعراض وعذرية الفتيات الصغيرات في العراق وسوريا وأيضا بعد الاستشهاد بآية قرآنية والاستناد لأحكام فقهية؟ إعلموا علم اليقين أنكم بهذه العقلية وهذا الخنوع وهذه الممارسات لا تحمون دينا ولا تدافعون عن إسلام، بل أنتم تسارعون إلى هدمه والقضاء عليه. ورسالة للمفكرين والمبدعين لا تخافوا ولا تحزنوا فالسيرورة الحضارية والحتمية التاريخية معكم، ناضلوا واكتبوا وغيروا ولتعلموا أنها مسألة وقت واذبحوا طيور الظلام بأقلامكم وأصواتكم الحرة ذبحا لا شفقة ولا هوادة فيه».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Deutschland:

    ايام المخلوع كانوا يعملون تجار أراضي وسلاح والآن يمسكون كل الوظائف العامة المدنية وبهذا تعسكرت البلد بعد ان اتخونت من قبل وهذا لايعجب . نريد دولة مدنية . ثورة يناير لم تحقق أهدافها وسرقت من قبل العسكر والاخوان رحتي اللحظه يكافح الشعب من اجل الحرية والعدالة والكرامة وستقوم ثورات وثورات وسنري .

  2. يقول A.Hady Rady:

    الفقر هو مصدر الشر لكل شعوب العالم الثالث،،وعلية تعجز اى
    أمة فى الارتقاء بذاتها بينما هى غارقة فى حضيض الفقر،،،اى
    ان إشباع البطون هى الخطوة الاولى للنهوض بالامة،،اى أمة
    وعلية يصبح السيسى وطاقم إدارتة على صواب عندما قرروا
    البداية بمشاريع قومية ذات عوائد اقتصادية لملء بُطُون الشعب
    طبقاً لقاعدة املىوء بطنى حتى تقوى سواعدى على اعمل و
    عقلى حتى أستطيع ان أفكر،،،مش كدةًوالا أية ،،،؟

  3. يقول نمر ياسين حريري ــ فرنسا .:

    التحالف تارة والتنافس اخرى ما بين الاخوان المسلمين والجيش منذ سنة 1952 وحتى الان لا تزال تجعل من مصر والشعب المصري ككرة قدم في تنافسهما او تحالفهما او تخاصمهما .

  4. يقول مغربي سني المملكة المغربية:

    الإسلام يوجد في كل القارات و كل الدول . و سنجد دائما متدينين و غير متدينين . لكن الجديد في زمننا هذا أن غير المتدين يطلب من المتدين أن يجدد تدينه و إلا فهو ” متطرف ” أو ” إرهابي ” . غير المتدينين أمسكوا بدواليب دولنا و سيطروا على وسائل الإعلام و أصبحوا يشنون حربا حقيقية ضد المتدينين . المطلوب الآن منا أن نترك إسلامنا ليرتاح العلمانيون من بني جلدتنا و يستقر لهم الحكم و الإعلام . و لكن هيهات هيهات فالإسلام دين الله و لن تجد لدين الله تبديلا . وقاحة العلمانيين الذين يريدون فرض علمانيتهم على شعوبنا المسلمة لا مثيل لها . و ستدوسهم الشعوب المسلمة المعتزة بدينها عما قريب . فما حدث كان الموجة الأولى و ستتبعها موجات حتى يستقر الأمر للإسلام و أهله .

إشترك في قائمتنا البريدية