بعد سورية والسودان: من سيمنع ‘إسرائيل’ من الاعتداء على دول الخليج مثلاً؟

حجم الخط
0

مهينٌ ومخزٍ ومعيب أن يصرح الأمين العام لجامعة الدول العربية في زمن ما يوصف بـ’الربيع العربي’ بأن اعتداءات ‘إسرائيل’ على سيادة الدول العربية مسؤولية مجلس الأمن! أليس في تصريح كهذا منتهى التغييب عن الواقع الدولي والجهل به، وإهانة لدماء شهداء الثورات الشعبية العربية، التي ما تفتأُ تُراق. إذا كان (مجلس الأمن الدولي) هو من يشرعن ويشرِّع لـ’إسرائيل’ اعتداءاتها على ما يصفه الأمين العام بسيادة الدول العربية، أو ما تبقى لها من سيادة منذ أربعينيات القرن الماضي وإلى يومنا هذا، فكيف يُتوقع منه أن يطلب من ‘إسرائيل’ أن ترعوي عن اعتداءاتها في الحد الأدنى دعك عن منعها؟
تقريباً الدول العربية كلها منقوصة السيادة لأسباب كثيرة، عسكرية واقتصادية وغيرها، وقرارها السيادي العام مسلوب، أمريكيا وغربيا، ومن خلالهما صهيونيا. فأي سيادة يتحدث عنها ممثل ‘السيادة’ العربية المزعومة؟ وذلك راجع لإخفاق الدول العربية آحاداً وجماعات في التخلص من التبعية لأمريكا والغرب ومن خلالهما للإيباك واللوبيات الصهيونية و’إسرائيل’.
صحيح أن التخلص من التبعية رغبة لدى كثير من الحكومات العربية غير أنها متخوفة من تداعيات ذلك. المطلوب هو قرار سياسي، كما حدث في إيران والصين وكوريا الشمالية والهند وماليزيا وبعض دول أمريكا اللاتينية، التي تحملت تبعات التخلص من التبعية، رغم كل المرارة التي رافقتها وتزامنت معها.
ولو تقدم العرب بمشروع قرار كهذا لَوضع (مجلس الأمن) فيتو آخر عليه أسوة بعشرات الفيتوات منذ 1948. أليست اتفاقية الدفاع المشترك ما تزال سارية المفعول نظريا على الأقل في أدبيات الجامعة، فلماذا لا يتم تفعيلها في زمن الانتفاضات العربية وتغير الواقع الشعبي العربي، وهي فرصة نادرة لأن هذا الواقع هو الذي أتى بتلك الحكومات المنتخبة بإرادة شعبية وإلاّ فليتم إلغاؤها؟ الشعوب العربية لم تنتفض من أجل الكسكس والفول والكبسة والحمص، وإنما من أجل الحرية والكرامة والعزة. فإذا كانت حكومات ما بعد الثورات الشعبية تعبيراً عن صيحات ودماء الشعوب فإن الشعوب تريدها أن تواجه اإسرائيلب بعقل جمعي، كما قاموا هم بثوراتهم الشعبية بعقل جمعي والمواجهة لا تعني فقط الجانب العسكري، فثمة جوانب سياسية وديبلوماسية فـبإسرائيلب لا تفهم سوى لغة القوة والمواجهة والضغط . اعتدت اإسرائيلب على العراق عام 81 وعلى تونس 84 ومؤخرا على غزة وسورية والسودان ولبنان، وثمة تقارير لم تنَلْ حظا من التغطية الإعلامية بشنها غارات على اليمن والصومال. بعض تلك الغارات كانت بطائرات من غير طيار، وهو التكتيك أو الأسلوب نفسه الذي يعد جزءاً رئيساً من إستراتيجية الرئيس الأمريكي (أوباما) في ملاحقة أعداء أمريكا والغرب وقطعا اإسرائيل’، كما يصفهم وهم جميعا من العرب والمسلمين. ولا حاجة للقول إن اإسرائيلب هي دائما كما في الماضي هي في الحاضر وفي المستقبل تكاد تكون الهاجس الأوحد في كل خطوة وليس فقط في كل قرار تتخذه أمريكا وبدرجات متفاوتة بريطانيا وفرنسا في العالم العربي، سواء على المستوى الفردي أو من خلال (مجلس الأمن الدولي أو حاضنته الكبرى الأمم المتحدة) وكلاهما مختطف من الإيباك واتحاد اللوبيات الصهيونية في أمريكا والغرب والعالم، الذي يُملي على أمريكا والغرب كله لا سيما في ما يتعلق بالعالم العربي والإسلامي إلى حد ما أو الشرق الأوسط أو الصراع العربي الصهيوني. طبعاً كل ذلك من أجل خاطر اإسرائيلب (انظر مثلاً كتاب ميرشيمار ووُلتْ ا The Israeli Lobby and The Foreign US Policyب.
فما الذي سيمنع ‘إسرائيل’ إن قررت غدا أو بعده قصف السعودية أو أي دولة خليجية أخرى أو الجزائر أو تونس تحت أي دعوى تسوِّق لها عالميا بضغط من الإيباك واللوبيات على أمريكا وأوروبا، فتتم استساغتها لأسباب تتعلق بالترهيب وإثبات إن ‘إسرائيل’ يدها طويلة ولا يردعها أحد، ثم لن نُفاجأُ برد الفعل الأمريكي النمطي المعتاد ‘من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها’.

‘ أستاذ جامعي وكاتب قطري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية