تعتبر الجغرافية أحد أهم المحددات المؤثرة في رسم السياسة الدولية، إن لم نقل بأن هذه السياسة في أغلب المراحل تخضع لرحمة الجغرافية، فالكثير من الأحداث والوقائع الدولية لا يمكن فهمها جيدا بدون استيعاب للمجالات والخرائط السياسية، وفي هذا السياق كان الخليج العربي وما يزال أحد أهم الجغرافيات المتحكمة في مجرى العلاقات الدولية في المنطقة وفي العالم، باعتباره ممرا بحريا حيويا يتدفق من خلاله جزء كبير من الطاقة العالمية، مما جعله محط أنظار وأطماع إقليمية ودولية من أجل السيطرة عليه. هذه الأطماع التي كان من تمظهراتها جعل مياه الخليج ساحة لاستعراض العضلات العسكرية من هذا الطرف أو ذاك، عبر إجراء العديد من المناورات البحرية فيه، ولعل المناورات الأخيرة التي بدأت منذ أيام تعتبر الأضخم من نوعها في تاريخ التمارين العسكرية في مياه الخليج، حيث ينخرط فيها أكثر من أربعين دولة، بما فيها جميع دول الخليج، بإشراف من الأسطول الخامس الأمريكي المتمركز في البحرين، وتشارك فيها حوالي 35 سفينة بحرية و18 غواصة وأكثر من مئة كاسحة ألغام. وإذا كان الهدف من هذه المناورات غير المسبوقة هوالتدريب على رصد وإزالة الألغام من مياه الخليج حفاظا على النقل والتجارة الدولية، فإن السياق السياسي العام الساخن الذي تأتي فيه، سواء على مستوى التطورات الميدانية، التي تعج بها المنطقة أوعلى مستوى منسوب الخطاب السياسي، وكذا حجم الدول المشاركة يجعل هذه المناورات تحمل بين ثناياها الكثير من الرسائل لمن يهمه الأمر، فما هو السياق السياسي العام لمناورات كهذه وما هي الرسائل التي تحملها؟ السياق السياسي العام للمناورات: تأتي المناورات الأخيرة في مياه الخليج بإشراف أمريكي في سياق سياسي ساخن في منطقة الشرق الأوسط، وعلى العموم فهو يتميز باحتدام واستمرار أزمتين أساسيتين في المنطقة هما: استمرار الأزمة السورية واستمرار أزمة الملف النووي الإيراني. ففيما يتعلق بالأزمة السورية، على الرغم من مرور أكثر من سنتين على اندلاعها، وعلى الرغم كذلك من كل التجييش والإمكانات والمال الذي يضخ من أجل حسم الصراع فيها، سواء من طرف محور روسيا- الصين- إيران، أو من طرف محور الغرب وحلفائهم بزعامة أمريكا، فإن هذه الأزمة مازالت مستمرة في النزيف وبشكل حاد، حاملة في طياتها إمكانية الانزلاق إلى حرب وفوضى تعم منطقة الشرق الأوسط ككل، حيث بلغ الشحن الطائفي والمذهبي مستويات يمكن معها لأي شرارة نار بسيطة أن تلتهم كل المنطقة. من جهة أخرى فإن القصف االإسرائيليب الأخير لمواقع سورية قد شكل منعطفا خطيرا في مسار تطورات الأحداث هناك، الذي من شأنه أن يدحرج كرة النار لتشمل مناطق أوسع ولتنتقل إلى مستويات أخطر، فعلى الرغم من الاتصالات المكثفة بين اللاعبين الدوليين والإقليميين، التي أفضت إلى عدم رد ادمشقب مباشرة على هذا القصف، فإن تكرار مثل هذه العمليات من شأنه أن يفلت العقال من أيدي الجميع في أي لحظة. اما على مستوى الملف النووي الإيراني فإن هذا الملف يشكل أحد أبرز عقد الشرق الأوسط المستعصية على الحل، رغم سلسلة جولات التفاوض لحل هذه الأزمة بين إيران والغرب بالطرق الدبلوماسية، سواء اكان ذلك على مستوى إيران ووكالة الطاقة الذرية، أو على مستوى إيران والترويكا الأوروبية، أو على مستوى إيران ومجموعة 5+1، فإن نتائج كل هذه المفاوضات دائما ما تنتهي بالفشل. فبين الرؤية الإيرانية التي تؤكد سلمية برنامجها النووي وأحقيتها التي تكفلها القوانين الدولية في امتلاك طاقة نووية لأغراض غير عسكرية، وأن أي حل لهذا الملف لابد أن يراعي مصلحة إيران بهذا الصدد، ويجب أن يرتبط بتصور عام يشمل جميع القضايا والمشاكل الإقليمية والدولية، وبين التوجس الغربي الذي يشكك في سلمية وشفافية البرنامج النووي الإيراني، ويطالب طهران بإيقافه، تبقى قضايا كثيرة في المنطقة لا تعرف طريقها للحل، بل تصير ساحات لتصفية الحسابات وتوجيه رسائل مؤلمة لبعضها البعض، فتصير كل من سورية والعراق وأفغانستان ولبنان، أنسب مكان لهذا الصراع الإيراني- الغربي، ولعل التفجيرات الأخيرة التي استهدفت رتلا عسكريا لحلف شمال الأطلسي في كابل، والتفجيرات شبه اليومية المتصاعدة مؤخرا في العراق بكل محافظاته، واستمرار حالة الإرباك السياسي في بيروت، أمثلة على طبيعة هذه الرسائل المتبادلة بين الطرفين. رسائل مناورات الخليج: بالنظر إلى السياق السياسي العام لمنطقة الشرق الأوسط الحافل بالتطورات الميدانية والمواقف السياسية الحادة، فإن المناورات الجارية على امتداد هذا الشهر في الخليج، واعتبارا للعدد الكبير من الدول المشاركة فيها ومدتها، يجعل منها أكبر من تمارين عسكرية لإزالة الألغام لتصير مناورات ملغومة تحمل في طياتها أكثر من رسالة لمجموع الفاعلين الإقليميين والدوليين، حيث يمكن إبراز أهم هذه الرسائل كالتالي: قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على حشد عدد كبير من الدول، على الرغم من الهزائم المهينة التي منيت بها نتيجة حروبها الاستباقية خصوصا في العراق وأفغانستان. ‘ دعم القصف الإسرائيلي لسورية والإيعاز لها بأنه يمكن فعل نفس الأمر مع إيران. ردع حلفاء سورية الإقليميين والدوليين ومنعهم من التفكير في الرد مباشرة على هذه الغارات. التنبيه إلى أن أي عمل تصعــــيدي من قبـــل حلفاء دمشق سيتلقى رد فعل جماعي وتضامني من قبل مجموع الدول المشاركة في هذه المناورات. عدم التهاون مع أي تهديد للمصالح الدولية ودفع طهران، التي تهدد في كل مناسبة بإغلاق مضيق هرمز إلى تعديل سلوكها، والكف عن التلويح بتعطيل الملاحة الدولية من خلال زرع الألغام في هذا الممر البحري الضيق، الذي تعبر منه معظم صادرات النفط والغاز والتجارة لدول المنطقة. الضغط على طهران وهي على أعتاب انتخاباتها الرئاسية، والإيحاء إلى الشعب الإيراني بأن نظامه لا يروق للمجتمع الدولي وعليه التفكير في تغييره، وفي هذا الإطار فإن العزف على وتر الاختلافات المذهبية والقومية، التي تحفل بها الفسيفساء الإيرانية ( سنة- شيعة / فرس ـ أذريين- أكراد ذ تركمان – عرب..) يمكن أن يكون مفيدا لتحقيق هذا الغرض. تخويف دول الخليج العربي من القدرات العسكرية الإيرانية في محاولة لتكريس حالة العداء بين هذه الدول وجارتها إيران، لما فيه مصلحة مخازن مصانع الأسلحة الغربية. وخلاصة القول انه إذا كان الأميرال جـــــون مللر قائد الأسطول الخامس الأمريكي، قد أكد على أن مناورات الخليج غير موجهة لأي دولة وأنها ذات طابع دفاعي صرف يهدف إلى إزالة الألغام في مياهه، وتأمين سلامة النقل والتجارة الدولية، فإن التطورات المتلاحقة والخطيرة التي تشهدها المنطقة، خصوصا على مســتوى الأزمة السورية وتداعياتها المحتملة على الجوار، يجعل منها مناورات تحذيرية أكثر منها تمارين عسكرية، وهذا ما دفع المسؤولين في طهران إلى التحذير من أي أعمال استفزازية لهذه المناورات وإجراء تدريبات لإزالة الألغام في شرق مضيق هرمز ببحر عمان، فإلى متى يبقى الخليج مسرحا للصراع الإقليمي والدولي في غياب تام لأي دور مستقل وفعال للدول العربية المطلة على هذا الخليج؟
إليك أيها الكاتب والجواب على مضمون مقالتك ، هذا الصراع سيبقى كما قال رسول الله الى حين ينطق الله الحجر والشجر وتقول يا مسلم ان ورائي يهوديا تعالى فاقتله سيكون هناك فريقين الايمان والكفر . ومن اجل هذا يجب ان نختار ممن نكون فإنها البداية اما مع المسلمين كحزب الله إيران غزة ام مع اسرائيل امريكا وأحبارهم واحبابهم فالمعادلة جد بسيطة ولاكنها لاتعمى الأبصار ولاكنها تعمى القلوب التي هي في الصدور
إليك أيها الكاتب والجواب على مضمون مقالتك ، هذا الصراع سيبقى كما قال رسول الله الى حين ينطق الله الحجر والشجر وتقول يا مسلم ان ورائي يهوديا تعالى فاقتله سيكون هناك فريقين الايمان والكفر . ومن اجل هذا يجب ان نختار ممن نكون فإنها البداية اما مع المسلمين كحزب الله إيران غزة ام مع اسرائيل امريكا وأحبارهم واحبابهم فالمعادلة جد بسيطة ولاكنها لاتعمى الأبصار ولاكنها تعمى القلوب التي هي في الصدور