لا يمكن فصل ملفات الشرق الأوسط عن بعضها في فترة الاحتقانات السياسية والصراعات المسلحة المتفجرة وخرائط الدم الممتدة من اليمن إلى سوريا، مروراً بالعراق، حيث تتشابك جملة من الإرادات الدولية والإقليمية في البلدان التي تمثل ساحات للصراع، الذي يأخذ طابعاً طائفياً في منحى، وسياسياً في منحى آخر، بالإضافة إلى كونه صراعاً اقتصادياً، وعلى مراكز النفوذ في الإقليم في منحى ثالث.
ويعد اليمن واحدا من مناطق الصراع الإقليمي، حيث فاقم الوضع العسكري في البلاد من طبيعة التجاذبات الإقليمية، كما فاقمت هذه التجاذبات طبيعة المشهدين السياسي والعسكري في البلاد، على اعتبار أن اليمن واحد من البلدان محط الخلاف بين الرياض وطهران.
الكل يذكر بالطبع تصريحات قادة إيرانيين كبار، على رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، ورئيس الجمهورية حسن روحاني، وغيرهما من قادة الحرس الثوري والبرلمانيين، الذين أدلوا بتصريحات عن «انتصار الثورة الإسلامية» في اليمن، وعن وصول إيران إلى سواحل البحر الأحمر ومضيق باب المندب، عدا عن سقوط العاصمة العربية الرابعة (صنعاء) في يد طهران، كما صرح محمد رضا قازاني عضو البرلمان الإيراني عن إحدى الدوائر في العاصمة طهران.
أحست الرياض أن النفوذ الإيراني بدأ يمتد حول خواصرها الجنوبية في اليمن والشرقية في العراق، حيث سلحت إيران، ومولت ودربت جماعات شيعية غير مرتبطة بالأنظمة الرسمية، ولا بمؤسسات الدولة، لتكون علاقاتها مباشرة بطهران، كما هو الحال عند الحوثيين في اليمن، ومجاميع الحشد الشعبي في العراق، المكون من عدد من الفصائل الشيعية، وفي مقدمتها فيلق بدر الذي كان متواجداً في إيران إبان الحرب العراقية الإيرانية، قبل ان يعود إلى العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003.
وعلى أي حال، كان لا بد للرياض من مراجعة سياساتها الخارجية، بشكل عام، وإزاء طهران، بشكل خاص. ومع وجود القيادة السعودية الحالية، بدأت الرياض تجري تغييرات استراتيجية في سياساتها الخارجية، شملت إعادة النظر في طبيعة التحرك السعودي لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة.
ومن هنا بدأت حدة التوترات تزداد بين الرياض وطهران، حيث فاجأت الرياض طهران ـ حسب مراقبين ـ بخطوات غير متوقعة في اليمن خاصة، بعد إشهار الرياض للتحالف العربي الذي بدأ عملياته في اليمن يوم 26 اذار/مارس 2015، ولا يزال يضرب الحوثيين الذين استولوا على العاصمة صنعاء مدعومين من إيران.
وجاءت الأزمة السياسية الأخيرة بين الرياض وطهران على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، لتضاف إلى علاقات دبلوماسية تتسم ـ أصلاً ـ بالتوتر بينهما.
يقول مراقبون إن طهران أرسلت للرياض رسائل وإشارات على أن «رقبة الشيخ النمر خط أحمر» وأن تنفيذ حكم الإعدام ضده سوف تكون له عواقب وخيمة على الرياض، بل وهددت مجاميع شيعية مسلحة في العراق بضرب السعودية حال تنفيذ الحكم.
كانت الرياض تعي ذلك ـ إذن ـ ومع ذلك مضت في تنفيذ الحكم على غير ما كان متوقعاً، وهو الأمر الذي دفع بمجاميع من الإيرانيين المرتبطين ـ حسب الرياض ـ بميليشيات نظامية، على الاعتداء بالحرق على سفارة المملكة في طهران، وقنصليتها في مشهد، الأمر الذي شكل القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث أعلنت الرياض بعدها قطع كافة أشكال العلاقات مع طهران، وسحبت أعضاء بعثتها الدبلوماسية في إيران، وأعطت للدبلوماسيين الإيرانيين مهلة 48 ساعة لمغادرة المملكة.
تبعت الرياض عدد من الدول مثل البحرين والسودان والصومال وجيبوتي، عدا عن الدول التي أعلنت عن تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي لها في طهران، أو التي استدعت سفراءها للتشاور أو للاحتجاج على إحراق مباني البــعثات الدبلوماسية السعودية في إيران.
حاولت إيران امتصاص موجة من الغضب الدبلوماسي العربي، والانتقادات العالمية على ما جرى دون جدوى، ثم عادت طهران لاتهام الرياض برفض محاولات التهدئة على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، ثم اختارت إيران اليمن مجدداً لشن هجوم دبلوماسي وإعلامي مماثل على الرياض، حين أعلنت الخارجية الإيرانية عن استهداف الطائرات السعودية لمبنى السفارة الإيرانية في صنعاء، الأمر الذي نفاه الناطق باسم قوات التحالف أحمد عسيري.
وقالت إيران أنها سوف تقدم شكوى إلى مجلس الأمن بهذا الخصوص.
غير أن مراسلين صحافيين ووكالات أنباء أكدت فيما بعد على أن السفارة الإيرانية في صنعاء لم تمس بأذى، وأن طيران التحالف نفذ غارات ليلية على مواقع للحوثيين قريبة من الحي الذي يضم مبنى السفارة الإيرانية، غير أن مبنى السفارة أو أياً من حراسها لم يصب بأذى حسب زعم طهران.
وقال مسؤول يمني حينها إن السفارة الإيرانية لم تقصف في صنعاء، وأن طهران تريد من خلال اختراع «حكاية ضرب سفارتها في صنعاء، التغطية على خرقها الفاضح للأعراف الدبلوماسية بالسماح بحرق السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، على مرأى ومسمع وبتشجيع من قوات الأمن الإيرانية التي كانت متواجدة في مسرح الأحداث».
وعلى كل فإن إيران التي يرى مراقبون أنها لا ترغب في صدام مباشر مع السعودية، تصر على جعل اليمن ساحة من ساحات صراعها مع منافسها الإقليمي الرياض، وبما أنه لا طهران ولا الرياض ترغب في صدام مباشر، فإن طهران تلجأ في كثير من الأحيان إلى أساليب «حرب الوكالة» ضد الرياض، كما هو الحال في الوضع اليمني المتشابك.
محمد جميح
من مصلحة النظام الإيراني قيام الحرب بين إيران والسعودية
والسبب هو بتأجيل ثورة قريبة ضده بسبب جوع نصف الإيرانيين
لكن النظام الإيراني لا يملك تكنلوجيا حديثة كتلك التي تمتلكها السعودية
إيران خذلت الشيخ النمر الذي وعدته بالحماية وكذلك خذلت شيعة السعودية
ولا حول ولا قوة الا بالله