التهرب الضريبي والطاقة والنمو من بين ابرز القضايا المطروحة على جدول اعمال القمة الأوروبية
21 - مايو - 2013
حجم الخط
0
بروكسل – د ب أ: يعقد زعماء الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء مؤتمر قمة في العاصمة البلجيكية بروكسل، يتصدر جدول أعماله البحث عن الوسائل اللازمة لإعادة ضخ محفزات النمو الاقتصادي في إطار استراتيجية التعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية التي تواجهها منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي ككل. كما يبحث قادة الدول الأعضاء في الاتحاد (27 دولة) سبل مواجهة التهرب الضريبي وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة. ولايتوقع المحللون صدور قرارات واضحة أو محددة بشأن هذه القضايا في ظل عدم وجود أزمات ضاغطة على جدول الأعمال وترقب الانتخابات العامة في ألمانياالمقررة في أيلول/سبتمبر المقبل وهو ما يقطع الطريق على أي تغييرات جذرية في السياسات القائمة. وأصبحت قضية التهرب الضريبي إحدى القضايا المهمة على جدول أعمال القادة الأوروبيين بعد أن نجحت وسائل الإعلام في الكشف عن عمليات تهرب ضريبي بمئات المليارات من اليورو، وهو ما يحرم الخزائن العامة للدول الأوروبية من إيرادات هي في أمس الحاجة إليها. كما ألقت وسائل الإعلام خلال الفترة الأخيرة الضوء على الملاذات الضريبية الآمنة في أوروبا مثل النمسا ولوكسمبورغ وليختنشتاين. ووفقا للتقديرات يحرم التهرب الضريبي حكومات الاتحاد الأوروبي من حوالي تريليون يورو (1.3 تريليون دولار) سنويا، وهو مايترك مرارة في الحلق وغضبا شديدا عندما تلجأ هذه الحكومات إلى تبنى إجراءات تقشف صارمة تؤثر على مستويات معيشة ملايين المواطنين بدعوى العجز الشديد في موارد الخزانة العامة. ويقول برناديت سيجول رئيس اتحاد عمال أوروبا إن سرية الحسابات المصرفية والمراكز المالية الدولية والملاذات الضريبية الآمنة تسرق الأموال التي نحتاج إليها لتمويل نظم الضمان الاجتماعي، وهذه الأمور إلى جانب السياسات التقشفية تساهم بشدة في توسيع الفجوة بين فئات المجتمع. وقالت اللجنة الاقتصادية الاجتماعية الأوروبية إن الحكومات لا تستطيع تحمل خسارة الإيرادات الضريبية”في ظل الأزمة الاقتصادية التي قلصت مخصصات المستشفيات في دول مثل اليونان، بحيث لم تعد المستشفيات قادرة على توفير الرعاية الصحية لجميع المرضى’في حين خفضت دول أخرى مثل البرتغال مخصصات التعليم. ومن المتوقع أن تدعو القمة الأوروبية إلى مزيد من تبادل المعلومات الضريبية بين دول الاتحاد والتعهد ببذل المزيد من الجهود لمكافحة الاحتيال في ما يخص ضريبة القيمة المضافة، وأيضا التعهد بالقيام بدور رئيسي”في محاربة التهرب الضريبي على المستوى الدولي. ومن المنتظر أن تحظى النمسا ولوكسمبورغ باهتمام خاص خلال قمة الغد بعدما رفض وزيرا مالية الدولتين”الأسبوع الماضي التخلي عن معارضتهما المستمرة لإصلاح قواعد تبادل المعلومات الضريبية. وتخشى الدولتان من أن يؤدي تخفيف قواعد سرية الحسابات المصرفية لديهما إلى فقدان النظام في أي منهما جاذبيته للمودعين من أنحاء أوروبا والعالم. في الوقت نفسه، هناك دعوات للاتحاد الأوروبي لكي يتصرف بصورة أكثر قوة في هذا الملف، فقد دعت منظمة أوكسفام الخيرية الدولية، ومقرها لندن، إلى إصدار قائمة سوداء علنية باسماء الدول التي تقدم ملاذات آمنة للمتهربين من الضرائب. وقالت كاترين أوليار مستشارة السياسة الأوروبي في منظمة أوكسفام ‘نأمل أن يفي قادة الاتحاد الأوروبي بما يعدون وذلك باتخاذ خطوة ذات معنى الأسبوع المقبل’. وكان العديد من كبار النواب في البرلمان الأوروبي قد طالبوا امس الاول زعماء الاتحاد الأوروبي يتسموا بالحزم عندما يتصدون لقضية التهرب الضريبي خلال قمتهم في بروكسل هذا الأسبوع،وذلك بعد ساعات من اتهام شركة أبل الأمريكية العملاقة بالتهرب من سداد ضرائب الدخل الأمريكية. وقال الزعيم الاشتراكي هانيس سوبودا خلال جلسة نقاش بالبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا ‘هل لدينا فعلا الشجاعة والاستعداد لمحاربة التهرب الضريبي والملاذات الضريبية؟ نحن في حاجة لتحرك قوي،ليس فقط بيانات’ وأصبحت محاربة التهرب الضريبي حملة دولية جديدة بعدما كشفت وسائل إعلامية الاستخدام واسع النطاق للملاذات الضريبية الآمنة وفضيحة الحساب السويسري السري لوزير الميزانية الفرنسي السابق. وتأجج الوضع أكثر أمس الاثنين عندما اتهمت لجنة فرعية بمجلس الشيوخ الأمريكي شركة أبل باستخدام وحدات تابعة لها في الخارج ومنها واحدة في أيرلندا الدولة العضو بالاتحاد الأوروبي ‘لتجنب دفع مليارات الدولارات قيمة ضرائب الدخل الأمريكية’. ولكن كارشتن برزيسكي المحلل في مصرف آي.إن. يرى أن المضي قدما من أجل وضع تشريع أكثر صرامة وتناغم للضرائب في الاتحاد الأوروبي لن يكون الحل النهائي للمشكلات الملحة في أوروبا. وأضاف أن هذا الأمر، في حال الوصول إليه، يبدو جيدا ويمكن ترويجه محليا باعتباره إنجازا لكنه في نهاية المطاف لن يصيب الهدف الأهم وهو إعادة الاقتصاد الأوروبي إلى مسار النمو. ويأمل قادة الاتحاد الأوروبي في تحقيق تقدم على صعيد سياسات النمو الاقتصادي من خلال مناقشة قضايا الطاقة. ومن المتوقع أن يركز قادة الاتحاد الأوروبي خلال القمة،ولأول مرة، على أسعار الطاقة التي ارتفعت بنسبة 27′ بالنسبة للصناعات الأوروبية خلال الفترة من سنة 2005 إلى سنة 2012 بحسب ماذكره هيرمان فان رومبوي رئيس الاتحاد الأوروبي. وهذا المعدل في ارتفاع الأسعار يفوق معدلات الارتفاع في الدول الصناعية الأخرى وهو ما يهدد القدرات التنافسية للصناعات الأوروبية. ولذلك فإن جعل أسعار الطاقة في أوروبا تتناسب مع أسعارها في باقي مناطق العالم يمثل عنصرا مهما من جهود الاتحاد الرامية إلى إنعاش القطاع الصناعي لتحقيق نمو اقتصادي وخلق وظائف جديدة. وأشار رومبوي في كلمة له أمام مؤتمر اقتصادي واسع إلى أن ‘ارتفاع أسعار الطاقة يعني بشكل عام ارتفاع الأسعار’. وحذر رومبوي من أن أوروبا أصبحت القارة الوحيدة في العالم التي تعتمد على استيراد مصادر الطاقة حيث يتوقع تجاوز الاعتماد على المصادر المستوردة 80′ من إجمالي احتياجات أوروبا من الطاقة بحلول سنة 2035.”وبالنسبة للعديد من دول شرق أوروبا، يعني هذا الاعتماد على مصدر وحيد للطاقة، وهو شركة غازبروم الروسية التي تحتكر تصدير الغاز الروسي. وحدد فان رومبوي 4 أولويات”لعلاج مظاهر الخلل في سوق الطاقة الأوروبية بهدف تعزيز القدرة التنافسية لاوروبا وخفض الأسعار بالنسبة للصناعة والمستهلكين. وتشمل هذه الأولويات زيادة كفاءة استهلاك الطاقة وتحقيق التكامل التام بين أسواق الطاقة في الاتحاد وتشجيع ضخ استثمارات مطلوبة في القطاع بقيمة تريليون يورو حتى 2020 وأخيرا تنويع مصادر إمدادات الطاقة”من خلال إيجاد مصادر جديدة محلية. وتشمل المصادر المحلية زيادة نسبة المصادر المتجددة إلى 20′ من إجمالي إنتاج الطاقة في الاتحاد الأوروبي بحلول سنة 2020 وهو الهدف الذي مازال يبدو بعيدا في الوقت الحالي. وكتب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باوروسو في خطاب موجه إلى قادة الاتحاد الأوروبي: ‘نملك جزءا من حل مشكلة أسعار الطاقة المرتفعة في أيدينا إذا اتممنا إقامة سوق داخلية للطاقة في أوروبا وتطبيق التشريعات الموجودة’. ودعا باروسو الدول الأعضاء إلى ضرورة تطبيق القوانين الأوروبية الحالية لإقامة سوق الطاقة الموحدة حيث اتفق بالفعل قادة الاتحاد في وقت سابق على اتخاذ خطوات تستهدف إقامة سوق الطاقة الموحدة قبل سنة 2015. وترى المفوضية الأوروبية أن هذه الخطوة ستوفر للاتحاد حوالي 30 مليار يورو سنويا. واختتم باروسو رسالته بالقول ‘نحن في حاجة إلى التحرك الفوري .. علينا القيام بدفعة سياسية قوية على اعلى مستوى’.