رام الله – «القدس العربي»: تحدثت مصادر عسكرية إسرائيلية عن مخاوف وحالة من القلق من فشل الهدف الإسرائيلي من هدم منازل منفذي العمليات الفلسطينية، الذي يتمثل بإيجاد رادع لدى الشباب الفلسطيني بعد حملات جمع التبرعات المالية في المدن الفلسطينية لإعمار منازل الشهداء الفلسطينيين التي كان آخرها حملة التبرعات لعائلة منفذ عملية القدس مهند حلبي.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في جيش الاحتلال الإسرائيلي إن هذه الحملات ستقضي على الرادع الذي تسعى إليه قيادة جيش الاحتلال من وراء هدم منازل منفذي العمليات، متهمة السلطة الفلسطينية بدعم هذه الحملات بشكل غير مباشر.
وبحسب المصادر ذاتها فإن موافقة السلطة الفلسطينية على تبرع موظفيها بما نسبته 1%، من الرواتب، ستؤدي إلى جمع ما يقرب من أربعة عشر ونصف مليون شيكل دفعة واحدة، وهو ما يشير إلى إمكانية جمع خمسة وعشرين مليون شيكل للمنازل التي تم هدمها على أيدي الجيش الإسرائيلي.
وقال موقع «والاه» العبري إن قادة الأمن الفلسطيني طالبوا مرارا نظراءهم الإسرائيليين بعدم تنفيذ هدم منازل منفذي العمليات لأنها تزيد من حالة الاحتقان والتوتر، وهو الأمر الذي أدى إلى تأخير هدم بعض المنازل لعدة أشهر. لكن المستوى السياسي الإسرائيلي أصر على تنفيذ عمليات الهدم بعكس رغبة قادة الجيش الذين يدركون ان هدم المنازل يزيد من التصعيد.
وعلى الرغم من موقف قادة الأمن والجيش الإسرائيلي الذي يتوافق مع موقف قادة الأمن في السلطة الفلسطينية بحسب الموقع العبري إلا أنهم يرون في موقف السلطة بالسماح بجمع التبرعات ودعم هذه التبرعات وآخرها إعطاء خصم من مختلف موظفي السلطة المدنيين يثير قلق قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وأشارت المصادر العبرية إلى أن هناك شعورا بالقلق من مبادرة العديد من المؤسسات والمنظمات ومنها ما يتبع لحركة فتح والسلطة الفلسطينية بدعم هذه المبادرات التي تسمح بإعادة بناء منازل هدمها الجيش الإسرائيلي. ما يعني أن السلطة تسعى لتقويض عمليات الجيش الإسرائيلي بشكل غير مباشر حيث سيؤدي الإعلان عن خصم ما نسبته 1% من رواتب موظفي السلطة إلى جمع 25 مليونا حال تم تنفيذ الخصم أيضا على أعضاء الأجهزة الأمنية.
من جهته أكد الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات لـ «القدس العربي» وجود تخوف إسرائيلي جدي من قضية الحملات الشعبية وإعادة إعمار منازل الشهداء، فهي فقدت عامل الردع والسيطرة. فلو كانت الانتفاضة الشعبية فصائلية نخبوية وجرت عسكرتها تستطيع إسرائيل ان تستخدم طاقتها وقوتها العسكرية في القتل والتدمير والاعتقالات والعقوبات الجماعية لكي تحاصر وتقضي على الانتفاضة ومفاعيلها وتداعياتها. ولكن هذه الهبة الشعبية العفوية التي يشكل الشبان رأس حربتها ومن خلال التوحد في الميدان برزت الكثير من الإبداعات والمبادرات الشعبية التي لا يمكن لدولة الاحتلال ان تقضي عليها بسهولة. وقال إن هذا تعبير عن إرادة شعب وبالتالي تحول استراتيجي بنقل العمل الانتفاضي من الإطار الفوقي إلى الإطار الشعبي والمؤسساتي، وهنا تكمن خطورته في أنه يشكل حالة من التضامن الفعلي والحاضنة الشعبية للعمل المقاوم وهو يقوي الجماهير وقياداتها الشابة ويبهت ويقزم دور السلطة التي تراهن عليها إسرائيل في ان تلعب دوراً كابحاً للانتفاضة.
وأضاف عبيدات أن الخطورة تكمن في وجود حواضن شعبية، وهذه الحواضن من شأنها أن ترفع من منسوب الوعي واجتراح المزيد من المبادرات الشعبية البعيدة عن السلطة، وكذلك عن الأحزاب والفصائل وبما يمهد لخلق قيادات ميدانية أكثر جرأة وصلابة وقوة في مقاومة الاحتلال وبما يعيد الثقة للجماهير بمشروعها الوطني ومقاومتها وخيار النضال والعنف الشعبي. ويتابع القول إن ذلك يخلق وعيا جديدا ووعيا مقاوما. وعي يبدع ويبادر في الميدان بعيداً عن المال السياسي والمال المشروط وبما يحرر النضال والمقاومة من أجندات السلطة وربما الأحزاب والفصائل وقد يمهد ذلك لتجاوزها وتجاوز خياراتها وقياداتها.
وذهبت الأمور إلى المزيد من الإبداعات الشعبية والمبادرات مثل إعادة إعمار بيوت الشهداء والأسرى والتمرد على قرارات الاحتلال مثل «مش طالع» التي بدأها الأسيران سامر ابو عيشة وحجازي ابو صبيح برفض تنفيذ أوامر إبعادهم عن القدس، وتفتح الباب أمام المزيد من المبادرات الشعبية التي تتوسع وتتطور في الميدان وستلقى الدعم الشعبي والجماهيري والتعاطف والتأييد الكبيرين دولياً.
واعتبر عبيدات أن هذا من شأنه أن يراكم فعلا وجهدا نضاليا قد يصل إلى حد تحويل المشروع الصهيوني للأرض الفلسطينية مشروعاً خاسراً تمهيداً لانكفائه عن الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فادي أبو سعدى
التحرر له ثمن الحرية لا تهدا بل تنتزع