اعتدت الهروب من ذاك الواقع – المر والكئيب والمليء بالأنانية وتقديس المصلحة الشخصية – إلى الوراء دائما إلى تلك الذكريات ومخائل من ماض غير بعيد حيث كانت الدنيا تبدو رخية قليلة التكاليف هينة المشاغل تجمع المحاسن كلها عذبة لا قيمة كبيرة للماديات وفي فترة هي الأجمل من العمر. سنين عشناها يحمل عبئها غيرنا لنجد متسعا من الزمان لا تعكره مزاحمة الأحداث المتلاحقة والمليئة بالتناقضات والخوف من المستقبل المجهول نتراكض خلف أحلامنا البسيطة بساطة زماننا نتوقد حيوية وهزلا بالأيام والليالي قهقهاتنا تملأ الآذان في محيط يبدو ساذجا وطيبا، وقبل أن تنذر الأيام بذهاب البريق عن الأشياء وتأذن بفجر جديد تختلف القيم فيه عما عهدنا وواقع لا يعرف للرحمة سبيلا بفضل المدنية الحديثة – والتي لم نملك لها مقومات – وحكام لم يكن حظنا معهم بذلك السخاء، ولطالما إنقضوا على أحلامنا بواسطة مصفحات وكوماندوس وبذلات عسكرية ناعمة وحولوا واقعنا لجحيم تتزاحم فيه الخيبات، خيبات وطن ضاع بين ثنايا حكام الثقافة والعلم وخدمة الوطن ما كانت من أولويتهم يوما لتترك أجيالا محبطة ذاهلة يائسة ليس لها من عزاء سوى ماض تتعزى به لعل قادم الأيام يتفتق عن وطن فيه حظ للجميع وتتحقق أحلام كانت عصية وعسيرة المنال! محمد محمود الطلبة – الصين [email protected]