مصر على خطى دولة مبارك… والثوار مشتاقون للميدان… وجنينة يتحول لنجم شباك والهجوم على خصومه يتوالى

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: إلى حد كبير يتشابه طقس مصر البارد هذه الأيام مع مجريات السياسة، إذ يسعى النظام لأن تقف البلاد عند مرحلة التجمد، كي لا يستيقظ جنين الثورة في الذكرى الخامسة من جديد، مستلهماً تلك اللحظات الخالدة، حينما كانت البيوت خاوية من أهلها الذين تحولوا بين عشية وضحاها لثوار يرابضون في الميادين.
ورغم برودة المناخ إلا أن المتابع لما يجري يكتشف للوهلة الأولى أن «المحروسة» تشهد هبوب رياح تحمل بين طياتها الرغبة في إعادة تصحيح المسار، بحسب رأي الكثيرين، من بينهم الثوار الذين لا يرون تغيراً على أرض الواقع، فقد رحل الديكتاتور مبارك عن المشهد، لكن روحه ظلت تسكن القصر. كما أن ميكروب الفساد لازال يسكن في الأجواء كافة، وهو ما تؤكده قوى المعارضة والموالاة في الوقت ذاته، وتكشف ذلك بجلاء التصريحات الصادرة عن مسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية، فضلاً عن حالة الارتياب التي تصل حد الهلع من مفاجآت الثورة في ذكراها الخامسة، التي يفصلنا عنها أقل من أسبوع.
تتضافر الأحداث التي تمر بها البلاد في اللحظة الراهنة ما بين شواهد الاستنفار الأمني الواسع في العاصمة وغيرها من المحافظات، والتهديدات التي تطلق على مدار الساعة لكل من تسول له نفسه الاحتشاد في الميادين، كل ذلك يكرس لحقيقة أن الفكرة التي تحولت لثورة أبهرت العالم لم تحقق ما تريد، فالشهداء دفنوا في قبورهم ولم يحصل ذووهم على كامل حقوقهم بعد، والقتلة معظمهم مطلقو السراح ينعمون بالحرية والأمن. وفي الصحف المصرية أمس توالت التحذيرات التي تطلقها الحكومة، كي لا يفكر من تسول له نفسه إعادة الكرة من جديد، ونقل عنوان الإقامة للميدان الذي أصبح جثة هامدة ينتظر من يعيد له الحيوية، على الأقل من جانب الثوار أنفسهم، الذين يؤمنون بأن بطن التاريخ دوماً حبلى بالمفاجآت.. كما شهدت الصحف معارك صحافية صاخبه لعب فيه هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي لمحاسبات دور «نجم الشباك»، فيما لايزال خصومه يطلقون نيران مدافعهم الثقيلة التي لم يعد يعبأ بها الشارع، بعد أن تكشف العديد من المفاجآت عن مافيا الفساد التي حققت مزيدا من الانتصارات على مدار المرحلة الماضية، وعلى الرغم من المعارك والأحداث التي تنتمي بعضها لعالم الكوميديا، إلا أن الشواهد تكشف عن أن الرأي العام يدير ظهره لما يجري هناك بين الأعضاء، ربما لأن الذاكرة لازالت عامرة بحكاوى وقفشات برلمانات مبارك الحافلة بنصوص الكوميديا السوداء.. وإلى التفاصيل:

صفحة 25 يناير لم تطو بعد

«لقد تغير المزاج العام في مصر خلال السنوات الخمس الماضية. لكن ذلك لا يعني، على حد رأي فهمي هويدي في «الشروق»، أن صفحة ثورة يناير/كانون الثاني طويت وانمحى أثرها، وإن تصور كثيرون ذلك أو تمنوا. فالحدث الكبير كانت له تجلياته على أرض الواقع، التي تعرضت للانتكاس والاندثار حقا، إلا أن له صداه الذي يتعذر محوه من بنية المجتمع ووجدان الناس. وهذا الصدى الذي يمثل الجزء الغاطس من تداعيات الثورة، يطل علينا بين الحين والآخر في ومضات سريعة لا تلبث أن تختفي. مرة في انتخابات اتحاد الطلاب ومرة ثانية في مقاطعة التصويت في الانتخابات البرلمانية، وثالثة في الوقفة الاحتجاجية لأمناء الشرطة، وخامسة في اعتصام حملة الماجستير والدكتوراه.. وهكذا. ولم يخل الأمر من ومضات مازالت تقاوم الاختفاء، تمثلت في صمود بعض المنظمات الأهلية، وشجاعة المنظمات الحقوقية التي تقود حملات الدعوة إلى وقف التعذيب وفضح الاختفاء القسري وتحدي القوانين الجائرة. وتلك كلها مواقف نبيلة لها تكلفتها الباهظة، التي احتملها أولئك الرجال والنساء الوطنيون. ودفعوا ثمنها عن طيب خاطر. الأمر إذن يعني أن جذوة الأمل لم تنطفئ بعد، وأن آفاق المستقبل الذي تتجمع فيه الغيوم لم تحكم إغلاق باب التفاؤل بغد يحل فيه الأمل حتى إن طال انتظاره.
ويشير الكاتب إلى أنه في غياب الشفافية بسبب انسداد الأفق فإن الصورة الحقيقية لتفاعلات المجتمع يتعذر إدراك معالمها، لذلك تظل الانطباعات محكومة بالصور المصنوعة التي يقدمها الإعلام والجهات المختلفة التي توجهه لتشكيل الرأي العام. ورغم أن ذلك وضع يحجب الرؤية الصادقة لحراك المجتمع وتفاعلاته، إلا أنه يؤجل الحلم ولا يجهضه».

لا زالت الأحلام قيد الحبس

ونبقى مع الثورة التي تقترب ذكراها وهو ما دعا محمد عصمت إلى أن يتذكرها في «الشروق» قائلا: «قبل أيام قليلة من الذكرى الخامسة لثورة يناير/كانون الثاني، يبدو وكأن هناك سنين طويلة تفصلنا عن تحقيق أهدافها الكبرى، وعن الشعارات التي رفعتها في ميدان التحرير، فالمسافات تتسع بين ما نادى به ثوار يناير وبين السياسات التي يتم تطبيقها الآن. ويرى الكاتب أن الحريات العامة تكبلها قوانين صارمة. والعدالة الاجتماعية مرت شعاراتها كسحابة صيف، دهستها عجلات قطار الخصخصة ورأسمالية المحاسيب. والكرامة الإنسانية لا تزال تنتهك تحت وطأة الفقر والعوز وضياع الأمل في حل قريب. وشباب الثورة غائبون عن المشهد، ينظرون خلفهم في غضب، والثوار القدامى ضاقت بهم الحيل، في حين صار رجال الثورة المضادة نجوم المرحلة، بعد أن جمعوا في أيديهم – من جديد ــ خيوط السلطة والثروة.
قد يرى البعض أن الرئيس السيسي يتحمل المسؤولية الأكبر عما يحدث، وأن سعيه لبناء مشروعات اقتصادية استراتيجية طموحة وضخمة، لا يقابلها أي مشاريع سياسية واضحة لبناء نظام ديمقراطي يليق بشعارات يناير، ويتسق مع روحها الثورية، ومفاهيمها التي تستهدف تغيير طبيعة السلطة الاجتماعية الحاكمة في مصر، في حين يقول مؤيدوه إن الرجل يحمل مسؤولية صعبة. أيا كان الأمر في رأي عصمت فإن ثوار يناير أيضا يتحملون مسؤولية كبرى عما آلت إليه مطالب ثورة يناير، بافتقادهم إلى نظرية ثورية تتبناها جماهيرهم، وتنظيم ثوري يلتفون حوله.
رغم قتامة الصورة، فإن هناك ضوءا في نهاية النفق، تبدو من خلاله ثورة يناير حاضرة في الضمير المصري، فهناك أهداف إستراتيجية كبرى حققناها بدرجات متفاوتة من النجاح منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، لا تزال تلقي بظلال خافتة على جميع جوانب حياتنا، وتحفر لنفسها ببطء مكانا في العقل السياسي المصري، أهمها سقوط فكرة الفرعون الحاكم».

الثورة لا تعرف الهزيمة

وبمناسبة ذكر الثورة يستعيد أحمد الصاوي في «التحرير» الثقة في الثوار: «هذا الجيل الذي تعلم ما يزيد على ما تقدمه له المدارس والجامعات التعبوية، واطلع على المسموح به وغير المسموح به، ولم يعد من الممكن خداعه بمعلومة غير صحيحة، وبين يديه عالم المعلومات، ولا تمرير، وصنع تاريخ مزيف يعيشه ويجده بين يديه، ولا تدجينه بأنماط وزارات الإرشاد القومي وحلقات المساجد المنفصلة.
جيل يقف أمام كل شيء بالسؤال والبحث، لا يمكن خداعه بالزعم أن الإيدز يمكن أن يصبح كفتة، جيل لا ينظر إلى الحاكم كأب من العيب معارضتُه، ولا كولي أمر من الإثم عدمُ طاعته. يفهم أين وصل العالم في الحقوق والحريات وسيادة القانون، وفي تداول السلطة، وفي تنظيم العلاقات المدنية العسكرية، وفي حسم جدلية الدين مع السياسة، وفي أصول الحكم الرشيد وقواعد محاسبة الحكومات؟ ويريد أن يبدأ من حيث انتهي العالم. جيل من الصعب إقناعُه بكلام لا يوازيه فعل، لا يمرر القتل باسم الوطن ولا التفجير باسم الرب. يتابع الكاتب ثناؤه: جيلٌ الدولةُ بالنسبة إليه ليست قدس الأقداس، إلا إذا أقامت العدل ورسخت الحكم الرشيد، وكانت تعبيرًا صادقًا عن إرادته وقيمه وثقافته وتنوعه. دولة بلا مماليك ولا طوائف، لا يحتكر فيه طرفُ الوطن، ولا يجرؤ على أن يحتكر الدين فيها طرف. جيل لا يخاف دولة المفترض أنها في خدمته، وله الحق في مساءلتها وحسابها.
هذا الجيل قادم والزمن في صالحه ولن تصلح كل الأدوات القديمة في احتوائه، لا التخويف بالسجن في الدنيا، وأن الكرامة ليست ترفًا، والعدالة ليست أقل احتياجًا من الخبز، يتساءل الصاوي في مقاله الذي يعيد نشره بعد عامين: من يستطيع إذن أن يقتل الوقت ليوقف قدوم ساعة آتية لا محالة يكون فيه هذا الجيل هو القاعدة وما دونه هو الاستثناء النادر والصوت النشاز؟».

مخبرو مقاهي وسط
البلد استعدوا ليناير

وعن الاستنفار الأمني الواسع الذي لفت اهتمام عمار علي حسن في «الوطن» وعبر عن دهشته قائلا: «تحسبهم جلوساً وهم قيام.. إنهم مخبرو مقاهي وسط البلد، الذين يقتحمون العيون والآذان، بعد أن تم توزيعهم بقوة وسط الجالسين مع اقتراب ذكرى ثورة يناير/كانون الثاني، يتسمعون ويتنصتون ويكتبون تقاريرهم، فهذه مهمتهم القديمة المعتادة والمألوفة التي حُفرت لها صورة ذهنية مضحكة في مخيلاتنا، مستمدة في الغالب الأعم من الأفلام القديمة، التي تصور الواحد منهم بطاقيته الطويلة كاسطوانة من قماش سميك، وجريدته المثقوبة من منتصفها، يمد منها عينيه ليتابع ما يجري حوله، وعصاته التي يغرسها تحت إبطه ويمضي. لكن مخبري هذه الأيام ليسوا، بالطبع، على هذه الشاكلة، ولا تقتصر مهمتهم على جمع المعلومات وتدوينها، إنما كلفوا من قِبل مَن أطلقوهم وسط الناس بإشاعة الأخبار التي يراد بثها، والأخطر هو التحرش اللفظي ببعض من ينتمون للثورة. هؤلاء لا يرتدون أزياء مميزة، ولا يجلسون في وضع المتلصصين، مما يلفت الانتباه إلى أنهم مسيرون، وما ينطقونه هو ما تم تكليفهم به، إنما هم ينخرطون وسط الجالسين، ويتحدثون كأن ما يخرج من أفواههم هو تعبير عن مواقفهم الذاتية المستقلة، يفرطون في الحديث عن «الثورة التي خربت مصر»، وعن «المؤامرة التي لا تزال مستمرة». إنها الحالة التي عاينّاها وعانينا منها خلال الثمانية عشر يوماً الرائعة في ميدان التحرير وما بعدها في كل الجُمع والمليونيات. قبل أيام اصطدمت بأحدهم في مقهى في ميدان باب اللوق، راح يثرثر ويرمي كلاماً في اتجاهي، كنت في البداية أحسبه شخصاً عادياً يدلي برأيه، وهو حر في ما يقول على أي حال، فأردت أن أجلس إليه لأفهمه أن مثل الثورة كمثل من رفع غطاء عن إناء يغلي فيه طبيخ حامض، فانتشرت الرائحة الكريهة في أرجاء المنزل، فقام من فيه ليتهموا من رفع الغطاء بأنه لوث المكان، مع أنه لو ترك الإناء مغلقاً كان سينفجر…. أردت أن أوضح له، لكن المخبر كان مكلفاً فقط بالصراخ والمزايدة وإطلاق الشتائم، فما كان مني إلا أن قلت له بعد أن اكتشفت حقيقته: أنت مخبر وأنا أدرك أنك مكلف بأن تفعل هذا، فاصفر وجهه، وانكمش داخل ملابسه، لكنه كان حريصاً على أن يبرطم بأي كلام يداري به حقيقته. تم توزيع أمثال هذا على مقاهي وسط البلد.. إنها طريقة قديمة عقيمة تدل على أن أجهزة الأمن لا تتعلم ولا تتجدد، والسلطة لا تريد أن تعرف أن أقصر طريق لتحقيق الاستقرار هو العدل ووضوح الرؤية، وليس العودة إلى زمن العسس».

حراس الفساد

ومع نجم الشباك الأول هذه الأيام بلا منازع المستشار هشام جنينة، حيث يتساءل في «الشروق» مصطفى النجار قائلا: «هل كتبت مقالا ناريا تدعو لعزله ومحاكمته بالخيانة العظمى أم لا؟ هل نشرت صورا للرجل عليها عبارات سب وقذف من نوعية المضلل ـ الكذاب ـ الفاسد.. إلخ؟ هل اتهمت الرجل بأنه عضو سري في تنظيم الإخوان وربما «القاعدة» أو حتى «داعش»؟ هل وصفته بالمسيء لصورة مصر الخارجية والمتعاون مع جهات أجنبية ضد مصر؟ هل شككت في كل ما يقوله الرجل ووصفته بالمبالغات لأنك ترى عدم وجود فساد في مصر أو تراه فسادا (لايت)؟ هل حولت برنامجك الفضائي وصحيفتك لمنصة اغتيال معنوي للرجل معتمدا على الأكاذيب والافتراءات؟ هل تغافلت متعمدا عن أسماء الشخصيات والجهات الكبرى التي تورطت في الفساد، بتقارير موثقة وحولت المعركة ضد محارب الفساد بدلا من محاربة الفاسدين أنفسهم؟ هنيئا لك أيها الإعلامي أو السياسي الذي مارس كل ما مضى أو بعضه، أنت الآن منضم رسميا لحزب (حُراس الفساد) وعليك الفخر أمام ملايين المصريين بأنك تناصر من يأكل قوتهم ويحارب أرزاقهم ويستنزف ثرواتهم ويضاعف ديونهم ويحرق مستقبل أبنائهم، هنيئا لك انحيازك المنحط للفساد وسرقة المصريين، أنت تعلم ونحن نعلم أن حربك على شخص رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات غير منطقية وغير مبررة وأن هدفها (الطرمخة) على الفساد وعمل (دوشة) لإشغال الناس عن محتوى التقرير الذي لا يروق لك ولمن يوجهك ويتبناك ويرعاك ويطلقك على الشرفاء، للنهش فيهم في مهمة تشبه مهمة كائنات متوحشة للحراسة والترهيب يعف لساني عن تمثيلها بك لأنها تمارس مهمتها بشرف ورحمة، فلا تهاجم إلا اللصوص أما المسالمون والشرفاء فلا تجرؤ على الاقتراب منهم».

الكاتب الذي أراد أن ينتقم من هشام

ونقترب من المعركة المشتعلة على مدار الساعة حيث كشفت «المصريون» عن اسم الكاتب الذي سعى للانتقام من هشام جنينة، إذ كتب محمد أبو الفضل: «أشار الكاتب الصحافي فهمي هويدي، في مقاله يوم الاثنين، إلى واقعة مجهولة لم يعرف عنها أحد شيئًا، كانت سببًا في انقلاب أحد الكتاب الكبار على هشام جنينة، بعدما امتدحه في مقالات سابقة، عاد ليهاجم جنينة بضراوة بعد كشفه وقائع الفساد. المُثير في الواقعة أن سبب هجوم الكاتب الذي أشار إليه هويدي هو رفض جنينة طلبه بالوساطة لأحد أكبر المقاولين في محافظة المنيا، بعد اكتشاف الجهاز المركزي للمحاسبات ضلوعه في الفساد. «المصريون» حللت كلام هويدي وبحثت له عن روابط ذات صلة للكشف عن هذا الكاتب، فكانت المفاجأة بأنه نقيب الصحافيين الأسبق، الكاتب مكرم محمد أحمد، هو الشخصية التي أشار إليها هويدي في مقاله، كاشفًا عن سبب هجومه على جنينة على الرغم من مدحه له في وقت سابق. وكان نص الفقرة في مقال هويدي التي أشار فيها إلى الكاتب المذكور: «في حين لم يطلع الرأي العام على التقرير الأول أو الثاني، ولا عرف حقيقة اللجنة التي أعدت الرد، فإن جريدة «الأهرام» الصادرة (الأحد 1/17) نشرت تقريرًا حول «أزمة أرقام جنينة» تخيرت له عنوانًا على ثمانية أعمدة نصه كما يلي: نواب: الاعتذار للشعب أو الإحالة إلى المحاكمة. وهؤلاء النواب لم يكونوا سوى نائب واحد نشرت الجريدة اسمه وصورته. وفي العدد ذاته تعليق لأحد الكتاب طالب فيه بإقالة المستشار جنينة أو استقالته. وكان الكاتب ذاته قد امتدحه في مقال سابق، بعدما زاره في وساطة لصالح أحد المقاولين الكبار في محافظة المنيا، ولكن الوساطة لم تنجح لأن الجهاز اكتشف أن المقاول كان ضالعًا في الفساد».

إما اجتثاث الفساد أو جنينة

ولازالنا مع قضية المستشار جنينة التي تتصاعد، وها هو محمد الشبراوي في «الشعب» يكشف بعض المستور: «الفساد والنظام يرتبطان بحبل سري، فلا يحيا أحدهما بدون الآخر، لذلك لا حياة للنظام بدون الفساد ولا حياة للفساد إذا ذهب النظام، هذه هي المعادلة الواضحة في مصر.. حصون الفساد المنيعة وقلاعه الكبرى وأباطرته في مصر أعلنوها صريحة حربا ضروسا على المستشار هشام جنينة. البعض يرى أن ما يحدث ضمن مسرحية الإلهاء ولفت الأنظار، كما أن استمرارية جنينة ضمن هذا النظام حتى الآن يضع علامات استفهام عديدة حول الرجل ومسار الأحداث. من جانبي كنت أعتبر تصريحات جنينة الدائمة عن الفساد تساهم في إضفاء نوع من شرعية الواقع على الفساد المتجذر في مصر، وتصب في دعم رأس النظام عبد الفتاح السيسي، خاصة أن جنينة وجهازه لم يتعرضا لفساد الرئاسة بعد الانقلاب مطلقا ولا يستطيعان، والتصعيد الإعلامي الذي كان يصاحب دائما حديث جنينة عن الفساد كان يوظف من وجهة نظري في معركة تكسير العظام، وفي تقوية موقف السيسي مع أجنحة النظام الأخرى، ويصب في تلميعه بطريقة مباشرة وغير مباشرة. في النظم الفاسدة لا بد من وجود شخصيات كالمستشار جنينة وأجهزة تساهم في تخفيف الاحتقان وتنفس البالون، حتى لا ينفجر.. الفساد في مصر، بحسب الشبراوي، ماء الحياة بالنسبة للنظام، وعندما يقوم السيسي بتشكيل لجنة للنظر في ما صرح به رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة عن حجم الفساد، بأنه يقدر بـ 600 مليار جنيه، فقد أكد السيسي، عبر قراره هذا بما لا يدع مجالا للشك، على من هو رأس الفساد ومن هم الرعاة الرسميون له في هذا البلد المنكوب».

ربنا أمر بالستر

لازال الجدل واسعاً حول قرار وقف بث جلسات البرلمان، وهو ما دفع محمد أبو الغار في «المصري اليوم» لأن يستعين ببعض التعليقات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي: «كانت التعليقات على «فيسبوك» مذهلة والعنوان «ربنا أمر بالستر» هو تعليق د. كمال مغيث، الذي أكمل قائلاً: «وقف جلسات المجلس يؤكد أن معظم هؤلاء النواب لا يدينون بالولاء للناس». أما الأستاذ محمد حمودة فقد كتب على صفحته في الفيسبوك: «البرلمان مدته خمس سنين… نطالب الرئيس السيسي أن يعتبره مشروعا قوميا من مشاريعه العملاقة ويخلصه في 5 شهور». والأستاذ عاطف فوزي كتب: «منع إذاعة جلسات البرلمان علشان ريحة الفساد لا تظهر». وكتب د. نور فرحات: مجلس النواب قرر حظر إذاعة جلساته وعقب قائلاً: «هل لديكم ما تخجلون من إعلانه على الشعب الذي أتى بكم حتى لا يعض أصابع الندم». وقال في بوست آخر: «بعد قرار حظر إذاعة الجلسات: مجلس النواب السري مكتوب على بابه للكبار فقط، ممنوع لمرضى القلب والضغط». وكتب هانى شكر الله: «السخرية من واقعهم ومن أنفسهم عند المصريين أداة لا غنى عنها لتحمل الظلم، وسلاح للتمرد عليه (لا أعرف ثورة شعبية أخف دماً من الثورة المصرية). كيف تسخر من مسخرة؟ خاطر بمناسبة البرلمان على الهواء». كتب د. تامر النحاس: «أعلم يقيناً حجم المصيبة التي ألمت بالشعب المصري جراء تلقيهم خبر عدم إذاعة الجلسات، أعلم أنها ضربة قوية لبرامج التسلية لكل أسرة، ولكن دوماً يظل الأمل موجوداً». وكتب أشرف الشريف: «وكيلا مجلس النواب الجديد يخطئان أخطاء كارثية في آيات قرآنية». وكتب عبدالرحيم كمال: «أعيدوا مجلس الشعب لجمهوره الحبيب لقد تركنا من أجله كل فنون الفرجة البديلة، أعيدوا لنا بهجتنا».

أهداف سويف:
كنت «عبيطة» لما بكيت على ابني

ومن تقارير أمس اعتراف الكاتبة الصحافية أهداف سويف في «المصريون»، بعد سماعها لقصص أسر مختفين قسريًا، بأنها تذكرت قصة وصفتها بـ«العبيطة» عن اختفاء ابنها من أمام عينيها وهو صغير لمدة نصف ساعة، مضيفة أنها ماتت في هذه النصف ساعة أكثر من مرة إلى أن وجدته. وتابعت في كلمتها على هامش المؤتمر الصحافي الذي نظمته تنسيقية المختفين قسريا في مركز هشام مبارك، أن غياب الابن أو الأب أو الأخ أو أي فرد من العائلة بدون معرفة أي شيء عنه شعور صعب جدا، ربما هو أصعب شيء يمر به الإنسان في حياته. وشددت على مواصلة الدعم والمناشدة بالإفراج عن المختفين لأننا أملهم الوحيد، ولا خروج لهم بدون بذل مجهود من ناحيتنا، في إشارة إليها وإلى أهالي المختفين. كانت تنسيقية أسر المختفين قسريا قد نظمت مؤتمرا صحافيا مساء الاثنين في مركز هشام مبارك تحت عنوان «الإخفاء القسري جريمة إنسانية» بحضور حقوقيين وأهالى مختفين».

شظايا متناثرة على سطح الوطن

وعن أزمة إدارة القرار كتب لنا عماد الدين أديب في «الوطن» قائلا: «أخطر ما يهدد إدارة القرار في مصر، وهنا نتحدث عن أي مستوى للقرار، في أى منشأة سياسية أو اقتصادية أو تجارية، هو فقدان التنسيق والتكامل والتجانس بين الفروع المختلفة، في ظل آفة الجزر المتناثرة التي تُفشل نجاح العديد من القرارات. في مصر لدينا مؤسسات دستورية مختلفة، ولدينا أيضاً قوى سياسية متناقضة، ولدينا قوى مدنية وقوى عسكرية، ولدينا قوى علمانية وقوى دينية، ولدينا مؤسسات دينية رسمية ولدينا مؤسسات دينية غير شرعية في حالة انفلات.
هذه الشظايا المتناثرة على سطح الوطن تشكل حالة مخيفة من الجزر المنعزلة المتناثرة، التي تخلو من أي مستوى من مستويات التنسيق الذي يمكن أن يؤدي إلى التكامل. يصدر القرار من أعلى سلطة إلى الحكومة ومن الحكومة يقدَّم به مشروع للبرلمان، ثم يعود من البرلمان بعد التعديلات للتنفيذ، فيواجه بتدخلات من الجهاز الحكومي البالغ 7 ملايين موظف، ومن أجهزة المحليات الغارقة في الترهل والفساد. إن هذا الوضع مثل فريق كرة القدم، الذي يلعب بلا خطة، ولا يوجد فيه تجانس خططي بين اللاعبين، ولا يوجد فيه تنسيق بين خطوط الدفاع والوسط والهجوم. يفشل فريق كرة القدم، أو أي فريق حينما يلعب كل لاعب بمفرده وبمعزل عن بقية الزملاء ومن دون التقيد بخطة المدير الفني للفريق. مسألة «الجزر المتناثرة» هي الوصفة السحرية الأكيدة لفشل أي نظام إداري على أي مستوى. وها نحن هذه الأيام نشهد تحديات كبرى في هذا المجال، التحدي الأول كان السلطتين التنفيذية والقضائية، والثاني الذي نعايشه هذه الأيام بين البرلمان والبرلمان، ثم بين البرلمان والحكومة، ولا أحد يعرف هل تصطدم سلطة التشريع مع سلطة القضاء؟ هذه الجزر المتباعدة التي لا يربطها «خط ناظم» بحاجة إلى مايسترو يدير «الأوركسترا السياسي» الذي يسمعنا هذه الأيام الكثير من الغناء خارج النص، ويعزف لنا الكثير من معزوفات النشاز المزعج!»

هل يلجأ السيسي لـ«تعديل الهوانم»؟

هل يكرر السيسي سيرة بعض من سبقوه، ومن بينهم الرئيس الراحل أنور السادات، الذي عدل عام 1980 دستور عام 1971، خاصة المادة التي تحدد مدة رئيس الجمهورية.. محمود سلطان في «المصريون» أكد أن التعديل عُرف آنذاك بـ«تعديل الهوانم».. وذلك لأن تلك المادة التي رخصت للسادات وجوده في الحكم مددًا بلا سقف بدلاً من مدتين، قادته الفنانة الراحلة فايدة كامل.. زوجة وزير الداخلية الأسبق اللواء النبوي إسماعيل، ما يعنى أن المادة مررتها «الكتلة الأمنية» داخل البرلمان.. وهي تشبه حاليًا «كتلة المخابرات» المعروفة بتيار «دعم الدولة – في حب مصر». المادة مررها السادات.. لكن السادات لم يستفد من المادة التي أحدثها في ما استفاد منها مبارك، حيث ظل في السلطة ثلاثين عامًا. ويؤكد الكاتب أن نموذج «السادات – فايدة كامل»، جارٍ استنساخه هذه الأيام، وشرع عدد من كتلة «في حب مصر» في التحضير لحشد رأي عام برلماني، يطالب بتعديل الدستور، خاصة المادة المتعلقة بمدة الرئيس، ويقترح هؤلاء تعديلها لتكون 6 سنوات بدلاً من أربع.. وثمة اقتراح آخر، بمدها إلى عشر سنوات، لتتيح للرئيس البقاء في السلطة 20 عامًا، وذلك بتوقع قدرته على تحقيق فوز سهل في الفترة الثانية. وبتأمل ذلك نلحظ أنها تستهدف إعادة استنساخ تجربة مبارك، فالأول قضى 30 عامًا بموجب تعديل الهوانم ـ زوجة وزير الداخلية.. ولم يترك السلطة إلا مطرودًا منها بعد ثورة يناير/كانون الثاني.. فيما سيظل السيسي 20 عامًا.. حال استطاع التيار الأمني داخل البرلمان، تمرير التعديل.. كان المتوقع، أن يُعاد سيناريو «الهوانم» بحذافيره ـ مدد بلا أسقف ـ لولا وجود المادة 226 من دستور 2015 التي تحظر تعديل مواد إعادة انتخاب الرئيس لأكثر من مدتين، ولذا فإن الحملة للتعديل، تأتي في سياق التحايل على المادة 226 وجعلها مجرد «ديكور» لا يؤثر».

الخطر الإيراني يتزايد بعد رفع العقوبات

مع رفع العقوبات رسميا عن إيران وعودة العلاقات مع أمريكا والدول الغربية يتوقع عدد من الكتاب، من بينهم هاني عمارة في «الأهرام» مزيدا من الاضطرابات وعدم الاستقرار في الدول العربية: «سوف تزيد رقعة التطرّف والاٍرهاب، خاصة مع تصاعد حدة الاستقطاب الطائفي بين الشيعة والسنة، الذي حصد حتى الآن عشرات الآلاف من الأبرياء، والذي يعزز هذه التوقعات بحسب الكاتب هو النزعة التوسعية والهيمنة التي تسيطر على المتحكمين في زمام الأمور في طهران، وإضفاء القداسة على قراراتهم، لقد تمكنت طهران من التمدد بشكل سرطاني في الجسد العربي، خاصة في دول المشرق، وتم ذلك وهم تحت الحصار الاقتصادي والسياسي لعشرات السنين، فكيف سيكون الحال بعد التمكين الاقتصادي؟ لقد بدأت البوادر مبكرا ونجحت في اختبار جس النبض مع أقوى دولة عسكريا في العالم، عندما احتجزت عددا من البحَّارة الأمريكان في الخليج العربي، وقد ابتلعت الإدارة الأمريكية الإهانة إلى أن تم الإفراج عنهم. السلطات الإيرانية لم تتصرف عبثا، بل أرادت أن تبعث رسالة للجميع بهذه الخطوة، وتخيل معي لو أن البحرية الأمريكية انتهكت مياها لدولة عربية واحتجزت هؤلاء البحَّارة، توقع كيف سيكون رد فعل العم سام؟ قانون الطبيعة واحد، سواء في الغابة أو بين البشر، البقاء للأقوى ولا عزاء للضعفاء. ويتساءل عمارة: ماذا يحدث لو أن العرب اجتمعوا على قلب رجل واحد وأعلنوا تجميد عضويتهم في الأمم المتحدة أو الانسحاب منها؟».

لماذا صافح الأزهري كلباً؟

لا يخفي كرم جبر في «الوطن» إعجابه بالشيخ أسامة الأزهري، لوسطيته وسماحته واعتدال منهجه، ويصلي دائما وراءه الجمعة في مسجد المشير طنطاوي، إذ يستمتع بخطبة مفيدة وقصيرة، وبعدها يحرص على الجلوس مع الشباب والأطفال من رواد المسجد، ويجري معهم حوارات ومناقشات، فأصبحوا أصدقاءه الدائمين الذين يحرص على لقائهم كل أسبوع : «زاد إعجابي بالشيخ الأزهري عندما شاهدت صورته وهو يصافح كلبا، والصورة تنطق بمعانٍ كثيرة أهمها الرفق والرحمة، وتصفع غابة من المشايخ المتشددين، الذين رسخوا في الأذهان أن الكلاب نجسة، وإذا دخلت بيتا جاءت معها الشياطين وطردت الملائكة، وأعلنوا الحرب على الكلاب وكأن بينهم ثأرا، ورغم أنني لست من هواة اقتناء الكلاب، إلا أن حميمية الشيخ الأزهري في مصافحة الكلب، وردود الفعل الصاخبة التي أعقبتها، تزيح الستار عن «عُقد» كثيرة أصابت العباد: العقدة الأولى: هي الحقد والغل والكراهية، حتى على الكلب الذي يصافحه الشيخ، فأحد رواد التواصل الاجتماعي يتساءل: وهل إذا وجد الشيخ مواطنا فقيرا يصافحه مثل الكلب، وثان يقول «دا كلب ابن عز مش من بتوع الشوارع»، وثالث يقول «يا ريتني كنت كلب عشان الشيخ يرضى عني».. وبقية التعليقات تكشف مدى التوتر النفسي الذي أصاب الناس، فإذا وصل الحقد على الكلاب إلى هذه الدرجة، فما بالنا بالأغنياء وأصحاب الثروات؟ العقدة الثانية هي التدين الشكلي الخاطئ، وإغراق العباد في جدل فقهي لا ينفعهم».

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Deutschland:

    ثورة يناير التي قامت ضد الظلم والفساد ستعود مرات لان الظلم والفساد ينخر في المجتمع وتناحة قبطان السفينة وغباؤه سوف يدمرها .
    سمة البطش هي سمة مبارك وتعلم تلميذه علي يديه ولذلك أخرجه من سجنه مع رجاله الاشاوس الذين قتلوا وسرقوا شعبهم ولذلك ستقوم الثورات وستشتعل وهذه المرة لن يفلت أحد منهم فلقد تعلم الثوار الدرس .

إشترك في قائمتنا البريدية