تونس – «القدس العربي» من حسن سلمان: اعتبرت «الجبهة الشعبية» أن تونس على أبواب ثورة أو انفجار اجتماعي، مشيرة إلى أن حكومة «تصريف الأعمال» التي يقودها الحبيب الصيد ما زالت عاجزة عن تحقيق أغلب المطالب الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، كما أكد أنها ما زالت تتصدر المعارضة في تونس، مشيرة إلى أن «حراك تونس الإرادة» لا يملك مستقبلاً سياسياً وأن محاولة «توريث» الرئيس الباجي قائد السبسي الحكم لابنه تسبّبت بـ»انفجار» حزب «نداء تونس».
وقال النائب والقيادي البارز في «الجبهة» الجيلاني الهمّامي إن الأزمة الاقتصادية تفاقمت في تونس بعد الثورة و»الحكومة غير قادرة على تلبية المطالب الاجتماعية المتعددة وخاصة في الجهات المحرومة، لأنها لم تقم بالإصلاحات الضرورية في مجال الجباية حتى توفر لنفسها الاعتمادات الضرورية لتغطية هذه المطالب، لذلك فالأزمة الاقتصادية تضع الدولة الآن في موقف صعب، فهي لا تستطيع تمويل المطالب الاجتماعية ولم تتمكن من خلق مواطن شغل (فرص عمل) ضرورية، لذلك ارتفعت نسبة البطالة وتراجعت المقدرة الشرائية والخدمات الضرورية في الصحة والتعليم وغيرها».
وأضاف في تصريح خاص لـ«القدس العربي»: «كل المؤشرات تؤكد أن الوضع الاجتماعي في تونس على درجة عالية من الاحتقان، فهناك احتجاجات وإضرابات وعادت مجدداً تقاليد الإضراب عن الطعام وخاصة بالنسبة للشباب العاطل عن العمل، وحكومة الحبيب الصيد هي أقرب لحكومة «تصريف أعمال» لأنها، رغم حجم العمل الكبير الذي تقوم به، إلا أن نوعية هذا العمل لا يمكن أن تكون فاعلة في مواجهة الصعوبات والمشكلات الاجتماعية، فلذلك يُتوقع أن تتسبب أي حادثة في أي من الجهات باندلاع تحركات أوسع وربما انفجار اجتماعي، وهذا الأمر تُجمع عليه أغلب الأطراف في تونس».
وقرر البرلمان الثلاثاء مساءلة رئيس الحكومة الحبيب الصيد إثر انتحار الشاب رضا اليحياوي احتجاجاً على حذف اسمه من قائمة المنتدبين للعمل في ولاية القصرين (غرب).
وتسببت حادثة وفاة اليحياوي في حالة احتقان كبيرة دفعت الجيش لحماية مقر والي «القصرين»، واضطرت رئيس الحكومة لإقالة المعتمد الأول (مدير المنطقة) في الولاية، فيما اعتبرت النائبة عن حزب «التيار الديمقراطي» سامية عبو أن رئيس الحكومة «أخطأ» بتعيينه لمعتمد في «القصرين» تحوم حوله شبهة فساد، مشيرة إلى أن المعتمد المُقال الذي «ينتمي للمنظومة السابقة للفساد، لم يكتف بالتلاعب بقائمة المنتدبين بل عمد كذلك إلى سرقة دراجتين كان تم توجيههما لأطفال العائلات المعوزة في القصرين».
من جانب آخر، اعتبر الهمامي أن الانقسام الحاصل داخل «نداء تونس» هو «أمر طبيعي نتيجة لطبيعة تركيبة هذا الحزب الذي حاول تجميع أطياف متعددة وخاصة التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ومجموعات أخرى كانت تحوم حوله، وجميع الأطراف التي دخلت إلى هذا الحزب جاءت إليه من موقع المصلحة والعودة للحكم مجدداً، وبطبيعة الحال بعد النجاح في الانتخابات اختلفت المقاربات وأصبحت كل مجموعة تعمل من أجل أن يكون لها السبق في التواجد بالحكومة، مما خلق تزاحماً على المواقع والمسؤوليات داخل الدولة وهو ما عجل بانفجار هذا الحزب، علماً أن النقطة التي أفاضت الكأس هي محاولة رئيس الدولة توريث الحكم لابنه».
وكان الأمين العام والناطق باسم «حراك تونس الإرادة» عدنان مَنصر أكد قبل حوالي أسبوع لـ»القدس العربي» أن حزبه لا يسعى لمنافسة «الجبهة الشعبية» (أكبر تكتل معارض) على قيادة المعارضة التونسية، متسائلاً «ومن يعتبر الجبهة الشعبية قائدة المعارضة أصلاً؟».
وعلّق الهمامي على تصريحات منصر بقوله «مع الاحترام لحزب حراك تونس الإرادة وجميع الناشطين فيه، إلا أنني لا أعتقد أن لديه مستقبلاً سياسياً كبيراً، ولا أعتقد أنه سيكون بديلاً سواء للحكم أو لتصدر المعارضة في تونس».
وأضاف «أما فيما يتعلق بتصدر المعارضة، فالحكم في ذلك لا يخضع لإرادة هذا أو ذاك، بل إن المعطيات الواقعية تؤكد أن الجبهة الشعبية برهنت حتى الآن أنها هي التي تتصدر المعارضة في تونس، ليس بالنظر إلى حجمها أو عدد أنصارها أو نوابها في المجلس وإنما للحركية والديناميكية الكبيرة التي تتميز بها في معارضة الحكم سواء في الشارع أو داخل البرلمان، ولكن يمكن تفهّم ما قاله منصر من موقع المنافسة فقط».
وتابع «من جهة ثانية، فالجبهة منفتحة للتعاون مع جميع الأطراف السياسية التي تتبنى خيارات وطنية وشعبية في المجال الاقتصادي والاجتماعي، وخيارات ديمقراطية في المجال السياسي، كما أنها تتعاون مع جميع الأطراف حول المهمات التي من الممكن إنجازها للحفاظ على المكاسب التي أفرزتها الثورة ومن أجل المطامح التي ما زالت معلقة حتى الآن».