رام الله ـ «القدس العربي»:بعد إخلاء المستوطنين اليهود من المنازل الفلسطينية الثلاثة التي اقتحموها بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الخليل قالت مصادر في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في نهاية الأسبوع، إنه يمكن للمستوطنين العودة إلى البيوت بعد «ترتيب كافة التصاريح».
وأضافت هذه الجهات ان « نتنياهو يقدر المستوطنين ويؤكد الالتزام باحترام القانون وفي هذه الحالة لم يتم ترتيب التصاريح وفي اللحظة التي سيتم فيها ذلك يمكن للمستوطنين العودة إلى البيوت كما حدث في حالات مشابهة سابقا. نتنياهو يدعم وزير الأمن وقوات الأمن ويدعو إلى تهدئة الأجواء».
في هذا السياق يستعد الائتلاف الحكومي إلى احتمال الخسارة في التصويت الذي سيجري في الكنيست اليوم الاثنين، في أعقاب إعلان نواب من اليمين أنهم سيقاطعون التصويت على انتزاع الثقة عن الحكومة وعلى مشاريع قوانين حكومية احتجاجا على إخلاء المستوطنين من البيوت الثلاثة. واوضح بتسلئيل سموطريتش من البيت اليهودي واورن حزان من الليكود انهما قد لا يشاركان في التصويت.
وقال نائب من الائتلاف الحكومي لم يقرر بعد ما إذا سينضم إلى هذه الخطوة ان «نواب الليكود يتخوفون من المشاركة في خطوة بعيدة المدى لأنه ستجري خلال الأسابيع القريبة جولة من التعيينات في الحكومة ولجان الكنيست وكذلك انتخاب نائب لرئيس الكنيست ولا يريد أحد التسبب بالغضب لنتنياهو كي لا يمس بفرص تعيينه».
ويتخوف الائتلاف من عدم قدرته على تجنيد غالبية لدعم مشاريع القوانين الحكومية وصد مقترحات نزع الثقة، رغم ان الفشل سيكون رمزيا فقط ومن غير المتوقع ان يؤدي إلى إسقاط الحكومة. وفي السياق دعا النائب ايتان بروشي من المعسكر الصهيوني حزبه إلى التعاون مع الحكومة وعدم السماح بسقوطها في التصويت. وحسب رأيه «يجب على المعسكر الصهيوني منح شبكة أمان للحكومة أمام اليمين المهووس طالما تعمل الحكومة على تعزيز الأمن والعملية السياسية».
بدورها أدانت وزارة الخارجية بشدة الهجمة الإسرائيلية الاستيطانية الممنهجة في أرض دولة فلسطين خاصةً ما تتعرض له البلدة القديمة في مدينة خليل الرحمن والتي كان آخرها اقتحام قطعان المستوطنين لمنزلين والسيطرة عليهما بالقوة وتحت حراسة وحماية جيش الاحتلال. واعتبرت وزارة الخارجية تأكيدات بنيامين نتنياهو ومكتبه على دعم عودة المستوطنين إلى تلك المنازل بغطاءات قانونية واهية محاولة مكشوفة وتبادل أدوار مفضوحا بين المستوى الرسمي في إسرائيل والمستوطنين المتطرفين كحلقة في مسلسل التهويد التدريجي للبلدة القديمة في الخليل وطرد مواطنيها الفلسطينيين منها.
ويتزامن التصعيد الاستيطاني في القدس والخليل والأغوار وغيرها مع الانتقادات الدولية الواسعة لسياسة إسرائيل الاستيطانية تلك السياسة التي تقوض حل الدولتين وتنشر نذر الحرب الدينية في المنطقة وتجسد رغبة الحكومة الإسرائيلية في تكريس الاحتلال عبر خطوات أحادية الجانب، تفرض واقعاً وشكلاً جديداً للحل النهائي حسب الرؤية الإسرائيلية.
واعتبرت الخارجية أن استهتار الحكومة الإسرائيلية بانتقادات المجتمع الدولي وتمردها على القانون الدولي يفرض على العالم كافة إعادة تقييم مقاربته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باتجاهات أكثر صرامة ووضوحاً لإلزام إسرائيل كقوة احتلال بإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين، ووقف استيطانها وخطواتها أحادية الجانب. وتعمل الوزارة وبالتنسيق مع الأشقاء والأصدقاء والجهات الدولية المعنية لإستصدار قرارات أممية فاعلة لوقف الاستيطان وعقد مؤتمر دولي للسلام والإسراع في تفعيل نظام الحماية الدولية لشعبنا.
وعلى الأرض أيضاً وبعد حوالى 50 سنة من منع الفلسطينيين من دخول أراضيهم في منطقة غور الأردن التي تم إعلانها منطقة عسكرية مغلقة بعد الاحتلال عام 1967 ينوي جيش الاحتلال الإسرائيلي تقليص المساحة المغلقة وإعادة قسم من الأراضي لأصحابها كي يتمكنوا من زراعتها. لكن هناك 14 قسيمة من هذه الأراضي التابعة للفلسطينيين تخضع اليوم لسيطرة المستوطنين الذين سمح لهم الجيش بزراعتها منذ سنوات الثمانينيات. ولم يتقرر بعد ما الذي سيتم عمله بالنسبة لهذه القسائم.
وتم الكشف عن هذا القرار في إطار الرد الذي قدمته الدولة إلى المحكمة بعد قيام اصحاب الأراضي بتقديم التماسات يطالبون فيها باستعادة أراضيهم إثر قيام صحيفة «هآرتس» قبل ثلاث سنوات بنشر تقرير حول الموضوع.
وكان الجيش الإسرائيلي قد اعلن عن المنطقة الممتدة بين السياج الحدودي ونهر الأردن منطقة عسكرية مغلقة بعد حرب الأيام الستة بمزاعم أمنية. ولكن «هآرتس» نشرت في كانون الثاني 2013 تقريرا كشف أنه تم تسليم مساحة 5000 دونم من هذه الأراضي للمستوطنين بموجب أمر عسكري. وفي أعقاب نشر التحقيق قدم أصحاب الأراضي التماسات إلى المحكمة العليا يتعلق أحدها بقسائم تقع بالقرب من مستوطنتي «محولة» و»شدموت محولة». وطلب الملتمسون بواسطة المحامي توفيق جبارين إخراج المستوطنين من أراضيهم والسماح لهم بالعودة لزراعتها.
وفي الأسبوع الماضي قدمت دولة الاحتلال ردها إلى المحكمة ويتضح منه انه سيتم إلغاء المنطقة العسكرية الواقعة إلى الغرب من السياج الحدودي وسيتم إعادة 14 قسيمة من الأراضي الواقعة هناك وغير المستغلة حاليا إلى أصحابها لكن لم يتضح الموقف بشأن القسائم التي يقوم المستوطنون بزراعتها منذ عشرات السنوات.
وتحاول سلطات الاحتلال في السنوات الأخيرة إقناع أصحاب هذه الأراضي بتأجيرها للإدارة المدنية لكنهم رفضوا. وقالت سلطات الاحتلال انها «ستتحدث مع أصحاب الأرض ومع من يزرعونها في محاولة للتوصل إلى حل سلمي». ويفترض بالدولة تبليغ المحكمة خلال ثلاثة أشهر بما تم التوصل اليه.
يشار إلى ان الدولة أرفقت ردها إلى المحكمة بوثيقة كتبتها المحامية فليئة ألباك التي كانت نائبة للنائب العام في سنة 1988 والتي حذرت من تسليم الأراضي للمستوطنين. وطالبت بوقف ذلك الإجراء وأمرت بإخلاء المستوطنين من الأراضي التي تم تسليمها لهم من قبل قيادة المنطقة الوسطى خلافا لأمر سابق يمنع ذلك.
وقال المحامي توفيق جبارين الذي يترافع عن قسم من أصحاب الأراضي ان «الدولة اعترفت في ردها هذا بقيامها بعمل غير قانوني لكنها لم تقرر بعد ما الذي ستفعله. ليس هناك ما يمكن الحديث عنه معنا فنحن نريد استعادة الأرض».
فادي أبو سعدى