التعهد باعدام مرسي بين خطيئة الزند ومأزق السيسي

حجم الخط
24

جاءت تصريحات وزير العدل المصري أحمد الزند التي تعهد فيها بإعدام الرئيس المعزول محمد مرسي بمجرد صدور حكم نهائي بات ضده لتعمق من تعقيدات مشهد معقد بالفعل، وتكشف ارتباك بعض اركان النظام وتقلصاته.
من جهة الشكل فلم يمكن ممكنا ان يكون التصريح اسوأ. (اقسم بالله العظيم هانعدمهم) هذا ما قاله تحديدا الوزير، وكأنه يتحدث عن ثأر شخصي او خناقة في شارع، وليست عملية قانونية حرجة محكومة بنصوص دقيقة وتخضع لقرار اعلى لمحاكم في البلاد اولا ثم تقدير رئيس الجمهورية الذي يملك القدرة على التصديق او العفو حسب الصلاجية المقررة في الدستور.
ويأتي هذا القسم بعد اسبوعين فقط من قسم آخر اطلقه «نائب» برلماني في الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب على الهواء ايضا، لكنه كان بـ «الطلاق» على انه لن يؤدي القسم الدستوري الذي يعني ضمنيا الاعتراف بثورة يناير.
وبالنسبة للوزير فان الجريمة افدح اذ انه عضو في حكومة يفترض انها تحافظ على مستوى لائق ومنضبط في الادلاء بالتصريحات السياسية.
اما من جهة الموضوع، فانه من المهم التوقف عند الابعاد القانونية والسياسية لهذا التصريح. ومن الواضح ان الوزير قد ارتكب مخالفة واضحة بالتعليق على احكام او قضايا مازالت منظورة امام القضاء، اما لم يصدر فيها اي قرار بالادانة اصلا مثل قضيتي التخابر مع قطر، واهانة القضاء، او احكام ادانة مازالت محل طعن ولم تصبح بعد نهائية او باتة.
ومن الصعب ان ينتقد الوزير الرئيس المعزول بزعم (انه فقد شرعيته باصداره «الاعلان الدستوري» واقالته للنائب العام)، ثم يرتكب هذه المخالفة التي تجعل القضاء يبدو كاداة انتقامية وتصفية الحسابات وليس لاقرار العدالة.
سياسيا، قد يظن البعض انه لا يوجد مبرر مباشر للادلاء بهذه التصريحات، خاصة من جهة الاعمال الإرهابية التي تراجعت بشكل ملحوظ وخاصة في القاهرة والمدن الكبرى مقارنة بالعام الماضي. إلا ان محكمة النقض كانت اصدرت احكاما متكررة خلال الشهور الاخيرة بالغاء احكام الادانة والسجن المؤبد والمشدد بحق عدد كبير من المتهمين بالانتماء إلى جماعة الاخوان، ومنهم قيادات من الصف الاول. ويبدو ان تلك الاحكام التي سعت فيها محكمة النقض غالبا إلى انقاذ سمعتها وتاريخها المعروف بالتشدد في فحص الاحكام اثارت قلقا بين «قيادات الفلول» التي يعد وزير العدل واحدا من ابرزها، ما دفعه للخروج بهذا التصريح في محاولة لاحراج الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان ادلى بتصريح في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي قال فيه»ان قرار التصالح مع الاخوان متروك للشعب المصري».
ومن المهم هنا الاشارة إلى ان السيسي كان اعلن اثناء تشييع النائب العام المستشار هشام بركات أنه لن يستخدم صلاحياته الرئاسية لتخفيف اي حكم ضد قيادات «الإخوان» وقال لكبار القضاة «اذا حكمتم بالاعدام سينفذ الاعدام».
ولا يستبعد مراقبون ان التصريح اراد ايضا قطع الطريق على جهود تجري وراء الكواليس بشأن التوصل إلى تسوية حول ملف الاخوان كجزء من صفقة شاملة قد تفرز تقاربا حذرا بين القاهرة وانقرة قبل انعقاد القمة الإسلامية المقررة في اسطنبول في شهر نيسان/ ابريل المقبل.
إلا انه ليس ممكنا التأكد من هكذا سيناريو خاصة ان تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري نفت بشدة وجود اي وساطة مع تركيا.
ايا كانت الأسباب فان الأضرار التي الحقتها تصريحات الزند بالنظام تبقى باهظة، بالنظر إلى مردودها في بعض الدول الغربية التي مازالت تشترط رؤية اجراءات عملية بشأن تحسين ملف حقوق الإنسان، وشفافية المحاكمات قبل تكريس التطبيع مع النظام المصري.
ومع عدم صدور اي تعليق او تعديل من الرئاسة أو الحكومة على تصريحات الزند، تتضح اكثر ملامح ازمة نظام لا يستطيع ان يحاسب وزيرا ارتكب هكذا خطيئة سياسية، تقوض مصداقيته وقد تفتح المجال للطعن دوليا على الاحكام.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حاتم لندن:

    نظام فاشل مرتجف يستمد استمراره من البلطجة وقمع المعارضين .. سقوط النظام حتميا ولا شك ..

  2. يقول يحي -السودان:

    مصر منذ 1954 تدار بالبلطجه والارهاب وتم تجذير الفساد والمحسوبيه والبلطجه في كل هياكل الدوله..
    مصر نظام بلطجه بما تعنيه الكلمه

  3. يقول زيد حسين - الجزائر:

    ما كان لينطق بمثل هذا الكلام لو لم يكن مرخصا له من قبل أصحاب القرار.
    الظاهر أن النية مبيتة لإعدام قيادات الإخوان ومثل هذه التصريحات تدخل في إطار التحضير لتنفيذ هذه الجريمة.
    تنصيب قيادة جديدة للتنظيم تدخل ضمن هذا السياق لتهميش القيادة الشرعية والتمهيد لتصفيتها من دون حدوث صدمة كبيرة لأتباع التنظيم.

  4. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    لقد تعرّى نظام ccوبدا واضح المعالم وتشخصت معالم قوته المستمدة من غير رحم الشعب …ومن معالم الظلم البواح والاعتداء على شرعية شعب نجد “وزير عدل” ينطق بالحكم قبل اصداره هذا دليل على أن كلّ شيء مطبوخ مسبقا لإرغام الشعب المصري القبول بأالأمر الواقع رغم مرارته واستبداده دون خوف ولا روية ….الدكتور “مرسي” -فك الله قيده- شخص له أجال وموعد لحياته لا يستطيع لا ccولا الند أن يقررا متى وأين ولكن الغباء السياسي يدفع بصاحبه لإرتكاب حماقات قد تظهر عيوبه في لحظة دون وعي منه ومن هذا فنقول رئيس مصر الشرعي “مرسي” قبل أن يعرف مكاتب الرئاسة ودواوينها قد وهب نفسه لله إمّا يعيش سعيدا مع أهله من المصريين الشرفاء أو يموت شهيدا في سبيل الدعوة إلى الله وفرضا نصدق كذبهم أنّه أخطأ في التسيير فلنا رد بسيط:
    1-هو بشر والبشر يصيب ويخطأ كما حال من جعلتهموه (…)
    2-كيف تحكمون على من لم يتجاوز عام في تسيير دفة حكم مصر وجرمتموه وحكمت عليه بالإعدام أمّا من حكمكم 30 سنة قهرا واستبدادا وفسادا وتجويعا قد براتموه (بكل بساطة إنّه من طينتكم الفاسدة)
    3-إن استشهد “مرسي” ففي مصر ملايين “مرسي”
    نختم بقول الله سبحانه وتعالى:((يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين))
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية