نواكشوط – «القدس العربي»: دعا خوان منديز، المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف قضايا التعذيب والمعاملات اللاإنسانية، السلطات الموريتانية «لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لتدارك وإصلاح ما تسببت فيه حالات الترحيل القسري، التي تمت خلال أحداث 1989 و1992، من خروقات لحقوق الإنسان».
وقال، في مؤتمر صحافي ختم به أمس زيارة خاصة لموريتانيا دامت عشرة أيام، إن «على السطات الموريتانية أن تصلح كل خلل في ملفها الإنساني، بما في ذلك إطلاق متابعات قضائية دولية في قضايا الجرائم التي اقترفت ضد الإنسانية في أحداث 1989 و1992 العرقية، وعلى رأسها جرائم التنكيل والتعذيب والترحيل القسري».
وأوضح خوان منديز، الذي التقى خلال زيارته المطولة بالسلطات الموريتانية وبجمعيات وهيئات حقوق الإنسان، أن «الإفلات من العقاب في الماضي يجب ألا يتكرر اليوم في حالات التعذيب المسجلة». وأكد المقرر الخاص أنه سيعمل «من أجل أن يجد ضحايا التعذيب والتنكيل كامل حقوقهم وأن يجدوا التعويضات المجزية عما لحق بهم».
وأعرب عن أمله في «أن تجد الحكومة الموريتانية حلولا لقضايا حقوق الإنسان تكون مثالا تحتذي به الدول الأخرى»، كما أعرب عن أمله في «أن تكون حلول قضايا حقوق الإنسان في الحالة الموريتانية، حلولا نهائية تستجيب لتطعات الضحايا». وقال: «إننا، في الأمم المتحدة، نتطلع لوجود ضمانات تنهي ممارسة التعذيب في موريتانيا، لأنه من المحرج لنا عدم التحقيق لحد الساعة في حالات التعذيب التي سجلت في السابق».
«لقد اشتكى البعض من إهمال الهيئات القضائية للتحقيق في قضايا التعذيب، كما أن هناك شكاوى من غياب تحقيقات الطب الشرعي في الشكاوى الخاصة بالتعذيب بطريقة مقنعة».
وتحدث خوان مندز، مطولا في مؤتمره الصحافي، عن انتزاع الاعترافات تحت التعذيب والضغط النفسي، مؤكدا أن «هذه الناحية تشكل مصدر قلق كبير».
وأشار المقرر الخاص إلى أن «القوانين الخاصة بالتعذيب والممارسات غير الإنسانية موجودة لكنها غير مطبقة»، ودعا لتفعيلها.
وإلى جانب ما أعرب عنه المقرر الخاص من ارتياح للتطور الكبير الذي شهدته التشريعات القانونية الخاصة بالتعذيب في موريتانيا، دعا «السلطات القضائية الموريتانية إلى تفعيل هذه التشريعات بما يؤمن وجود ضمانات تقف في وجه ممارسة التعذيب وتحمي المواطنين منه».
وتوقف خوان مندز عند وجود سجون سرية في موريتانيا منبها «لخطورة ذلك «، كما لفت النظر «لاكتظاظ السجون ولعدم ملاءمتها لظروف الاعتقال المقررة دوليا»، حسب قوله. وضمن ملاحظات إيجابية ساقها المقرر الخاص عن واقع حقوق الإنسان في موريتانيا، أكد أن «قانون محاربة التعذيب والآلية الوطنية للوقاية منه يشكلان ميثاقا رائعا سيجعلان موريتانيا مثالا يحتذى به في حال تنفيذهما على أرض الواقع».
وشكر مقرر الأمم المتحدة الخاص، المعني بالتعذيب والممارسات المهينة، الحكومة الموريتانية على وفائها بكل تعهداتها في مجال تسهيل زيارته، التي جاءت تلبية بدعوة منها، حيث سمح له بتفقد مختلف الأماكن التي طلبها بدون قيد أو شرط.
وقال إنه لم يجد أية عقبات أثناء زيارته لموريتانيا، التي التقى خلالها بشكل منفرد، بنزلاء السجون والموقوفين، مشيرا إلى أن الكثير منهم أكدوا له أنهم لم يتلقوا معاملة سيئة، مطالبا في الوقت نفسه بمواصلة العناية بنزلاء السجون. وأكد خوان مندز أن موريتانيا «قطعت خطوات هامة في اتجاه القضاء على الممارسات الاستعبادية، واعتمدت قوانين تجرم هذه الممارسات، مع قيامها بخطوات هامة في مجال القضاء على العنف الأسري، والممارسات المهينة في حق المرأة»، وهي أمور أكد المقرر الخاص أنها «تستحق الثناء والإشادة».
وكان المقرر الخاص قد تفقد، خلال زيارته لموريتانيا التي بدأت في الخامس والعشرين من الشهر المنصرم، السجون ومواقع التوقيف، كما تباحث مطولا مع هيئات حقوق الإنسان وجمعيات ضحايا التعذيب والمعاملات اللاإنسانية.
وقام خوان مندز بزيارات مفاجئة للسجون ولمراكز حبس الأطفال ولسجون النساء في عدة مدن موريتانية.
وسيقدم خوان مندز تقريرا لمجلس حقوق الإنسان وللجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها المقبلة، عن حالة التعذيب وأوضاع حقوق الإنسان في موريتانيا.
عبد الله مولود