لندن – رويترز: على عكس اجتماعات سابقة لمنظمة أوبك شهدت صراعات كان يصعب معها التنبؤ بالنتائج، لن يكون الاجتماع المزمع في الأسبوع القادم مبعث قلق بالنسبة لتجار النفط. وتقول الوفود المشاركة في اجتماع المنظمة إن هناك فرصة كبيرة لاستمرار سياسة الإنتاج الحالية دون تغيير. ومن ثم لم يعد الاجتماع الذي يعقد في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري من ضمن عوامل المخاطرة التي يتابعها المتعاملون عن كثب. وأحد أسباب ذلك أن سعر مزيج برنت الخام قريب جدا من السعر الذي تفضله السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، وهو عند 100 دولار للبرميل. ورغم ارتفاع السعر بالمعايير التاريخية إلا أنه أقل من مستوى 125 دولارا للبرميل الذي أثار قلق كبرى الدول المستهلكة للخام في العام الماضي. وفي الواقع فإن ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة – التي مازالت أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم متقدمة على الصين – قد أنعشت آمال المستوردين باحتمال توقف الاتجاه الصعودي لأسعار الوقود والذي استمر على مدار العقد المنصرم. وارتفع المتوسط السنوي الاسمي للسعر العالمي لأكثر من أربعة أمثاله في عشر سنوات من 25 دولارا في 2002 إلى 111 دولار في 2012، وانخفض متوسط السعر منذ بداية العام ولكن قليلا. وتجاوز سعر مزيج برنت 102 دولار بقليل يوم الجمعة. وتوقع تقرير لوكالة الطاقة الدولية في وقت سابق من العام أن تسهم إمدادات الغاز الصخري الأمريكي في تلبية معظم الطلب العالمي الجديد في السنوات الخمس المقبلة، ونتيجة لذلك لن تجد أوبك مجالا لرفع الإنتاج دون المخاطرة بهبوط الأسعار. وقال شكيب خليل الذي شغل منصب وزير النفط في الجزائر بين عامي 1999 و2010 ‘أوبك في وضع صعب. يتراجع الطلب على نفط المنظمة في حين يلبي آخرون من خارج أوبك الزيادة في الطلب.’ وقال كريستوف رول كبير الاقتصاديين في بي.بي إن زيادة الامدادات في أمريكا الشمالية ستؤدي لانخفاض الطلب على نفط أوبك حتى نهاية العقد وتعزيز الطاقة الفائضة لديها. وتابع ‘تواجه أوبك وضعا صعبا بالفعل.’ وقبل عام هونت أوبك من زيادة إنتاج الغاز الصخري قائلة إنه ليس مبعث قلق يذكر. وقال وزير النفط الكويتي المستقيل هاني حسين إن المنتجين سينتظرون مزيدا من الأبحاث للتعرف بصورة أفضل على تأثيره. وقال نظيره الفنزويلي رفاييل راميرز ‘لست قلقا على الاطلاق .. إنها مجرد توقعات.’ وبنهاية العام سجلت الولايات المتحدة أكبر زيادة سنوية في إنتاج النفط منذ أن بدأت في إنتاج الخام عام 1860. وبلغت الزيادة 850 ألف برميل يوميا، وهي أكبر من إنتاج قطر والاكوادور – أصغر منتجين في أوبك – معا. وبعض الزيت الصخري المنتح هو الأعلى تكلفة على مستوى العالم، غير أن السعودية – التي تمتلك معظم الطاقة غير المستغلة في أوبك – لم تبد أي إشارة لزيادة الانتاج سعيا لكبح إنتاج الغاز الصخري نظرا لعدم جدواه اقتصاديا. وعلى العكس أشاد وزير البترول السعودي علي النعيمي في كلمة في واشنطن العام الماضي بالنهضة في قطاع الطاقة في الولايات المتحدة ووصفها بأنها ‘أنباء طيبة’. وأكثر الدول الأعضاء في أوبك تأثرا بإنتاج النفط الصخري الأمريكي هي تلك التي تعتمد بشكل كبير على التصدير إلى الولايات المتحدة. ولهذا ضغطت زيادة الإمدادات الأمريكية على صادرات نيجيريا والجزائر للسوق الأمريكية ودفعتهما لخفض الأسعار وبيع كميات أكبر في أسواق أخرى. ويقول مندبون في أوبك إن اجتماع المنظمة التي تضم 12 دولة سيبقي على سقف الانتاج عند 30 مليون برميل يوميا. وقال مندوب من دولة خليجية ‘مازال السعر معقولا ولم ينزل عن 100 دولار. لذا يبدو الأمر جليا .. الابقاء على سقف الانتاج الرسمي وإدخال تعديلات غير رسمية إذا لزم الأمر.’ وستظل السعودية تقوم بدورها في توجيه السوق للأجل القصير. وكانت السعودية قد خفضت إنتاجها من عشرة ملايين برميل يوميا – وهو أعلى مستوى في 30 عاما – إلى 9.3 مليون برميل يوميا في نيسان/ابريل. وبهذا يبلغ إنتاج أوبك 30.46 مليون برميل يوميا متمشيا مع توقعات المنظمة لمتوسط الطلب على خاماتها في النصف الثاني من العام. وكانت أوبك في السابق مبعث قلق أكبر لشركات تجارة النفط. ففي أوائل القرن الحالي وصل عدد الاجتماعات السنوية إلى سبعة، في حين تكتفي المنظمة باجتماعين حاليا. كما كانت كثيرا ما تلجأ إلى قرارات مفاجئة في محاولة للتحكم في سوق النفط. لكن قد لا تغيب المنظمة عن صدارة العناوين الرئيسية للأخبار لفترة طويلة. فقد يشهد العام المقبل انخفاضا للطلب العالمي على نفط أوبك. ويقول مندوبون إن ذلك قد يبرر خفض الامدادات. وقال مصدر بارز في أوبك ‘سنواجه مشكلة في 2014 وربما نضطر لخفض الامدادات .. إذا قررت أوبك استباق الأحداث فسنبدأ في مناقشة حصص الإنتاج لكل دولة بجدية.’ وعجزت أوبك لسنوات طويلة على الاتفاق علي حصة إنتاج كل دولة، لكن قد تحتاج للتوصل لمثل هذا الاتفاق إذا كان عليها إجراء تخفيضات كبيرة وتوزيعها على الدول الأعضاء. كما أخفقت أوبك في اختيار أمين عام جديد للمنظمة بعد أن تقدمت كل من السعودية وإيران والعراق بمرشح ليخلف الليبي عبد الله البدري ولم يحصل أي منهم على الإجماع المطلوب.