في منتصف عام 2014 كانت السعودية تبيع نفطها بأكثر من 100 دولار للبرميل الواحد، بينما هوت الأسعار في الأسابيع الأخيرة إلى ما دون الثلاثين دولاراً، ورغم ذلك فلا يوجد ما يدفع إلى الاعتقاد بأن المملكة ستعاني من أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، بسبب انهيار أسواق النفط، وهو ما ينسحب أيضاً على دول الخليج كافة، التي تعيش أوضاعاً اقتصادية جيدة، خلافاً للحال الذي عليه كل من العراق والجزائر.
اقتصاد السعودية هو الأكبر والأهم عربياً، فضلاً عن أن المملكة تنام على أكبر احتياطي نفطي، وأكبر احتياطي نقدي في العالم، وهو اقتصاد عملاق لا ينسحب عليه ما ينسحب على غيره من اقتصادات العرب الصغيرة، ومن يريد أن يفهم حجم الاقتصاد السعودي فيكفيه أن يعرف أن موازنة المملكة لعام 2015 (263 مليار دولار) تعادل موازنة اليمن أو الأردن لعشرين سنة مقبلة، وتعادل موازنة البحرين لأكثر من 26 سنة، كما تعادل موازنة تونس لنحو 19 سنة، ما يعني في النهاية أننا أمام اقتصاد عملاق تختلف الحسابات بشأنه عن غيره.
من يعرف ويفهم الاقتصاد السعودي يستبعد تماماً أن يؤدي الانهيار الحالي في أسعار النفط إلى أزمة، حتى مع إضافة أعباء الحرب في اليمن على الاقتصاد، وهي مكلفة بكل تأكيد، لأن السعودية اشترت أسلحة العام الماضي بأكثر من ثمانية مليارات دولار، واحتلت المركز الثامن عالمياً على قائمة الدول الأكثر انفاقاً على التسلح، ومع ذلك كله فإن اقتصاداً بحجم المملكة يصعب أن ينزلق إلى أزمة بسبب هذه الطوارئ.
ثمة العديد من الأدلة والقرائن والمؤشرات التي تدفع إلى الاعتقاد بأن اقتصاد السعودية في مأمن من الانزلاق إلى أزمة بسبب انهيار أسعار النفط، هذا مع الاعتراف بأن العديد من القطاعات في المملكة، ومن بينها أسواق المال، قد تعاني من بعض المتاعب خلال الشهور، وربما السنوات المقبلة. أما أبرز وأهم هذه القرائن فهي كالتالي:
أولاً: تنام السعودية على أكبر احتياطي نقدي في العالم، (700 مليار دولار كما هو في نهاية 2014)، وهو احتياطي يمكن أن يغطي العجز في الموازنة لمدة تتراوح بين 7 و10 سنوات، على اعتبار أن العجز المسجل عام 2015 سوف يستمر على حاله، وهو أمر أقرب إلى المستحيل، إذ أن السعودية ستعود إلى توفير الفوائض المالية قريباً.
ثانياً: العجز المالي المسجل في السعودية خلال 2015، والمتوقع تسجيله في 2016، تبلغ نسبته نحو 10٪ إلى 11٪ فقط، بينما كان اقتصاد السعودية يسجل عجزاً متوسطه 52٪ خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وبلغ ذلك العجز ذروته عام 1991 إبان حرب الخليج، عندما وصل إلى 77٪ من الموازنة، ومع ذلك لم ينزلق اقتصاد السعودية إلى الانهيار، بل لم يواجه أزمة عميقة بسبب أن الاقتصاد ذاته كان وما يزال أعمق من هذه الأعباء.
ثالثاً: عام 1997 كانت المديونية العامة للسعودية قد بلغت مستوى قياسياً (في أعقاب انهيار أسعار النفط)، حيث بلغت ما نسبته 117٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى مشابه لمديونيات الدول الأوروبية المأزومة اليوم (اليونان والبرتغال واسبانيا)، ورغم ذلك لم تسبب هذه المديونية الثقيلة أزمة كبيرة للمملكة. أما اليوم فمديونية السعودية العامة تبلغ 1٪ فقط من الناتج المحلي للبلاد، وهي في هذا المجال هي الأفضل عربياً، ومن بين الأفضل والأكثر رخاء على مستوى العالم.
رابعاً: في أواخر عام 1997 انهارت أسعار النفط مدفوعة بمجموعة من العوامل في ذلك الوقت، فهبطت عن مستويات العشرة دولارات، وكانت إيرادات النفط تستحوذ على أكثر من 90٪ من حجم الاقتصاد في السعودية، ومع ذلك لم يتسبب ذلك بانهيار في اقتصاد المملكة، وإن كانت السعودية قد واجهت بعض المتاعب في ذلك الحين. أما اليوم فبرميل النفط يترنح حول الثلاثين دولاراً، والنفط تراجع حجمه بالنسبة لاقتصاد السعودية ليصبح نحو 70٪ بدلاً من 90٪، أي أن أهمية النفط تراجعت وتم تنويع الاقتصاد المحلي السعودي، وفي الوقت ذاته لم تتراجع الأسعار لتصل إلى مستويات عام 1997 و1998.
خامساً: خلال سنوات الطفرة النفطية كانت السعودية تبني موازنتها على أساس أسعار نفط متدنية من باب التحوط، فكانت تفترض بأنها ستبيع البرميل بسبعين دولاراً عندما كانت تبيعه بــ100 دولار في السوق، وكانت حينها تسبح في فوائض مالية، بعضها تحول إلى احتياطات نقدية، والبعض الآخر أحيل إلى صندوق الاستثمارات السيادية، وهو واحد من بين أكثر من عشرة صناديق استثمارات سيادية في العالم (الى جانب صندوق أبوظبي وصندوق قطر)، وهذه الصناديق تمثل مصادر إيرادات لاقتصادات الخلـــيج لا تقل أهمية عن الكثير من الموارد الأخرى، بما فيها الموارد الطبيعية.
خلاصة القول إنه لا يوجد مطلقاً ما يدعو إلى القلق إزاء الاقتصاد السعودي بسبب أزمة انهيار أسعار النفط الراهنة، على الرغـــم من التوقعات بشأن استمرار الهبوط في البــــورصة وبعض التراجع في القطاعات الاقتصادية المختلفة وبعض المتاعب الاقتصادية، إلا أن النظرة العامة للاقتصاد الكلي تظل إيجابية، ولدى السعودية مقومات وإمكانات تجعل من المستبعد تماماً أن تنزلق إلى أزمة خانقة.
٭ كاتب فلسطيني
محمد عايش
اولا ال700 مليار التي يتكلن عليها الكاتب انخفضت ب 100 مليار هذه السنة لسد عجز الميزانية ثانيا كثرة التحالفات وشراء الذمم ستسارع في تاكل الاحتياط والمشكل الرئيسي معظم العمالة اجنبية حوالي 8مليون وهؤلاء لا يصرفون فلوسهم في المملكة بل يرسلونها الى الخارج واذا ارادت المملكة مثلا تطبيق الضرائب على الدخل فمعظمهم يغادر ولا توجد عمالة سعودية تعوض النقص مما يؤدي الى انهيار الاقتصاد وهل يظن الكاتب ان الدول التي دخلت تحالفات السعودية دخلت حبا في السعودية وقدراينا تخلي كل من مصر وباكستان عن السعودية في اليمن
الاحتياطي النقدي السعودي ليس الأكبر في العالم و انما ثالث اكبر بعد الصين و اليابان على التوالي .
البعض يقدر حجم الإحتياطيات بثلاثة تريليونات دولار .
الدول الغنية حقا هي الغنية بمواردها البشرية كما و نوعا