«هيومن رايتس ووتش» تتهم المغرب بـ«التقصير» في حماية النساء المعنفات و«الفشل» في منع العنف الأسري ومعاقبة المعتدين

حجم الخط
2

الرباط – «القدس العربي»: اتهمت منظمة حقوقية دولية السلطات المغربية بالتقصير في حماية النساء المعنفات وفشلت في منع العنف الاسري ومعاقبة المعتدين ودعت السلطات المغربية لتعزيز واعتماد مشاريع قوانين من شأنها توفير حماية أفضل لضحايا العنف الأسري.
وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية في رسالة وجهتها للحكومة المغربية إن الشرطة والنيابة العامة والقضاء وغيرها من السلطات كثيراً ما تفشل في منع العنف الأسري ومعاقبة المعتدين ومساعدة الناجيات وان ذلك يحصل جزئياً لأن القوانين لا تنص على كيفية تعامل المسؤولين مع العنف الأسري بشكل فعال.
واشارت المنظمة إلى أنها قابلت في ايلول/سبتمبر الماضي 20 امرأة وفتاة تعرضن للعنف الأسري. قلن إنهن تعرضن للّكم والركل والحرق والطعن والاغتصاب، وغير ذلك من أعمال العنف، على يد أزواجهن وشركائهن وأفراد آخرين من العائلة. كما قابلت محامين ونشطاء في مجال حقوق المرأة وممثلين عن منظمات تقدم الإيواء وخدمات أخرى للناجيات من العنف الأسري.
وقالت روثنا بيغم، باحثة حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش «العديد من النساء والفتيات يعانين من العنف الأسري بدون أن يحصلن على أي مساعدة من السلطات المغربية. وليس من شأن اعتماد وتنفيذ تشريعات قوية بخصوص العنف الأسري مساعدة الضحايا فحسب، بل كذلك تمكين السلطات من أداء مهامها».
وخلص بحث وطني أعدته «المندوبية السامية للتخطيط» سنة 2009 حول النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و65 سنة إلى أن الثلثين منهن – أي 62.8 في المئة – تعرضن لعنف جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي. وان 55 في المئة من مجموع النساء اللاتي شملتهن الدراسة تحدثن عن التعرض للعنف «الزوجي»، و13.5 في المئة عن التعرض للعنف «العائلي» وان 3 في المئة فقط من النساء اللاتي تعرضن للعنف الزوجي أبلغن السلطات عنه.
وقالت معظم الناجيات من العنف الأسري اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش إنهن حاولن الحصول على مساعدة الشرطة أو النيابة العامة أو المحاكم واوضح الكثير منهن إن أعوان الشرطة رفضوا تسجيل شهاداتهن، ولم يحققوا فيها، ورفضوا اعتقال المشتبه بتورطهم في العنف الأسري حتى بعد أن أمرتهم النيابة العامة بذلك وانه في بعض الحالات، كل ما فعلته الشرطة هو أنها طلبت من الضحايا العودة إلى من اعتدى عليهن.
واضاف التقرير انه في العديد من الحالات، ذهبت النساء إلى النيابة العامة ولكن المدعين لم يوجهوا أي تهم، ولم يتواصلوا مباشرة مع الشرطة، بل فقط قالوا للضحايا إن يرجعن إلى الشرطة ومعهن وثائق تطالب بفتح تحقيق واعتقال المعتدين وفي بعض هذه الحالات، لم تتابع الشرطة التحقيق، فتاهت النساء ذهاباً وإياباً بين الشرطة والنيابة العامة.
ونقلت «هيومن رايتس» عن محامين يشتغلون على قضايا العنف الأسري إنهم شاهدوا قضاة يطلبون أدلة غير واقعية، مثل إحضار شهود، وهذا في معظم الأحيان مستحيل لأن أغلب الاعتداءات تحصل خلف أبواب مغلقة.
وقالت روثنا بيغم «قالت بعض النساء إنهن ذهبن إلى مراكز الشرطة وهن يرتدين ملابس الليل ويعانين من نزيف في الأنف أو كسور في العظام أو كدمات في الجسم، لكن من دون أن يحصلن على أي مساعدة وكان على الشرطة مساعدتهن، وليس التملص من المسؤولية».
وقالت بعض النساء والفتيات إنهن لا يعرفن أماكن كثيرة يُمكن أن يقصدنها هرباً من العنف الأسري اذ ان هناك عدداً قليلاً من الملاجئ التي تقبل ضحايا العنف الأسري، تشرف عليها منظمات غير حكومية، وطاقة استيعابها محدودة ومواردها ضئيلة والقليل منها فقط يحصل على تمويل من الحكومة، وقال موظفون في أحد الملاجئ إن هذا التمويل لا يكفي حتى لتغطية مصاريف الأكل.
واشارت المنظمة إلى قيام المغرب بخطوات في اتجاه تبني إصلاحات قانونية لمواجهة العنف الأسري، وتوجد الآن 3 مشاريع قوانين قيد الدراسة. أحدها مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء، الذي يتضمن أحكاماً خاصة بالعنف الأسري، أعدته كل من وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية ووزارة العدل والحريات، وأُرسل لمجلس الحكومة للمراجعة في 2013. يخضع مشروع القانون الآن للتحديث، ولكنه لم يخرج للعلن بعد. كما توجد مشاريع قوانين أخرى ستُدخل تعديلات خاصة بالعنف ضد النساء على القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وستحدد هذه التعديلات جرائم العنف الأسري وقواعد الأدلة المتعلقة بها. في رسالة وجهتها إلى الوزارتين، عاينت هيومن رايتس ووتش وجود جوانب إيجابية في مشاريع القوانين، ولكن أيضا أحكاما قد تُرجع حقوق المرأة إلى الوراء إن تم تبنيها.
وابرزت الأحكام الإيجابية التي تضمنها مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء تلك المتعلقة بتدابير الحماية، مثل إبعاد المعتدي عن المنزل أو منعه من الاتصال بالضحية؛ تُعرف هذه التدابير بـ «الأوامر الزجرية» وتُوسع أحكام أخرى نطاق التنسيق بين وحدات الوكالات الحكومية المختصة في توفير حاجيات النساء والأطفال، من جهة، واللجان التي تعمل على شؤون المرأة والطفل من جهة أخرى.
وحثّت «هيومن رايتس ووتش» الحكومة المغربية على تحسين هذه المشاريع بإضافة إجراءات قضائية، طارئة أو على مدى أبعد، توفر الحماية للضحايا. يجب أن يتضمن مشروع القانون تعريفاً محدداً للعنف الأسري، وتحديد واجبات الشرطة والنيابة العامة والقضاء وغيرها من السلطات في قضايا العنف الأسري، وتجريم الاغتصاب الزوجي. وعلى الحكومة تقديم أو تمويل الخدمات الأساسية لضحايا العنف الأسري، بما يشمل الملاجئ.
وقالت ان بعض التعديلات المقترحة في القانون الجنائي قد تجعل وضعية النساء أسوأ. اذ حسب القانون الجنائي الحالي، مثلاً، يستفيد «رب الأسرة» من ظروف التخفيف، إذا قتل أو اعتدى على فرد آخر من العائلة وجده متلبساً في ممارسة الجنس خارج الزواج. لكن مشروع تعديل القانون يوسع مجال الاستفادة من ظروف التخفيف، من «رب الأسرة» فقط إلى «أي فرد» من العائلة ارتكب جريمة أو اعتداء في الظروف نفسها. على الحكومة إلغاء هذه الأحكام جملة وتفصيلاً.
ودعت «هيومن رايتس» الحكومة المغربية إلى ضمان مشاركة فعالة في مسار الإصلاح للمنظمات غير الحكومية وللناجيات من العنف الأسري واشارت إلى دعوات الوكالات وهيئات خبراء حقوق الإنسان الأممية المغرب مراراً إلى اعتماد تشريع خاص بالعنف الأسري. وقالت ان الاتحاد الاوروبي وافق سنة 2013، على تقديم دعم مالي لدفع مثل هذه الإصلاحات، بما يشمل هبة للمغرب قيمتها 45 مليون يورو لتنفيذ الخطة الحكومية 2006-2012 للمساواة بين الجنسين. لكن السلطات المغربية مازالت لم تحقق جميع أهدافها، ومنها اعتماد تشريع يتعلق بالعنف ضد النساء.
وقالت المنظمة ان حوالي 125 دولة تتوفر على قوانين تتعلق بالعنف الأسري اما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيقتصر الامر على 7 دول أو مناطق محكومة ذاتياً تتوفر على تشريعات أو قواعد تتعلق بالعنف الأسري: الجزائر، لبنان، الأردن، كردستان العراق، السعودية، البحرين.
وقالت روثنا بيغم: «على المغرب اتخاذ موقف أقوى من أجل سلامة المرأة وحقوقها. ولعل أفضل بداية هي اعتماد تشريع قوي ضد العنف الأسري».

محمود معروف

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الحكم - فرنسا:

    هذا في المغرب الذي يوصف عادة بالاستقرار و التسامح والانفتاح. أما في باقي البلدان العربية والإسلامية فحدث ولا حرج: جرائم الشرف والتحرش بالفتيات والنساء و زواج القاصرات وتعدد الزوجات ومنع النساء من الخروج من البيت و من سياقة السيارات ومن السفر بدون إذن الزوج أو الأب… ويبدو أن هيومن رايتش لا تعاين تعنيف النساء وهضم حقوقهن إلا في المغرب رغم أن الكل في الهم شرق.

  2. يقول عبد الكريم البيضاوي . السويد:

    ” … حسب القانون الجنائي الحالي، مثلاً، يستفيد «رب الأسرة» من ظروف التخفيف، إذا قتل أو اعتدى على فرد آخر من العائلة وجده متلبساً في ممارسة الجنس خارج الزواج. لكن مشروع تعديل القانون يوسع مجال الاستفادة من ظروف التخفيف، من «رب الأسرة» فقط إلى «أي فرد» من العائلة ارتكب جريمة أو اعتداء في الظروف نفسها…”

    ” أي فرد من العائلة ” هل يقصدون كذلك ل ” ربة الأسرة” الإستفادة من ظروف التخفيف إن وجدت ” رب الأسرة ” متلبسا في عملية الجنس خارج نطاق الزوجية ؟ هي كذلك فرد من تلك الأسرة, أليس كذلك؟
    غموض غير مبرر, ومسألة التخفيف بمجملها في غير مكانها, قد يغيض ويجن أحدهما على الآخر عند حدوث عملية الخيانة, من هناك إلى عملية القتل مسافة طويلة جدا جدا. القانون وحده من يفصل بين الناس. يظهر كما لو أن المشرع يتكئ شيئا على قوانين الشريعة الإسلامية , لكن بصفة غير واضحة. الحكومة إسلامية في أغلبيتها , الوزير والوزيرة اللذان يهمهما الأمر إسلاميان, لكن مادور الأحزاب المتبقية الأخرى في الحكومة؟ أين آراؤهم من عملية القتل والتخفيف هذه؟

إشترك في قائمتنا البريدية