«إخوان» الأردن والرسائل المتناقضة مجدداً: استرخاء و«كمون تكتيكي» على جبهة بني إرشيد ـ سعيد

عمان ـ «القدس العربي»: تستمر اللعبة الغامضة نفسها مع الإخوان المسلمين في الأردن بحيث لا اتجاهات جذرية ضدهم على مستوى جميع المؤسسات ولا أي مبادرات لاستقطابهم أو إعادتهم إلى مستوى التفاوض والحوار مع أذرع الدولة في الوقت نفسه.
مع حالة الصمت التي دخل فيها الرجل الثاني في الإخوان الشيخ زكي بني إرشيد بعد الإفراج عنه من السجن وجهت مجدداً «رسائل متناقضة» في المبنى والمعنى تجاه ملف الجماعة الأصلية في التيار الإخواني فيما دخلت تنظيماتها في حالة «الكمون التكتيكي» في إنتظار محطتين في غاية الأهمية هما الإنتخابات الداخلية خلال اسابيع قليلة والموقف النهائي من المشاركة في الانتخابات العامة الوشيكة أو مقاطعتها.
الأوضاع داخل التنظيم الإخواني تبدو مستقرة وفي انتظار المستجدات وهذا ما يمكن فهمه من تصريحات الشيخ محمد زيود أمين عام جبهة العمل الإسلامي وهو يعلن بأن سياسات «الإقصاء» لا تؤثر على الحركة الإسلامية.
وهي وجهة النظر نفسها للقيادي البارز في الجماعة الشيخ مراد عضايلة الذي شرح مرات عدة امام «القدس العربي» نظرية الصلابة مقابل الهزات المصطنعة وغير الحقيقية.
«كمون» قيادة الجماعة مؤقتاً وندرة التصريحات وإنزواء نشاطات الشيخ بني إرشيد بعد العلنية والسياسية على الأقل قليلاً، كلها عناصر تكتيكية مسيسة تناسب المرحلة بالنسبة لتيار الإخوان الأم.
في المقابل تبدو جميع الجبهات التوتيرية أو الإقصائية أو المحرضة على جماعة الإخوان الأصلية إما مشتتة أو غير فعالة.
جماعة المنشق الأبرز عن الجماعة الشيخ عبد المجيد الذنيبات توقفت تماماً عن «النمو» رغم الإسناد الكبير الذي تلقته مرة من الإعلام الرسمي ومرة من الأجهزة الرسمية.
الفريق الذي وقف وراء «هندسة» الانشقاقات الإخوانية حتى في بعض المستويات الأمنية غادر الساحة أو تراجعت نظريته بعد إخفاق كل التنظيمات «البديلة» التي اخترعت ووقوف شخصيات تقليدية أو من الحرس القديم مثل معروف البخيت وعبد الرؤوف الروابده مع مجموعة زمزم المنبثقة عن الإخوان لم ينتهِ بتغيير ملموس وسريع على حضور هذه المجموعة التي أصبحت أقرب إلى منتدى فكري منها لتنظيم قادر على مناجزة الإخوان المسلمين.
على صعيد الرسائل المتناقضة يمكن رصد تحولات «إيجابية» في ذهن الإخوان المسلمين مثل صدور قرار قضائي بعد نزاع على مقر الجماعة المركزي في العاصمة عمان مع الذنيبات الذي يحمل اسم الجمعية الإخوانية حيث قرر القضاء بقاء المركز العام كما هو ولم يتمكن الذنيبات من العبور في الدعوى القضائية التي سجلها.
هكذا يكون الذنيبات قد خسر على ثلاث جبهات دفعة واحدة فقد رفضت وزارة التنمية السياسية التدخل في نزاعات جمعيته الخيرية على ملكية عقارات الجماعة الأم على اساس ان المسألة تخص صلاحيات السلطة القضائية فيما رفض القضاء تمكين مجموعة الذنيبات من السيطرة على أي من ملكيات الجماعة فيما تجلت الخسارة الثالثة بعدم النمو في الشارع رغم كثرة المحاولات وخصوصاً عشية الانتخابات.
على جبهات التوتير ايضا انحسر نسبياً حضور المراقب العام الأسبق المناكف لقيادة الجماعة الحالية الشيخ سالم الفلاحات وتراجع حضور شخصيات جناح الحكمة مثل الشيخ حمزة منصور والشيخ عبد اللطيف عربيات بعدما اضطر الجميع للحضور إلى المقرات التي افتتحت لتقبل التهائي بخروج الشيخ بني إرشيد من السجن بعد تهمة الرأي السياسي التي أدين بها في قصة الإساءة للإمارات.
فعاليات شعبية وأخرى عشائرية وثالثة تنظيمية أقيمت من أجل الشيخ إرشيد الذي يمكن القول اليوم ببساطة بانه القيادي الإخواني الوحيد الذي تمكن من إنهاء محكوميته الشخصية ولم يصدر عنه أي عفو خاص خلافاً لما كان يحصل في الماضي وتلك بطبيعة الحال رسالة سلبية.
مع البعد الإيجابي في قرار القضاء ضد محاولات استحكام الذنيبات برزت رسالة سلبية من سلطات مدينة العقبة بإغلاق مقر حزب جبهة العمل الإسلامي في المدينة بذريعة غير واضحة.
وجود مثل هذه الرسائل المتناقضة مؤشر على صراع داخل مؤسسات الدولة ونخبها في مسألة الموقف من الإخوان المسلمين خصوصاً بعد التطورات الإقليمية التي سجلت لصالحهم سواء في مصر أو السعودية أو حتى اليمن في مواجهة النفوذ الإيراني.
مقابل هذا الانقسام في الرأي تبدو المجموعة النافذة في قيادة الجماعة ممثلة في تيار المراقب العام الحالي الشيخ همام سعيد والمراقب العام المقبل الشيخ بني إرشيد مستقرة وقادرة على احتمال واحتواء الأضرار حتى الآن ومسترخية قياساً بكل خصومها.

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية