غزة – «القدس العربي»: برغم التراشق الإعلامي الذي حدث في الأيام القليلة الماضية بين حركتي فتح وحماس على خلفية موضوع ميناء غزة، إلا أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن قيادة الحركتين أكدت وجود مساع حقيقية لعقد جولة جديدة من الحوار في العاصمة القطرية الدوحة، على الأغلب ستكون عقب الاجتماع القادم للمجلس الثوري لحركة فتح، حيث ستعرض ورقة التفاهمات للنقاش.
وفي هذا السياق قال الرئيس محمود عباس في افتتاح اجتماع اللجنة التنفيذية مساء أول من أمس الثلاثاء «جرت جولتان في العاصمة القطرية الدوحة، وتحدثنا حول البنود المتعلقة بتحقيق هذه المصالحة، وإن شاء الله سيتوجه الوفد مرة أخرى إلى الدوحة لمتابعة هذا الموضوع».
وأبدى حرصه على إنهاء الانقسام بأي شكل وبسرعة قصوى، وقال إن هذا الانقسام يشكل «وصمة عار في جبيننا».
وبذلك يكون الرئيس الفلسطيني قد أعطى دفعة جديدة تشير إلى إمكانية حدوث تقدم في مباحثات الدوحة المقبلة، التي شكك البعض في إمكانية عقدها، ومنهم قيادات كبيرة من حركة فتح.
وكانت فتح وحماس عقدتا في الأسبوع الأول من الشهر الماضي جولة حوار في الدوحة، بعد غياب طويل، جرى خلالها التوصل إلى «تصور عملي محدد» لتطبيق اتفاق المصالحة، وجرى الاتفاق على أن يتم عرض التصور على قيادات الحركتين وباقي الفصائل، قبل أن تعقد جولة جديدة من الحوار من أجل مناقشة النتائج.
وكان من المفترض أن تعقد الجولة الثانية في الدوحة بعد أسبوعين من الجولة الأولى، غير أن الأمر لم يتم، بسبب انشغالات الرئيس عباس في جولات خارجية.
وفي هذا السياق أشار الدكتور إسماعيل رضوان إلى أن حركة فتح طلبت تأجيل عقد جلسة الحوار القادمة في الدوحة، إلى ما بعد عقد اجتماع المجلس الثوري لفتح المقرر بعد عدة أيام في مدينة رام الله، من أجل عرض ما جرى التوصل إليه في الدوحة على الاجتماع ومناقشة ملف المصالحة.
وقال في تصريحات لـ «القدس العربي»كان من المفترض أن تكون هناك جولة حوار في الدوحة منذ فترة، من أجل استكمال التفاهمات التي حصلت في الجولة الأولى، وإنه بسبب انشغالات الرئيس عباس وحركة فتح جرى التأجيل، مشيرا إلى أن فتح عللت طلب التأجيل بعقد اجتماع الثوري من أجل عرض «التصور العملي» في هذا الاجتماع.
وأكد ضرورة وجود جولة أخرى من الحوار، مبديا استغراب حماس مما وصفها بـ»التصريحات الشاذة» التي صدرت مؤخرا، وتحدثت بسلبية عن ملف الانقسام وحوار الدوحة، مشيرا بذلك إلى تصريحات جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، التي أشار فيها إلى عدم وجود جولة جديدة، وإلى فشل الجولة الأولى.
وعبر القيادي في حماس عن أمله في أن تعقد الجلسة القادمة، و»يتم تغليب المصلحة الوطنية، بعيدا عن التجاذبات الداخلية في حركة فتح». وأكد على حرص حركة حماس على تطبيق اتفاق المصالحة وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وكشف رضوان في تصريحاته لـ «القدس العربي»، أن حركة حماس وفق ما جرى في الدوحة، أجرت نقاشات داخلية بين أطرافها القيادية في قطاع غزة، ورفعت توصياتها إلى قيادة الحركة الموجودة في قطر.
وتمت في جولة الحوار الأولى مناقشة عدة ملفات خلافية، أبرزها تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، تحل بدل حكومة التوافق الوطني، إضافة إلى إجراء انتخابات عامة، وكذلك جرى بحث ملف الموظفين الذين عينتهم حركة حماس بعد سيطرتها على قطاع غزة.
وتحمل كل حركة مقترحات خاصة لحل هذه الملفات الخلافية، وقد جرى وضع صيغ للحل طلب من كلا الطرفين بحثها قبل الجولة القادمة.
وكانت مصادر خاصة أكدت لـ «القدس العربي» أن هناك اتصالات تجري بين رئيسي وفدي الحركتين، عن فتح عزام الأحمد، وعن حماس الدكتور موسى أبو مرزوق، من أجل الاتفاق على تحديد موعد لجولة الحوار القادمة، وتذليل العقبات التي من المحتمل أن تصطدم فيها تلك الجولة حال عقدها.
وجاءت تصريحات قادة فتح وحماس، بعد أيام من التراشق الإعلامي الذي هدد بنسف الجهود المبذولة لإعادة الوحدة، حيث تبادل الطرفان الاتهامات حول عدة ملفات، أهمها ملف ميناء غزة الذي تجري بخصوصه مباحثات بين تركيا وإسرائيل.
ورفضت حركة فتح المقترح، واعتبرته يؤسس لسلخ غزة عن باقي الوطن، فيما اعتبرت حماس موقف فتح أنه مشجع على إبقاء الحصار المفروض منذ عشر سنوات على سكان غزة.
يشار إلى أن جولات الحوار في العاصمة القطرية الدوحة، جاءت بعد توقف طويل لقطار المصالحة، بسبب عدم استضافة الراعي المصري لجلسات الحوار، في ظل الخلاف القائم مع حركة حماس، ورغم ذلك أكدت الحركتان أن مصر لا تزال الراعي الرسمي للمصالحة.
وكانت اللجنة التنفيذية لمنطمة التحرير الفلسطينية قد ناقشت خلال اجتماعها الأخير جهود حوارات المصالحة الوطنية الأخيرة، وأكدت تمسكها بـ «الحوار الوطني وسيلة وحيدة لتجاوز العقبات التي تعترض طريق وضع حد للانقسام الأسود، الذي بات يهدد وحدة الشعب والوطن».
ودعت إلى أهمية احترام الجميع لـ «حق المواطن الفلسطيني في ممارسة الديمقراطية وضرورة عقد اجتماع بحضور جميع القوى الفلسطينية، ووضع الآليات المطلوبة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، والدوحة، والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى الإعداد لانتخابات رئاسية وأخرى تشريعية من أجل طي صفحة الانقسام الأسود، واستعادة وحدة النظام السياسي». وأكدت على ضرورة ترتيب أوضاع البيت الفلسطيني من الداخل في مواجهة سياسة حكومة إسرائيل الاستيطانية الاستعمارية المعادية للسلام .
كما دعت في بيان لها أعقب الاجتماع السلطات الإيرانية إلى «عدم التدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية»، ورفضت التشكيك في نزاهة منظمة، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني «لا يستجدي أحدا، وأن المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني هي المسؤولة عن أسر الشهداء والأسرى والجرحى وكل ما يتعلق بحاجاتهم في المجالات كافة».
وشددت على أن الدعم الذي يقدم للشعب الفلسطيني يجب أن يتم عبر المؤسسات كل في مجال تخصصه، وكانت بذلك ترد على إعلان إيران دعم أسر الشهداء، بعيدا عن المنظمة.
أشرف الهور